على رسله يكتب الموت سيرته

على رسله يكتب الموت سيرته
        

أعدُّوا لنا ما استطعتمْ

مِنَ الماءِ والخيلِ واللّيلِ

نحنُ على سَفَرٍ عاجلٍ

هكذا دونَ أنْ نطفئَ النَّارَ أوْ

نُعدَّ قليلاً مِنَ القهوةِ العربيَّةِ

لا وقتَ للضَّيفِ

لا وقتَ (للكيفِ)

لا وقتَ للسَّيفِ

نحنُ على سَفَرٍ عاجلٍ

بينَ ليلينِ غابَ نَهارُ الفراشاتِ

مَنْ يحترقْ

أوَّلاً?

أخرجَ النّور مِنْ كَفِّهِ ورمى

لَمْ يصدْ غيرَ ظلمةِ أحزانِهِ فرمى

روحَهُ كَيْ يمرَّ الرّجالُ سريعاً

لخطفِ قليلٍ مِنَ الذكرياتِ

هنالكَ قُربَ الصَّباح البعيدِ

أليسَ لنا أنْ نكونَ قَريبيْن مِنْ يومنا ليلةً

لنكونَ بَعِيْدِينَ عَنْ أمسنَا ليلةً

منذُ أنْ قذفتنا الحياةُ

عَرَفْنَا طريقَ النَّجاةِ

إلى موتنا السَّرْمَدِيِّ

أكنا كما ينبغي أنْ يكونَ الرُّعاةُ

لنا ماعزٌ جبليٌّ

وعشبٌ وماءٌ

ومئذنةٌ وصلاةُ.

***

أعدُّوا لنا مااستطعتمْ:

طعاماً خفيفاً

بياناتِكمْ عَنْ حقوقِ الثعالبِ

عَنْ حَقِّنا

في الخروجِ المبكِّرِ

مًنْ يومنا

وأعدُّوا لنا

سَفَراً طَيِّباً

بَلَداً طَيِّعَاً

فيهِ مِنْ كلِّ زوجٍ

وفاكهةٍ وشرابْ.

وفيهِ مجالسُ للسَّهْو واللَّهْوِ

فيهِ نساءٌ كثيراتُ

يَمْلأنَ هذا المدى

وَيُغطِّينَ هذا الخرابْ.

***

أعدُّوا لنا ما استطعتمْ:

منابرَ للشِّعْرِ والنَّثرِ

نحنُ أتينا لنقدِ الهزيمةِ

في أدبِ الاغترابِ الطويلِ

خذوا ما استطعتمْ مِنَ الشًّعْرِ

هذي قصائدنا عَلِّقُوها

على كعبةِ الجرحِ

طوفوا بها وبنا

لَنْ نكونَ كما فَعَلَ الشُّعَرَاءُ الذينَ خلوا

لَنْ تكونوا قياصرةً

تملأونَ الفضاءَ لثاراتِنَا

فأتَّئِدْ يا امرأَ القيس

لستَ الوحيدَ الذي فقَدَ المُلْكَ والأبَ والرُّوحَ

تلكَ حياتُكَ رُدَّتْ إليكَ

فلا تلتقطْ مِنْ حطامِ الحياةِ

سوى طَلَبٍ واحدٍ للنّجاةِ

وَقُدْ رايةَ الشُّعَراءِ

إلى (ناطحاتِ السَّراب).

***

على رِسْلِهِ

يكبرُ الموتُ في بيتِنَا

منذُ أنْ كانَ غِرَّاً

ونحنُ نُعِدُّ لهُ خبزَ أطفالِنَا

كانَ يعرفُ كلَّ البلادِ

وكلًّ العبادِ

ولكنَّهُ

لا يحبُّ السَّفَرْ.

***

على رِسْلِهِ

يكتبُ الموتُ سِيرَتَهُ,

منذُ أنْ ماتَ عشَّاقُهُ الطِّيّبونَ:

أكانوا كما ينبغي أنْ تكونَ الحياةُ?

 

حاكم عقرباوي   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات