كردستان العراق: باقة لألوان الطيف


كردستان العراق: باقة لألوان الطيف

حالة خاصة في عالم لم يعد كذلك

حيثما سرت في طرق كردستان العراق (شمال العراق).. يطاردك الشعر وتلاحقك الدهشة , فأنت في عالم يغني وهو يحارب, ويكتب الشعر بحد البندقية وهو ينتقل من قمة جبل إلى قمة أخرى, وفي شمال العراق الكردي ستجد كل ألوان الطيف, وكل ما يعتقد المرء انه شديد الغرابة: حكم وخرافات, طوائف ومعتقدات, عناق شديد للحياة, والتصاق أشد بفكرة الموت, عبادات وأديان وطقوس وتعاويذ, لاتترك للمرء فرصة أن يمر عليها مرور الكرام. إنه مجتمع ممزوج من السحر والاساطير والغرابة, لايملك الزائر إلا أن تأخذه المفاجأة, وأن يترك نفسه لخوض غمار الدهشة ... دهشة الواقف عند حافة اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة . . ففي كردستان العراق تتعانق منذ عشرات السنوات, وربما مئاتها أحزان الرحيل وأفراح اللقاء, آلام الفقد وابتهاجات اللقيا, وتتعايش كل المتناقضات, والخلافات والمعتقدات في تناغم مدهش, قل ان يوجد في بقعة أخرى ...... انها حالة خاصة في زمن بات يفتقد خصوصيته.

لم أستطع بعد ان أنسى مشهد المرأة الكردية وهى جالسة عند سفح الجبل في ذلك الصقيع الصباحى, واضعة يدها على خدها ونظراتها منكفئة إلى الارض .. كانت الوحيدة في ذلك الخلاء. كنا يومها أنا وزميلى المصور قد توجهنا في الخامسة صباحا بينما الظلام يلف مدينة السليمانية حيث كنا نسكن في فندقها (آشتى) الذى يعنى باللغة الكردية (السلام), قاصدين قضاء جمجمال الذى يضم عشرات من القرى يسكنها الاكراد الذين تم تهجيرهم من قراهم.

وصلنا بعد ساعة واحدة إلى مشارف المنطقة التى نقصد, لفت انتباهنا مع بدايات خيوط الشمس الهابطة, أضواء تلمع, كانت ملابس المرأة الزاهية الألوان تعكس أنوار الشمس المتساقطة.

كانت وحيدة, حيث لا أحد آخر في تلك المنطقة الشاسعة, انطلقنا نحوها, وقد هالنا جلوسها في عراء ذلك اليوم البارد من شتاء كردستان العراق, سألتها عما يدفعها إلى الجلوس هكذا وحيدة, ردت بانكسار بعد ان رفعت يدها عن خدها: (أنتظر الموت ... أنتظره كل يوم), أصابنا هذا الرد بالفجيعة, سألتها : (أيأتى الموت في هذا المكان تحديدا?... وفي هذه الساعة القارسة??).

ازداد انكسارها: (منذ أيام وأنا آتى إلى هنا من منتصف الليل إلى الصباح, أنتظره, لكنه لم يجئ بعد ... هل تعرف اين يكون??).

كأنها كانت تسأل عن عزيز, ياإلهى .. أى أسئلة تلك وأى ردود !!! ... لو قال لى أحد تلك الحكاية, ما صدقته أبدا, لكنها كردستان, حيث كل مايصعب على التصديق يحدث, وحيث الحكمة والأمثال تنضح بالمآسى ويرددها الجميع متزامنة مع كل تفاصيل حياتهم, .... انها الحياة حين تقسو على البشر, فتنبثق الحكم والعبر من أفواهم, وتبزغ العظات.

سألتها (ولماذا تبحثين عن الموت?) ردت بأسى شديد (حين يقتل لى 11 رجلا مابين زوج وابن وشقيق أمام عينى, وأصبح وحيدة, ماالذى يتبقى لأعيش له?).

كانت تلك البداية الصادمة لنا .... لكن جولتنا فيمابعد في قضاء جمجمال جعلتنا نقول ان حالة هذه المرأة, ربما كانت الأقل قسوة مما رأيناه بأعيننا .... وسمعناه بآذاننا وتلمسناه عن قرب.

إبراهيم الخليل

من بلدة دهوك اتخذنا طريقنا إلى إبراهيم الخليل, ذلك المنفذ الحدودى الذى اكتسب شهرته من تهريب النفط, لكن هدفنا من الذهاب اليه, هو رؤية المكان الذى يقول الاكراد إن أبا الانبياء ابراهيم عليه السلام دفن فيه هناك, وهو ما أعطى الاسم لذلك المنفذ الحدودى الواصل بين تركيا والعراق .

طوال الطريق الذى قطعناه قبل الوصول إلى مدينة زاخو, وهو واحد من ضمن شبكة طرق جيدة تفترش أراضى المناطق الكردية طولا وعرضا, والتى تم اعادة رصفها مرتين خلال فترة تقل عن الثمانى سنوات, كان صف طويل من الشاحنات الناقلة للنفط يسير بطيئا دون ان تلوح له نهاية, فيما البقع الزيتية تلمع على أسفلت الطريق في وقت الظهيرة وتجعل من أى هفوة صغيرة للسائق مخاطرة مهلكة, وهذا الطريق يتم رشه بالرمل شتاء كى يمنع انزلاق الشاحنات , فيما تتناثر على الجوانب أحجار القرى التى هدمت في حملة الأنفال سيئة الصيت التي استمرت خلال عامى 87 و 1988 والتى أزيل فيها وقتها من الوجود مامجموعه 4200 قرية.

وعندما سألنا الدكتور كمال فؤاد المسئول البارز في حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى الذي التقيناه ذات مساء في مدينة السليمانية: كيف تم الحفاظ على هويتكم وخصوصيتكم كشعب في مواجهة حملات التهجير والترحيل والتطهير?, قال لنا: (إن هذه عملية متواصلة لها أبعاد تاريخية وجغرافية, لأن كردستان تعرضت في السابق لحملات الغزو, ولكن بقيت بعض المعاقل الجبلية التى لم تستطع أى قوة غازية أو أى دولة النفاذ اليها, ولهذا ظل لدى الأكراد ملجأ, ولحسن الحظ لم يكن هناك في الزمن الماضى من يستخدم السلاح الكيماوى والأسلحة المتطورة وألا لاستطاع هؤلاء القضاء علينا .

الأكراد طيلة تاريخهم, كانوا ينسحبون إلى المناطق الجبلية, ويتحصنوا فيها, واستطاعوا هناك أن يحافظوا على صفاتهم القومية, وبتراكم التجارب منذ القرون السابقة, صار لدى الشعب الكردى وعى قومى, استطاع من خلاله أن يدافع عن هويته, وعن نفسه, لأنه كان يدافع عن حياته وعن وجوده.

ومنذ القرنين 16و17 بدأت الأفكار القومية تنمو عند الأكراد وظهر لدينا شعراء كثيرون لديهم قصائد وطنية وذات وعي قومى متطور, فمثلا لدينا الشاعر أحمدى خانى, الذى عاش من عام 1651إلى 1707 م, وكتب هذا الشاعر ملحمة (مم و زين) ويحكى فيها قصة حب رومانتيكية ولكنها مليئة بالروح الوطنية والقومية, وفي هذا العمل الكبير ينتقد الأكراد ويتساءل: لماذا نحن بلا دولة?, لماذا لايوجد لدينا ملك ولارئيس, مثل باقى دول العالم, وفي هذه الملحمة يصب جام غضبه على شعبه الكردى لأن أفراده غير موحدين?).

كانت الأفكار القومية قد بدأت تنمو عند الجماهير الكردية, وقبل مائة عام كتب أمير كردى كتابا عن تاريخ الأكراد, وهو مترجم إلى اللغة العربية, ويدل تفكير أمير في منطقة كردية في تأليف كتاب كهذا, على وجود وعى قومى).

يضيف الدكتور كمال فؤاد: (أستطيع القول إن الشعب الكردى أقدم بكثير من ظهور تيارالوعى القومى لديه, والذى يعود إلى حوإلى أربعة قرون مضت, وبشكل يستطيع الباحث معه أن يؤكد ان الشعب الكردى, استطاع أن يحافظ على صفاته القومية آنذاك, وبعد انبعاث الوعى القومى أصبح من الصعب جدا على أى قوة أن تقضى عليه).

يستطرد: (لقد مررنا نحن بفترات مختلفة منذ وصول هولاكو عندما غزا كل المشرق, كانت كل الشعوب الصغيرة مهددة بالفناء, وقتذاك كانت الأوضاع الجغرافية تساعدنا, ولكن بعد انبعاث الوعى القومى, ظلت الأوضاع الجغرافية, ولكن الوعى السياسى والوعى القومى ساعدانا على الاحتفاظ بصفاتنا الوطنية, واستطعنا ان نظل حتى الآن, وان نعبر المراحل رغم صعوبتها, والآن نشعر اننا اجتزنا بالفعل أصعب مرحلة).

تعدد متماسك

وطوال مسيرتنا الطويلة في هذا الطريق , كانت العشرات من خيال الحقل تنتصب وسط الحقول الجافة, فقد تزامنت زيارتنا لكردستان مع موجة ضارية من الجفاف أحالت أشجارها إلى أعواد خشبية سوداء, لكن هذه الخيالات التى لم يكن حولها ماتحرسه دفعت الهاجس الامنى لدينا إلى أشده, حتى أوصلنا الطريق إلى مدينة زاخو الحدودية, وهناك لمحنا مبنى كلية عسكرية لتخريج الضباط النظاميين, إنها العسكرة في كل مكان, كأن الهدوء لا يعرف له مستقراً دون رؤية السلاح مفصحة عن مشهد.

قبل ان ندخل إلى (كلى زاخو) أو مضيق زاخو - والعهدة على مرافقنا - كانت المساجد بلونها الابيض وقبابها الصغيرة ومآذنها الرفيعة الخضراء تتناثر, مشيرة إلى الحالة الدينية في منطقة تدين الغالبية العظمى من سكانها بالاسلام, وينتسب العدد الاكبر إلى السنة وتحديدا إلى المذهب الشافعي, في الوقت الذى تستوعب فيه التجربة الديمقراطية فيها الديانات والمعتقدات والمذاهب الآخرى, الأمر الذى يتم من خلاله ترك مساحة كبيرة للآخر لممارسة شعائره والمشاركة بشكل فعلى في الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية . فيما لاحظنا وجود أعداد كبيرة من الأضرحة والمزارات في كل انحاء المنطقة الكردية, للمسلمين وأهل الديانات ألاخرى, الأمر الذى يشير إلى التعدد الديني والمذهبي الذى ظل محافظا على حالة متماسكة من التعايش منذ فترة طويلة من الزمن, بعد ان اجتمع ذلك المزيج من الأجناس والطوائف والشعوب في تلك البقعة الصغيرة التى لا تتجاوز مساحتها بضعة آلاف من الأميال المربعة .

الاقتراب من لالش

كان الطريق الذى بدأناه من دهوك, يمر بين جبال في احيان كثيرة قبل ان يصعد فوقها, ثم يهبط, فلا طريق في كردستان لاتحرسه الجبال, ولاطريق لا يرى السائر فيه جمالا رغم القسوة البادية, فاذا رأى المرء قمما ثلجية فان المنظر في هذه الحالة يكون من الصعب وصفه .

مررنا بطريق جبلى على يمينه أمسك الرعاة بعصواتهم محذرين الماشية المنطلقة نحو الأعلى في تمرد لافت للنظر, فيما راكبو الأحصنة يهبطون من المرتفعات نزولا إلى قراهم, كان طريقا ملتويا يهبط بنا فنصبح في واد سحيق, ويصعد فكأن أيدينا لو أخرجناها من نافذة السيارة ستلامس السماء, فماذا لو انطلقنا إلى الجهة الاخرى حيث سلسلة جبال (متين) الثلجية والضخمة للغاية?

أخذنا نسير في الطريق الشديد الالتواء, حيث على زواياه يقف أطفال أعطت ملامح وجوههم الشديدة البؤس لهم أعمارا أكبر, يبيعون البطاطا المقلية والباقلاء, وكذلك (البرى) الأشبه بالتمر لكنه دون نواة, وصلب القشرة, ضارب إلى اللون البنى, وفي داخله أشبه باللوز لكنه شديد المرارة, ويقال إنه جيد للمعدة, فيما تسير عبر هذا الطريق (الجرارات) المحملة بصفائح البنزين, هنا تحديدا أخذنا الطريق إلى معبد (لالش) الذى يقع في واد وسط جبال شاهقة اسمها(بيت عذارى) تكسوها أشجار البلوط والجوز .

قبل أن أزور كردستان العراق لم أكن أسمع بهذا المعبد, ولا بالذين يتعبدون فيه, ولذلك كان هذا الأمر وحده مثيرا للفضول.

في هذا المعبد الذى يقع في مرجة وادى لالش, التى تعد بقعة مقدسة لدى الطائفة (اليزيدية) وهي واحدة من طوائف عدة تعيش في كردستان يتبع المنتمون لها مذاهب ذات عقائد غريبة لا يتم الإفصاح عنها, ويزعم البعض ان في الجزء الشرقي من هذا الوادي يوجد ما يشبه جبل عرفات ونبع زمزم, تحتفل طائفة اليزيدين - أو الأزيديين كما في بعض التسميات - بأعيادهم, فيما يقوم مركز لالش الثقافي والاجتماعي للكرد الأزيديين الذي أسس بداية التسعينيات وأصبح أحد المراكز الثقافية في إقليم كردستان بتنظيم مواسم ثقافية ومهرجانات أدبية وفنية ويصدر مجلة فصلية باسم (لالش) تعنى بالأدب والتراث اليزيدي.

ويحتفل المنتمون لهذه الطائفة بعيد رأس السنة بعد ان يستعدوا له قبل فترة طويلة حيث يقومون بتزيين أبواب بيوتهم وصدورهم بشقائق النعمان التي تنتشر بكثرة في البراري .

وخلال العيد الذي يبدأ في أول أربعاء من شهر - أبريل , يرتدي اليزيديون أجمل ملابسهم و يتبادلون التهاني ويعقدون حلقات الرقص ويقيمون المآدب, وهم يؤمنون بان الملاك جبريل هبط على الارض في يوم صادف هذا التاريخ, ولذلك فهم يعتبرون هذا اليوم رأس السنة .

كما يقومون خلال هذا العيد الذي يستمر أسبوعا بتقديم الذبائح وزيارة قبور موتاهم. وفي مدينتي (بعشيقة) التي تبعد ثلاثين كيلومترا شمال الموصل (وسنجار) التي تبعد 110 كيلومترات, حيث تقام الاحتفالات يخرج الآلاف من اليزيديين من الرجال والنساء والأطفال إلى العراء لتبادل البيض المسلوق الذي طلي بألوان زاهية.

ووفقا لما قاله أحد أتباع هذه الطائفة فإن زيارة معبدهم الرئيسي في لالش بحضور(أمير) الطائفة ورجال الدين لإقامة الصلوات تشكل أحد المحاور الكبرى لهذا العيد, مضيفا: (ان استمرار العيد عندهم لمدة سبعة أيام) يأتى تيمنا بوجود سبعة ملائكة وسبع سماوات وسبع طبقات للأرض).

وداخل معبد لالش, يقع قبر الشيخ (عدي بن مسافر) الذى يقال إنه مؤسس الديانة اليزيدية , الذي وُلد في مدينة بعلبك في العام الخامس للهجرة. وقد (نزل عليه الوحي) كما يعتقد اليزيديون أثناء قيامه برحلة إلى بلاد فارس التي عاد منها إلى الموصل, فنادى بمذهبه الجديد, وما لبث الشيخ عدي ان صار زعيماً لطائفة تضم آلاف الناس وقد اراد ابليس - حسب اعتقادهم - أن يذهب الرجل شهيد مذهبه, بعد أن سافر ذات مرة إلى أحد الاقطار البعيدة, فنزل الملك طاووس أي (عزرائيل) على الارض, واتخذ صورة الشيخ عدي, وجلس مكانه وجعل يدير شئون الطائفة بمعرفته, حتى إذا ما رجع (عدي) إلى بلدته, ظنه اليزيديون دجالا أثيما, فقتلوه شر قتلة!! حينذاك اظهر لهم (الملك طاووس) الحقيقة, وقال: (إن مؤسس اليزيدية قد صعد إلى السماء حيث جلس عن يمين الله تعالى, في انتظار اليوم الذي يعود فيه الملك (طاووس) إلى السماء ويجلس بين الاثنين)!!.

ويعتبر اليزيديون - الذين نعرض هنا لبعض أفكارهم ومعتقداتهم ليحيط بها القارئ إحاطة معرفية مجردة, تماماً كما عرضت كتب الملل والنحل القديمة لكل المذاهب والمعتقدات بما فيها الكفرية - يعتبرون هذا الشيخ المتصوف (من الأولياء وموجه ديانتهم ومنظر حياتهم وممجد وحدانيتهم) على حد قول أحدهم. اذ تعتمد الفلسفة الدينية لهذه الطائفة على أقواله خاصة تلك التى يدعو فيها إلى تجنب لعن الشيطان لتفادي شروره, ولأن الله رءوف رحيم بعباده بينما الشيطان مؤذ ضار لذلك يجب تجنب أذاه في الدنيا, ولذلك يطلق عليهم (عبدة الشيطان) او ما هو معروف عنهم لدى الناس. الأمر الذي يدفع بالكثيرين إلى القول بأنهم: لا يدينون بالإسلام بأي وجه من الوجوه, ولكنهم لا يعبدون الشيطان من دون الله ـ عز وجل ـ اعتقادا منهم بألوهيته, كلا, بل إنهم يعلمون أن الشيطان هو الشيطان نفسه كما وصفته الكتب السماوية المقدسة عند أهل الكتاب!! ولكنه في نظرهم (قادر على إلحاق الاذى بالناس لأنه شرير بفطرته!! اما الله فإنه لا يؤذي ولا يضر أحداً) واذا امتنع الناس عن عبادة الله ـ كما يعتقد اليزيديون ـ فإن الله يغفر لهم, لأنه غفور رحيم!! لكن ابليس لن يغفر لهم, وينزل بهم نقمته ان لعنوه.

فهم يعبدون الشيطان اذن لاتقاء شره, ولكي يبرهن اليزيديون على ان عبادتهم للشيطان, لا تغضب الله بل ترضيه, فهم يزعمون ـ استغفر الله ـ: (ان الله في شغل شاغل الآن عن هذا العالم, وانه ترك السلطان التام فيه لـ (عزرائيل) (طاووس الملائكة) او (الملك طاووس) كما يسميه اليزيديون فـ (الملك طاووس) اذن هو الذي يسيطر الآن على العالم كما يريد, وعلى حسب هواه, ولمدة 10 آلاف سنة, انقضت منها الآن نحو 3 آلاف سنة, فسيد العالم الحقيقي الآن الذي يجب على الناس ان يعبدوه هو (الملك طاووس) او (عزرائيل). لا فرق, إلى ان تنقضي 10 آلاف سنة فيعود العالم إلى عبادة الله بعد ان يعود (عزرائيل) نفسه إلى السماء, وقد رضي الله عنه).

وفي الوقت الذى يدور فيه الخلاف حول أصول هذه الطائفة واسمها, يرجع بعض المؤرخين ظهور اليزيديين إلى فترة انهيار الدولة الأموية في منتصف القرن الثامن الميلادي, ويوضح هؤلاء المؤرخون أن أحد أحفاد الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (680-683م) فر بعد معركة الزاب الكبرى التي اندحر فيها الأمويون في عام 750م, إلى شمال العراق على رأس مجموعة مؤكدا أن يزيد(سيعود إلى الأرض ليملأها عدلا كما ملئت جورا).

لكن أحد اليزيدين الذين التقيناهم في لالش قال: إن (تاريخ اليزيدية يرجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد, معتبراً أنهم هم بقايا لأقدم ديانة كردية في منطقة الحضارات العظمى في الشرق).

ويضيف أن (اتباعها تحملوا الكثير من سوء الظن نتيجة خطأ التسمية, لكن النصوص الدينية التي بحوزتهم و التي توارثوها عن أسلافهم تؤكد عدم العلاقة بين يزيد بن معاوية والطائفة وأتباعها).

كان الأمر محيرا لنا, لكن الغريب ان هناك من رأيناه منهم يؤكد على نسبتها إلى يزيد, وهناك من يرجع أصولها إلى معتقدات أكثر قدما, وهناك من قال لنا انها (ديانة توحيد تؤمن بالله الواحد الأحد وباليوم الآخر وتعترف بالديانات السماوية و كتبها المقدسة وتؤمن بالأنبياء جميعا بأنهم أرسلوا من الله لنشر الإيمان في الأرض), وهناك مَن قال إن اليزيدية تتصل بجذورها إلى الزرادشتية التي كانت الديانة الأولى للأكراد قبل أن يتحوّلوا إلى الإسلام, وبالتالي فإنهم من الذين انفصلوا عن المسلمين والتجأوا للعيش في عزلة.

لكن اليزيديين لايعتمدون أي كتاب مقدس بل يتوارثون النصوص الدينية بالحفظ, وإلى جانب عيد رأس السنة الذي يسمونه (سرى صالي), يحتفلون بعيد كبير ثان هو(عيد الجماعية) الذي يستمر أسبوعا أيضا في شهر أكتوبر وعيد القربان وعيد الجماعة وعيــــد يزيد وعيد خضر إلياس وعيد بلندة ولهم ليلة تسمى الليلة السوداء (شفرشك) .

وفي هذين العيدين الرئيسيين وغيرهما من الأعياد الصغيرة, يقوم اليزيديون بأداء الصلوات من أجل أن يعم السلام الأرض, ويزورون معبد لالش.

ويمثل اليزيديون أكبر أقلية دينية بعد المسيحيين, وهم ينتشرون في المناطق الشمالية الشرقية من الموصل وعلى الحدود العراقية ــ السورية وديار بكر وماردين, وبالقرب من حلب حول كلس وعينتاب في بعض البلدان الأرمينية على الحدود بين تركيا وروسيا وحول تبليسى وباطوم وينتمى معظمهم إلى الجنس الكردى .

ويبلغ عددهم في العراق نحو 750 ألف شخص من أصل 1,5 مليون شخص من أتباع الطائفة المنتشرين أيضا في عدد من الدول من بينها أرمينيا وألمانيا وسوريا وتركيا .

والمرجع الاعلى للطائفة اليزيدية يحمل لقب(بابا الشيخ) وليس لهم صلاة عامة بل طقوس خاصة بهم ويتوجهون إلى مطلع الشمس عند الشروق وإلى مغربها عند الغروب فيلثمون الارض ويعفرون وجوهم بالتراب ويقرأون بعض الأدعية وهى خليط من اللغات العربية والكردية والفارسية .

وخلال وجودنا في شمال العراق الكردي سمعنا الكثير من الآراء حول هذه الطائفة, وسمعنا الكثير من الحكايات التى تصل إلى حد الأساطير وتتجاوز الخرافة, منها انهم يعتبرون إبليس طاووس الملائكة, وقد دفعهم هذا إلى تقديس تمثال طاووس من النحاس على شكل ديك بحجم الكف المضمومة وأنهم يطوفون بهذا التمثال على القرى لجمع الأموال .

ويقال إن لديهم مصحف رش (أي الكتاب الأسود) فيه تعاليم الطائفة ومعتقداتها, التى تشير إلى ان شهاداتهم المنطوقة هى(أشهد واحد الله , سلطان يزيد حبيب الله) ويتضمن مصحف (رش) قصتين للطوفان: احداهما تتناول طوفان سيدنا نوح عليه السلام, والثانية قصة طوفان حدثت منذ 6 آلاف سنة فقط, في أول كل ألف منها, يوجد إله, وأول هؤلاء الآلهة السبعة الملك (طاووس), وثانيهم (يزيد بن معاوية), وثالثهم شيخ اليزيدية (عدي) ورابعهم هو أحد شيوخهم (شمس الدين حسن) المدعو (دردائيل), ويلقبونه بالبصري, وهو الذي ينتظرون رجعته.

أما آلهة اليزيدية الثلاثة الباقية فيأتي كل واحد منهم بشريعة يفرق فيها بين الحلال والحرام والواجب عليهم اتباعه خلال ألف سنة من يوم هبوطه. كما ان الصلاة لديهم لمدة ثلاثة أيام من كل سنة في شهر ديسمبر وهي تصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية, ويعد هذا صوم العامة, وهو يكون أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس الأول من شهر ديسمبر, وصوم الخاصة وهو عبارة عن 80 يوما يصومها رجل الدين والصلاة التي تتم في ليلة منتصف شعبان يعتبرون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة, صلاة اليزيديين أقرب ما تكون إلى الادعية مثل:

(آمين.. آمين.. تبارك الدين, الأولين, الابنين, الخادمين, يا لله, يا دايم, يا غفور, يا موجود, يا فتاح, يا رزاق, يا مدبر الكون, يا سائر, يا أمدين, يا شمس الدين, يا قمر الدين, يا عزرائيل, يا جبرائيل, ياسمسائيل, يا ميكائيل, يا دردائيل, يا اسرافيل, ياربي, أنت تبارك, ما لنا غيرك.. يا قاييم بين قوم ترحم.. ترحمني.. أنت كريمي أنت دائيمي.. تأخذ أبي بسيوجي كي كرناه.. حاييدي تعبيبك.. روحي ملك جهامي خالك). وهم يعتقدون ان الحشر والنشر بعد الموت: سيكون في قرية(باطط) في جبل سنجار , حيث توضع الموازين بين يدي الشيخ عدي الذي سيحاسب الناس , وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة .

أما الزكاة فهى تجمع بواسطة الطاووس ويقوم بذلك (القوالون) أى مرتلو الاناشيد الدينية ويتم جبايتها وإعطاؤها إلى رئاسة الطائفة, و الحج لديهم يتم بالوقوف يوم العاشر من ذي الحجة من كل عام على ما يشبهونه بجبل عرفات في المرجة النورانية في وادى لالش .

أما القسم لديهم فهو(بطوق سلطان يزيد) وهو طرف الثوب, وهم يترددون على المراقد والأضرحة كمرقد الشيخ عدي والشيخ شمس الدين , والشيخ حسن وعبد القادر الجيلاني ,ولكل مرقد خدم , وهم يستخدمون الزيت والشموع في إضاءتها, أما الزواج فهو محرم بين الطبقات , ويجوز لليزيدي أن يعدد في الزوجات إلى ست زوجات, ويكون الزواج عن طريق خطف العروس أولأً من قبل العريس ثم يأتي الأهل لتسوية الأمر, أما الألوان المحرمة لديهم فهى اللون الأزرق لأنه من أبرز ألوان الطاووس, كما تنتشر بينهم الألوان الحمراء والبيضاء والصفراء.

الممنوع والمرغوب

ومن العادات الغريبة لديهم تلك المتعلقة بتحريم أكل الخس والكرنب والقرع والفاصوليا ولحوم الديكة وكذلك لحم الطاووس المقدس عندهم لأنه نظير لإبليس طاووس الملائكة في زعمهم , ولحوم الدجاج والسمك والغزلان ولحم الخنزير, وتحرم هذه الطائفة أيضا حلق الشارب الذى يفضلون تركه مسترسلا طويلا وبشكل لافت للنظر .

ويعتقد أتباع هذه الطائفة انه إذا رسمت دائرة على الأرض حول اليزيدي فإنه لا يخرج من هذه الدائرة حتى تمحو قسماً منها اعتقادا منه بأن الشيطان هو الذي أمر بذلك, وهم يحرمون القراءة والكتابة تحريما دينياً لأنهم يعتمدون على علم الصدر الأمر الذي أدى إلى انتشار الجهل والأمية بينهم مما زاد في مغالاتهم بيزيد وعدي وإبليس .

ويعتقدون أن الرجل الذي يحتضن ولد اليزيدي أثناء ختانه يصبح أخاً لأم هذا الصغير وعلى الزوج أن يحميه ويدافع عنه حتى الموت.

ويقولون في كتبهم (أطيعوا وأصغوا إلى خدامي بما يلقنونكم به ولا تبيحوا به قدام الأجانب كاليهود والنصاري وأهل الإسلام لأنهم لا يدرون ماهيته , ولا تعطوهم من كتبكم لئلا يغيروها عليكم وأنتم لا تعلــــمون).

وهم لذلك يؤمنون بتناسخ الأرواح ويتكتمون في اظهار معتقداتهم تكتماً شديداً وحرموا على اليزيدي ان يتغيب عن بلده اكثر من سنة فاذا اضطر إلى ذلك حرمت عليه زوجته.

وحرموا على اليزيدي النظر إلى وجه المرأة غير اليزيدية وملاطفة المرأة التي حرمتها الشريعة عليه من جنسه, كما حرموا الزواج في شهر ابريل .

وحرموا على اليزيديين دخول مساجد المسلمين ومدارسهم الدينية لانه اذا سمع المصلي يتعوذ من الشيطان وجب عليه ان يصوم اسبوعاً أو يقدم ضحية للطاووس.

وقالوا: يؤثم اليزيدي اذا مدّ رجله امام جليسه.كما حرموا على الفقراء والكواجك ـ وهم احدى طبقات المجتمع اليزيدي ـ النوم على السرير. وحرموا كذلك الاشتغال يوم الجمعة.

أما طبقات الطائفة اليزيدية فهي:

الاولى: من الروحانـيـين احدهما: زمني وهو الذي يرتقي نسبه إلى يزيد بن معاوية وهو مير شيخان أي امير الشيخان, والاخر: ينتمي إلى سلالة فخر الدين ويلقبونه بابا شيخ يعني الشيخ الكبير.

والثانية: الفقير وهو الناسك المتعبد وله لباس خاص يسمونه خرقة الفقير.

والثالثة القوال: وهو الحادي أي مرتل الاناشيد الدينية.

والرابعة: الكواجك: وهم طائفة من العوام يتميزون بلباسهم الابيض ونطاقهم الصوفي الاسود او الاحمر وظيفتهم اكتشاف مصير الموتى ان كان خيراً أو شراً والاتصال بعالم الغيب لمعرفة الحال والاستقبال.

والخامسة: المريدون: وهم عوام الناس من اليزيدية وقد فرضت عليهم الطاعة العمياء ودفع الزكوات وهولاء يتزاوجون فيما بينهم ولا يحق لهم مصاهرة الفئات الاخرى.

من هنا يمكن إجمال القول بأن الطائفة قد مرت بعدة مراحل ففي الأولى كانت حركة أموية سياسية, تبلورت في حب يزيد بن معاوية, وفي الثانية تحولت الطائفة إلى طريقة عدوية أيام الشيخ عدي بن مسافر الأموي وفي المرحلة الثالثة كانت فترة انقطاع الشيخ حسن ست سنوات , ثم خروجه بكتبه التى اعتبرت مخالفة لتعاليم الدين, وفي المرحلة الرابعة جاء تحريمهم القراءة والكتابة ودخول المعتقدات التى توصف على نطاق واسع بالباطلة في تعاليمهم .

جماعات واتجاهات

عندما سألنا الدكتور كمال فؤاد (كيف استوعبت التجربة الكردية كل ألوان الطيف السياسى الموجود على الساحة في كردستان?) قال (لأننا جميعا في الهم شرق, فالظروف أجبرتنا أن نتعايش, وجميع الاحزاب الكردستانية مهما اختلفت اتجاهاتها متفقة على ذلك, لأننا عانينا من الاضطهاد القومى ليس لمدة سنة او سنتين بل لعدة قرون, نريد أن نتعايش مع القوى الأخرى, ولذلك فإن تقبلنا للديمقراطية والتسامح هو نتيجة لما تعرضنا له من اضطهاد قومى ظل يلاحقنا لمئات السنين, قد يكون قبول المجتمع الكردى التعايش مع الآخرين يعود لأسباب نفسية, ربما, حتى ان المجتمع الكردى يتكون أيضا من جماعات اثنية وعرقية ودينية, فلدينا الكاكائيون واليزيديون, ولدينا أيضا الأحزاب وأصحاب الاتجاهات السياسية مثل الشيوعيين والاسلاميين, لابد أن نقبل بالتعايش معا,ومع الأحزاب التى تؤمن بضرورة ذلك وقد يكون هناك حزب كردى قومى أو إسلامى متطرف, ولكن الاتجاه الاسلامى والكردى السائد هو ( الحركة الاسلامية ـ الاتحاد الوطنى الاسلامى ) هاتان القوتان رئيسيتان إلى جانب التيارات الأخرى في كردستان العراق, ولكن لايوجد لدى القوتين الرئيسيتين هذا التوجه المتطرف, وليس لديهما أي مشاكل, أما هذه الجماعات المتطرفة, سواء كانت قومية أو دينية فلا يوجد لها شعبية داخل كردستان العراق, وبالنسبة للاحزاب السياسية فهذا الاتجاه هو السائد, وكذلك الأمر بالنسبة للأحزاب الإسلامية, وتبقى هناك بعض الجماعات المتطرفة لكن لايوجد لها تأثير كبير على الشعب الكردى, ولهذا السبب فان الوضع مستمر, وإن شاء الله فان الاتجاه الديمقراطى والحضارى يسيطر على عقول الناس.

ولابد هنا أيضا من الاشارة إلى التركمان والكلدان, وهؤلاء ليس لدينا مشكلة معهم, فهم يشعرون بالأمان في مناطقنا على الرغم من التراكمات السابقة, فنحن معا نواجه عدواً شرساً, وهو عدو مشترك لجميع الجماعات, من جهة اخرى فان الأفكار المتحررة والانسانية تسيطر بشكل كبير على توجهات جميع القيادات الحزبية في منطقتنا . وبالطبع فان الأمر يختلف من حزب إلى آخر, ولكن بصورة عامة هناك سيطرة للاتجاه الحضارى والديمقراطى بصورة أكبر من سيطرة الأفكار المتعصبة القومية أو الدينية).

دولمة وشنينة

جاء شهر رمضان علينا, بعد أن قررنا المكوث في شمال العراق لمدة أطول من التى كنا قد خططنا لها, فقد اعتقدنا ان الأمر قد لايحتاج إلى أكثر من عدة أيام لعمل استطلاع مصور, فاذ بنا نجد أنفسنا أمام عالم يدفعنا للركض طيلة النهار في أرجائه, دون أن تكفي تلك الأيام للإلمام ببعض تفاصيله .

وحين أعلن عن رؤية هلال الشهر الكريم كنا وقتها في السليمانية التى قضينا فيها بضعة أيام قبل ان نعود إلى أربيل, وفي المدينتين بالاضافة إلى المدينة الثالثة دهوك, لم يكن هناك اختلاف يذكر بين عادات السكان في شهر رمضان, فالمساجد على كثرتها مزدحمة بمصليها, والتزاور لاينقطع بين الاهإلى, والشباب يشاهدون على المقاهى يلعبون(الصينية) ذات الاثنتي عشرة قطعة معدنية مصنوعة في أشكال مخروطية.

وفي بيوت الأكراد اكلنا الاطعمة المعتادة للافطار في رمضان: (الدولمة) التى تصنع من الباذنجان المحشو بالأرز, والكفتة بأنواعها العديدة, وعصير الزبيب, و(الشنينة) اى اللبن الرايب, وشربات البرتقال.

وفي أحد المنازل التى تلقينا من أهلها دعوة كريمة حضرنا بعد صلاة العشاء احتفالا يتم يوميا وفيه يجتمع العديد من الناس لتلاوة الاذكار ويقوم أحدهم بالانشاد معددا فضائل الرسول ( ص), وقال لنا الأهالي ان من العادات الكردية في ليلة (مولد النبى) (ص) أن تقوم كل فئة من الحرفيين بحجز أحد المساجد وتوزع الحلوى على المدعوين, قبل ان يقوم أحد رجال الدين بإلقاء محاضرة تنتهى في العادة ظهرا, ثم تبدأ مجموعة أخرى من صلاة العصر, ثم ثالثة من صلاة المغرب إلى الفجر, وهكذا تبدأ الاحتفالات من الصباح حتى فجر اليوم التالى .

ووفقا لما قاله لنا العديدون فان أربيل معروفة بانها أولى المدن التى احتفلت بالمولد النبوى الشريف في زمن السلطان مظفر الدين كوكبرى .

طرق وأتباع

بعد ان قطعنا مسافة تقترب من الساعة منذ أن غادرنا أربيل قاصدين السليمانية, على طريق شهرزور الشديد الخضرة رغم جفاف كان وقتها يضرب مناطق أخرى في كردستان, اقتربنا من قضاء دوكان المعروف بسده المائى الذى يتم استخدامه لتوليد الكهرباء الشحيحة في تلك المنطقة , كان المزارعون قد استيقظوا مبكرا لاقتناص بعض المياه التى كانت لاتزال تجرى حيية في البحيرة القريبة والتى تحمل نفس اسم السد, ويقبع على جانبها (مشتل دوكان).

وعلى الرغم من أن الوقت كان باكرا إلا أننا لمحنا دائرة من الأيدى المتشابكة لرجال ونساء تتسع وتضيق وسط دقات عالية لطبول ومزامير, وصوت يشدو لمطرب بأغانى كردية لم نفهم معانيها وأخرى باللغة العربية كانت مزيجا من تلك التى يزف بها العرائس في الدول العربية, أصر المطرب على أن نحييه ماليا, ففعلنا, وراح يكيل التحية للضيوف الذى قدموا له(نقوطا) , فيما الدائرة ظلت تتسع وتتفرع إلى دوائر تحيط ببعضها, تضفي عليها الملابس المزركشة النسائية وهى تلمع بشدة, والزى الكردى التقليدى للرجال, بهجة كانت كافية لاختراق حال الجهامة التى تمنحها رؤية السلاسل الجبلية المحيطة .

قرب سد دوكان مررنا بقرية(خلكان) التى يوجد بها مسجد المؤرخ الكردي المعروف ابن خلكان وهو أحد مؤرخي القرن السابع الهجري, وصاحب الكتاب الشهير(وفيات الأعيان). اذ يتوسط قبره البلدة التي عرفت باسم جده خلّكان .

وسواء كنا في أربيل أم في السليمانية فان عبق الصوفية ينتشر, ولايحتاج المرء إلى حاسة شم قوية كى يدرك مدى نفاذ تلك الطرق وخاصة الطريقتين القادرية والنقشبندية في عمق تفاصيل الحياة في كردستان العراق , بما في ذلك العمل السياسي نفسه, فالتكايا والخانقاه منتشرة في القرى ولها مراكز متعددة, لكنها تتمركز حول السليمانية التى تعد مصدرا لنشرها في المناطق الأخرى. والقادرية هى الأكثر انتشاراً بين عوام الناس, فيما النقشبندية هي الأقرب الي الوسط الثقافي. ويقال إن السبب في ذلك يعود لكون القادرية تعتمد رياضة المخاطر, التي تجذب النظر, وتؤثر في العامة. أما النقشبندية فكان ذيوعها في الوسط الثقافي راجعا إلى اكتفائها بالمدائح والموسيقي الدينية في حلقات الذكر.

وكانت هذه المنطقة قد شهدت قبل ذلك انتشارا واسعا لطرق أخرى مثل السهروردية والمولوية والبكتاشية والبرزانية وهى على اسم المنطقة التى ولد فيها القائد الكردى المعروف الملا مصطفي البرزانى والتى يوجد بها قبره الشديد التواضع الذى زرناه ونشرنا صورة له في التحقيق السابق عن الاكراد الذى نشرته (العربى) في عدد شهر مارس 2000. وقد تفرعت الطريقة البرزانية عن الطريقة النقشبندية وخالفتها في بعض التفاصيل . أما اسم النقشبندية فهو مأخوذ من الكلمة الفارسية نقشبند, ومعناها النقاش, وهى كلمة أطلقت مجازا على مؤسسها الأول الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري, الذي عُرف بالنقشبند, وليس النقشبندي نسبة الى حرفة نقش القماش, وتاريخ هذه الطريقة يعود الى القرن الثامن الهجري.

وقد وصلت تلك الطريقة الى كردستان العراق على يد الشيخ ضياء الدين النقشبندي (1779-1821م), بعد عودته من الدراسة في الهند, الى مسقط رأسه (قرداغ) في السليمانية, بعدها درس في بغداد الطريقة القادرية .

ويعقد رواد هذه الطريقة حلقات الذكر أسبوعياً لعدة مرات, أما أهم مزارات النقشبنديين فتقع في ناحية بيارا من منطقة هاورمان التى تضم سلسلة ضخمة من الجبال , يقع بالقرب منه مزار الشيخين علاء الدين وسراج الدين, اللذين يقال انهما رسخا وجود الطريقة في المنطقة.

وتعتمد النقشبندية ثلاثة طرق للوصول الى المراد, وهي: الدوام على الذكر القلبي, والمراقبة, وطاعة المرشد. في الوقت الذى ينبنى عملها الصوفي على قاعدة تتمثل في: اليقظة عند النفس, النظر الى القدم, السفر في الوطن, الخلوة في الجلوة, الذكر الدائم, العودة من الذكر الى الذات, حراسة القلب من الغفلات والخواطر, حفظ آثار ذكر القلب, الوقوف الزماني, الوقوف العددي, والوقوف القلبي.

أما الطريقة القادرية, فان أول من نشرها في منطقة السليمانية كان الشيخ اسماعيل الولياني. واذ كان يطلق على مكان النقشبندية(الخانقاه) فان مكان القادرية يعرف بالتكية, وتتكون من كلمتي تاك وتعني العزلة, وكاه وتعني المكان, أي مكان العزلة أو الخلوة.

وقد تغيرت أسماء بيوت الصوفية عبر الزمان, فهي الزاوية , ثم الرباط في العصر العباسي المتأخر, والخانقاه في العهد العثماني, وتعني الأخيرة بيت الأمراء أو السلاطين, فالخان بمعني الأمير أو السلطان وكاه بمعنى المكان. واحتفظت النقشبندية بهذا الاسم حتى الآن . وللنساء عند القادرية أيضاً حلقات خاصة, تدير الحلقة امرأة تعرف, بخليفة الشيخ. وتعتمد القادرية (الدربشة) الخاصة بالرجال فقط, وذلك لصعوبتها وخطورتها, وجوهر هذه الرياضة السيطرة الكاملة علي النفس, وتتم عادة بإشراف الشيخ, ومنحه الإذن بذلك أمر مهم للغاية في نجاحها, وأن يتجرد مؤديها من نزعة الظهور, والفخر بما يفعله على الآخرين, بمعنى ان تكون خالصة للذكر.وتعنى (الدربشة) الخوارق, وتقاس بمدى القدرة على ادخال أدوات حادة في مناطق الجسم المختلفة, بغض النظر عن خطورتها. حتى لدرجة إدخال الخنجر في عظمة الجمجمة بمساعدة المطرقة , وكذلك بلع الزجاج, ومقاومة النار وشرب لهيبها, أو مقاومة لدغات الأفاعي والعقارب, وأكل رأس الأفعى, الذي يحمل الغدد السامة, ورأس العقرب, ومقاومة الصدمة الكهربائية, بعد أن يتعرض الجسم لها دقائق عدة.

ويؤكد أتباع هذه الطريقة ان الهدف منها هو ارجاع الناس الى طريق الحق والصواب, لكنها ليست أمرا لابد للمريد من فعله

الكاكائية

عندما كنا في حلبجة أو المدينة الشهيدة, كما يطلق عليها ابناء الشعب الكردى, عرجنا على أحد مقار حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى, وهناك تصادف وجود أربعة رجال قيل لنا انهم من تابعى الطائفة الكاكائية, كان اللافت هو تلك الشوارب العريضة المعتنى بها بشكل واضح, كانت اسماؤهم قريبة من الاسماء المتداولة في الشرق الاوسط (رمضان , قطب الدين, نوزات, وفريا باوة). كأن الفرصة قد أتيحت لنا للتعرف على هذه الطائفة التى يندر أن يسمع المرء معلومة واحدة عنها خارج كردستان.

حدثنا الاربعة عن ان الكاكائيين يتمركزون في ثلاث قرى تابعة لقضاء حلبجة, هذه القرى اسمها (هاوار, هوارة كون, وداره توبي), وهي تبعد عن المدينة بنحو 15 كيلومترا, ومعظم السكان الذين يصل عددهم إلى ثلاثة آلاف نسمة يعيشون حاليا في مجمعات داخل حلبجة, بعد ان دمرت قراهم .

ويقول هؤلاء ان أبناء الطائفة الكاكائية يقدسون السلطان اسحاق الذى ولد في القرن الثامن الهجرى, ويعتقدون انه صاحب كرامات ولذلك يتم الذهاب اليه والدعاء عنده في مقبرته أو مزاره الواقع في قرية شيخان الايرانية على بعد 20 كم من قراهم, والذهاب اليه يتم لمرة واحدة في العام فيما يشبه الفرض اللازم على كل كاكائى, أما الكتاب المقدس لديهم فهو مكتوب بخط القلم وغير مطبوع منه أى نسخة, ولكن اـلعبادات وفقا لهذه الطــــريقة تــــتم لفظية.

والصيام لديهم وفقا لما أخبرنا به هؤلاء لمدة ثلاثة أيام في فصل الشتاء وتحديدا في منتصف شهر يناير, أما الصلاة فتتم بالجلوس والدعاء.

وقال لنا هؤلاء إن طائفتهم تسمى في كردستان (الكاكائية) وهي وفقا لما قالوه لنا تتشابه مع طائفة في جنوب العراق تسمى (على الهى), وطائفة (الدروز), و(البكداشية) في تركيا, و(أهل الحق) في إيران, ويزيدون على ذلك قائلين ان لهم أتباعا في لبنان وحتى في أستراليا).

وشدد هؤلاء على ان الشوارب مظهر مهم جدا للكاكائي ولدرجة أن من لايهتم بتضخيم شواربه لايعد كاكائيا حقيقيا, وهو نفس ما تشدد عليه اليزيدية.

ووفقا للمصادر الشحيحة التى رجعنا اليها بعد عودتنا من كردستان, والتى احتاجت إلى جهد وبحث طويل, فإن بعضها أشار إلى أن الكاكائية هي (ديانة كردية مستقلة قائمة بذاتها قبل ظهور الإسلام, وليس مجرد طائفة دينية, وجوهرها تناسخ الأرواح).

و(للكاكائية) مراقد ومزارات يحرص الكثيرون على زيارتها والتبرك بها من أهمها مزار السلطان اسحق بن عيسى بن بابا البرزنجي الذي عاش بين 1272 و1313م, ويعد عندهم من أهل الظهور وهم يقومون بزيارته سنوياً, وهو أهم رجالهم المشاهير, سيد ابراهيم ويعد من أهل الظهور ويدخل في سلسلة نسب السادة أمرائهم, ويقولون انه ظهر بطريق التناسخ ست مرات, وأنهم ينتظرون ظهوره للمرة السابعة ويحترمونه احتراماً زائداً ويقولون إنه مهدى آخر الزمان ويقطعون بظهوره, والحاج السيد أحمد ويراني سلطان: وهذا مهم جدا عندهم, ويقولون إنه كان مقيماً في تكية البكتاشية في النجف فرفع إلى السماء وصار اسداً.وكذلك امام اسماعيل الذي تقدم له النذور في يوم خاص, ويقولون إن من حلف به كاذباً اعوّج فكه ويعدون ذلك من كراماته.وأيضا شعب الدين الذى يقولون إنه نائم, وهو الموكل بالأمطار.

والملاحظ أن مزاراتهم لها درجات منها ما يعتقدون إنه نال الظهور (الحلول) وله مكانة خاصة, ومنهم من كان من الأولاد (أولاد السادة) أو من المرشدين.

هذه المزارات معروفة عند الكاكائية يقدمون فيها النذور لتسقط عنهم التكاليف.

وعقيدة الكاكائية مكتومة, لا يبوحون بها ولا يجيزون هتك السر, ومن أهم كتبهم (سرنجام) الذي يقال إنه مدوّن قبل ظهور الإسلام, ولكن يقال إن لديهم أيضا 15 كتاباً وخطبة دينية متفرقة.

ويتصنف الكاكائية إلى مجموعة من الطبقات وهي السادة وهؤلاء هم الأمراء ورؤساء الدين جمعوا بين الامارة والرئاسة الدينية, والدليل ويسمى (مام) أي العم, ولهم منزلة خاصة, يتولون الإرشاد ويقال للواحد منهم (مرشد) أو (بابا).. والاخوان وهم الباقون المعروفون بالعامة (الكاكائية) ويتجلى بينهم التعاون تطبيقاً لمبدأ الاخوة.

أما الزواج لدى الكاكائية فهو لا يتبع مراسيم أو احتفالات معينة وانما هو عقد بسيط يكون على يد شيوخهم ويتوقف على رضى الطرفين, ويجري يوم الاثنين أو الجمعة, وهذان اليومان مقدسان عندهم وتعدد الزوجات عندهم ممنوع , كما أن الطلاق ممنوع قطعاً من أحد الطرفين والعلة في ذلك ان العقد جرى برضى الطرفين فلا يبطل الا منهما معاً لا يستقل به واحد دون الآخر.

وهم يعتبرون أن الكاكائي أخ للكاكائي وتحرم الكاكائية عليه فيما عدا الزواج, وألا ينظر إليها بسوء لأنها تعد أخته.وان يطيعوا السيد المعروف ب(البير) وهو رئيسهم بأن يتابعوه متابعة عمياء ولا يجوز الخروج عن أمر السادة.

أما التكاتف والتناصر فيكون بينهم بلا قيد أو شرط سواء في تعاونهم أو تضامنهم لدفع خطر من الأخطار.

ولديهم أكلة المحبة, وتجرى في الاجتماع العام, وفيه يذبح الرجل ديكاً ويطبخ معه حنطة أو أرزاً, ويقدم للشيخ, أو يقوم الرئيس بذبح شاة أو خروف ويدعى أهل القرية ويصبح مهرجاناً كبيراً ويتخذون الرقص ويقرأ دعاء الألفة ويوزع الطعام (الأكلة) ومن أكل من هذه الأكلة المباركة نال الثواب.

غموض ومبالغات

وعلى الرغم من ان ماكتب حول تلك المعتقدات الغامضة, قد يكون به الكثير من المبالغات, سواء من جانب الذين هاجموها بشدة أو الذين وقفوا إلى جانبها, فان الأمر بالنسبة لنا نحن الذين لم نذهب إلى كردستان أصلا لغرض البحث عن معتقدات الطوائف فيها, كان ما سمعناه مثيرا للفضول, الأمر الذي دفعنا لمحاولة ترتيب المعلومات التي انتزعناها بشق الأنفس ممن وافق على التحدث معنا من أبناء تلك الطوائف, ثم البحث المضنى عن مراجع تضيء لنا ما غمض علينا.

وهدفنا هنا إلقاء الضوء على هذا الخليط العجيب الموجود في تلك البقعة التي نرى أنها مازالت محاطة بغموض متعمّد, والتي تتجاور فيها الأديان السماوية, والمذاهب والمعتقدات المخالفة, وتتعايش على أرضها مختلف الفئات السياسية والاجتماعية والثقافية, ففي كردستان العراق الغالبية مسلمون من السنة تنتشر مساجدهم بطول المنطقة وعرضها, لدرجة أن في مدينة واحدة هي أربيل يوجد 215 مسجدا, وإلى جانب السنّة هناك الشيعة الذين تتمركز أعداد منهم في جنوب كردستان, منهم فئة الشيعة الفيليين, الذين ربما لم يسمع الكثيرون عنهم خارج كردستان إلا عقب عمليات التهجير التي تعرضوا لها.

وهناك المسيحيون وهم من السريان الذين كانوا منذ القرن الـ19 يسمّون بالأثوريين, ويسمّون حاليا بالآشوريين وهم يعيشون في النصف الشمالي من كردستان, ولهذه الفئة خمسة مقاعد دائمة في البرلمان الكردي الكائن في مدينة أربيل, الذي لايزال المؤسسة الكردية الوحيدة غير المقسمة بين الإدارتين الواقعتين في أربيل والسليمانية والتي توجد لكل منهما حكومة ومؤسسات مستقلة ووسائل إعلام وأحزاب وجمعيات وتنظيمات مدنية وعسكرية. وفي كردستان أيضا, هناك طائفة مسيحية أخرى هي الكلدان وهم أقل عددا من الآشوريين, ويعيش معظمهم في السليمانية, وإن كنا رأينا لهم كنيسة في مدينة دهوك بالقرب من مقر رئاسة الجامعة, يطلق عليها (ديرا باراني), كما كنا قد شاهدنا كنيستين واحدة للكلدان والأخرى للآشوريين عندما زرنا قرية (عناكوا) القريبة من أربيل والتي يعيش فيها الكثير من المسيحيين الأكراد. في الوقت الذي كانت تتناثر فيه على الطريق من أربيل إلى دهوك الذي يستغرق في العادة خمس ساعات, بعض القرى الصغيرة منها (ديانه) التي يسكنها المسيحيون, وقرى أخرى يتقاسمها المسلمون مع المسيحيين ومع اليزيديين أيضا.

وإذا كانت كردستان العراق تضم هذه الباقة من ألوان الطيف السياسي والديني والمذهبي, فإن جميع الأقليات تعيش بأمان, وقد سمعنا هذه التأكيدات من جميع من التقيناهم من أبناء تلك الأقليات, فقد شاءت ظروف الأكراد الصعبة أن ينصهر الجميع لمقاومة تهديد وجودهم, وأن يختاروا التعايش معا, المسلمون والمسيحيون واليزيديون والكاكائيون وطوائف الصابئة وأهل الحق والعلى الأهيون, لقد أصبحت تلك المنطقة بوتقة جمعت كل هذا الخليط, الذي تناسى اختلافاته الدينية والمذهبية والعقائدية, وفروقاته الثقافية والقومية, ليتفق على ضرورة التعايش.

وفي الختام...

أن تذهب إلى كردستان مرة, فان ذلك سيعنى ان الدهشة ستلازمك دائما, فهذه المنطقة بمدنها وقراها وطرقها وبشرها قادرة على طرق القلب منذ لحظات الوصول الاولى, ولابد ان هذا الشعب الذى لايتحدث بعض الآخرين عنه بود, قد أدرك تماما ان اللقيا الودود هى الطريق المفتوح مباشرة, تماما كما يدرك الزائر إلى كردستان ان في هذه المنطقة شيئا ما يلامس القلب ويدفعه إلى إبقاء ذكريات تلك الايام محفورة, ونابضة

 

زكريا عبدالجواد







صورة الغلاف





 





الزي الكردي التقليدي وابتسامة وسط ظروف الحياة الشديدة القسوة





مقابر الأكراد تتدرج مع ارتفاع الجبال, ويحرص الأهالي على طلائها بمختلف الألوان الزاهية





تمثال السلطان مظفر الدين كوكبري في أعلى قلعة أربيل التي تضم الساحة الخلفية لها هذا المسجد الأثري





تمثال السلطان مظفر الدين كوكبري في أعلى قلعة أربيل التي تضم الساحة الخلفية لها هذا المسجد الأثري





حقول القطن في منطقة شهرزور على الطريق الممتد من أربيل إلى السليمانية





في معاهد الفنون المنتشرة في كردستان يقبل الطلاب على دراسة الموسيقى وفن النحت. وعلى اليسار لقطة لعدد من طلاب وطالبات جامعة السليمانية





في معاهد الفنون المنتشرة في كردستان يقبل الطلاب على دراسة الموسيقى وفن النحت. وعلى اليسار لقطة لعدد من طلاب وطالبات جامعة السليمانية





في معاهد الفنون المنتشرة في كردستان يقبل الطلاب على دراسة الموسيقى وفن النحت. وعلى اليسار لقطة لعدد من طلاب وطالبات جامعة السليمانية





 





نظرة صارمة تماما كما تحدد الجبال الكثيرة للإنسان أوقات الجهامة والابتسام





نظرة صارمة تماما كما تحدد الجبال الكثيرة للإنسان أوقات الجهامة والابتسام





اللباس الشتوي يرتديه أحد سكان مدينة حلبجة





هكذا يصبّ الشاي في السوق العتيق الكائن في أربيل





هكذا بدت مدينة دهوك في أحد مشاهدها الصباحية... حيث الهدوء والانتظام





عازفان بالآلات المصنوعة في المنطقة





حارس بيوت القلعة التي صمدت آلاف السنوات





واحد من التماثيل العديدة التي تنتشر في مدينة السليمانية





واحدة من عضوات الفرقة المسرحية





أطفال جمجمال





للزفاف بهجته في الهواء الطلق





للزفاف بهجته في الهواء الطلق





للزفاف بهجته في الهواء الطلق





للزفاف بهجته في الهواء الطلق





وجه كردي في لحظة شقاء





وجه كردي في لحظة شقاء





وجه كردي في لحظة استراحة





وجه كردي في لحظة استراحة