جائزة نوبل . . . التاريخ المشبوه لأكبر جائزة عالمية

جائزة نوبل . . . التاريخ المشبوه لأكبر جائزة عالمية

بعد مرور أكثر من مائة عام على بدء توزيع جائزة نوبل أو بالتحديد منذ نهاية عام 1901 يتواصل الحديث حول هذه الجائزة التي تعتبر سقفاً لكل الجوائز العالمية, وتظل هذه الجائزة مشبوهة, أو على الأقل مستهدفة للانتقادات رغم ما تتطلبه شروطها في الأعمال المقدمة إليها من مثاليات, وأعمال من أجل الخير.

لأمر ما... لا يستطيع المرء في هذا الحديث فكاكا من تشبيه نوبل صاحب الجائزة بقابيل الذي قتل أخاه هابيل, بل لا مبالغة إن قلنا إن نوبل فاق قابيل حيث قتل أخاه ثم منحه الجائزة, ويستمر ذلك الفعل حتى بعد وفاة نوبل نفسه بعشرات السنين, حيث تستمر صناعة المفرقعات والمتفجرات في مصانعه, وفي الوقت نفسه توجه جوائز الأدب والسلام وغيرهما, وكأنه حي يمنح الجوائز بيد, ويقتل ويدمر بيد أخرى.

نوبل وقابيل

أقول ما أشبه الكيميائي السويدي الفريد نوبل بقابيل قاتل أخيه هابيل... فإذا كان قابيل قد قتل هابيل, وهما أخوان لأب واحد هو آدم - عليه السلام -, فإن نوبل قد قتل شقيقه الأصغر وأربعة من زملائه في واحدة من تجاربه في المفرقعات والمتفجرات, وإذا كان للقتل دوافع عند قابيل هي الغيرة من أخيه هابيل, والحقد عليه حين قدم لله - عز وجل - قربانا تقبله منه, فإن للقتل دوافع أيضاً عند نوبل هي الرغبة في أن يصل في اختراعه إلى ما لم يصل إليه والده في صناعة المفرقعات, وإذا كان قابيل بقتله هابيل قد ارتكب أول جريمة قتل عرفتها البشرية, فإن نوبل بقتله شقيقه وزملاءه ومئات الملايين من البشر في المائة عام الأخيرة قد ارتكب أكبر جريمة قتل عرفتها البشرية, وإذا كان قابيل قد عجز تماماً عن تقديم ذلك الخير الخالص الذي به كان يحقق رضا الله كما تحدثنا الكتب القديمة. فإن نوبل قد عجز هو الآخر عن تسخير علمه لخدمة ذلك الخير الذي به يبغي التعمير والإصلاح. ومن المؤكد أن نوبل كان يدرك ما صنعته يداه من شر. وإلا فلماذا أوصى بوقف هذه الملايين التسعة لجائزة تنسب إليه, وتوجه إلى العقل البشري حين يبدع عملاً مثالياً, أو إلى الفعل الإنساني حين يخدم السلام. غير أن ملايينه التي رصدها هي في الأصل من عائد استثماره للشر الذي كان يصدره, مما يجعل جائزته تتحمل وزر أي انحراف يأتي منها بعد ذلك.. لكن كيف?

تحدثنا بعض المصادر والكتابات التي اهتمت بالتأصيل لتاريخ جائزة نوبل... بأن صاحبها قد ورث التفكير في صناعة المفرقعات عن والده, وسرعان ما تقدم في هذا المضمار حيث سجل في عام 1863 أول براءة صنع مزيج النترجلسرين والبارود للحصول على مفرقع قوي تسبب في قتل شقيقه وأربعة من زملائه عام 1864, وبعد عامين, أتم صناعة الديناميت الناسف, أعقبه أشكال أخرى من المتفجرات والمفرقعات أقام لها مصنعاً كبيراً, صدّر من إنتاجه ما يكفي ويزيد لأغراض التدمير والحرب. وكان طبيعيا - والأمر كذلك - أن يترك بعد وفاته إلى جانب هذه الثروة الطائلة التي حققتها هذه الصناعة الكثير من براءات الاختراع المشابهة التي أقلها اختراع للموت بسهولة, أي قتل من يشكو مرضاً عضالاَ, كما ترك وصية أوقف فيها تسعة ملايين من الدولارات من ريعها تمنح جوائز تبدأ من عام 1901 وتوجه سنويا لأفضل الأعمال في ميادين الفيزيقا والطب والفسيولوجيا والأدب والسلام, بحيث تمنح دون اعتبار لجنسية أو دين. أي تمنح للعمل الأكثر استحقاقاً دون تمييز.

ليست أجملهم

والعمل الأدبي في هذه الوصية يكون مثالياً وصاحبه - أي الأديب - فيما يبدع يساعد على تعظيم المثل العليا في المجتمع حتى لو قام إبداعه على تزييف العيوب والمنكرات التي تخل بالفضائل التي فُطر عليها الإنسان, وقد حار في معنى هذا الشرط الكثيرون, وفي مقدمتهم أعضاء لجان التحكيم أنفسهم. إلا أن ما يبدو واضحاً وجلياً فيه هو تقديم الجوانب المثالية - في جوائز الأدب - على المقدرة الأدبية. فإذا قيل إن أديبا مشهوراً قد ظفر بالجائزة, فلا يفهم من ذلك أنه أقدر أدباء عصره أو حتى وطنه, وهو نفس ما عبّر عنه (سونيكا) أحد الفائزين بالجائزة حيث قال: (مثل الفائز بجائزة نوبل كمثل الفائزة بعرش الجمال العالمي. ترى لجنة التحكيم أحقيتها في ذلك, بينما يرى الكثيرون أن هناك مَن تكون أجمل منها). أو كما قال الأستاذ العقاد: (إن الآداب العالمية قد عرفت منذ عام 1901 مئات من العباقرة والنابغين يفوقون كل أديب من أولئك الذين خصتهم اللجنة السويدية بتمييزها).

ولعل حرص لجنة الجوائز على مطلب المثالية في العمل الأدبي, وتغليب ذلك على المقدرة الفنية, قد تسبب عنه الكثير من الأخطاء. فعندما طبقت لجنة المحكمين مقياس المثالية على المرشحين للجائزة عام 1901. نجم عنه فضيحة عالمية, وذلك حين منحت الجائزة الأدبية لشاعر فرنسي مغمور هو (بريدوم). متخطية أديب روسيا العظيم تولستوي, أو الأديب الإيرلندي الكبير برناردشو وغيرهما من كبار أدباء ذلك الزمان. وكم كان الأمر مدهشاً حين بررت اللجنة اختيارها لبريدوم بالقول: (نظراً لمتانته الأخلاقية وحفاظه على القيم).

وقد استفز هذا الاختيار كل أدباء العالم وفي مقدمتهم أدباء السويد أنفسهم الذين وصفوا البروفيسور (ويرسين) أمين عام لجنة الجائزة بالجهل والتفاهة والغباء.

اختيارات عنصرية

وإذا كانت شروط الجائزة محيّرة, وأموالها مشبوهة, وصاحبها مرتكبا لأكبر جريمة في القرن العشرين, فلا نستبعد - إذن - ما يحدث عنها من انحرافات?!

ولا نستبعد أن تحرّك لجنة المحكمين لجائزة نوبل الأدبية اعتبارات وميول سياسية وعنصرية في اختيارها للأديب الأمريكي سنكليرلويس. فقد تغلبت جنسيته الأمريكية على مقدرته الأدبية, لأنه لو كان العكس لظفر بالجائزة أدباء معاصرون له هم أفضل منه. ولم يخجل سكرتير الأكاديمية السويدية وقتئذ (إيزل كارل فلرت) من أن يعلن على العالم (أن سنكلير يمثل في وضوح وجلاء الاتجاهات الأمريكية فيما يختص بوجهات نظره وآرائه. وأن لديه قدرة على ابتداع شخصيات مثالية)! وهذا التبرير العجيب عارضه الناقد الأمريكي (لويسرن) فوصف اختيار سنكلير أنه (سقطة فاضحة من اللجنة).

والحقيقة أن اختيار هذا الأديب الأمريكي المتواضع المقدرة الفنية, هو اختيار للدولة التي ينتمي إليها وهي أمريكا, والتي يحرص السويديون - وقتئذ - على إشراكها في حل مشكلات العالم, حتى في أقصى حالات حيادها عندما رفضت المساهمة في عصبة الأمم ووقوفها على الحياد من إدارة شئون العالم في بلاد المشرق والمغرب بعد الحرب العالمية الأولى, وكم كانت سعادة السويد حين خرجت أمريكا عن حيادها, ووقفت موقف المقاومة لسياسة الروس في الشرق الأقصى الذين ينظر إليهم أبناء السويد نظرة الحذر والانقباض.

وهنا تلاحق توجيه الجوائز لأدباء أمريكا, في وقت حجبت عن روسيا, وحتى إن وجهت لواحد من الروس, فإنما توجه للمنشقين, أو للذين لهم مواقف استنكار من سياسات الكرملين!

كذلك لا نستبعد هذه الميول السياسية والعنصرية, في اختيار الشاعر الإنجليزي كبلنج وهو من دعاة العنصرية, فهو القائل بأن (الشرق شرق, والغرب غرب ولن يلتقيا). إلى جانب أن أعماله الأدبية مثل (جنجادين) و (رسالة الرجل الأبيض) تتسم بنزعة استعمارية واضحة, إلا أن اختياره هو اختيار لبريطانيا العظمى, الإمبراطورية التي كانت وقتئذ لا تغيب عنها الشمس, والأمر نفسه تم لاختيار تشرشل السياسي البريطاني الداهية لجائزة نوبل للأدب عام 1953, وتخطيه لكل أدباء العالم, لأن اختياره هو اختيار للرجل والدولة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية.

ولا نستبعد أيضاً تفضيل لجنة الجوائز لألبير كامي فتمنحه الجائزة عام 1957 على مواطنه الأشهر سارتر لأنه اشترك في مقاومة الألمان, والأكثر لأنه - وهو المولود والمتعلم - والعامل بالجزائر - كان ينادي نداء المستوطنين الفرنسيين بفرنسة الجزائر. وحين طالبه الجزائريون بمناصرة مسقط رأسه الجزائر, قال بلا حياء ولا خجل: (أنا لا أستطيع أن أناصر حرباً تقف فيها أمي وأخي في جانب الفرنسيين), ولعل هذا التفضيل لكامي من اللجنة, كان من أسباب رفض سارتر للجائزة عام 1964 معلنا أنه (يرفض صكوك الغفران الجديدة التي تمنحها جائزة نوبل).

جزاء سنمار

وإذا تحولت جائزة نوبل الأدبية - هكذا - إلى أداة من أدوات السياسة, فالأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة لجائزة نوبل للسلام, إن لم يزد تداخلاً في السياسة, وتأثراً بها. على اعتبار أن علاقة هذه الجائزة بالسياسة ألصق وأوثق, والانقياد لسلطان الهوى في اختيار الفائزين بها أكبر وأعظم, إلا أن أمر هذه الجائزة يبدو عجيباً في كثير من الحالات, ومصدر الغرابة هو أنها توجه أحياناً إلى المتحاربين, بينما تحجب كثيراً عن دعاة السلام الحقيقيين مما يجعل لتوجهها على هذا النحو معنى آخر هو أنها توجه في الحقيقة للدولة التي ينتمي إليها الفائز, وليس للفائز الذي يستحقها عن جدارة, حتى أصبح جزاء العاملين من أجل السلام من هذه الجائزة هو جزاء سنمار المشهور?!

وقبل تأمل اختيارات هذه الجائزة, علينا أن ننظر إلى شروطها لنعرف حقيقتها ودلالتها, وأول ما يسترعي الانتباه هو أن نوبل ذكر في وصيته أن جائزة السلام تمنح للأعمال التي تساعد على خدمة السلام, ونشر الأخوّة بين الشعوب دون اعتبار لجنسية أو دين, وعلى هذا فهي توجه للهيئات والمنظمات الشخصية الاعتبارية, كما توجه للأشخاص على أن تطلب هذه الجائزة هيئات اجتماعية أو مصادر رسمية, وتقدم طلبات الترشيح إلى لجنة المحكمين لجائزة السلام في أوسلو بالنرويج, وهذه اللجنة مكوّنة من خمسة أعضاء ينتخبهم البرلمان النرويجي, ونلاحظ أن نوبل اختار البرلمان النرويجي لانتخاب هذه اللجنة بدلا من البرلمان السويدي لإعجابه باستقلالية فكر هذا البرلمان النرويجي من ناحية, ولأن السويد والنرويج كان يحكمهما ملك واحد حتى عام 1905 من ناحية أخرى.

بعد هذه الإشارة السريعة إلى شروط هذه الجائزة نتأمل اختياراتها لتعرف حقيقتها ودلالتها تلك التي تعلن عن وجهها السياسي حيث تكون غالباً ردّ فعل للأحداث العالمية.

وأول ما يستوقفنا في شروط هذه الجائزة هو أسلوب طلبها, وحيث لا تتطلب أي تأهيل كبقية جوائز نوبل, أصبح لأي شخص أو هيئة أو منظمة الحق في طلبها, وكثيراً ما يسمح ذلك الحق باستغلال غير مشروع من بعض الأشخاص, فلن يكلف الأمر أكثر من إعداد ملف للشخص أو المنظمة مرفق به طلب الترشيح, ويدفع به إلى لجنة الجائزة بالنرويج, يعقب ذلك استثمار هذا الترشيح في الدعاية لنفسه مستغلاً عدم المعرفة الكافية بحقيقة هذا الترشيح ومصيره الذي يستقر في الأغلب والأعم هناك مع غيره من مئات وآلاف الطلبات بأرشيف اللجنة حتى يلقى مصيره كغيره في سلة المهملات, فلا ينظر إليه أحد بينما صاحبه, هيئة كانت أو فردا يملأ الدنيا ضجيجاً بأنه المرشح الوحيد لجائزة نوبل?!

ثم إن مسألة تحقيق الأخوّة بين الشعوب, وربطه بخدمة السلام في أي مكان من العالم, مطلب غير مقنع, إذ يحدث كثيرا أن يكون الفائز عاملاً في بلده من أجل السلام, ولكنه ليس بالضرورة يعمل من أجل الأخوة بين الشعوب.

وتأتي بعد ذلك ملاحظات منها أن الفائز بالجائزة, شخصاً كان أو هيئة, لا يعني أنه أكثر المستحقين لها, في زمنه أو حتى في وطنه كما يشاع, إنما يعني أنه طلبها أو طلبت له, واستحقها بشروطها وأغراضها. وعلى هذا فقد يكون في زمنه أو في وطنه مَن توافرت له تلك الشروط, ولكنه لم يطلبها, وقد يكون في زمان الفائز بها مَن هو أكثر خدمة للسلام ولكنه لا يحظى برضاء أعضاء لجنة التحكيم.

لن يلتقيا

وإذا نظرنا إلى قائمة الفائزين بالجائزة (هيئات أو شخصيات) منذ تقررت نجد أن منحها لا يخلو من الهوى, فوفق إحصائية صدرت عن مؤسسة نوبل منذ سنوات نجد أن 13 منظمة دولية فائزة, 29فائزاً من الغرب الأوربي, يخص السويد وحدها خمسة فائزين, وثلاثة فائزين من أمريكا اللاتينية, وثلاثة من إفريقيا, 17 فائزا من الولايات المتحدة الأمريكية, وفائزا واحداً من الاتحاد السوفييتي, ومعنى هذا أن نسبة توزيع الجوائز غير عادلة. فالذين يعملون من أجل السلام في السويد موطن نوبل يماثل تقريبا ضعف الذين يعملون للسلام في قارتي إفريقيا وأمريكا اللاتينية, ويماثل خمسة أضعاف من يعمل من أجل السلام في روسيا, وأن الذين يعملون من أجل السلام ويخدمونه في الولايات المتحدة يماثل سبعة عشر الذين يعملون من أجله في الاتحاد السوفييتي, وأن أكبر نسبة للفائزين هي من دول أوربا الغربية, وكأن الغرب وحده هو الذي يقاتل من أجل السلام, وهنا يتساءل المرء: وبقية الأمم والشعوب, هل تخلو تماماً من دعاة السلام أم أنه قصور وهوى من لجنة المحكمين الخمسة?! وبالمناسبة كيف تجاهلت هذه اللجنة رجلاً عاش ومات مؤمناً بالسلام وهو غاندي? هل لأن غاندي كان ينادي بالسلام في الشرق, ومقر اللجنة بالغرب? والشرق شرق والغرب غرب, ولن يسمع أحدهما الآخر في عالم واحد?!

وشروط الجائزة لا تقيم اعتباراً للجنسية وللدين, إلا أننا كيف ننسى حقيقة انصراف الجائزة للرجل الأبيض, وأن له منها نصيب الأسد, بينما نجد الزنوج الذين فازوا بها يعدون على أصابع اليد في مقدمتهم (رالف بانش, ومارتن لوثر كينج, والبر لوتولي).

كذلك يحار المرء حين توجه جوائز السلام مناصفة لمتحاربين وصلوا توّاً من ميدان القتال إلى مائدة المفاوضات, فتمنحها مناصفة عام 1973 لكل من الأمريكي (هنري كيسنجر) والفيتنامي (دوك تو), وتمنحها عام 1978 مناصفة أيضاً للرئيس الراحل محمد أنور السادات, ومناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل. وفي الحال الأولى تبدو المناصفة غير عادلة بين المعتدي والضحية, وفي الحال الثانية تستحيل هذه المناصفة, إذ كيف تسوي لجنة المحكمين الخمسة بين زعيم عربي خاض مع شعبه حرباً ضارية لاسترداد حقه, وبيجين الذي كان حتى عام 1977 ممنوعاً من دخول بريطانيا نظراً لتاريخه الإرهابي الأسود?

طاغور الغربي!

وهذه الحيرة نفسها كانت تساورنا من ترشيح الرئيس الأمريكي ريجان, والزعيم السوفييتي جورباتشوف لجائزة السلام, حيث جلس العملاقان على مائدة المفاوضات بعد حرب باردة, واتفقا على وضع حد للرعب النووي, وهذا أمر عظيم, إلا أن السؤال الذي جرى على الألسنة وقتئذ: وهل انتهى كل الرعب المسئول عنه كل من الزعيمين الكبيرين? هل انتهى في مناطق كثيرة من العالم منها الأرض المحتلة بفلسطين حيث يدفن وقتها الشباب الفلسطيني أو في أفغانستان حيث لاتزال أيدي السوفييت مخضبة بدماء هؤلاء الأفغان?!

وعن سقوط الجائزة الأدبية يقدم العقاد فيما كتب عن هذه الجائزة صورا صارخة لهذا السقوط متمثلا في منح ومنع اللجنة للشخصيات الأدبية وتبريراتها لذلك, فمثلاً تستدرك إهمالها لتولستوي بأن شروط الجائزة كانت توافق أعماله الأدبية, ولكنها لا توافق أفكاره الاجتماعية, وتخفي من تخطى إبسن بحجة أنه واحد من أبناء الأمة الإسكندنافية التي تصدر الجائزة, ولكنها تمنح الجائزة بعد عام لفائز من هذه الأمة هو بهرتسون, ويتوالى الفائزون بعده من هذه الأمة, وتحجب الجائزة عن (توماس هاردي) بحجة أنه شديد التشاؤم ولكنها تختار فائزا أكثر تشاؤما وهو (أناتول فرانس), وتمنع الجائزة عن الأديب الإسباني (أبانيز) لأنه صرّح يوماً بأن حكم أبناء الشمال الأوربي ومنهم السويديون, لوطنه إسبانيا خرب في سنوات ما صنعه العرب في قرون, وترفض اللجنة الأديب الفرنسي (إميل زولا) دون مناقشة لسبب بسيط هو أنه كان من أنصار المذهب الطبيعي الذي كان يبغضه نوبل, وترفض الفيلسوف الإسباني (أونامونو) لموقفه السياسي المناهض للاستعمار والفاشية.

وإذا أضفنا إلى ما قاله العقاد عن منح ومنع الجوائز موقف هذه الجائزة من أدباء الشرق كله, لوجدنا أن موقفها يمثل قمة الغرابة والسقوط. فلم ينل الجائزة من الشرقيين حتى عام 1964 غير شاعر الهند طاغور, وحتى حين أجازته اللجنة قالت في مزاياه: (إنه جعل أفكاره الشعرية كما عبّر عنها بأسلوبه في اللغة الإنجليزية جزءاً من الأدب الغربي).

وعلى الإجمال أن هذه الأهواء في المنح والمنع قد دعت كاتباً كبيراً مثل برنارد شو إلى رفض الجائزة متحججاً بأنه وصل إلى بر الأمان, فلا حاجة به إلى عوامة للنجاة. لأنها تخطته عدة سنوات, واختارت مَن هم أقل منه.

وكذلك عندما تجيز اللجنة كاتبين من روسيا أحدهما منفي, ويعتبر من رعايا الحكومة الفرنسية وهو بونين, والثاني مرفوض من اتحاد الأدباء في روسيا وهو (باسترناك) يصبح الأمر غاية في الغرابة!

وغير ذلك من الصور التي جعلت تاريخ هذه الجائزة حتى بعد المائة عام, تاريخاً مشبوهاً, ولا يقل موقف هذه الجائزة طوال هذا التاريخ المشبوه من العرب عن هذه الصور, إلى أن منحت نجيب محفوظ الجائزة... ولذلك قصة.

 

سامح كـُريـّم







 





 





 





 





 





سنكلير لويس أول امريكي يحصل على جائزة نوبل في الأدب ــ 1930م





أندريه حيد نال جائزة نوبل في الأدب العام 1947م





ايفان بتروفيتش بافلوف عالم وظائف الاعضاء الروسي, نال جائزة نوبل العام 1904م





فيلزبور عالم فيزياء دنماركي, نال جائزة نوبل في الفيزياء العام 1922م





ماري كوري اشتركت مع زوجها بيير وانطوان بكوبريل في الفوز بجائزة الفيزياء للعام 1903م





إليهيو روث نال جائزة نوبل للسلام العام 1912م





ودرو ولسون نال جائزة نوبل للسلام العام 1919م





جين آدمز نالت جائزة نوبل للسلام العام 1931م





ألبرت شفايتزر نال جائزة نوبل للسلام العام 1952م





لستر. ب بيرسون أول كندي يفوز بجائزة نوبل للسلام العام 1957م





مارتن لوثر كنج الأصغر نال جائزة نوبل للسلام العام 1964م