الورقاء

  الورقاء
        

قد هيجتني من التبريح ورقاء

أشجت فؤادي وبعض الشجوِ بكّاءُ

حسيبك الله يا ورقاء مافعلت

بك الليالي فهل في الشجو أهواءُ?

هذي اللحون الحزانى أضرمت كبدي

فخففي النوح لا يزداد بي الداءُ!

إني كئيب وهم الدهر أثقلني

كفارسٍ هدّه في السير أعياءُ

يا جارة الروض حسبي منكِ ما سمعت

أذني وقد يلهب الأحساسَ إصغاءُ

هذا الربيع به الأزهار عابقةٌ

أما نهزك أشجار وأنداءُ?

سيحي مع الروض واستجلي الجمال به

إن الربيع له في الروح أصداءُ

بالله لا تجعليني حائراً قلقاً

فما أنا صخرة في القفرِ صمّاء!

أليس بي أيها الورقاء عاطفة

أما تسرُكِ في ذا الكون أشياءُ?

أما ترين طيور الروض هائمة

تشدو وقد هزها للشدو انجراء?

كوني كما البلبل النشوان منطلقا

تنتابه من نسيم الفجرِ سرّاء

أما لعينيك أبصار كمقلتهِ

أم أنتِ عن بهجة الأزهار عمياءُ?

يشدو وأنت كثكلى الدار باكية

قد غاب عنها من الأقدار أبناءُ

فحزنها وحدها دوماً تكابده

لمن غدوا للردى يوماً ولا جاءوا!

وقفتُ بالسفح مشدوها أراقبها

وفي الفؤاد من التفكير أنواءُ

أقول يا أيها الورقاء بي شجن

من النواح وما بالصمت إخفاء

ترددين من الألحان أربعة

كالإبل لما نأى عن وردها الماءُ(1)

يشقى الفتى بحياةٍ لا أنيس بها

ولا جليس إذا مسّتكَ ضراءُ

يقضي الحياة كما الورقاء نائحة

لو حولها روضة بالزهر غنّاءُ

طبائع الطير كالإنسان نعرفها

وليس تأتي الأماني مثلما شاءوا!



 

 

أحمد محمد آل خليفة   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات