حالة الانفصال بين المجتمع والفن الحديث

 حالة الانفصال بين المجتمع والفن الحديث
        

          بالإشارة إلى عدد (العربي) رقم 521 أبريل عام 2002م, والمقالة التي تحمل عنوان (فن اللوحة, السؤال المحرج) للأستاذ عبود عطية, فإنني أتفق مع رأي الكاتب بخصوص حالة الانفصال الكائنة بين المجتمع العربي وحركة الفن الحديث.

          وفي اعتقادي أن المشكلة نشأت بسبب تفاعل عدة عوامل أولها فوضى عملية التدريس بكليات الفنون, وعدم وجود منهج دراسي أو مستهدف تعليمي واضح المعالم, وفقدان التقاليد والخبرات التربوية والتدريس حسب الأهواء الشخصية للمدرسين بعد أن تركت لهم الحرية التامة, حتى من أبسط قواعد التدريس.

          وفي خضم هذه الفوضى العارمة نشأ جيل جديد بأفكار مشوشة ويدافع باستماتة عن مكاسبه الزائفة, ناشرا المزيد من سوء الفهم.

          ونمت على مر السنين حركة فنية منكفئة على ذاتها, وتزداد عزلتها بسبب أوهامها المفتعلة حول مفاهيم غامضة عن الفن.

          وظهر الفنانون وكأنهم سدنة هذا الغموض, مشعوذين يسحرون عقول الناس بقدر هائل من هذا اللافن.

          وساعد على تدعيم هذا الموقف فوضى النقد التشكيلي والذي دخله الكثير من غير أهله أو المتخصصين فيه, وهم يتكلمون كلاما غريبا عن الشيء الذي لا يعرفونه. واتسعت دائرة الكهانة لإله غامض وغير مفهوم.

          ولعل التطور المذهل والمشكوك فيه لحركة التمرد الفنية في باريس أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قد ساهم في رفد المفاهيم الغامضة للحركة الفنية في العالم العربي, وبرغم وجود الدواعي المبررة للتغيير والتطور, فإن العوامل المختفية تحت السطح قد تكون ذات تأثير أكبر على سير الحوادث, والتي لا تتم في إطار موضوعي بحت ولكنها حركة بشر ذوي مصالح مختلفة. وليس من الطبيعي في سوق الفن أن تظهر قيمة الفنان بعد وفاته وبعد أن أصبحت أعماله, عملة نادرة ويمكن المضاربة عليها.

          ومن أسباب تعقد المشكلة الجنوح المتنامي لتيار التغريب, حيث يعتمد الفنان في أعماله الفنية على أخيلة من مصاحباته الخاصة, وبدت مقولة: إن للفن منطقه الخاص, مقبولة تماما على الرغم من أنها هي المشكلة, بينما الفن عملية تخاطبية أساسا.

          ثم هناك مشكلة, عدم تحديد المصطلحات, والمجازفة باستخدامها خارج حدودها الوظيفية إما لعدم المعرفة بها, وإما بسبب التعسف في فرض الآراء المفتعلة, ومع الوقت تزداد مشكلة سوء الفهم تعقيدا.

          وأدى ظهور النزعة السطحية للتجديد بفرض أنه نقيض ما سبق إلى انتشار الاستخدام المتعسف لمصطلح الإبداع وكأنه الحل السحري لمفهوم الفن.

          والواقع أن هناك طلبا متزايدا على الأعمال الفنية التقليدية, ولكن نظرا لقلتها, فقد ازدهرت (السوق الموازية) سوق اللوحات المستنسخة وهي تشهد مبيعات ضخمة, إن الحياة لا تنتظر أحدا ولا النظريات الجامدة والمفتعلة.

محمد عبده
الإسكندرية ـ مصر

دعوة لإنشاء رابطة للشعوب السامية

          أقترح إنشاء رابطة سامية تجمع كل الشعوب السامية كما للعرب جامعة عربية تنطق باسم العرب جميعاً وتدافع عن العرب في كل مكان.

          أما الشعوب السامية فتشمل: العرب والآراميين والآشوريين والكلدانيين والعبريين والأديغة الذين يقال لهم الشركس في بلادالشام وفي مصر وغيرهما من البلاد العربية علماً بأن الشركس هم قبيلة من قبائل الأديغة.

          وأول ما يجب أن نعمله التعريف بالشعوب السامية ومن هم من أصول سامية ولقد قرأت في أحد الكتب أن إيران خرج من شبه الجزيرة العربية واستقر في المنطقة التي سميت باسمه ومن نسله كان الشعب الإيراني وهذا يعني أن الشعب الإيراني هو من الشعوب السامية.

          أما العرب فهم من بني عاد وكذلك الشعب العبري والأديغة من بني عاد, وإن أقرب اللغات للغة العبرية هي اللغة السبئية وهذا دليل قاطع على أنهم من أصل واحد أبناء عم.

          وكذلك علينا واجب معرفة تاريخ الشعوب السامية بشكل دقيق ومفصل وكيف انتشروا في هذا العالم حيث كثير من الأوربيين يتحدرون من أصول سامية وهذا يقع على عاتق المؤرخين الساميين وعلماء التاريخ.

          ويعيش معظم الساميين في البلاد العربية ومعظمهم يتقنون اللغة العربية فإنشاء الرظابطة السامية يكون دعماً قوياً للجامعة العربية وللشعب العربي ومن واجب الرابطة السامية كشف الذين ينتمون للساميين زوراً وبهتاناً كالأشكناز (اليهود الغربيين) الذين يدعون أنهم ساميون مع أنهم من أصل آري من نسل يافث بن نوح وذلك لأغراض سياسية حتى يحق لهم الاستيطان في فلسطين, مع أنهم لم يسكنوا فلسطين في أي فترة من فترات التاريخ, فمن مصلحة الساميين أن يدافعوا عن فلسطين فهي أرضهم المقدسة وهم مسئولون عنها مسئولية مباشرة فعليهم كشف الادعاءات الصهيونية في حق الأشكناز في فلسطين وكشف أكاذيبهم وأضاليلهم فلا يحق للأشكناز أن يسكنوا فلسطين بأي حال من الأحوال لأنه ليس لهم أي صلة بفلسطين لا من قريب ولا من بعيد.

عبدالرحمن الحسين
حلب - سوريا

أرض العطاء

          هناك بين الجبال الشامخة, وفي حياء ترتفع رويداً رويداً تلوح بأشعتها الذهبية, فتغمر الدنيا بهجة وحبورا, فتدب الحركة والنشاط في أرجاء القرية بعد ليل من السكون والهدوء.

          لكنّ العم أحمد لم يكن كغيره من الناس ينتظر نور الشمس ليباشر أعماله, فعمله المتواصل في خدمة الأرض منذ نعومة أظفاره, جعله لا يتقيّد بساعة أو شمس تنبئه بقدوم الصباح.

          وعلى غير العادة, ها هو يحضّر نفسه ليزور القرية, فله هناك شغل ينبغي القيام به.

          (صباح الخير يا عمّ كيف حالك?), هي تحية استقبل بها صاحب الدكان العم (أحمد), ذاك الشيخ المسنّ الذي أثقلت السنون كاهله, فهجرت الابتسامة وجهه, وأضحت علامات الحزن لا تفارقه.

          يُتمتم العم أحمد بكلمات محاولاً رفع نظره عن أرغفة الخبز المجمّعة في أحد أركان الدكان.

          بجهد كبير يرد التحية, تصحبها رائحة كريهة تسرّبت من فمه, فهو لم يذق طعاماً منذ يومين وقد آن لبطنه أن تُلبّي رغبتها.

          امتدت يده إلى رغيف الخبز. فتطايرت عنه ذبابات بعد أن طال بها المقام وقد اتخذته موطنا.

          رغيف الخبز هذا الشيء الذي ارتجفت يده وهو يجسّه, فهو لم يسبق له أن فكّر في أكله, فقد اعتادت الأرض التي تعهّدها بالرعاية والاهتمام ألا تبخل عليه بجودها وخيرها العميم.

          بنظرات لا تدلّ على الرضا, يدسّ رغيف الخبز في جرابه. ألقى بها على كاهله الهزيل الذي أنهكته خدمة الأرض طوال أعوام خلت, فكفّه لا تحنُّ إلا للمس مدمّة أو فأس أو مذراة.

          انسلّ من بين الزبائن, وخرج من الدكان عائداً إلى بيته الذي يعلو ربوة, وأثناء سيره في طريق غير معبّدة كان قد شقّها بقدميه النحيلتين ذهاباً وإيابا. توقّف في مكان يتوسط حقولاً مترامية الأطراف, جال بنظره في أرجائها, حدّق إلى تلك النباتات الشوكية وقد اعتلتها الصفرة, فأصبحت غطاء شاحبا كسا تلك الحقول بعدما أَلِفَتْ الاخضرار ثوبًا زاهيًا يملأ النفس أملاً.

          سقطت العصا من يده بلاشعور منه, انحنى أرضاً وفيها غرس أصابعه, فأخرج حفنة تراب, تأمّلها بنظرات كلّها حسرة وأسى.

          إنها سنوات القحط والجفاف سنوات تنبئ بالعجز وتوقّف العطاء.

عائشة رحال
سطيف - الجزائر

وامعتصماه.. واقدساه

          منذ زمن ليس ببعيد صاحت امرأة تستنجد بأعلى صوتها وامعتصماه! واليوم نسمع الفلسطينيين يصيحون واقدساه واإسلاماه. لا أحد يسمع نداءهم.. صمّت الآذان, وماتت الضمائر, وطغت شريعة الغاب والضمير الذي (غاب). قديما غزا الروم (أَزُبْطرة) وهي بلدة إسلامية واقعة على الحدود مع الروم, وهذه البلدة ولد بها الخليفة المعتصم بالله. مرّ بهذه البلدة (نيوفيل) ابن ميخائيل الثاني ملك الروم في إحدى غزواته واستباحها قتلا وسلبا وتشريدا, وأقبل الروم على امرأة عربية فصاحت على البعد.. وامعتصماه! وما بلغ المعتصم نداؤها, وكان في يده كأس ماء فلم يشربها, وأمر بتجهيز الجيش وانتقى مدينة (عمورية) أعظم مدن بلاد الروم, وإحدى عواصمهم التي يعتزون بها لموقعها المنيع في قلب مملكتهم, وقد أرادها المعتصم دون غيرها من المدن لتكون لقاء الثأر لـ (أَزُبْطرة) البلدة الإسلامية, وصل جيش المعتصم إلى (عمورية) وأمطروها بالنبال المشدودة بالخرق المشتعلة, وبدأت الأقواس ترمي هذه النبال, وما هي إلا ساعات حتى كانت المدينة تحت مارج من النار الساطعة التي أحالت الليل نهارا, وقعت المدينة صريعة اللهب, وعند ذلك انقض العرب على أعدائهم ومني الأعداء بهزيمة قاسية, واليوم ارتفعت أصوات المسلمين في كل أنحاء العالم تنادي واإسلاماه! واقدساه! أطلقوها صرخات مدوية يطالبون العالم بإنقاذ الشعب الفلسطيني الأعزل من يد (دراكيولا) القرن الواحد والعشرين الذي استمر في تصفية الشعب الفلسطيني بمجازره الوحشية التي حصدت الشباب والشيوخ والأطفال والنساء قام (هولاكو) الصهاينة بهدم المنازل وتجريف الأراضي مما أدى إلى المزيد من إراقة الدماء العربية وإذكاء مشاعر الكراهية والحقد وتفجير الأوضاع في المنطقة والقضاء على فرص السلام.

          إن سفاح إسرائيل الواهم يعتقد أن اعتداءاته الوحشية ستقضي على الانتفاضة ونسي أن القنابل البشرية الفلسطينية أقوى كثيراً من ترسانته الحربية.

محمد شفيق سليمان
الدقهلية - مصر

الثقافة لمن?

          طرح رئيس التحرير د. سليمان العسكري.. في (العربي) العدد 522ــ مايو 2002, موضوعا يهم حاضر ومستقبل الأمة تحت عنوان (ثقافتنا العربية.. وثقافتهم الغربية).

          ولعلني أقول: إن الثقافة لا تمثل اسما أو مصطلحا كلاميا.. إنما وعاء لامتلاك مقومات حضارية.. وبأهداف منها:

          فتح أفاق المعرفة, إثراء روح الحوار, قبول النقد والرأي الآخر, إبراز المعاني الإنسانية والأخلاقية.. الخ.

          لكن هل حركة الثقافة العربية المعاصرة تتحرك بتلك الخصائص.. وبما يساعد على نشر الأفكار البناءة.. بعيدا عن سرعة ونقل وتجسيم الصور الخاطئة?!

          أزمة الثقافة العربية أنها تدور في حركة لا تحقق التنمية الحضارية.. لأن الثقافة لمن? للفكر الأدبي? أم العقل الإنساني? ثم ما نوعية القارئ, وهل الثقافة لنوعية ما من القراء أم لطبقة المثقفين أم طبقة الشباب وطلاب العلم?

          والثقافة يجب أن تقدم لحيز أوسع من القراء وبما يتفق مع اختلاف الميول.

          هنا يكمن إيقاظ دور العقل العربي للابتعاد عن السلبية واللامبالاة والتعثر والاتكال.

          الثقافة الجادة هي التي تمتلك مساحة ضوء لمواجهة الأوضاع السلبية في الديمقراطية والسياسة والاقتصاد والاجتماع, وأساليب القهر, وقوانين الطوارئ, وزيف الانتخابات العربية.

          لأنه مع هشاشة البعد الثقافي في بلدان الأمة تهدر قدرات المجتمع ككل.

          والثقافة مجال للنصح والإرشاد بعيداً عن الإغواء والمزايدة, والثقافة العربية المعاصرة يجب ألا تخاصم التراث, لأن التراث جوهر, والثقافة جوهر, والتراث يملك النص الإبداعي, وقيمة الروح التي تتجلى في: اللغة, الشخصية, الرسالة, الخصوصية. اللغة المعيارية والرقابة والتصويب والثقافة سبيل لرأب الصدع والانهيار العربي, حتى لا يصبح الغد العربي مرهونا للصدف وجدلية الحركة

يحيى السيد النجار
دمياط - مصر

وتريات

شوق وهمسات

نزلت نسائم وحدتي فتوسَّمَا

 في الفجر - حبري - مستعيداً أسهمَا

أخرجت كفّي كدت أبصر شهقتي

 فبأيّ نطق أحتمي? هب لي فَما!

فالصّمت أسرج خيله رأد الضّحى

والشوق أحرج موجه, وبه احتمى

 أو كلّما مكّنتني, ملّكتني

  زبداً يوزّعني فيعصرني الظما

أو كلّما لاحت وصالك موعدًا 

ناحت حمائم شوقنا, حبري هَمى

أو كلّما هتفت غيوم الفيض من

عمق الجراح الخضر, كم فاضت دما?

 أو كلّما أبدلت بالوصل القديم عشيّة

همت الطفولة مُديةَ, بكت السَّمَا

 أو كلّما أرسلت كفّي كي تطرّ

 ز نشوتي بالفجر صاغت أنجما

أو كلّما رجّعت أغنيتي جوًى 

همست طيوف المنتهى: أو كلّما?!

وتفجّرت من غيث نورك صرختي

 فمزاحها: سين وبا... كن أرحَما!

أنا ما اتخذت سوى وعودك مرفأً 

إنّي ابتغيت خيوط سرّك سُلَّمَا

إنّ السّحاب المرتجى فهمته

  والودق ظلّ المستبين المغنما

سيّر جبال الآه وأصدع بالرؤى 

أرسل رُخاء الفجر تنتجْ بلسمَا

يا سدرة الزمن الأخير مرادنا 

مأوى يُجَلّي غايةً أو أنعما!! 



ناصر لوحيشي
قسنطينة - الجزائر