ضجة الستاتين.. حقيقة أم مبالغة? حسان شمسي باشا

ضجة الستاتين.. حقيقة أم مبالغة?

هل يكفي أن تتناول قرصًا من مركبات (الستاتين) وتتمتع بتناول ما لذّ وطاب من الدهون واللحوم والحلويات? هل صحيح أن أدوية الستاتين ينبغي أن تكون كالأسبرين يستعملها كل مرضى شرايين القلب? وهل صحيح أنه ينبغي أن نخفض مستوى الكولسترول الضار عند مرضى القلب إلى أدنى مستوى ممكن? وأن على مرضى السكر تناول أحد مركبات الستاتين بغض النظر عن مستوى الكولسترول لديهم?

أدوية (ستاتين) هي مجموعة من الأدوية الخافضة للكولسترول تتشابه في طريقة تأثيرها وتنتهي أواخر أسمائها بمقطع (ستاتين), ومن هذه الأدوية Atorvastatin Pravastatin, Simvastatin, Fluvastatin HMG Co A-reductase.

ظهرت هذه الأدوية في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين, وانتشرت بسرعة بحيث أصبحت أكثر الأدوية المستخدمة في خفض الكولسترول على الإطلاق...وإذا لم تكن أنت ممن يتناولون هذه الأدوية, فإن أحدا من أقربائك أو أصدقائك ربما يتناول أحد هذه المركبات. وفي أمريكا هناك أكثر من 15 مليون شخص يتناولون هذه الأدوية, ووفق آخر التوصيات الصحية فإن على 21 مليون آخرين تناول هذا الدواء للوقاية من مرض شرايين القلب التاجية. يقول الدكتور روي كوليتر من جامعة أكسفورد: (إن مركبات الستاتين ربما تكون الأسبرين الجديد لمرضى القلب!!).

وفي دراسة تحليلية نشرت في 28 يونيو 2003 في مجلة BMJ الشهيرة, أظهر الباحثون أن كل خفض للكولسترول بمقدار 1.8 ميلي مول/لتر (150/ملغ/100مل) يؤدي إلى خفض احتمال حدوث مرض شرايين القلب بمقدار 60% وخفض في احتمال حدوث السكتة الدماغية بمقدار 17%. ومركبات الستاتين المستعملة حاليا يمكن أن تخفض الكولسترول الضار بهذا المقدار.

وهناك دراسات بدئية تشير إلى أن مركبات الستاتين لا تقي من مرض شرايين القلب فحسب, بل إن فوائدها تمتد إلى الوقاية من خرف الزهايمر, وهشاشة العظام, بل ربما حتى بعض أنواع السرطان.

وقبل الحديث عن قاهر الكولسترول دعونا نعرف شيئا عن هذا العدو الرهيب!

الكولسترول مادة مهمة لكل خلية من خلايا الجسم, وهي بحق أكثر الجزيئات العضوية شيوعا في الدماغ. وتعتبر ضرورة لتشكيل الوصلات العصبية في الدماغ, التي تسمح للخلايا العصبية بنقل رسائلها من خلية إلى خلية. والكولسترول ضروري لتشكيل كل الهرمونات الستيروئيدية, بما فيها الأستروجين والتستوسترون والكورتيزون. ويقوم الكولسترول بتنظيم وظيفة أغشية كل خلايا الجسم, إضافة إلى تنظيم وظائف عدد من الأنزيمات. فالكولسترول مهم جدا للجسم ولكن المشكلة تكمن عندما تزداد مستوياته إلى معدلات عالية. وهي - بلاشك - إحدى أهم المشاكل الصحية في العالم المتحضر, وعلى الرغم من كل النشاط الإعلامي المركز في الولايات المتحدة في التنبيه على خطر الكولسترول, فإن نصف الأمريكان تقريبا مصابون بارتفاع كولسترول الدم!!

وخطر حدوث مرض شرايين القلب التاجية يزداد عندما يكون مستوى الكولسترول في الدم مرتفعا. وبالمقابل, فإن حمية فقيرة بالدهون, غنية بالألياف, إضافة إلى تغيير نمط الحياة يمكن أن يساعدا في خفض كولسترول الدم. ولكن الحقيقة المرة هي أن هذه الأمور قد لا تكفي للوصول بالكولسترول إلى المستوى المرغوب, ولحسن الحظ, فإن هناك الآن باقة من الأدوية الفعّالة التي يمكن أن تخفض كولسترول الدم بسرعة, ومن ثم تخفض خطورة ارتفاعه.

ولعل البعض يتساءل: كيف يرتفع كولسترول الدم عندي وأنا لا أتناول الحلويات أو الدهون في الطعام?

والحقيقة أن كبدك يصنع 80% من الكولسترول الموجود في جسمك. أما ما تبقى فتحصل عليه من المنتجات الحيوانية.

ولكي ينتقل الكولسترول عبر جسمك عن طريق الدم لابد له من أن يرتبط ببروتين خاص يحمله عبر الدم, وهذه المادة المكوّنة من الكولسترول والبروتين تدعى (ليبوبروتين). وهناك نوعان من الكولسترول: الكولسترول الضار وهو ما يسمى: (ليبوبروتين منخفض الكثافة), والكولسترول المفيد الذي يسمى: (ليبوبروتين عالي الكثافة), الأول يمكن أن يتراكم في الشرايين مع مواد أخرى مشكّلا ما يسمى (العصيدة الشريانية), ويمكن لهذه العصيدة أن تسد أحد الشرايين التاجية مما يؤدي إلى حدوث جلطة القلب (احتشاء العضلة القلبية) أو السكتة الدماغية. أما الكولسترول المفيد, فقد سمي بذلك لأنه يسهم في إزالة ما ترسّب على الشرايين من كولسترول.

وقد يكون لديك ارتفاع في الكولسترول الضار بسبب وراثي, أو بسب نمط الحياة التي تحياها أو بكليهما معا, فيمكن للجينات (المورثات) أن تعطي الخلايا أمرا بألا تزيل الكولسترول الضار من الدم بكفاءة, أو توحي إلى الكبد أن يصنع المزيد من الكولسترول. ولاشك أن نمط حياتك الذي تتّبعه يمكن أن يزيد من مستوى الكولسترول عندك, فقلة الحركة تخفض من مستوى الكولسترول المفيد, أما البدانة فتزيد من مستوى الدهون الثلاثية (تريجليسريد) - وهو نوع آخر من الدهون - وتخفض الكوليسترول المفيد.

إذا استمر مستوى الكولسترول الضار مرتفعا على الرغم من الحمية الغذائية والنشاط البدني, فإن طبيبك يمكن أن يختار لك دواء خافضا للكولسترول الضار, ولا تمنع هذه الأدوية من تشكل العصيدة الشريانية فحسب, بل تقلل من حجمها. وخلال بضعة أشهر من تناولها, فإن العصيدة الشريانية تصبح أكثر استقرارًا, وأقل عرضة لحدوث تمزق يمكن أن يسبب انسدادًا في الشريان أو خثرة فيه.

وقد أكّد العديد من الدراسات العلمية أن خفض كولسترول الدم يمكن أن يقلل من خطورة حدوث جلطة في القلب (احتشاء العضلة القلبية) أو الوفاة منها عند المعرضين لحدوث ذلك.

وبسبب تراكم كل هذه المعلومات, فقد صدرت توصيات المعهد الوطني الأمريكي للصحة عام 2001 بعد انتظار دام ثماني سنوات مؤكدة أهمية معالجة المرضى المعرضين لحدوث جلطة قلبية مثل المصابين بداء السكر أو ارتفاع ضغط الدم.

وهناك عدد من الأدوية التي تستعمل في علاج ارتفاع كولسترول الدم, منها:

1- مركبات Resins: مثل كولستيرامين, التي استخدمت لأكثر من عشرين عاما, فهي تنقص كولسترول الدم لارتباطها بالأملاح الصفراوية في الأمعاء. وهذه الأملاح تصنع أساسا في الكبد من الكولسترول, وتعد ضرورية لهضم الطعام. وعندما يرتبط بها هذا الدواء, فإن ذلك يحث الكبد على صنع المزيد من الأملاح الصفراوية. وبما أن الكبد يستخدم الكولسترول لصنع هذه الأملاح, فإن كمية أقل من الكولسترول تصل إلى الدم, فينخفض بذلك مستوى كولسترول الدم.

2- مركبات الفيبرات: مثل Gemfibrozil, وهذه المركبات تخفض الدهون الثلاثية Triglyceride, كما تزيد من مستوى الكولسترول المفيد, ولهذا فهي تستعمل بشكل أساسي في معالجة ارتفاع الدهون الثلاثية.

3- نياسين: الجرعات الكبيرة من الفيتامين (نياسين) يمكن أن تخفض الدهون الثلاثية, كما يمكن لها أن تخفض الكولسترول الضار, وترفع مستوى الكولسترول المفيد.

4- أدوية (ستاتين):

وتعمل مركبات الستاتين على تثبيط مادة يحتاج إليها الكبد لكي يصنع الكولسترول, وبالتالي تقلل من صنعه, وهذا ما يجعل الخلايا الكبدية تزيح الكولسترول من الدم. وتبعا لجرعة الستاتين, فإن هذه المركبات يمكن أن تخفّض الكولسترول الضار بمعدل يصل إلى 40%, وهذا ما يعتبر كافيا عادة لخفض الكولسترول الضار إلى المستويات المرغوبة.

ويمكن لمركبات الستاتين أن تساعد الجسم على امتصاص الكولسترول من داخل العصيدة التي تضيق الشرايين. وليس هذا فحسب, بل إن مركبات الستاتين تخفف العملية الالتهابية حول تلك العصيدة الشريانية, وهذا ما يزيد من ثباتها, ويقلل فرص حدوث تمزق فيها, وقد أكّدت الدراسات العلمية الموثقة أن أدوية الستاتين تخفض مستوى مؤشر التهابي مهم يدعى CRP, والذي ثبت أن له ارتباطا بزيادة حدوث مرض شرايين القلب.

والحقيقة أن مركبات الستاتين هي المركبات الوحيدة من خافضات كولسترول الدم التي ثبت بالدراسات العلمية أنها تخفض خطورة الوفاة من مرض شرايين القلب التاجية.

وطبقا لتوصيات المعهد القومي الأمريكي للصحة, فإن عدد الأشخاص الذين يجب عليهم أن يستخدموا مركبات الستاتين قد قفز في ليلة واحدة (ليلة صدور هذه التوصيات في 16 مايو 2001) من 13 مليون شخص إلى 36 مليون شخص.

وفي عام 2002 نشرت دراسة Heart Protection Study, وهي أكبر دراسة أجريت على أحد مركبات الستاتين على الإطلاق. فقد تضمنت بين جنباتها أكثر من 20 ألف مريض, وأظهرت الدراسة أن خطر الإصابة بجلطة القلب والسكتة الدماغية قد انخفض بمعدل 25% عند من تناول الستاتين. وإثر ذلك, قفزت مبيعات الستاتين بمعدل يصل إلى 33%, وقد وصلت مبيعات هذه الأدوية إلى أكثر من 13 بليون دولار, وهذه الأرقام تعني أرباحا كبيرة لشركات الأدوية العملاقة.

ونحن لا ننكر أن مركبات الستاتين تقلل من حدوث مرض شرايين القلب التاجية, وهو القاتل الأول في العالم الغربي. والمسئول عن موت أكثر من نصف مليون شخص في أمريكا سنويا.

بين الحمية والدواء

وعلى الرغم من التأكيد الشديد الذي وضعه المعهد القومي الأمريكي للصحة على ضرورة الالتزام بتغيير نمط الحياة كأول علاج لمحاربة ارتفاع الكولسترول, فإن العديد من المرضى لا يستطيعون الالتزام بنظام غذائي صارم, ولعل كثيرا من الناس يجدون في تناول قرص من الدواء أهون عليهم من الالتزام بالحمية والحرمان من أطايب الطعام.

وفي الوقت ذاته, يدافع أنصار (تغيير نمط الحياة) بأن استخدام مركبات الستاتين يزيد من كسل المرضى وتهاونهم في الالتزام بغذاء صحي فقير بالدهون.

ومن أكبر دعاة هذا التيار د. (دين أورنيش) الذي ألف كتابا عن كيفية الوقاية من أمراض القلب, وهو يدعو إلى حمية نباتية صارمة جدا لا تحتوي على أكثر من 5% من الدهون المشبعة. وعلى الرغم من أنه قد أظهر في دراسة صغيرة نشرت في مجلة (اللانست) أن مثل تلك الحمية الصارمة والتمارين الرياضية يمكن أن تخفض الكولسترول الضار بمعدل يصل إلى 40%, فإنه مع الأسف لا يستطيع كثير من المرضى الالتزام بهذا النظام الغذائي القاسي لفترة طويلة. ولا شك أن الطبيب يجب أن يعرض على مريضه المصاب بارتفاع كولسترول الدم مثل هذا الخيار. ولكن نؤكد على ضرورة البدء بالعلاج الدوائي جنبا إلى جنب عند المرضى المصابين بمرض شرايين القلب التاجية, حتى لا نحرم المريض الفائدة المرجوة من هذا الدواء وهو ينتظر نتائج الحمية الصارمة.

ومع انتشار استخدام دواء الستاتين, فإن العقد الماضي قد شهد ازديادا في انتشار البدانة بمعدل بلغ 60% في الولايات المتحدة, وازديادا مريعا في انتشار مرضى السكري بمعدل يصل إلى 50%. ولا شك أن ذلك ينطبق على كثير من بلادنا العربية, فقد ازداد حدوث مرض السكر في دول الخليج ازديادا مريعا في العقد الماضي بحيث أصبح هذا المرض يصيب حوالي ربع البالغين من سكان بعض دول الخليج.

كما أن البدانة تصيب أكثر من 40% من السكان في العديد من بلادنا العربية. وحدّث ولا حرج عن قلة الحركة وغياب الرياضة البدنية في بلادنا العربية!! كما ازداد عدد المدخنين بصورة مرعبة. ولا شك أن التدخين يعتبر أحد أهم أسباب الذبحة الصدرية وجلطة القلب.

وإذا كان الكولسترول الضار فوق الـ 100ملغ/100مل (2.6 ميلي مول/ل), وكان المريض مصابا بمرض في شرايين القلب (ذبحة صدرية أو جلطة القلب) فإن المريض بحاجة إلى دواء خافض للكولسترول إضافة إلى تغيير نمط الحياة فورا. أما إذا لم تكن مصابا بمرض شرايين القلب, وليس لديك أي عوامل مهيئة, فإن القرار ليس بالوضوح نفسه, حيث يعتمد ذلك على مدى ارتفاع الكولسترول عندك أو على وجود عوامل مهيئة لحدوث جلطة في القلب, كالتدخين وارتفاع ضغط الدم ووجود قصة عائلة لوفيات مبكرة بسبب مرض شرايين القلب, والسن (فوق 45 سنة عند الرجال وفوق 55 سنة عند النساء).

ولا شك أن طبيبك سوف ينصحك بالرياضة, والحمية الفقيرة بالدهون. وإن لم تكن تلك الوسائل فعالة, فالخيار الآخر هو إضافة أحد مركبات الستاتين.

وتوصي الهيئآت الصحية العالمية الآن بإعطاء العلاج الدوائي, مع تغيير نمط الحياة, حتى في غياب العوامل المهيئة لمرض شرايين القلب إذا كان الكولسترول الضار LDL عندك فوق 190 ملغ/100مل (4.9 ملي مول/ليتر) بعد اتباع الحمية والتمارين الرياضية, أو إذا كان الكولسترول الضار LDL عندك فوق 160 ملغ/100 مل (4.1 ملي مول/ لتر) ولديك عاملان أو أكثر من العوامل المهيئة لمرض شرايين القلب.

وحسب أحدث التوصيات الصحية العالمية ينبغي أن يعامل مرضى السكر معاملة مرضى شرايين القلب, بمعنى أن نسعى جاهدين لخفض مستوى الكولسترول الضار إلى ما دون 100ملغ/100مل (2.6 ملي مول/ لتر).

وينظر الطبيب قبل اتخاذ قراره في عدة أمور, كم هي درجة ارتفاع الكولسترول المفيد HDL والكولسترول الضار LDL, وهل هناك ارتفاع في الدهون الثلاثية (تريغليسريد) أم لا? كما ينظر إلى سن المريض, وفيما إذا كان المريض بحاجة إلى أكثر من دواء, ففعالية الأدوية الخافضة للكولسترول تختلف من مريض إلى آخر ومن دواء إلى آخر, وليس من الضروري أن تأخذ أحدث الأدوية إذا كان الدواء الذي تتناوله حاليا فعالا.

ما الأعراض الجانبية?

لحسن الحظ فإن معظم المرضى يستطيعون تناول أحد أدوية الستاتين دون مشاكل تذكر. وأكثر الأعراض الجانبية حدوثا هي الغثيان والإسهال والإمساك والآلام العضلية. وفي حالات قليلة جدا (1%) يمكن لأدوية (ستاتين) أن تسبب ارتفاعا في إنزيمات الكبد. فإذا ما كان الارتفاع خفيفا أمكن الاستمرار بتناول الدواء, أما إذا كان شديدا فينبغي إيقاف الدواء. وعادة ما تتحسن وظائف الكبد بعد إيقاف تناول الدواء. وإذا كان المريض يتناول أدوية معينة مثل Gemfibrozil أو (إيرثرو مايسين), مع دواء ستاتين فإن ذلك يجعله أكثر عرضة لحدوث ارتفاع في إنزيمات الكبد. ولأن المشاكل الكبدية يمكن أن تحدث بصمت ودون أعراض, فإن من الواجب التأكد من سلامة وظائف الكبد بشكل دوري. ويوصى بعدم تناولها عند المصابين بمرض كبدي. وقد تسبب هذه الأدوية آلاما عضلية وخاصة عند تناولها مع أدوية أخرى مثل Gemfibrozil, والأدوية المضادة للفطور وغيرها. وحدوث الآلام العضلية قليل الحدوث, وإن حدث ينبغي إعلام الطبيب فورا.

وفي الحالات الشديدة من اعتلال العضلات فإن الخلايا العضلية تتحلل وتطلق بروتينا يدعى (ميوغلوبين) في الدم وتسمى هذه الحالة انحلال العضلات Rhabdomyolisis. وهي حالة نادرة جدا, وقد يؤدي طرح هذا البروتين في البول إلى حدوث الفشل الكلوي فإذا ما حدث عندك آلام في العضلات بعد تناول دواء الستاتين فاستشر طبيبك فورا.

كما أن هناك دراسة أوحت بازدياد طفيف في حدوث اعتلال الأعصاب عند الذين يتناولون أدوية الستاتين لمدة طويلة وخاصة عند من هم فوق الخمسين من العمر.

مع عصير الكريب فروت!

لا أحد يختلف في كون عصير الكريب فروت الطازج أحد أنفع عصائر الفواكه, فهو غني بمضاد الأكسدة (ليكوبين) والفيتامينات وغيرها. ولكن شرب هذا العصير قد يتدخل بتأثير عدد من الأدوية.

وكان الباحثون قد اكتشفوا أن هناك تداخلا بين عصير الكريب فروت ودوائي Nifedipine وFelodipine اللذين يستخدمان يستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم. ولكن الدراسات الأخيرة أظهرت أن هذا العصير يغير مستوى عدد آخر من الأدوية في الدم. وهذا الأمر ينفرد به عصير الكريب فروت من بين عصائر الحمضيات. فهناك مركبات كيميائية فيه تتداخل مع عمل إنزيمات معينة تقوم باستقلاب عدد من الأدوية في الجهاز الهضمي والكبد. وكنتيجة لهذا يرتفع مستوى الدواء في الدم فوق الحد المطلوب, مما قد يعرض المريض لتأثيرات جانبية خطيرة.

والأدوية التي يمكن أن يتدخل عصير الكريب فروت في استقلابها هي مركبات (ستاتين), ومضادات الاختلاج, ومضادات الهمود وحاصرات الكالسيوم ومضادات اضطراب النظم وغيرها.

وحتى لو تأخر تناول هذه الأدوية لمدة 24 ساعة بعد شرب عصير الكريب فروت, فإن ذلك لن يمنع التداخل في تأثيره على الأدوية السابقة الذكر. ولهذا, فإن أفضل نصيحة هي تجنب شرب عصير الكريب فروت عند من يتناول أحد تلك الأدوية ما لم يوص بذلك الطبيب.

أسئلة متعددة: هل العلاج مدى الحياة?

سؤال يطرحه كل من يتناول أدوية (الستاتين) وغيرها من الأدوية الخافضة للكولسترول. فاتخاذ قرار من قبل الطبيب بضرورة تناول مثل هذه الأدوية قرار مهم, لأن ذلك قد يعني الاستمرار في تناول هذا الدواء مدى الحياة أو على الأقل لعدة سنوات. وهذه الأدوية باهظة الثمن, وقد لا يحتمل تكاليفها كل الناس. ليس هذا فحسب بل إن الأمر يقتضي أيضا إجراء فحص لوظائف الكبد من حين إلى آخر.

ولأن هذه الأدوية لم تكن معروفة قبل حوالي عشرين عامًا فإن الأطباء لا يعلمون بالتأكيد مدى سلامتها إذا ما استخدمت مدى الحياة. وكما هي الحال مع أي دواء, فإن على الطبيب أن يوازن بين فوائد تناول الدواء, وسلبيات عدم تناوله.

والخلاصة إذا كنت مصابا بمرض شرايين القلب التاجية أو كانت لديك عوامل خطورة عالية تعرضك لحدوث هذا المرض فإن أدوية الستاتين هي أحد أهم الخيارات العلاجية التي تملكها.

إلى أي مدى نخفض الكولسترول?

في الحقيقة إننا لا نعرف بالضبط حاليا إلى أي مستوى ينبغي أن نخفض الكولسترول, وفيما إذا كان خفضه إلى مستويات متدنية جدا يمكن أن تكون له محاذير في المستقبل أم لا. وتجري حاليا دراسات تحاول معرفة المستوى الأمثل عند المرضى. ولكن نؤكد على ضرورة خفض الكولسترول إلى ما دون 100ملغ/ 100مل (2.6 يلي مول/ ليتر) عند المصابين بمرض شرايين القلب التاجية أو مرضى السكري حسب أحدث التوصيات العلمية.

هل تمنع مركبات الستاتين (ألزهايمر)?

يجمع العلماء على أن الكميات الكبيرة من الكولسترول في الدم يمكن أن تخرب الشرايين. ولكن عددا من العلماء يعتقد أن ذلك التأثير يمكن أن يشمل الدماغ أيضا, فيسهم في تشكل صفيحات الأميلويد في الدماغ, والتي تعتبر صفة مميزة لداء الخرف (ألزهايمر).

وحتى الآن, فليس هناك دليل مقنع يؤكد أن مركبات الستاتين يمكنها منع حدوث مرض ألزهايمر. ولهذا فلا ينصح الأطباء الآن بتناول مركبات الستاتين عند الأصحاء من أجل منع خرف ألزهايمر.

هل تقي من الاكتئاب?

في دراسة نشرت في مجلة Archive Of Internal Medicine في 9 سبتمبر 2003 وجد الباحثون أن الذين كانوا يتناولون مركبات الستاتين هم أقل عرضة لحدوث الاكتئاب, ويعزو الباحثون ذلك إلى أنه ربما يعود إلى تحسن في نوعية الحياة عند المرضى الذين يتناولون مركبات الستاتين. وقد أجريت الدراسة على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عاما في بريطانيا, فقارنوا 458 مريضا مصابا بالاكتئاب مع 1380 شخصًا سليمًا, فتبين أن احتمال حدوث الاكتئاب قد نقص بمعدل 30% عند الذين كانوا يتناولون أحد مركبات الستاتين.

وقد يكون سبب ذلك ازدياد الوعي والاهتمام بالصحة عند من كان يتناول هذا الدواء وفي غياب دراسات سريرية كبيرة لا يمكن القول إن مركبات الستاتين تمارس تأثيرا مباشرا مضادا للاكتئاب.

مركبات الستاتين والسرطان

أظهرت دراسة حديثة نشرت في هولندا أن الذين كانوا يتناولون دواء ستاتين انخفض لديهم معدل إصابتهم بالسرطان بمعدل 20%, وخاصة سرطان البروستات والكبد.

ولكن لم تكن هذه الدراسة دراسة سريرية. وهناك دراسة أجريت على الحيوانات تشير إلى أن مركبات الستاتين ربما تخفض من حدوث السرطان, ومازالت هذه الأمور بحاجة إلى مزيد من الدراسات قبل ثبوتها. والأمر الثابت الآن هو أن هذه الأدوية لا تزيد من حدوث السرطان.

 

حسان شمسي باشا