المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية
        

الكويت

لأن التطرف قاتل للإبداع

دعوة للحوار والتعددية وقبول الآخر  

          اذا كان الغلو مصنفا كأحد اخطر الأمراض الفكرية التي تعرض لها العقل البشري بعد أن اصيبت المجتمعات الانسانية باشكال متعددة منه في مختلف مراحلها التاريخية, فان انتقال هذه الظاهرة الى مجتمعاتنا العربية وضعها فى مأزق حقيقى, بات الامر معه مقلقا على الاصعدة كافة, بعد ان تم الدفع بثقافتنا العربية والاسلامية الى خندق الدفاع عن نفسها, ضد اتهامات بالإرهاب لاتزال تتلقاها ذات اليمين وذات اليسار.

          ما الذى أوصل الامور الى ذلك الحيز الضيق? وما وجه الخلل الذى أصاب بنيتنا الأساسية وأوقف برامج التنمية لدينا, ومنعنا من القيام بتقديم منجز إنسانى حضارى لزمن بات طويلا, قبل ان يدفع بنا فى نهاية الأمر الى أقصى ركن فى زاوية العالم المعاصر?

          فى هذا الإطار شكلت الندوة التى حملت عنوان (التطرف فى الكويت) والتى شهدها معرض الكويت للكتاب فى دورته السابعة والعشرين فرصة للخوض فى هذا الحقل الشائك.

          ثمة أسباب وضعت الندوة يديها عليها, واسباب أخرى ظلت مفتوحة, تنتظر من يتقدم للالقاء بدلوه فى ذلك النبع الذى تفجر فجأة حتى غمر وأفاض.

          من هذه الأسباب ما ورد فى بحث حول تداعيات وجذور التطرف والإرهاب قدمها عميد كلية العلوم الاجتماعية فى جامعة الكويت الدكتور على الطراح الذى قال ان التطرف الديني إذا ما كتب له الانتشار بين جميع شرائح المجتمع وخصوصا الفئات الشابة فإنه سوف ينعكس على أساليب التفكير والتصرف وعلى شخصية الفرد, إذ يصبح الفرد عاجزاً عن محاورة الآخر, مشيرا فى الوقت نفسه الى وجود تلك النزعة للتمسك بالماضي والتى تعد تعبيراً عن محاولة للهروب من مواجهة الواقع الحالي.

          ومن هنا فإن أحد تداعيات انتشار الاتجاه المتطرف هو الإرهاب الفكري الذي ساد في الآونة الأخيرة وأصبح يهدد كل المحاولات الإبداعية سواء كانت فردية أو جماعية, فانتشار الإرهاب الفكري وسيطرته على مناحي الحياة في المجتمع يخلق حالة من الجمود ويقتل فرص الإبداع. مشددا على أن هناك علاقة بين النظم التسلطية وانتشار حركات التطرف.

          وفي ظل أجواء التطرف فان العنف يصبح الوسيلة التي يتم من خلالها الحوار مما يؤدي الى انتشار حالة الذعر والخوف في المجتمع.

          وفي إشارته الى دور الدول في إتاحة المناخ الملائم لنمو الفكر المتطرف, قال إنه بالرغم من تقلص دور الدولة في ظل العولمة فإن الدولة في العالم العربي والاسلامي مازالت تصارع هذا التغيير وتتمسك بجميع أدوارها التقليدية. فالدولة في عالمنا العربي والإسلامي غالباً ليس لديها برنامج وطني أو رؤية مستقبلية تحدد المستقبل مما يجعلها دائماً تنتقل من أزمة الى أخرى.

          عضو البرلمان الكويتى الأسبق والباحث الاسلامى د. إسماعيل الشطي من جهته اعتبر أن معالجة الإرهاب والتطرف لا تتم بمعزل عن معالجة الخلل الهيكلي الذي نعاني منه, فالتطرف ليس مقصورا على الخطاب الديني بل إن العلمانية متهمة به فيما يخص نظرتها للدين وأهميته الأخلاقية في بناء الإنسان.

          د. الشطي شدد على دور الغرب في إيصال الرأي العام العربي والإسلامي إلى حالة الغليان, مشيرا إلى مخزون الغضب الذي يرتع فيه التطرف والعنف والذى يتغذى بسياسة الاستفزازات شبه اليومية.

          لكن الورقة الأخرى التى قدمها الوزير السابق الدكتور علي الزميع والتى عنيت برصد جذور وأسباب التطرف الدينى حذرت من التوجه نحو ضرب التيار الإسلامي . مؤكدا أن معالجة الغلو والتطرف الديني تكتسب أولوية وأهمية خاصة ليس بهدف استرضاء أنظمة سياسية أو قوى دولية معينة, إنما هو عمل موجه نحو حماية الفكر الإسلامي وتعزيز وتأصيل البعد الحضاري في التيار الإسلامي ككل.

          وتساءل الزميع حول مدى صلاحية مناهج التعليم الديني في المدارس, مشيرا الى أن المتابعة الدقيقة لحالة الشباب الذي انخرط في تيار الفكر الديني المتطرف تؤكد أن كثيراً منهم ممن نالوا قسطاً وافياً من التعليم بما في ذلك التعليم الديني الرسمي, ومع ذلك فإن هذا التعليم لم يعصمهم من الزلل. وذهب الى أن قصور التعليم الديني في دور التعليم المختلفة دفع بالشباب الذين لم يجدوا رجال الدعوة الأكفاء القادرين على نشر العقيدة الصحيحة بينهم, والذين افتقدوا الأيدي الآمنة الأمينة التي تقدم لها الثقافة الرشيدة وتعلمهم الالتزام وتعودهم التعبير عن آرائهم في هدوء وموضوعية دفعهم كل ذلك الى الاعتماد على أنفسهم ولجوئهم الى صيغ التعليم الذاتي بعيدا عن سيطرة الدولة.

          الكاتب المهتم بشئون الحركات الاسلامية خليل حيدر وصف البيئة الثقافية للعالم العربي بأنها مريضة, كما أن التعليم فيها لا يخرج عقلية ناقدة مستقلة بذاتها وإنما يخرج أناسا يتعلقون بالماضي وبحضارة يحكمها الموتى, فى الوقت الذى لايخلق الإعلام ولا الخطاب الديني عقلية متوازية, مشددا على أن مسئولية التصدي للإرهاب هي مسئولية كل التيارات وليس الإسلامية فقط.

زكريا عبدالجواد

جوائز المسابقة.. عطاء آخر للصندوق الكويتي للتنمية

          بمناسبة احتفاله بمرور أربعين عاماً على تأسيسه أعلن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية نتائج السحب على جوائز المسابقة العربية التي نظمها الصندوق وتمحورت حول إنجازاته خلال رحلته المعطاءة.

          وسط حشد من الإعلاميين والمشاركين وأعضاء الجهاز الإداري للصندوق وفي مقدمتهم المدير العام بدر مشاري الحميضي, تم إجراء السحب وإعلان نتائج المسابقة التي بثتها قناة mbc ابتداء من أكتوبر وحتى 17 نوفمبر الماضي على مرحلتين, تضمنت الأولى توصيل (30) معلومة مختلفة تلقي الضوء على إنجازات الصندوق الكويتي بمعدل معلومة يوميا, فيما طرحت المرحلة الثانية عشرة أسئلة بمعدل سؤال واحد يومياً إجابته بين المعلومات التي قدمتها المرحلة الأولى.

          نظم الصندوق هذه المسابقة بالتعاون مع البنك الوطني الكويتي وشركة مجموعة وفرة للاستثمارات والاستشارات اللذين قدما الدعم المادي الكامل لهذه المسابقة التي بلغت جوائزها 150 ألف دولار وزعت على عشرة فائزين.

          بدأت السيدة منى العياف مدير إدارة المكتب الفني لشئون الإعلام حفل إجراء السحب بكلمة مقتضبة أشادت خلالها بالإنجازات والجهود التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية على مدار أربعة عقود, موضحة أن هذه السنين فترة ليست قليلة وعطاؤها بلا حدود, فطولها جهد وعمقها تطور وعرضها تنمية. ولعل هذا العطاء التنموي لدول العالم المحتاجة إليه مما يبلور عطاء دولة الكويت صغيرة المساحة ومشاركتها بجهود كثيرة في مجال التنمية, وخلال رحلته لم يدخر الصندوق جهداً في تحقيق أهدافه بمساعدة الدول العربية والدول النامية الأخرى في تنمية اقتصادها وذلك بمدها بالقروض والمعونات الفنية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية فيها.

          بعد ذلك تم عرض المعلومات الثلاثين وأسئلة المسابقة أمام الحضور بالطريقة نفسها التي عرضت بها على شاشةmbc وكانت المعلومات حول تأسيس الصندوق ورأسماله وتطوراته والقروض التي قدمها للدول المحتاجة للتنمية ومساهماته في موارد المؤسسات وفي المساعدات الإنمائية ومنشطاته التي لم تتوقف خلال الغزو العراقي لدولة الكويت ودعمه لقطاعات عديدة داخل الكويت وما إلى ذلك, ثم عرضت الأسئلة العشرة وكانت اجاباتها من ضمن المعلومات الثلاثين.

          وبالسحب العشوائي على جهاز الكمبيوتر حصل على الجائزة الأولى أشرف عبدالله السبيك من اليمن وتوالت الجوائز متسلسلة لكل من: رضوان أمين قاسم (اليمن), رشيد محمد الخميلي (تونس) غدير زكريا (الكويت) أمين بابكر الحاج علي (السودان), فاطمة بركات (الأردن), أحمدعايد الديحاني (الكويت), أمين عثمان (اليمن),عبده علي أحمد (اليمن), هشام عبدالله السبيك (اليمن).

          واختتم الحفل بتكريم الجهات الداعمة للمسابقة, فقدم الصندوق درعين تذكاريتين لعصام الصقر ممثل البنك الوطني ولأحمد العساف مدير مكتب mbc في الكويت.

          ومن المؤكد أن الجوائز التي قدمها الصندوق للفائزين الأول بضخامتها النسبية تعد عطاء آخر له ربما تفسح في المجال للفائزين للسير على طريق الانتعاش الاقتصادي الأسري.

جمال مشاعل

ماوية وأكبر نامة .. في دار الآثار

          ينتظر أن يكون شهر فبراير الجاري شهرا حافلا بالنشاطات الثقافية والمحاضرات القيمة في دار الآثار الإسلامية, خصوصا أن فبراير هو الشهر الذي يحتفل فيه الشعب الكويتي بذكريين غاليتين على قلبه, ولهما بالغ التأثير في تاريخه وضميره الجماعي, وهما الذكرى الثانية عشرة للتحرير (1991), والذكرى الثانية والأربعون للاستقلال, واستعادة السيادة الوطنية كاملة (1961). ولهذا فإن الفاعليات والنشاطات التي درجت دار الآثار الإسلامية على تقديمها, والتي تتمحور حول علوم الآثار وتاريخ الفنون الإسلامية, هي واحدة من أوجه النشاط الثقافي والفكري والحضاري الذي تسهم به دولة الكويت في إطار المسيرة الثقافية للأمة العربية بأسرها.

          ولأن تاريخ المنطقة العربية متواصل الحلقات, حتى منذ ما قبل ظهور الإسلام, فإن المحاضرة التي ستبدأ بها دار الآثار نشاطها لشهر فبراير الجاري سيلقيها يوم الثالث منه د. نقولا زيادة, المتخصص في التاريخ العربي والإسلامي, وفيها سيبرز سيرة واحدة من النساء العربيات العظيمات في فترة ما قبل الإسلام, وهي ماوية, ملكة بادية شمال بلاد العرب - الشام وجوارها-, التي حكمت قبائل غسان ولخم وكندة, وحاربت الاحتلال الروماني.

          ولأن اهتمام دار الآثار يتضمن كذلك تاريخ الفن الإسلامي وتقصي انتشار تأثيراته عبر العالم, فإن المحاضرة الثانية, ستتناول في 9 فبراير الجاري تأثير الفنون الإسلامية في الفن الإيطالي في عصر النهضة.

          ويتم التعريج على واحدة من أبرز حواضر الفن الإسلامي الرفيع, وهي الامبراطورية المغولية في الهند, ولذلك سيكون موضوع نشاط دار الآثار الإسلامية في الأسبوع الثالث من فبراير (17 فبراير) التطرق للطريقة التي تعامل بها السلاطين المغول في الهند مع الفن التصويري, ومع المؤثرات المحلية الهندية والفارسية فيه. وموضوع المحاضرة هو (تزيين كتاب أكبرنامة: تاريخ ملحمة ملكية مغولية في أواخر القرن ال 16) وستلقيها السيدة سوزان سترونج, المتخصصة في فنون شبه القارة الهندية وعلى الأخص منها فنون المغول وملوك الدكن, وممالك الهندوس والسيخ.

          ولأن الطرق البحرية التجارية كانت واحدة من وسائل انتشار إشعاع الحضارة العربية الإسلامية ووصولها إلى جزر الهند الشرقية ومختلف موانئ شبه القارة الهندية وكذلك افريقيا الشرقية, فإن موضوع المحاضرة التي ستختتم بها دار الآثار الإسلامية شهر فبراير سيكون موضوعها (البعد الجغرافي للملاحة البحرية في المحيط الهادي قبل القرن السادس عشر), وسيلقيها في 24 من الشهر الأستاذ حسن صالح شهاب, مدير مركز الدراسات والبحوث اليمني سابقا, والمهتم بدراسة تراث العرب البحري, وصاحب دراسات عديدة في هذا المجال.

          وسيتناول الأستاذ شهاب في محاضرته مكانة المحيط الهندي عند الجغرافيين والبحارة العرب.

عيسى طيب

بيروت

في المعرض 46 للكتاب:

قديمك نديمك... ولكن أين الجديد?

          يصعب القول انطلاقا من معرض الكتاب العربي السادس والأربعين الذي أقامه النادي الثقافي العربي في بيروت أخيرا, إن هذا المعرض قد خلا تماما من الكتب ذات النوعية الجيدة التي يمكنها أن تضيف جديدا, أو أن تقدم برامج مختلفة للروح والوجدان.

          وقد بات معروفا أن معارض الكتاب العربي لم تعد تقدم في السنوات الأخيرة, سوى تلك الكتب المكررة التي عُرضت في السنوات السابقة والتي ستُعرض أيضا في السنوات اللاحقة, حتى كأن هذه المعارض قد تحوّلت إلى (أسواق) موسمية, لا إلى (معارض كتب) بالمعنى المتداول في البلدان الأجنبية, حيث تقتصر هذه المعارض على الكتب الصادرة في السنة التي تقام فيها, أو في السنتين السابقتين كحدّ أقصى.

          والواقع أن من تجوّل في معرض الكتاب العربي الأخير في بيروت ودقق في محتوياته, وجد أن قديمه قد طغى على جديده, وأن أكثر جديده لا يتضمن تلك الكتب التي لا يجوز أن يمرّ بها مثقف جادّ ولا يقتنيها.

          فأكثر الكتب التي تقع في باب الدراسات والأبحاث الفكرية والأدبية والسياسية التي تعتمد المناهج وتتقصد بلوغ الحقيقة العلمية بلا خوف أو وجل, كانت كتبا نادرة إن لم تكن منعدمة. وليس أفضل منها ما يُسمى بكتب الوجدان والإبداع, ومنها القصة والرواية والشعر على أنواعه. ذلك أنه منذ اكتشف الشاعر الراحل نزار قباني فائدة توظيف الجنس في الشعر, حذا حذوه قصّاصون وروائيون وشعراء بلا حصر, حتى بات الجنس سيد القصة والرواية والقصيدة العربية, يتوسله الكاتب والشاعر بمناسبة وبغير مناسبة وكأنه الأكسيد الذي يهب العمل الأدبي خلودا ما بعده خلود, ويبدو أنه لم يعد شرطاً أن يكون الكاتب متمرّساً بالكتابة ومشهوداً له في النادي العربي, فقد صار من الجائز لأيّ كان أن يكتب ما يشاء وأن يطبع هذا الذي يكتبه مادام شرطه الأساسي هو أن يدور في تلك الغرفة المقفلة وأجوائها الحميمة. وإذا كان الكتاب العربي هو أبرز تجليات الثقافة العربية, والمقياس الأول لنبضها وحيويتها, فلاشك في أن هذه الثقافة في واقعها الراهن تعاني أزمة حادة. فالكتب الجادة الجديدة, قليلة إذا ما قيست بمثيلاتها التي كانت تصدر قبل ربع قرن على سبيل المثال, وولادة مثل هذه الكتب باتت مع الوقت ولادة صعبة أو متعذرة لأن الناشر لم يعد يُقبل إلا على طباعة ما يروج أو يبيع لتعويض خسائره لو لزيادة أرباحه. وقد ذكر أحد الناشرين اللبنانيين في المعرض أنه لم يطبع منذ أشهر عدة سوى كتابين اثنين مع أن لديه عشرات العناوين, والسبب أن الجمهو لم يعد يقبل إلا على كتب الطبخ أو التسلية أو الإثارة من نوع كتاب يكون عنوانه مثلا (ثورا بورا)... وهكذا.

          على أن لهذه المعارف فائدة كبرى لا ينكرها أحد هي أنها تتحول إلى مكان للقاء المثقفين سواء المحليين أو القادمين من أقطار عربية أخرى, وبذلك تتحول قاعة المحاضرات الملحقة بالمعرض, وكذلك المقهى الذي يقدم المرطبات والوجبات السريعة, إلى أجنحة حيّة لا للكتب, بل للفكر والنقاش الذي لا ينتهي حتى يحلّ موعد إقفال المعرض.

جهاد فاضل

          رئيس الوزراء اللبناني السيد رفيق الحريري يزور جناح مجلة (العربي)

          شهد جناح مجلة (العربي) إقبالا مميزا وترك لدى زائريه بالغ الأثر, فالعربي هي المجلة العربية الأولى التي تلاقت على صفحاتها أقلام كبار الكتّاب والمفكرين, ولاتزال تسعى جاهدة لكي تترك بصمتها التنويرية لدى كل القرّاء العرب.

          وقد اشتمل الجناح المخصص لها إلى جانب أعدادها أبرز الصور التي التقطتها (العربي) خلال استطلاعاتها للمدن اللبنانية, وتبرهن مثل هذه المشاركة على أن هذه المجلة كانت وستبقى سفيرة حقيقية للثقافة الكويتية. 

القاهرة

مصر تحتفل بعشرينية أمل دنقل

          ليست الاحتفالية من سبتمبر في مايو 2003 هي الأولى التي تشهدها مصر بشاعرها أمل دنقل, فقد أقيمت منذ خمس سنوات احتفالية أخرى بدار الأوبرا المصرية في مناسبة مرور 15 عاماً على رحيله.

          وفي هذه المناسبة تؤكد عبلة الرويني أن لديها الكثير من الوثائق والأوراق الخاصة التي يمكن أن تعرض في إطار هذه الاحتفالية القومية ومنها: نسخة الوثيقة السينمائية الوحيدة التي أبدعتها المخرجة عطيات الأبنودي بعنوان (أوراق الغرفة رقم 8) والتي تضم حواراً أجرته معه على مدى 25 دقيقة تم تصويره في الأيام الأخيرة من حياته.

          وكذا بعض التسجيلات الصوتية لأمل وأهمها تسجيل مدته 90 دقيقة يلقي فيه مختارات من مجموعاته, ومن أبرز القصائد التي يضمها هذا التسجيل: (مزامير) و(سفر أمل دنقل), (سفر التكوين), (كلمات سبارتكوس الأخيرة).

          فضلا عن أصول القصائد التي كتبها أمل بخطه المتميز الذي يعكس موهبة أخرى من مواهبه.

          وتأمل زوجة الشاعر الراحل أن تصدر في هذه المناسبة طبعة جديدة من الأعمال الكاملة لأمل دنقل تخلو ما لحق بالطبعات السابقة من أخطاء جسيمة, بما فيها الطبعة الشعبية التي صدرت عن هيئة قصور الثقافة, وقدم لها الناقد الكبير د. جابر عصفور, الذي خص إبداع أمل بأكثر من دراسة اتسعت للحديث عن مكانته على خريطة الشعر العربي, كما أهداه أحدث كتبه (ذاكرة للشعر) الذي صدر في مشروع (مكتبة الأسرة) تقديراً لإبداعه وتعبيراً عن قوة العلاقة الإنسانية التي ربطت بينهما.

          وقد طلبت عبلة الرويني أرملة الشاعر الراحل من د. جابر عصفور دعوة عدد من الشخصيات العربية التي انشغلت بأمل في حياته وبعد وفاته وفي مقدمتها الناشر سهيل إدريس الذي كان أول من نشر لأمل في مجلة الآداب والرائع أن سهيل نشر لأمل ديوانه (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) في دار الآداب دون أن يعرفه على الإطلاق.

          كما اقترحت دعوة الشاعر سعدي يوسف, ليس فقط لقيمته الشعرية, ولكن لأنه كان أحد الشعراء الذين اقتربوا جداً من أمل بل كان شاعره المفضل.

          ومن النقاد د. خالد الكركي, وزير الثقافة الأردني السابق الذي أعدّ دراسة بديعة عن قصيدته (أقوال جديدة عن حرب البسوس), وعبدالسلام المساوي, صاحب (البنيات الدالة في شعر أمل دنقل) التي صدرت في كتاب عن منشورات اتحاد الكتاب بدمشق, والشاعران محمود درويش, ونزيه أبو عفش, وعدد من شعراء قصيدة النثر ممن يختلفون فنياً مع أمل, فالاحتفالية ليست تكريساً لاتجاه شعري أو جمالي بعينه, بقدر ما يجب أن تكون تمجيداً لقيمة الشعر في حياتنا.

          ومن المقترح أيضاً توجيه الدعوة لعدد من المستعربين الذين كتبوا عن أمل أو ترجموا قصائده ومنهم: بدرو مارتينث مونتابث, وكارمن رويث من إسبانيا.

          ومن مصر يشارك عدد من النقاد الذين تناولوا أمل في رسائلهم أو كتبهم.

          وقد نوقشت في كلية الآداب بجامعة القاهرة أخيراً رسالة (تشكيل صورة الموت في شعر أمل دنقل) للباحث جمال محمد عطا, التي أشرف عليها د. سيد البحراوي. وفي جامعة اليرموك بالأردن نوقشت رسالة لنيل درجة دكتوراه في الأدب والنقد من قسم اللغة العربية بكلية الآداب, وموضوعها (شعر أمل دنقل... دراسة أسلوبية) للباحث فتحي أبو مراد, أشرف عليها د. يوسف أبو العدوس, وتناولت, عبر بابيها, مقومات شعر أمل وسماته الأساسية.

          فيما تعرضت إحدى الدراسات لمناقشة موضوع (الموت في شعر أمل دنقل) تلك القضية التي لاقت اهتماماً كبيراً في شعره بكل أشكالها وجوانبها, وكانت مرتبطة بالواقع الذي عاشه أمل, وقد كانت رؤيته الفلسفية العميقة للموت لا تقتصر على طرح تصوّر أحادي له, إنما تعمد إلى طرح تصور شامل يميز فيه بين: الموت الفردي, والجماعي, الموت الخاص, والعام, الموت المعنوي, الموت العابس, الموت - المجد, الموت - الغث, الموت - السمين... إلخ. وتفصح هذه الرؤية عن وعي حاد لدى الشاعر بتجربة الموت بأنماطه المختلفة, وعن رؤية تحاول, من خلال طرحها لإشكالية الموت, أن تدفع بالقارئ إلى الدخول في صراعات متعددة, مفجرة لسؤال الكينونة بهدف الكشف عن وجود الفرد العيني والأصيل.

مصطفى عبد الله

دمشق

بعد نصف قرن من الإبداع

... دمشق تكرم الماغوط

          قالوا عنه إنه الشاعر الذي يكتب بالسكين. وقالوا إنه الطائر الذي يغرد خارج السرب وقيل إنه صاحب قصيدة النثر التي تتميز بفرادة مدهشة, وكتبوا الكثير عن هذا الشاعر والكاتب والمسرحي الذي لا يهادن الحروف الأبجدية. من وحدته التي يقضيها بين الإبداع والمرض خرج محمد الماغوط لتكرمه سوريا في احتفاليات متعددة, وقد تحولت الاحتفالية التي أقامتها مؤسسة تشرين للصحافة والنشر في مكتبة الأسد, مهرجاناً من التكريم الرسمي والشعبي للمسيرة الماثلة لهذا الشاعر على مدى حوالي خمسة عقود من الزمن.

          أقيم الحفل بمناسبة صدور كتاب (خطاب الأشجار العالية) للماغوط ضمن إصدارات اليونسكو للسلسلة الشهرية (كتاب في جريدة) إن: إرث الماغوط مملكة مترامية حدودها الكوابيس والحزن والخوف واللهفة الطاعنة بالحرمان ولغته دائما مشتعلة, تمسك بقارئها, تلسعه كلماتها, كألسنة النيران, نرجّه بقوة, فيقف هذا القارئ أمام نفسه ناقداً, باكياً, ضاحكاً, مسكوناً بالقلق وبالأسئلة.

          وقد وصفه الشاعر شوقي عبدالأمير بأنه عملاق قصيدة النثر, وبأنه خارج السرب, ليس له جوقة ولا مدرسة, وقصيدته مفعمة بالعفوية والحداثة والجمال.

          وتحدث الروائي حنا مينه عن عطاءات الماغوط الكثيرة والمتنوعة وعن لغته الجامحة التي تؤكد رقة حساسيته وعمق أصالته.

          وقال الشاعر نذير العظمة إن إبداع الماغوط يخرج من معاناته الإنسانية الصادقة, ومن مفردات الشارع اليومية.

          وقدم الشاعر ممدوح عدوان الشاعر الماغوط على أنه مدرسة علّمتنا جميعاً كيف نواجه ذواتنا, وكيف نتحرر من الخوف والذل والكبت, ونقف بشجاعة أمام ضعفنا وهزائمنا وأوهام هذا العالم المخادع.

          وقدم السيد عدنان عمران وزير الإعلام كتاب خليل صويلح (نثر الدموع... قراءات في تجربة محمد الماغوط) موقعاً من قبله بعبارات رقيقة ولطيفة للشاعر المحتفى به.

          وافتتحت السيدة د.نجوة قصاب حسن وزيرة الثقافة والسيد عدنان عمران وزير الإعلام معرض الفنان أسعد عرابي المستوحى من نصوص الماغوط الشعرية.

          واختتم الحفل بكلمة للمحتفى به قال فيها: (إن الذي أتى بي إلى هنا ليس السيارة الفاخرة, ولا عكازي... وإنما الحب.. ولن أطيل الحديث أو البقاء... لأنني في كل ما كتبت وقرأت لست أكثر من ضيف عليكم... وعلى الوطن).

جان ألكسان

عمان

مؤتمر علمي يبحث في التاريخ القديم للأنباط العرب

          بمشاركة ستين باحثاً يمثلون ست عشرة دولة, نظمت جامعة الحسين بن طلال وبيت الأنباط بالتعاون مع سلطة إقليم البتراء أنشطة المؤتمر الثاني لدراسات الأنباط, بهدف البحث في تاريخ وآثار الأردن والتعرف بصورة خاصة على (المدينة الوردية -البتراء) التي بناها العرب الأنباط قبل أكثر من ألفي عام.

          وقد شهد المؤتمر مجموعة من أوراق العمل التي بحثت هوية وانتماء الأنباط إلى قبيلة (روح) العربية, ودورها الحضاري في بناء دولة ذات أيديولوجية سياسية ملكية جعلتها دولة منافسة للإمبراطورية الرومانية وفق تصور الباحث الأمريكي أنجوم أندرسون. وكان الباحث الألماني روبرت فيك قد قدّم ورقة بحثية, ناقش فيها المعابد المجهولة في (أكروبولس ذات راس) والموجودة جنوبي مؤاب, وأهمية هذا المكان باعتباره موقعاً نبطياً مقدساً, وحاولت الدراسات مناقشة مظاهر تأبين الموتى عند الأنباط والعلاقة بين الآلهة والموتى عبر دراسات أثرية اعتمدت على تحليل ودراسة القبور والمدافن النبطية في البتراء.

          وفي ورقة بحثية مشتركة قدّم (معن الهنيدي) من الأردن و(أولي بيلفالد) من سويسرا بحثاً أشارا فيه إلى نتائج المسح الأثري لسيق (المظلم) ووادي (المطاحة) في البتراء, ويبين المسح مدى تطور النظام المائي عند الأنباط, فالسدود والقنوات المائية المحفورة في الصخر كانت جزءاً متميزاً من نظام درء خطر الفيضانات, كما شكّل نظام الري النبطي والمصاطب الزراعية بُعْداً إضافياً للوعي البيئي السائد في مملكة الأنباط القديمة. وفي الإطار نفسه قدّم الباحث الأمريكي لي - آن بيدال ورقة عمل تحدث فيها عن مجمع البتراء المائي الذي تم اكتشافه في صيف 1998 والذي هو في الأصل موقع حديقة ترفيهية, تنبع أهميته من كونه النموذج الوحيد المعروف للحدائق النبطية في البحوث الأثرية الكشفية.

          وتضمنت البحوث التي قدمها علماء الآثار والمهتمون بدراسة التاريخ النبطي حديثاً عن أهم الصناعات النبطية القديمة, وهي صناعة الفخّار, الذي يبدو أن الأنباط برعوا في صناعته عبر ستة قرون, حيث وجد علماء الآثار مجموعة من الفخار النبطي العادي في مدينة العقبة, كما وجدوا مشاغل للفخار في (الزرابة) على مدخل محمية البتراء الأثرية.

          ومثّلت دراسة الباحث الأردني (عبد العزيز محمود) تصويراً دقيقاً للثقافة اليومية في الحياة النبطية, وتناولت الدراسة التي قدمتها الباحثة زينة السلطان من الأردن, تفاصيل الحياة الدينية عند الأنباط ومناسك العبادة اليومية وطقوس التقرب إلى الآلهة في المعابد والأديرة النبطية. والتي نجد لها توضيحاً من خلال الكتابات والنقوش الأثرية, وعبر الأدوات والمعدات التي تم العثور عليها أثناء التنقيب وأثناء عمليات الحفر الأثرية.

          وعلى هامش المؤتمر أقام المنظمون ستة معارض تعكس الحياة البدوية والفنون النبطية, بهدف الترويج السياحي للبتراء ووادي موسى, حيث ضمت المعارض لوحات مستقاة من واقع الحياة البدوية في جنوب الأردن من خلال عرض بعض الحلي والملابس والأدوات الأثرية, ومثّل معرض بلدة (أذرح) الأثرية الأهمية التاريخية لهذه البلدة, التي شهدت حادثة التحكيم الشهيرة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

توفيق أبو بكر

الشارقة

الخط جوهر الصور في معرض المرئي والمسموع

          الخط العربي بجمالياته وتنوعه انطلق من فضاء قرآني روحاني رحب,أو نص أدبي أو حكمي وكتابي, وهو متصل بهذا الجو الروحاني المقدس الذي يلهم الخطاط على الفن والإبداع, ووضع اللمسات الساحرة التي تجعل من روائعه الزخرفية الجميلة قادرة على النطق والابتهاج والفرح, هذا الخط الذي نسخ به القرآن, وكتب بماء الذهب, وتجلى عارياً إلا من روعته, حيث يتوغل في الروح, ويفضي بنا إلى أفق أكثر اتساعاً وأكثر طهارة.

          هكذا احتضنت الشارقة معرض المرئي والمسموع (الخط جوهر وصورة) كما تحتضن الأم أطفالها في حب وحنان, في تظاهرة كبيرة عرضت خلالها العديد من اللوحات في الخط العربي لكبار الخطاطين العرب والمسلمين.

          لقد أمضى د. سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ثلاث ساعات كاملة وهو يتجول في متحف الشارقة للفنون حيث احتفى الخطاطون بتظاهرتهم الكبيرة يتأمل ما أبدعوه, وهذا الحضور الرسمي وكذلك النخبوي والجماهيري اللافت لهذا المعرض يدل دلالة قاطعة على أن الخط العربي الذي تطور على أوراق المصاحف وجدران المساجد هو اليوم في نعمة كبيرة, وله قيمة مضمونية وفنية عالية كغيره من الفنون البصرية الأخرى.

          وتعتبر هذه الدورة التي تقام تحت شعار (الخط جوهر الصور) آخر معرض للمرئي والمسموع حيث سيصار في مطلع عام 2004 إلى تحويله إلى (بينالي الخط) ليكون بذلك أول تظاهرة دولية في هذا المجال تزيد من تدعيم هذا النشاط الإحيائي.

          يقول أحد القائمين على المعرض الخطاط والباحث تاج السر حسن : لقد صححت النظرة الآن إلى أهمية وقيمة الخط كفن تشكيلي فاعل ومؤثر في الحركة الثقافية والفنية بشكل عام, حيث أصبح هذا الفن ذا تأثير واضح في تيارات الفنون التشكيلية الأخرى عبر الاستلهام لمفرداته التراثية ومكوناته التشكيلية والإفادة من حركته وليس أخيراً تنوع أساليبه الكتابية وأضاف أن هذا التنوع في الأساليب الكتابية والذي أدى بدوره إلى تنوع وثراء القيمة الفنية التشكيلية للخط العربي إنما يرجع في أساسه إلى طبيعة ومرونة الأبجدية العربية, حيث استطاع الفنان العربي المسلم عبر أربعة عشر قرناً أن يفعل الخط كنشاط فني أصيل مضمناً في مجمل الفنون العربية الإسلامية.

          إن تشعب الحرف في النسيج الكتابي الكثيف وفي تعدد الأساليب يجعلنا نستنتج أنه لا يمكن بحال من الأحوال مطابقة الخط بين اثنين من الخطاطين مطابقة كاملة أو تامة, وعليه فإن الخطاط العربي يعمل في نظام مفتوح يدعوه دوماً إلى الإضافة والإبداع وإن كانت هناك موازين وقواعد للتجويد.

          إن من الإنجازات التي يأتي هذا المعرض شاهداً عليها إقامة متحف خاص بفن الخط العربي, ومركز خاص بتعليم الخط للنساء كإضافة لتعليم الخط للرجال, ومحترفات (بيوت الخطاطين) ومكتبة للخط تحت الإنشاء, وكل هذه المرافق شملت مساحات واسعة من منطقة التراث المعروفة بمبانيها الأثرية.

          إنه الخط جوهر الصور والفن الصالح لكل العصور

أحمد خضر

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




المشاركون في الندوة: د. اسماعيل الشطي, د.علي الطراح, يوسف الجاسم, د.علي الزميع, خليل حيدر





مدير عام الصندوق مراقبا عملية السحب على الجوائز





د. نقولا زيادة





رئيس الوزراء اللبناني السيد رفيق الحريري يزور جناح مجلة (العربي)





الشاعر الراحل أمل دنقل





محمد الماغوط .. الشاعر المحتفى به





مشهد من المدينة الوردية .. البتراء





من لوحات معرض المرئي والمسموع