المفكرة الثقافية

 المفكرة الثقافية
        

الكويت

ميدان آخر لتكريم الإبداع توزيع جوائز الدولة التقديرية  والتشجيعية 2002م 

          شهدت الأوساط الثقافية خلال مهرجان القرين الثقافي التاسع تكريم نخبة من المبدعين الكويتيين البارزين بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية للعام 2002م, تلك الجوائز التي عمل المهرجان على تكريسها للسنة الثالثة على التوالي.

          وزير الإعلام ووزير النفط بالوكالة الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح الذي حرص على تكريم المبدعين بنفسه, ألقى كلمة في مستهل الحفل أشاد فيها بعطاء المبدعين وبجهودهم في قوله: إن هذه النخبة التي نكرمها اليوم من فائزين وفائزات بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية للعام 2002م تشكل جزءاً أساسياً ومشرقاً من سجل الكويت, وقد أكد الوزير في معرض كلمته أن الكويت لم تكن تنجح في استكمال تأدية دورها الثقافي العربي والإسلامي ودورها التنموي في هذا الجو العاصف الذي استفحل في منطقتنا عام 1990م لولا تمسك قيادتها الحكيمة برسالتها, ولولا جهود أبنائها المبدعين عبر مبادراتهم الفردية ومؤسساتهم الخاصة وعبر إنتاجهم الإبداعي في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية.

          وفي كلمته التي ألقاها قبل توزيع الجوائز قال أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الرفاعي: إن التطور الذي تحقق في العناية بالإبداع الثقافي والفني والإنتاج الفكري في الكويت يرسم علاقة فريدة بين المثقف والسلطة, علاقة يسودها التفاعل لا التنافر وتستحوذ على إعجاب المراقبين.

          بعد ذلك قام وزير الإعلام وأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتوزيع الجوائز التقديرية التي كانت من نصيب كل من الشاعرة د.سعاد الصباح التي لقي إبداعها الشعري اهتمام الدارسين والباحثين والأدباء ومتذوّقي الكلمة, والشاعر عبدالعزيز سعود البابطين الذي عُرف أيضا كواحد من رجال الأعمال في الكويت وله جهود ثقافية أثمرت عن إبداعات وعطاءات ثقافية متعددة, والفنانة سعاد عبدالله والتي قدمت العديد من الأعمال التلفزيونية والمسلسلات خلال مشوارها الفني الطويل الذي بدأ مع عام 1964.

          وأما جوائز الدولة التشجيعية للعام 2002 فقد منحت لكل من: الفنان التشكيلي عبدالله القصار عن عمله (الأطباق الطائرة) والمصور الفوتوغرافي غسان بورحمة عن عمله (الجرة) والناقد والفنان التشكيلي حميد خزعل عن عمله (السباحة في بحر من قصاصات الورق).

          كما فاز بهذه الجوائز التشجيعية أيضاً كل من: الكاتب والأديب طالب الرفاعي عن روايته (رائحة البحر) والشاعرة د.نجمة إدريس عن عملها (خليفة الوقيان في رحلة الحلم والهم) والروائي الأديب إسماعيل فهد إسماعيل عن عمله (علي السبتي... شاعر في الهواء الطلق) ود.محمد يوسف المسيليم عن عمله (اقتصادات التعليم واستثمار العنصر البشري), ود.عادل العبدالجادر عن عمله (الإسماعيليون... كشف الأسرار ونقد الأفكار).

          ومن الجدير بالذكر ما أعلنه أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عن د.سعاد الصباح وعبدالعزيز البابطين بأنهما تنازلا عن قيمة الجائزة المالية التي حصلا عليها من الجائزة التقديرية للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لصرفها على أي من المشروعات الثقافية.

جمال مشاعل

القاهرة

(ابن خلدون)
يحظى بجائزة نجيب محفوظ

          منذ إنشاء قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لجائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي, عام 1996م, والجدل لا ينقطع حول الفائزين بهذه الجائزة وأحقيتهم لها, خاصة وهي تحمل اسم أهم روائي عربي في القرن العشرين. وقسم النشر بالجامعة ـ لمن لا يعرف ـ  هو ناشر أعمال نجيب محفوظ باللغة الإنجليزية منذ 1978م, والوكيل لحوالي 400 طبعة من أعماله إلى 28 لغة أجنبية. لكن الجدل لم يمنع من تزايد شعبية الجائزة وهي تمنح لرواية عربية قد تكون الأولى في مسيرة المبدع.

          وفي الاحتفال الأخير الذي أعلن فوز الروائي المغربي بنسالم حميش بجائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي لعام 2002م, عن روايته (العلامة), وكانت ترجمتان إلى الإنجليزية لروايتين, الأولى (رامة والتنين) للروائي إدوار الخراط, والثانية هي (أوراق النرجس) للكاتبة سمية رمضان, قد سبق لهما الحصول على هذه الجائزة, مع أسماء مثل مريد البرغوثى, وهدى بركات وأحلام مستغانمي وإبراهيم عبد المجيد ويوسف إدريس ولطيفة الزيات.

          وعلى الرغم من أن القيمة المادية للجائزة لا تزيد عن الألف دولار فإنها نجحت في الاستحواذ على جانب كبير من اهتمام كل روائي عربي, ذلك أنها تضع العمل الفائز على أولى درجات العالمية بعد ترجمتها وإتاحتها للقراءة خارج الوطن العربي, تمهيدا لترجمات أخرى.

          النقاد رأوا في الرواية الفائزة هذا العام والتي تناول فيها حميش حياة ابن خلدون: بحثا في ذات مفكر كبير في تجلياتها الكبرى (هدى وصفي), نجح فيها الروائي على مستوى التشكيل في دفع التقريري إلى التصويري والمباشر إلى المجازي والمجازي إلى الرمزي (عبدالمنعم تليمة), ضمن معالجة لمشكلة الصراع بين المثقف والسلطة (رجاء النقاش), مستنطقة لقناعات العلامة والمفكر العربي الكبير ابن خلدون عبر سرد فني متميز بالسهولة الممتنعة (فريال غزول).

          والرواية ثلاثة أجزاء: الأول حول عقل ابن خلدون وهو يملي عمله على الكاتب الناسخ محاورا ومناقشا معه الأفكار والفتاوى, والثاني استكشاف لقلب ابن خلدون واستعادته لشيء من السعادة والمحبة في زواجه الثاني بعد الموت المفجع لزوجته وأولاده غرقا في البحر, والثالث يعنى بتقديم ابن خلدون كناشط يحاول التخفيف من كوارث الحرب وتوقيف الغزاة التتار عن نهب دمشق وتدميرها. وفي الخاتمة مشاهد لسنوات العلامة الأخيرة وحيدا ومنهكا بعد أن عادت زوجته إلى المغرب وفصله من عمله كقاض وفشله في تحسين الوضع السياسي حتى وضعت الشيخوخة بأوجاعها ـ ومن بعدها الموت ـ نهاية له.

          أما عن الروائي الفائز, فقد أكمل تعليمه الأساسي بالرباط في المغرب, ثم تعليمه العالي في باريس, حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1986م. وصدرت أعمال بنسالم حميش باللغتين العربية والفرنسية, منها دراسة عن ابن خلدون, وكتاب عن البنية الأيديولوجية للإسلام, ومجموعات من القصائد الشعرية, وروايات فازت إحداها وهي (مجنون الحكم) بجائزة مجلة الناقد قبل سنوات. وهو يجيد ـ بالإضافة للغتين اللتين يكتب بهما ـ التحدث بالإنجليزية والإسبانية واليونانية, كما أنه نائب رئيس اتحاد الكتاب بالمغرب وأستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط.

          وفي كلمته لدى تسلمه الجائزة أشار بنسالم إلى تأثره العميق ودَينه الكبير لنجيب محفوظ (الذي قاوم إكراهات الوظيفة والمتاعب الصحية وتحرشات فقهاء السوء بإرادة قوية في التحصيل المعرفي المواظب والإبداع الأدبي المتعاظم فلم تثنه عن أخذ نصيبه من طيبات الدنيا والتحلي بروح النكتة) فضلا عن كون اللغة عنده هي (ذخيرة الروائي الحية بها يسمي ويصف, ويصور, يقطع ويركب, يلتقط ويمشهد, يحرك ويوقع.. مثلما هي مالكة هويته وبوتقة حساسيته ووعيه بعالم الناس والأشياء)..

مصطفى عبد الله

عمّان

تجارب متنوعة في مؤتمر
(الأطفال والمدينة)

          شهدت العاصمة الأردنية عمان فاعليات مؤتمر (الأطفال والمدينة) الذي نظمته أمانة عمان والمعهد العربي لإنماء المدن بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمتي اليونيسيف واليونسكو, بهدف التعرف على المعوقات التي يواجهها الأطفال في المناطق الحضرية, والاستفادة من تجارب المدن المختلفة إزاء تعاملها مع قضايا الطفولة.

          وكان المؤتمر قد شهد مشاركة ثلاثين محافظاً وأميناً عاماً لعدد من العواصم والمدن العربية, إلى جانب خبراء ومختصين في مجال الطفولة, حيث تحدث الخبير الدولي (ديفيد ساترويت) عن دور منظمات المجتمع المدني في دعم المشروعات الخاصة بتنمية إبداع الأطفال والشباب, وتأكيداً على هذا النهج تم طرح مشروع (المدن الصديقة للأطفال) والذي يتضمن إقامة مدينة تكفل حقوق  المواطنين كافة وخاصة الأطفال, في الحصول على الحب والرعاية والاحترام, والاستماع لآرائهم وتقديم الخدمات الأساسية لهم, إذ شهد المؤتمر عرض تجارب عدد من الدول العربية والإسلامية في هذا المجال, حيث تحدث عمدة مدينة (موديردا) الموريتانية عن مشروع (مدرستنا مفتوحة وخضراء) الذي جرى تطبيقه في أكثر من مدينة موريتانية, ويقوم المشروع على إنشاء حدائق مثمرة تساعد الاطفال على قضاء وقتً مسلًّ وممتع إلى جانب ربط المدرسة بالمحيط الاجتماعي, ورغم الحصار والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني, تحدث نائب رئيس بلدية رفح الدكتور عماد شعث عن تجربة (المدن الصديقة للأطفال) التي تم تطبيقها في غزة وجنين ورفح, حيث أتاحت هذه التجربة تحديد أولويات العمل على مستوى المدينة وإشراك الأطفال في اتخاذ القرار والاجتماع مع القيادات المحلية لمناقشة احتياجاتهم.

          حول التجارب العالمية في مجال (المدن الصديقة للأطفال) تحدثت نائبة عمدة مدينة روما (ريتا كاميلي) عن تعاون السلطات المركزية والمحلية في مجال الطفولة, خاصة أن إيطاليا تعيش أجواء مبادرة مهمة في هذا المجال, تتمثل في إنشاء إذاعة للأطفال تدعمها الحكومة لتنمية ثقافة الطفل الإيطالي.

          كما تضمن المؤتمر ملخصاً لمشروع (نشأة الأطفال في المدن) والذي يهدف إلى تكوين فرق للعمل في مواقع مختلفة بالتعاون مع المشروعات التعاونية, لتدريب الأطفال على العمل مع صانعي القرار والقيادات السياسية, وسيتم تطبيق الجانب العملي من المشروع في موقعين في العاصمة الأردنية عمان (مخيم الوحدات ومنطقة النظيف). ومن الجدير بالذكر أن المؤتمر كان قد شهد عرض فيلم يوضح تطبيق هذا المشروع في منطقة ثولاموتوانا في جنوب إفريقيا, حيث تمت إزالة إحدى المستوطنات من قبل الحكومة المحلية وترحيل الأهالي إلى منطقة أخرى لا تتوفر فيها أي خدمات أساسية للمواطنين والأطفال, وعبّر الأطفال من خلال الفيلم عن حاجتهم إلى توفير الخدمات الأساسية من منازل ومدارس وأماكن اللعب. كما تحدث المنسق الفني لبرنامج مسح الطفل في الخليج العربي الأستاذ في جامعة لندن (البروفيسور سمير فريد) عن القضايا والتحديات التي تواجه أجهزة الحكم المحلي في العالم العربي بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص, وبيّن البروفيسور أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر في نمو المراكز الحضرية وهي الزيادة الطبيعية في السكان, والهجرة الداخلية, و تغيير حدود المدن وتوسعها.

          وكان المؤتمر قد اعتمد مقولة  الملكة رانيا العبد الله: (حتى نحقق نقل نوعية في مجتمعنا, علينا الاستثمار في أطفالنا) كشعار له.

توفيق أبوبكر

الشارقة

بعد أن صارت العدسة عشقه...
الشيخ خالد القاسمي يفتتح معرضه الفوتوغرافي

          الفن مثل الحياة لا تستحق أن تعاش إلا إذا كانت في خدمة هدف ما, تتخطى الواضح والعادي, لتشعل الروح في المكان, وهكذا كان المعرض الأول المسمى ( الحركة ) للفنان خالد القاسمي ابن حاكم الشارقة الشيخ   الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي حضر حفل الافتتاح للمعرض الكائن في متحف الشارقة للفنون, حيث ضم المعرض العديد من الصور الفوتوغرافية التي تدرج فيها صاحبها عبر مراحله العمرية المختلفة لتشكل مرآة صادقة لتطوره الثقافي, وتمرسه الفني, وتشكل شمعة مضيئة في بواكير حياته, لقد استطاع خالد القاسمي أن يترك أثراً حميداً في نفسية كل الذين زاروا معرضه وعلى رأسهم والده الذي كتب في سجل الزوار الكلمة التالية :

          (لقد شاهدت صور المعرض المسمى بالحركة, وقد لفت نظري الصور المتناقضة بين البوذية والإسلام, بين المسيحية والإسلام, وحركة البحر, وحركة الطريق, وحركة السكك, كل ذلك يعطي المشاهد من الصورة الجامدة حركة مستمرة, ويوحي للإمعان بالنظر مرات عديدة ليشاهد الصور وكأنها تتغير, فشكراً للولد المهندس الشيخ خالد بن سلطان القاسمي على إضافة هذا الفن إلى متحف الشارقة للفنون, ونتمنى له التوفيق والنجاح في الدراسة والحياة).

          أما صاحب المعرض الشيخ الفنان خالد القاسمي فقال بالمناسبة: (طوال حياتي وأنا مولع بفن العمارة, في البداية كان يربطني بها  إعجابي الشديد بجمال الأبنية الخارجي فقط, لكن نظرتي لها سرعان ما تغيرت عندما بدأت بدراستها في الجامعة, إذ أصبحت أنظر لها من خلال نظرة أكاديمية, مركزاً على جوانبها الفكرية والاجتماعية, حيث تكمن قيمة هذا الفن كونه يطبق عملياً على أرض الواقع, وأرى أنه يجب أن تكون العمارة متناغمة مع محيطها, فأحياناً يخضع شكلها إلى طريقة العيش والمكان, أي حاجة الناس إليها, لذلك ليس بالضرورة أن تكون جامدة أو في قوالب جاهزة, فالخيم العربية التي استمد شكلها من طبيعة حياة البدو الرحل هي خير مثال على ذلك. وفي المقابل نلاحظ أن العمارة اليوم توحي بفكرة إخضاع الطبيعة لمعاييرها, متحدية بذلك كل العوامل التي تقف عائقاً في وجهها, وعند ذلك تمتزج العمارة في السياسة والبيئة وأمور مهمة في عصرنا هذا.

          بدأ اهتمامي في التصوير في سن مبكرة من حياتي, فقد صرت لا أرى شيئاً إلا من خلال عدسة آلة التصوير التي لا تفارقني أينما ذهبت.. إلى الشرق الأقصى أو إلى الأسواق المحلية.. وقد تنوعت الصور التي قمت بالتقاطها من صور متواضعة جداً إلى أخرى بغاية الدقة, لقد جعلتني آلة التصوير أرى العالم من زاوية لم أكن أراه لولا وجودها باستمرار فهي رفيقتي الدائمة.

          وأضاف: الحركة هنا هي أحداث شخصية متزامنة تلخص أسفاري إلى إيران وأرمينيا وغيرهما, ويتضمن المعرض مجموعة من الصور الملونة إضافة إلى صور أخرى بالأبيض والأسود قمت بالتقاطها لأماكن وأبنية أثارت إعجابي للغاية, مثل أسواق تجارية, قصور, مساجد, كنائس, نصب تذكارية, ويكمن جزء من اهتمامي بالسفر في محاولتي إيجاد تصور لمفهوم الأضداد من جهة والتشابه من جهة أخرى, إن كان ذلك على الصعيد المعماري أو على صعيد تمازج الثقافات).

          إن هذا المعرض الذي حضره لفيف من الفنانين والزائرين يقدم نموذجاً جميلاً لصناعة الفن والثقافة المتعددة الأشكال والألوان, ومنها التصوير الذي يمثل بالنسبة للشيخ خالد القاسمي حكاية دائمة, وموعداً متجدداً, مادامت الكاميرا صديقة دائمة, وصاحبها يتفنن في التقاط الصور التي كانت ترسم في الماضي مساحة البراءة والفرح الطفولي, لتصير شاهدة حية على حياة الإنسان في العمق والجوهر حاضراً ومستقبلا ً.

          لقد تعلم خالد القاسمي لعبة مسلية يحبها عندما كان طفلاً وهي التصوير, كان يتعلم التحديق في لون البحر, ومساحة الصحراء, والأسواق, والعمارات , والمساجد, لتتشكل عبر عدسته الطفولية الصور المستقاة من المحيط, لكن بعد أن غدا شاباً, يدرس فن العمارة في الجامعة, امتزجت الموهبة بالفكر والدراسة الأكاديمية, لتولد حالة من العشق الصوفي بينه وبين الكاميرا التي لا يدعها في حله وترحاله.

أحمد خضر

دمشق

العرب وتحديات المستقبل
... إضاءة أخرى على الواقع العربي

          إن مساعي اتحاد الكتّاب العرب لخلق رؤية عربية واحدة حول ما تواجهه الأمة من أحداث ومحن عبر مؤسساتها المختلفة لا تتوقف, ولعل جمعية البحوث والدراسات إحدى هذه المؤسسات التي تعمل جاهدة لتحقيق أهداف الاتحاد في مجال الفكر والثقافة والأدب واللغة, وما الندوة الفكرية التي أقامتها حول (العرب وتحديات المستقبل) سوى انعكاس لهذه الرؤية. شارك فيها مجموعة من الباحثين قدموا خلالها مجموعة من الدراسات والمداخلات تمحورت حول التحدي السياسي ومستقبل الدولة القطرية والفرق بين دولة شكّلتها الظروف الموضوعية والذاتية ودولة جاءت من خارج هذه الظروف, والتأكيد على التضامن العربي ضرورة حيوية لتفعيل الفعل الوحدوي, ولكن وفق مراعاة الوضع الملموس في الزمن الملموس, فيما أشار د. علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سوريا إلى أن تجارب الوحدة تعرضت إلى إجهاض تلو الإجهاض وكان أقساها تجربة الوحدة بين سوريا ومصر, ونوّه حسين عودات إلى أن العرب حافظوا على وحدتهم الثقافية والعقائدية والحضارية إلى حد بعيد, لكنهم لم يحافظوا على وحدتهم السياسية. أما المحور الثاني فكان عن التحدي الاقتصادي وعلى رأسه الأمن الغذائي العربي وواقع الأمة من حيث إمكاناتها الزراعية والعوائق التي تعيق توظيفها وما آلت إليه حصيلة التنمية من ارتفاع أسعار المواد ومعدلات التضخم, فيما تناول المحور الثالث التحدي الثقافي والفكري والاجتماعي والأخلاقي, انطلاقا من التحديات التي تواجه اللغة العربية والتعريب ومواجهة الغزو الثقافي, ووضع بعض النقاط التي يمكن الارتكاز عليها للإنطلاق نحو المستقبل من خلال التحرر من الإيمان بنظرية المؤامرة, والاهتمام وحماية اللغة العربية باعتبارها بوابة المعرفة, وتمكننا من الدخول إلى المستقبل والاهتمام بالتربية والثقافة لأنها أكثر العناصر فعالية في التنمية الإنسانية وتزداد أهميتها أمام الاختراق والغزو الثقافي, وسياج هذه النقاط تحصين الجماهير وصيانة تراثها. وجاء المحور الرابع في هذه الندوة متمحوراً حول التحدي العلمي والتقني والهوّة الرقمية المتمثلة بسوق الحاسبات وإنتاج البرامج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, فالنظام العالمي الجديد أخذ هذه المسارب والتوجهات, بينما أغفل العرب معظمها وركّزوا على الاقتصاد والإعلام, وأثر ذلك في الشخصية وسلوكها وظهور أنماط من السلوك ودور التربية والضغط الإعلامي في تنمية الشخصية وإعادة توازنها في عصر اتسمت فيه بالقلق والتوتر.

محمد العلي

طرابلس

أيام الفيلم الكويتي في ليبيا

          دأبت سفارة الكويت في ليبيا على تنظيم فاعليات ثقافية كبرى بين الحين والآخر, وقد جاء النشاط الثقافي الفني (أسبوع الفيلم الكويتي) ليقترب من شريحة أخرى من الجمهور الذي يهمه التعرف على تجارب متنوعة من الإنتاجات السينمائية في مناطق تعتبر السينما فيها مجرد لون من الثقافة والإبداع, يعبر قليلاً أو كثيراً عن جزء من تركيبة وصياغة ثقافية شاملة تسمح بالتواصل ,ويمكن لها أن تكون جسراً للامتزاج الثقافي لاسيما بين الأشقاء في الوطن العربي.

          وقد حقق أسبوع الفيلم الكويتي إضافة مختلفة نوعية, بسبب اختلاف طبيعة النشاط, ورغبة الجمهور والذي اعتاد على النشاط الثقافي الكويتي بطرابلس مشاهدتها من قبل, ولاسيما بالنسبة لشريط (بس يا بحر) على سبيل المثال وبعض الأشرطة الطويلة والقصيرة الأخرى.

          ويمكننا القول إن افتتاح الأسبوع كان حدثاً متميزاً لأنه جمع عدداً من الوجوه الإعلامية والثقافية والفنية المعروفة, وكانت مناسبة بالنسبة للجمهور لكي يلمس بعض جزئيات المشهد الثقافي الفني في الكويت من خلال متابعة بعض العروض السينمائية والتلفزيونية.

          بدأ حفل الافتتاح بعرض (بادية العرب) لمنتجه ومخرجه عبدالله المخيال وهو يتعرض لجوانب من حياة الناس في مناطق صحراوية تمتد مساحات شاسعة بين شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام, وتعرف باسم صحارى الربع الخالي, بما تشمله من سكان وأساليب معيشة ونباتات وحيوانات, ويتناول الشريط كذلك بعض المتغيرات التي أصابت نوع الحياة في تلك المناطق ومقدرة الناس على مسايرة المتغيرات الجديدة.

          لقد أعلن في اليوم الافتتاحي عن برنامج الأسبوع, وما يتضمنه من أشرطة, وكانت الأشرطة المختارة هي (بس يا بحر) 1973, وهو شريط سينمائي طويل من إخراج وإنتاج خالد الصديق, وهو يُعد أهم شريط كويتي, وحقق نجاحات كبيرة في المهرجانات التي عرض فيها. هناك أيضاً شريط روائي طويل بعنوان (الصمت) لمخرجه هاشم محمد, وهو من إنتاج تلفزيون الكويت 1981 و(الفخ) لمخرجه عبدالرحمن المسلم. وهذا الأخير جاء في عرض خارجي.

          أيضا وضمن برنامج العروض المرئية, تم عرض عدة أشرطة وثائقية (فيديو) من إخراج وإنتاج عبدالله المخيال.

          يمكننا القول إن الحدث الثقافي المتمثل في أسبوع الفيلم الكويتي قد أتاح الفرصة بالنسبة للضيوف من الكويت للقاء مع بعض الفنانين والإعلاميين من ليبيا, كما حدث بالنسبة للسهرة التلفزيونية التي بثتها الفضائية الليبية, والتي جاءت باسم (ليلة) متضمنة حفلاً فنياً توج بتكريم الفنان سعد الفرج, مع عدد من الفنانين الليبيين. وقد أشرف على الحفل الرابطة العامة للفنانين بالجماهيرية وقامت بتنشيط الحفل الفنانة (خدوجة صبري).

          أيضا, كان هناك لقاء وحوار دعت إليه مجلة (البيت) بالهيئة العامة للصحافة.

          أما ذروة الأسبوع فقد كانت بلا شك, الندوة الثقافية التي حضرها جمهور غفير من الصحفيين والفنانين والإعلاميين, وقد تم في الندوة طرح بعض المحاور للنقاش تضمنت مناقشة الأفلام المعروضة, والتعرض للتجربة الكويتية سينمائياً وتلفزيونياً, وأيضاً تقديم بعض الأفكار للإنتاج المشترك.

          وتحدث الفنان (سعد الفرج)  مطولاً عن بدايات التلفزيون الكويتي وجهوده في الإنتاج السينمائي وعن تجربته في فيلم (بس يا بحر).

رمضان سليم

باريس

جناح الفن الإسلامي وترميم (أبولون)
جديد اللوفر...

          كأن متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية, وهو أحد أكبر المتاحف في العالم الشغل الشاغل للحكومات الفرنسية المتعاقبة, فهي على الدوام توليه الأهمية القصوى. فالمتحف الفرنسي الذي يحتوي أكبر ثروة فنية على مدى مراحل التاريخ الإنساني والحضاري, والواقع على الضفة اليمنى من نهر (السين) الذي يشقّ قلب باريس, يعود إلى الواجهة في ورشة فنية ثقافية, ربما أعقبتها ورشة, قد تكون الأكبر في عهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك. بعد الورشة التي تمت في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران, والتي امتدت من سنة 1984 حتى سنة 1989, بُني خلالها الهرم الزجاجي التحفة الفنية.

          وإذا كان الرئيس الفرنسي الراحل جورج بومبيدو الذي خلف شارل ديجول, قد غرس في ذاكرة الثقافة الفرنسية متحف الفن الحديث المعروف أيضاً باسم مركز بومبيدو, وأعاد الرئيس الفرنسي الراحل ميتران بناء المكتبة الوطنية في الدائرة الثالثة عشرة من باريس, جاعلا منها واحدة من أكبر المكتبات وأحدثها في العالم. ثم انصرف إلى توسيع (اللوفر) على مدى سنوات خمس, وأقام الهرم الزجاجي الكائن أمامه. وفضلا عن محطات ثقافية وفنية عدة. فإن الرئيس الحالي جاك شيراك, وفي إشارة, في خطاب ألقاه في مدينة (تروا) الفرنسية غير البعيدة عن باريس, في الرابع عشر من شهر أكتوبر الماضي, وضع وزارة الثقافة والمهتمين بالفن والثقافة أمام مسئولية كبيرة أيضا.

          فقد اختار شيراك مدينة (تروا) ليطلق دعوته منها إلى الاهتمام بالفن الإسلامي وبالآثار والتحف الإسلامية بقوله: (ينبغي تأسيس جناح وإدارة خاصة بالفن الإسلامي في متحف اللوفر). ومنذ تلك الدعوة الرسمية انصرف رئيس متحف (اللوفر) هنري لويرات ومساعدوه, إلى دراسة المشروع الذي سيؤدي إلى قطاع إداري هو الثامن في متحف (اللوفر).

          في أيّ مكان من (اللوفر) سيكون هذا الجناح? وكيف? فالإشكالية التي تواجه إنشاء الجناح الخاص بالفن الإسلامي يواجه عقبة جغرافية. تتعلق بمساحة (اللوفر) نفسه. فكيف يمكن توسيعه? وإلى أين? وما حجم الميزانية التي يحتاج إليها هذا الجناح?

          من المؤكد أن إرادة رئيس الجمهورية جاك شيراك السياسية, ستجد طريقها إلى التنفيذ, وإن كان البعض يعتقد أنها تحتاج إلى حوالي عشر سنوات. غير أن تنفيذ هذه الفكرة وإنشاء الجناح الخاص بالفن الإسلامي, سوف يجعلان من (اللوفر) المتحف الذي لا ينافسه أيُّ متحف في العالم, بخاصة متحف (ألبرت) في لندن ومتحف ميونيخ في ألمانيا.

          وزير الثقافة الفرنسي جان جاك أياغون, طلب من رئيس متحف (اللوفر) ومساعديه دراسة عن كيفية تنفيذ المشروع, وتحويله إلى واقع عبر إقامة الجناح الخاص بالفن الإسلامي, وهو ما يعتبره شيراك يليق بمتحف كبير مثل اللوفر.

          وفي الوقت الذي تجري فيه دراسة مشروع الجناح الخاص بالفن الإسلامي, يعاد إصلاح جاليري (أبولون) في اللوفر, ويشارك مهندسون وأمناء متاحف ومتخصصون بالفن في اتجاهاته المختلفة. ويُنتظر أن يتم الانتهاء من ترميم جاليري (أبولون) في نهاية سنة 2004. وتصل ميزانية الترميم إلى حوالي 6 ملايين يورو أو ما يزيد على ذلك بقليل. وإذ تطلب شركة (توتال فيينا إلن) التي قدمت حوالي 5 ملايين يورو لترميم الجاليري, أن يطلق اسم الشركة على الجاليري, تردّ وزارة الثقافة بمعارضة شديدة, معتبرة أنه يكفي وضع اسم الشركة على مدخل الجاليري لمدة خمسين سنة فقط, على أن نبقى الجاليري جاليري (أبولون), ثم لا يعود للشركة أي حق في الاحتفاظ باسمها محفوراً على المدخل.

          الجدير ذكره أن ميزانية متحف اللوفر تصل إلى 150 مليون يوريو سنويا, وهو يقوم على مساحة تبلغ 6500م2, ويزوره سنوياً ما يزيد على ستة ملايين شخص, ويحتاج اللوفر حالياً إلى حوالي 3000م2 لتحويلها إلى مكاتب. و8 آلاف متر مربع لإقامة صالات عرض جديدة, وتلك هي المسألة التي تشغل وزارة الثقافة الفرنسية ومسئولي متحف اللوفر وتطلق جدلا واسعا لدى المهتمين بالثقافة في فرنسا.

فوزي الشلق

مدريد

(ذكرياتي) كتاب شقيقة لوركا

          صدر العديد من الكتب حول الشاعر والمسرحي الإسباني فيديريكو غارثيا لوركا (1898 - 1936) من قبل كتّاب ونقاد إسبان وعالميين تضمنه جوانب متنوعة, وكان آخرها أخته إزابيل المعنون بـ (ذكرياتي) الصادر عن دار نشر توسكيتس.

          قُدِّم الكتاب في مقر إقامة الطلاب المدريدية التي كان قد عاش فيها لوركا فترة من حياته مع بعض رفاقه بحضور قريب الكاتبة, مانويل فيرناندز مونيتسينوس, الذي كُلّف برئاسة المجمع المسمى باسم لوركا, منذ وفاة إزابيل 9 يناير 2002. وقد تسلم جائزة كومياس لعام 2002, في مجال السيرة والأرشفة والذكريات, التي مُنحت لهذا الكتاب مرفقة مع تمثال صغير من البرونز للنحات خواكين كامبس ومبلغ قدره 12.000 يورو.

          ونيابة عن الكاتبة التي رحلت قبل أن ترى كتابها منشوراً, قال مانويل: إن أول شيء كان يخطر ببال إزابيل قوله لو عاشت حتى فترة تقديم هذا الكتاب هو شكرها الجزيل لكل من ساهم في إصدار الكتاب, سواء الأصدقاء والمقربون, أو العاملون في المراكز الثقافية الإسبانية وفي دار النشر توسكيتس. وخصَّ بالشكر الأكاديمي كلاوديو غيين الذي اختير لكتابة مقدمة هذا الكتاب لسببين, أولهما كونه واحداً من الأكاديميين المقدِّرين لأدب جيل لوركا, وثانيهما انتماؤه لعائلة ترتبط بصداقة متينة مع عائلة لوركا.

          في هذا الكتاب تتجول الكاتبة بذكرياتها منذ وعت على الحياة بعد ولادتها, في غرناطة عام 1909 بعدة أعوام, حيث كانت الأخت الصغرى للشاعر فيديريكو, حتى عام 1998 الذي اعتبر عام لوركا وتم خلاله الاحتفال بذكرى ميلاده الأولى في كل أنحاء إسبانيا وفي العديد من دول العالم, مشيرة إلى الكثير من الأمور المتعلقة بأخيها الأكبر, الجديّ, المجتهد, الحسّاس, المعطاء, ومنوهة بحسن تعامله معها وإلى الدلال الكبير الذي كان يمنحه إياها. كما تتوقف في محطات بارزة في حياة العائلة, منها: الحرب الأهلية الإسبانية, اغتيال لوركا على يد الفاشية عام 1936, التقاء العائلة في المهجر الأمريكي, العودة إلى غرناطة, إضافة إلى الانطباعات المتعلقة بالأشخاص الذين كانت تعرفت عليهم, لتقدم بذلك كتاباً مهماً متعلقاً بأحبّ الأشخاص إليها, حيث سخّرت حياتها منذ اغتياله لجمع مشاهدات وأقوال عنه عززتها بنظرتها الثاقبة وبقدرتها على معرفة الحقيقة وقول الصراحة, بالرغم من الألم الذي كان يعتصر قلبها من هول فاجعة رحيله.

          هذا ويُذكر أن لوركا كان واحداً من المبدعين الإسبان المتعلقين بمدينة غرناطة الأندلسية, وواحداً من المهتمين والمدافعين عن العرب والمسلمين, سواء في أقواله أوفي أشعاره. وقد استطاع خلال حياته القصيرة جداً أن يُقدم أعمالاً أدبية بارزة في الشعر والمسرح, جعلته واحداً من أبرز الكتّاب العالميين خلال القرن العشرين. من أعماله الشعرية: انطباعات ومشاهد (1918), كتاب القصائد (1924), وداعاً غرناطة (1924), أغاني غجرية (1927), شاعر من نيويورك (1929), ومن أعماله المسرحية: مسرحية سحر الفراشة الشرير (1920), مسرحية ماريا بينيدا (1927), مسرحية الإسكافية العجيبة (1933), مسرحية روزيتا العانسة (1935).

غازي حاتم

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




وزير الاعلام الكويتي وأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون يتوسطان الفائزين





من حفل توزيع جوائز نجيب محفوظ للرواية





ملصق الجائزة





الملكة رانيا تلتقي ضيوف المؤتمر وتتابع الفاعليات





الشيخ الدكتور سلطان القاسمي ونجله





جانب من جمهور الندوة





الفنان الكويتي سعد الفرج





من متحف اللوفر في باريس





غلاف الكتاب