بيتنا العربي: أطفال محتجون.. ثوار صغار

بيتنا العربي: أطفال محتجون.. ثوار صغار

رئيس التحرير: د. سليمان إبراهيم العسكري

في بيوتنا العربية ثوار من كل سنٍّ. فالأطفال المحتجون هم رعاة بذور الثورة، ينشأون على الرفض، والمقاومة، والاحتجاج، والامتناع.

هي الرغبة الدفينة التي يفسرها البعض بصراع الأجيال، ويردها آخرون إلى صراع المراحل السنية للشخص الواحد في تحولاته العُمرية.

وهكذا لم يعد السؤال هو لماذا يحتج هؤلاء الأطفال، بل أصبح السؤال الأكثر أهمية، كيف يحتجون وبأي حجة نرد عليهم؟

الأساليب التقليدية لم تعد ناجحة أو ناجعة، فالعقاب البدني مرفوض ومؤثم، كما لم يعد من المجدي أن يكون الحرمان النفسي والمادي حلاً في ظل وجود ثغرات كثيرة، وجماعات أقران، ومنافذ تخترق الحظر.

ربما يجدر بنا اليوم أن نفكر في الكيفية التي نطرحها على أطفالنا ليتعلموا الاحتجاج غير المدمر، والرفض العقلاني. ليحتجوا بهدوء. ليكتبوا رأيهم على ورق. ليرسموا ما لا يحبونه. ليتعلموا الجلوس لتبادل الأفكار مع آبائهم والذين يكبرونهم، ويكون عنوان الجلسة: ماذا نحب وماذا لا نحب. ماذا نريد وماذا لا نريد؟ وأن يكون الحوار هو الذي يرد، لا الوجه الغاضب والصوت العالي وجميع الأساليب البالية. ليتحدث الجميع، وليصغَ الجميع أيضًا.

لنعلم أطفالنا المحتجين كيف يثورون، وهم يبنون، ونُعلمهم بالمثل احترام ذويهم وتوقير كبارهم، فالمستقبل يحتاج إلينا جميعًا. المفكرون الهادئون الكبار والحالمون الثوار الصغار.

---------------------------------------

  • تربية: علم فن الأبوة

د. محمد حسن غانم

من المعروف أن الرجل بمجرد أن يتزوج وتنجب زوجته فإنه يتحول إلى أب. ولكن هل هو مهيأ - من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية - لأن يقوم بدور الأب على خير وجه؟
هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه في الصفحات التالية.
بداية المشكلة جمعني لقاء مع بعض أصدقاء الطفولة والدراسة، وقد ذكر أكثر من شخص منهم وبطريقة عرضية أنه يعاني من مشكلة أو أكثر في تربية أولاده، وقد تركزت هذه الشكاوى أو المشكلات في النقاط الآتية:

  • بالرغم من توافر جميع الإمكانات إلا أن الأولاد لا يحققون ما كنا نحققه نفسه من تقدم في الدراسة (بالرغم من قلة إمكانات أسرتنا حينذاك).
  • أعطي ابني مصروفًا يوميًا ثم أكتشف أنه يعطيه لبعض زملائه في المدرسة اتقاء لشرهم.
  • أكتشفت فجأة أن ابني الذي التحق حديثًا بالصف الأول الإعدادي يدخن، بل حين استفسرت منه اعترف لي بأنه جرب مع بعض أصدقائه «البانجو»، وبعض الحبوب المنومة والمهلوسة.

وبعد أن أفاضوا واستفاضوا في ذكرياتهم وتشخيصهم اعترفوا بأنهم فاشلون في تربية أبنائهم، أما أسباب ذلك الفشل فقد أرجعته المناقشات إلى مجموعة من العوامل، مثل:

  • هدفي كأب أن أوفر لأولادي المال، (وهذا هو الأساس وما عداه يعد شأنًا فرعيًا). أترك مسألة التربية والتعليم إلى الأم والمدرسة.
  • لا أحاول أن أرفض لأبنائي (أي طلب).

أما ردود الأفعال حيال اكتشاف الآباء تصرفًا خاطئًا لأولادهم فقد تتراوح ما بين العنف (أو الإساءة للطفل أو المراهق) والعنف أيضًا للأم أو أي شخص من الأسرة حين تحاول أو يحاول التدخل ما بين الأب والابن، وأحيانًا تتراوح ردود الأفعال ما بين التجاهل للمشكلة ورد فعل مبالغ فيه.

الآباء والتربية

حتمت مجموعة من الظروف والعوامل ضرورة التصدي لمشكلة دور الآباء في التربية وخاصة أن هذه القضية قد ظهرت في الغرب من خلال الإجابة عن هذه التساؤلات:

  • هل جميع الآباء يتقنون فن علم الأبوة؟
  • هل جميع الآباء قادرون على تربية وتنشئة أولادهم بالصورة الصحية السوية؟
  • وهل نحن كآباء نرى أطفالنا على نسق الصورة التي تربينا عليها (من قبل آبائنا) أم نقوم بتربيتهم وفق النموذج (المثالي) الذي كنا نريده إبان طفولتنا ولم يقدمه لنا الآباء كمشروع طُرح حينذاك؟

واقع الأمر أن الحاجة إلى «علم فن الأبوة» قد ظهرت بداية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1800م نتيجة للعديد من الحالات التي أساء الآباء فيها إلى الأطفال (إلى درجة موت بعضهم، أو تشويههم أو إصابتهم بعجز أو عاهة مستديمة) مما أدى إلى طرح قضية دور الأب، وهل دوره يقتصر على منح أطفاله الاسم، وتوفير المسكن والطعام فقط؟ أم أن دوره أهم وأكبر من ذلك بكثير؟

وهنا اقترح مجموعة من الأشخاص تنظيم محاضرات ومناقشات (أشبه بجلسات العلاج النفسي أو الإرشاد النفسي)، وقد بدأت هذه المحاضرات بداية للأشخاص المقبلين على الزواج، ثم اتسعت الدائرة لتشمل الأشخاص الذين تزوجوا حديثًا وليس لديهم أطفال، ثم اتسعت الدائرة لتشمل الآباء الذين يعانون في الواقع الفعلي من مشاكل حياتية مع أولادهم، وقد ركزت المناقشات في البداية على ضرورة تفعيل دور الدين وإقامة الصلاة على أساس أن الجانب الديني والخلقي له أعظم الأثر الإيجابي في نفسية الشخص ويقود إلى تحسن في العلاقة بين الزوجين مما ينعكس بدوره في علاقاتهم مع أولادهم.

أدوار أخرى لهذه الجمعيات

ولم تكتف هذه الجمعيات بالمناقشات بل ظهرت بعض المطبوعات التي واكبت فكرة الاستفادة القصوى من مثل هذه الخدمة التثقيفية والتعليمية والتي تزيد من وعي واستبصار الآباء بدورهم التربوي والنفسي والاجتماعي والأمني لأولادهم، فظهرت العديد من المجلات، مثل: مجلة الآباء عام 1850م، ومجلة الأمهات عام 1841م، وغيرها، ثم واكب ذلك خطوة عملية تمثلت في إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال والتي كانت النواة الحقيقية لتقديم خدمات فعلية وتحويل الأطر النظرية إلى أطر عملية تفيد بطريق مباشر في كيفية التعامل النفسي (الصحي والنفسي) مع الطفل للعمل على رفع مستواه النفسي والفكري والاجتماعي. على أن تعليم الآباء لم يظهر بشكل منظم وضرورة حتمية لوجود فكرة خلاصتها:

أن دور الأم جد مهم في مراحل الطفولة الأولى، إلا أن العديد من الملاحظات قد أثبتت خطأ هذه الفكرة، وأن مجرد (وجود الأب في حيز شعور الطفل) يعمل على استمرار اتزانه النفسي، بل يمهد بطريقة سوية لجعل هذا الأب قدوة للطفل في قابل أيامه (خاصة إذا كان من نوع جنس الأب نفسه)، ولذا تم تشكيل «المؤتمر الوطني العام للآباء والمعلمين» في ولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1897م والذي جاء تلبية للإجابة عن العديد من التساؤلات، أهمها: ضرورة العمل على تدريب الآباء على كيفية التعامل مع الأبناء، وكذا تدريب المعلمين، بل خلق حالة من الوعي بمطالب واحتياجات الأبناء في كل مرحلة من مراحل نموهم، وكيف نتعامل مع مشاكل أولادنا سواء كنا آباء أو معلمين بطريقة عقلانية بعيدة عن الانفعالات، والأهم كيف نشكل أولويات أو آليات تعمل على استمرار التفاهم وحل خلافات الآباء بعيدًا عن حيز الأطفال، وأخيرًا كيف يبدو الأب والمعلم قدوة أمام الطفل في سلوكه وتصرفاته.

وقد بدأت الحكومة الفيدرالية بين عامي 1900 و1920م في مساعدة مشروع «تعليم الآباء»، فأصدر الكونجرس الأمريكي قرارًا بإنشاء «مكتب الأطفال العام» والذي أخذ على عاتقه مهمة تحقيق أو تفعيل أمرين:

الأول: تنظيم المشرعات والخدمات التي تقدم للآباء والتي تهدف في النهاية إلى خلق وعي صحي ونفسي في تربية الأبناء.

الثاني: لكي يتم تفعيل الهدف السابق لابد من إصدار العديد من النشرات والكتيبات التي تهدف إلى تقديم نموذج «سوي» في التعامل مع مشكلات وأزمات الأبناء.

وفي عام 1917م توالت القوانين المنظمة لهذه العملية التعليمية المقصودة، ومع ازدياد الوعي بقضية «علم فن الأبوة وضرورة إتقان هذا العلم» تم التوسع في إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات في نشر خدمة جديدة تمثلت في «مشروع حلقات للتدريب على اقتصادات المنازل، أي كيف تدبر الأسرة احتياجاتها المختلفة وفقًا لطبيعة الدخل حتى تتجنب الأسرة إمكانية الحاجة إلى اللجوء إلى الاستدانة، أو أخذ أجهزة وأشياء أخرى بالتقسيط...إلخ، وحين أثمر هذا الهدف غايته، تم تشكيل آلية جديدة لمشروع جديد تمثل في «مشروع حلقات للتدريب على التغذية» من حيث: السعرات الحرارية والفيتامينات، والغذاء كعلاج ووقاية من العديد من الأمراض، ولا شك أن هذا البعد التثقيفي جد مهم لأن «سوء التغذية» أو «الإفراط في التغذية» يقود كما نعلم إلى العديد من الأمراض والاضطرابات.

وفي عام 1918م أخذت وزارة الصحة على عاتقها مهمة تدريب الأب على قضايا الرعاية الصحية للأسرة والأبناء من خلال فهم الأب لأنواع الأدوية التي يجب أن تشملها صيدلية المنزل، وكيف يقنع «ابنه» بأخذ الدواء؟ بل كيف يتنبأ بإمكانية إصابة طفله بمرض معين من خلال ملاحظته هو أو الأم وجود بعض الأعراض أو التغيرات في جسد الطفل؟

ولم تكن الجامعات والمؤسسات العلمية بعيدة عما يحدث إذ أدلت بدلوها في الموضوع، وتم تشكيل العديد من اللجان هدفها وضع البرامج الخاصة بتعليم الآباء من خلال معلومات موثقة، بل العمل على أن يتبنى الآباء حتى قبل أن يتزوجوا ويصبحوا بدورهم آباء ضرورة إجراء الفحوص قبل الزواج (له ولمن يريد الاقتران بها) وغيرها من القضايا الحياتية التي سيواجهها حتمًا بعد الزواج والإنجاب ومواجهته العديد من القضايا والاستشكالات التي سيواجهها حتمًا من خلال تعامله مع الأبناء.

وما بين عامي 1920 و 1930م قامت الهيئات الأهلية والجمعيات والجامعات وإدارات التعليم بالمساهمة في هذا الميدان، فظهرت عيادات الأطفال الإرشادية، وعيادات الزواج ومشكلاته، ولا شك أن علاج مثل هذه المشاكل والأزمات قد أدى إلى تلاشي العديد من الاضطرابات لدى الآباء والتي انعكست بدورها إيجابيًا في خلق حالة من الصحة والسواء لدى الأبناء. وكلنا يذكر المثل القائل:

«أسوأ الناس حالًا من لا يثق بأحد لسوء ظنه، ولا يثق به أحد لسوء فعله». واستمرت التطورات في برامج تثقيف وتدريب الآباء على «علم فن الأبوة» حتى تم تشكيل «اللجنة الوطنية لتعليم الآباء» والتي أصبحت جزءًا أساسيًا من «اللجنة الوطنية للعلاقات الأسرية» والتي تهتم بجميع أفراد وكيانات الأسرة.

---------------------------------------

  • أسرة: الطباع الشخصية للأشقاء: لماذا تختلف؟

مهى قمر الدين

لماذا يختلف الأشقاء في الطباع على الرغم من أنهم يتقاسمون جينات متشابهة، وينشأون في البيئة العائلية نفسها؟
سؤال يطرحه الكثير من الأهالي والمختصين في الشئون العائلية. وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال قام أحد الباحثين ويدعى روبيرت بلومين بدراسة على مجموعة من الأشقاء رأى من خلالها أنهم يختلفون إلى حد ما، ولكنهم يتشابهون في شكلهم الخارجي وقدراتهم العقلية أكثر بكثير من مجموعة مختلفة من الأطفال لا صلة قرابة بينهم.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالمزايا الشخصية يتشابه الأشقاء بنسبة 20 في المائة من الأحوال فقط. ووفقًا للاختبارات التي تقيّم المزايا الشخصية تبدو مزايا - مثل أن يكون الشخص منطلقًا اجتماعيًا أو قادرًا على تحمل المسئولية - مختلفة تمامًا بين الأشقاء، ولكن بما أن الأشقاء يتقاسمون نفس الجينات ونفس البيئة العائلية ونفس الأبوين، يبدو ذلك مستغربًا، ولكن ما الأمر الذي يجعل شخصيات الأشقاء في العائلة نفسها مختلفة تمامًا؟

قام بلومين وباحثون كثر بدراسة تلو الدراسة حاولوا من خلالها تحديد الدور الذي تلعبه الجنيات في الاختلاف في المزايا الشخصية، والدور الذي تساهم به البيئة في ذلك الاختلاف، وعندما بدأوا وضعوا الافتراض بأن التنشئة، كما هو الاعتقاد السائد، في البيئة العائلية نفسها ستجعل الأشخاص متشابهين في الطباع، ولكنهم وجدوا أن الأمر ليس كذلك.

يقول بلومين إن «البيئة العائلية تعمل بشكل غريب، إذ إنها تجعل الأطفال مختلفين لا متشابهين». أما السؤال الذي يبرز هنا، فهو لماذا تدفع التنشئة في البيئة العائلية نفسها الأطفال في اتجاهات مختلفة في ما يتعلق بالطباع الشخصية؟ لا أحد يعرف تمامًا الإجابة الواضحة عن هذا السؤال، إنما هنالك ثلاث نظريات لتفسير ذلك الأمر:

أما النظرية الأولى فهي نظرية التشعب التي وضعها فرانك سلوي، بالنسبة لسلوي، التنافس هو المحرك وراء التطور الاجتماعي تمامًا مثلما هو في الطبيعة، لذلك يتنافس الأطفال ضمن العائلة الواحدة على محبة أهلهم ووقتهم وانتباههم. يقول سلوي إنه «عندما تتنافس المخلوقات تبرز هنالك ظاهرة عرفها داروين منذ زمن بعيد في كتابه «أصل الأنواع» وهي «ظاهرة التشعب»، ودور التشعب هو التقليل من المنافسة حتى لا تكون مباشرة. وهذا يؤدي إلى التخصص في مجالات مختلفة، لذا إذا كان هناك طفل في العائلة متفوق في الأمور الأكاديمية، يعمد الطفل الآخر، لكي يتجنب التنافس المباشر عن قصد أو غير قصد، إلى التخصص في مجال مختلف، وهذه الظاهرة يسميها علماء النفس بإعادة تكوين الهوية (de-identification).

وتترسخ هذه الظاهرة لأن الوقت الذي يمضيه الأشقاء مع بعضهم بعضًا وقت طويل جدًا لتصبح المنافسة بينهم أكثر حدة. في الوقت الذي يبلغ فيه الأطفال سن الـ 11 عامًا يكونون قد أمضوا 33 بالمئة من أوقات فراغهم مع إخوتهم، وهو وقت أكثر بكثير من الذي يمضونه مع أصدقائهم وأهلهم وحتى مع أنفسهم، وذلك وفقًا لدراسة قامت بها جامعة ولاية بنسلفانيا Penn State في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1996. وهنالك دراسة أكثر حداثة تقول إنه حتى المراهقون الذين يبدأون بتحقيق نوع من الاستقلالية، يقضون عشر ساعات أسبوعيًا على الأقل، في القيام بأنشطة مختلفة مع إخوتهم وهو وقت طويل إذا ما احتسبنا الفترة التي يمضيها هؤلاء في المدرسة والنوم وممارسة الألعاب الرياضية والأنشطة الأخرى.

وعن التشعب قال سلوي إنه رأى نموذجًا مصغرًا منه يحدث في عائلته، كان شقيقه الأكبر لاعب كرة مضرب ممتازًا، ومن ثم أصبح لاعبًا محترفًا. ويعترف سلوي بأنه لم يتمكن ولو مرة في حياته من التغلب على شقيقه في لعبة كرة المضرب، ويضيف أنه خلال دراسته الثانوية اكتشف أنه متفوق في الركض السريع أكثر بكثير من لعبة كرة المضرب، لذلك انتقل إلى ممارسة تلك الرياضة وكان قراره ذلك عن قصد، لأنه أدرك أنه لن يستطيع أن يبدع في كرة المضرب.

والنظرية الثانية هي نظرية البيئة غير المشتركة التي تقول إن الأشقاء، في الظاهر، يتشاركون في البيئة ذاتها، ولكن من جوانب مهمة جدًا لا يكون الأمر ذلك، إذ لا يختبر الأشقاء الأمور نفسها. تقول سوزان ماكهيل، الباحثة في جامعة بنسلفانيا، إن الأطفال ينشأون في أجواء عائلية مختلفة لأن معظم الأشقاء يختلفون في العمر، لذلك فإن التوقيت الذي يكبرون فيه بالعائلة هو توقيت مختلف.

فمع الوقت قد يحدث أن يخسر أحد الآباء وظيفته أو قد يحدث طلاق بين الأبوين وقد يكون ترتيب الأخ الثالث أو الخامس، مثلًا، وأن خبرة طفل في الخامسة من عمره يطلّق والداه تختلف كثيرًا عن خبرة طفل في التاسعة أو العاشرة من عمره، وقد يتساءل البعض عن التوائم، فتقول الأبحاث إنه على الرغم من أن التوائم المتطابقة يولدون باللائحة اللاجينية الشخصية نفسها (epigenetic profile)، تبدأ تلك اللائحة بالاختلاف والتشعب مع تقدمهم في العمر، وتزداد تلك الفوارق كلما أمضى التوائم مزيدًا من الوقت بعيدًا عن بعضهم بعضاً. وقد أعطى العلماء نظريتين اثنتين لتفسير ذلك، الأولى، تقول إن العلامات اللاجينية (epigenetic marks) تزول مع الوقت، والثانية هي أن التأثيرات البيئية المختلفة تغير نظام العلامات اللاجينية.

تضيف ماكهيل إنه نادرًا ما يعامل الأطفال بالطريقة نفسها من قبل أهاليهم حتى ولو أراد الأهل ذلك، إذ إن للأطفال حاجات واهتمامات ومزايا شخصية مختلفة تتطلب معاملة متفاوتة من الأهل، فالطفل العنيد، مثلًا، يستدعي معاملة مختلفة عن الطفل المطيع الذي يلتزم بالقوانين.

والنظرية الثالثة هي نظرية المقارنة، التي تقول إن العائلات هي مراكز للمقارنة حيث تتم المبالغة، حتى في الفوارق البسيطة بين الإخوة. تقول ماكهيل: تخيل طفلين منفتحين مولودين في العائلة نفسها، حيث إن الأول منطلق إلى أبعد الحدود، بينما الثاني مجرد طفل اجتماعي، قد يعتبر الطفل الثاني، في أي عائلة أخرى، منطلقًا كثيرًا ولكن في تلك العائلة بالتحديد يعتبر طفلًا منغلقًا بالمقارنة بأخيه، وبمجرد إلصاق صفة منغلق على الطفل، حتى ولو كانت خاطئة تمامًا، تؤثر على الخيارات التي يتخذها لاحقًا.

ولتجنب المقارنة يختار الأشقاء مجموعات مختلفة، من الأصدقاء، ويمضون أوقاتهم بطريقة مختلفة مما يساهم في الفوارق في شخصياتهم، وكلما مضى الوقت اتسعت هذه الاختلافات.

يبقى أن نقول إن الاختلاف في الطباع الشخصية للأشقاء أمر قد يثري شخصياتهم وليس العكس، لأن الأشقاء هم المثل العليا لبعضهم بعضًا، هم المتآمرون على بعضهم بعضًا، هم صوت الضمير لديهم، هم من يحميهم، هم شركاؤهم في اللعب، هم من يقدم النصيحة، هم مصدر المنافسة. كل تلك الأمور مهمة جدًا، خصوصًا أن الأشقاء هم العنصر الثابت في حياة بعضهم بعضًا، إذ إن الأشقاء يبقون أشقاء مدى الحياة.

---------------------------------------

  • طب: متلازمة إرهاق الساقين

د. نزار الناصر

مشكلة صحية غالبًا غير معروفة من غالبية الناس ومن عدد كبير من الأطباء، تصيب تقريبًا 10 في المائة من السكان وذلك بسبب ما تحمله الحياة في المدن من توتر دائم وفي طائفة من الأعراض التي باتت منتشرة بشكل لافت للنظر وخاصة حين ترتبط بتعب الجهاز العصبي والإعياء الناجم عن التوتر. فالإحساس المزعج والمؤلم أحيانًا، يكون على شكل تنميل ونخزات أو حرق أو تقلصات والشعور بالإثارة على مستوى الرجلين أو الساقين، ونادرًا على مستوى الذراعين إلى درجة أن لحظات الاستلقاء تتحول لدى المصاب إلى مجرد شعور طاغٍ بالألم في الرجلين، وكأن تيارًا كهربائيًا يلسع المصاب في فترات متفاوتة مما يؤدي إلى إرباك مراحل نومه العميق.

لا تظهر هذه الإصابة للعيان في أثناء اليسر أو بذل المجهود الجسدي أو العقلي، بل تنحصر فقط أثناء فترات الراحة وفي ساعات الليل من دون النهار إلا ما ندر وذلك بوضعية الجلوس أو الاستلقاء وخصوصًا أثناء النوم وتحدث بشكل متقطع أو وقت قصير، إذ توقظ الشخص من أحلى نومه.

وهذه الحركات تحصل بشكل دوري، إذ تعصف بالساقين من ثانية إلى 5 ثوانٍ ثم تهدأ، ثم تبدأ من جديد كل 30 ثانية، وهذه الحركات التي تحصل ليلًا تحدث لحظات من الاستيقاظ غالبًا مزعجة للشريك «الزوج أو الزوجة» مسببة الأرق مما ينتج عن ذلك إفساد نوعية الحياة لهؤلاء المصابين بها.

التشخيص: يخضع المريض للفحص الطبي ويستجوبه الطبيب بشكل دقيق ومنذ الوهلة الأولى قد يخمن الطبيب إصابة عصب محيطي ويعمل على إجراء فحص تخطيط كهربائي للعضلات (Electromyograme) ولاستبعاد مرض عصبي قد يكون مصاحبًا لمتلازمة إرهاق الساقين والأرجل. وعند الأشخاص الذين يستيقظون ليلًا على إثر حركات غير طبيعية، يمكن ألا نفرق بين متلازمة إرهاق الأرجل واضطرابات انقطاع التنفس أثناء النوم، ولهذا نعمد إلى إجراء فحص البوليسمنوغرافيك (Polysomnographique) وهو عبارة عن أقطاب كهربائية (Electrodes) توضع على الأطراف السفلية لمعرفة ما إذا كانت هذه الحركات غير الطبيعية نتيجة متلازمة إرهاق الأرجل، أو مشتركة مع ظاهرة انقطاع التنفس أثناء النوم.

الأسباب: لاتزال هذه المتلازمة غامضة الأسباب، إلا أن بعض الأطباء يعزونها إلى عطب وظيفي يصيب الأجهزة المتخصصة بإفراز هرمون الدوبامين وهو مرسل عصبي متخصص بإحالة المعلومات إلى الخلايا العصبية، وربط الإرسال فيما بينها، ومن هنا تأتي أهمية رفع تركيز هذا الهرمون في جسم المصاب اعتمادًا على مادة مركبة معادلة لتأثيراته تدعى «L-Dopa»، وإن هذه الاضطرابات الحاصلة ليست من أصل دوراني لها علاقة باضطراب عمل الدوبامين التي لها دور في بعض حركاتنا، ولها علاقة أيضًا بنقص الحديد في الدماغ وبصورة خاصة في النواة الرمادية المركزية. وهناك عوامل جينية قد تلعب دورًا في ذلك.

وحديثًا اكتشف تأثير بعض الأدوية العصبية واليثيوم، وحاصرات يبتا، وقد تكون بعض الأعراض مشتركة مع بعض الأمراض مثل داء باركينسون، وقد تأتي هذه الإصابة على أثر ذبحة صدرية أو جلطة، والتي تتم معالجتها بأدوية تخفض كثيرًا من الطاقة العصبية للعضلات.

العلاج: تستعمل في بداية هذه المشكلة الجرابات الضامة، وممارسة الرياضة الخفيفة وتناول غذاء غني بالحديد مع إضافة بعض الأدوية فيما إذا كان هناك نقص في معالجة بعض الأعراض، أو في حالات حدوث أعراض تشنجية أو اختلاجية وذلك باستعمال مركبات Clonazepam أو Gabapentine، وفي حالات أخرى نستعمل مضادات الألم مثل مشتقات Dextroproxyphene أو الـ Paracetamole Codeine ودائمًا بعيارات متدرجة.

في الحالات الشديدة: إعطاء المريض أدوية منشطة وأخرى تحتوي على هرمون الدوبامين: مادة مركبة معادلة لتأثيراته Ropinirole والتي استعملت بنجاح مثير للتخلص من إرهاق الرجلين والساقين بنسبة 70% لمساعدة المصاب على الاستمتاع بنوم عميق لاستعادة عافيته.

---------------------------------------

  • تغذية: صيدلية المطبخ

بريهان فارس عيسى

العلاقة بين الإنسان والأرض علاقة تكاملية، حيث يحتاج الإنسان إلى كل ما تنبته الأرض من ألوان الطعام، وهو بالوقت ذاته يستمد توازنه البدني والنفسي من تناول هذه الأغذية التي تحقق له الراحة البدنية والنفسية، وتجعله يتمتع بصحة جيدة، ليمارس الحياة بلياقة ونشاط. كما أن الإنسان يستخدم الطعام للعلاج من بعض الأوبئة، ويستخرج منه غالبية العقاقير والأدوية التي تقدم إليه العلاج الشافي.

يمكن لسيدة البيت أن تحيل مطبخها إلى صيدلية، وذلك من خلال الاستعانة بالتوازن في ألوان الطعام والشراب، وتقسم الأغذية إلى ست مجموعات كما يلي:

  • مجموعة الحلويات والدهون.
  • مجموعة الحليب ومنتجاته.
  • مجموعة اللحوم والبقول والبيض والمكسرات.
  • مجموعة الخضراوات.

مجموعة الحلويات والدهون

تجنب تناول الأغذية من هذه المجموعة قدر الإمكان، وإذا تناولتها، فيجب أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار في حساب غذائك اليومي.

جميع الزيوت النباتية لا تحتوي على الكولسترول ومحتواها من الأحماض الدهنية المشبعة، وبالتالي أقل ضررًا، ويعتبر زيت النخيل وزيت جوز الهند أكثر الزيوت النباتية في محتواها من الأحماض الدهنية المشبعة. ومع أن أغذية المجموعة الأولى ذات طاقة عالية وتمد الجسم بالطاقة بشكل كبير، إلا أنها تعتبر ذات قيمة غذائية منخفضة.

يعتبر الرطب والتمر والعسل من ضمن هذه المجموعة، حيث إنها عالية جدًا في نسبة السكر وتعطي كمية عالية من الطاقة ولا تحتوي على نسب مهمة من العناصر الغذائية الأخرى مقارنة بما تحتويه من سكر.

مجموعة الحليب ومنتجاته:

عدد الحصص في اليوم: من حصتين إلى ثلاث حصص.

مقدار الحصة: كوب من الحليب أو الزبادي أو 15 جم من جبن ذي نسبة دهن عالية أو 30جم من جبن ذي نسبة دهن متوسطة أو 50 جم من الأجبان ذات نسبة الدهن المنخفضة.

تعتبر أغذية هذه المجموعة أهم مصادر الكالسيوم في غذاء الإنسان، كما أنها مصدر جيد للبروتين والفيتامينات وبعض المعادن.

ينصح بتناول المنتجات قليلة الدهن أو منزوعة الدهن، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم زيادة في الوزن أو الأشخاص الذين يخشون من زيادة أوزانهم.

يعتبر «الآيس كريم» والأجبان عالية الدهن من المنتجات ذات نسبة الدهن العالية ويجب الإقلال من تناولها بشكل عام.

يمكن استبدال «الآيس كريم» بالزبادي المجمد فهو أقل بكثير في محتواه من السعرات الحرارية.

مجموعة اللحوم والبقول والبيض والمكسرات:

عدد الحصص في اليوم: من حصتين إلى ثلاث حصص.

مقدار الحصة: نصف كوب من البقول المطبوخة أو بيضة أو ملعقتان من زبدة الفول السوداني أو 30 جم من اللحوم أو السمك أو الدواجن.

تعتبر أغذية هذه المجموعة مصدرًا مهمًا للبروتين وفيتامينات مجموعة (ب) والحديد والزنك.

ينصح بتناول الأغذية من هذه المجموعة قليلة الدهن، فيجب اختيار اللحوم التي لا تحتوي على نسبة عالية من الدهون، مثل لحم الفخذ في الأغنام أو لحوم الأبقار والجمال، فهي أقل في نسبة الدهن من الأغنام، كذلك ينصح بإزالة جلد الدجاج قبل الطبخ لخفض نسبة الدهن.

اللحوم الحمراء وخاصة ذات نسبة الدهن العالية والقلب والكبد والكلى واللسان تحتوي على نسبة عالية من الكولسترول، كذلك الأسماك القشرية مثل الربيان وأم الربيان فهي تحتوي على نسبة عالية من الكولسترول.

ولكبار السن ينصح بالإقلال أيضًا من تناول البيض، بحيث يكتفى ببيضة واحدة أو بيضتين أسبوعيًا لاحتواء البيض على نسبة عالية من الكولسترول، ويعتبر النخاع والمخ أعلى من جميع الأغذية الأخرى في نسبة الكولسترول، وتعتبر منتجات اللحوم المجهزة مثل اللحم المفروم والنقانق والسجق والمرتدلا والبسطرمة وغيرها ذات نسبة عالية من الدهون تصل إلى 30 في المائة، ولذلك يجب الإقلال قدر المستطاع من تناول هذه المنتجات.

كذلك ينصح بتجنب الإكثار من المكسرات ذات النسبة العالية من الزيوت، مثل الفول السوداني واللوز وغيرها.

مجموعة الخضراوات:

عدد الحصص في اليوم: من ثلاث إلى خمس حصص يوميًا.

مقدار الحصة: كوب من الخضراوات الورقية الطازجة المقطعة أو نصف كوب من الخضار المطبوخة أو الخضار الطازجة المفرومة، أو ثلاثة أرباع الكوب من عصير الخضار.

تعتبر أغذية هذه المجموعة مصدرًا مهمًا لفيتاميني «أ و جـ» وبيتا كاروتين وحمض الفوليك والمعادن مثل الحديد والمغنيسيوم والألياف الغذائية.

تعتبر الذرة الطازجة والبطاطس والبطاطا الحلوة وإن كانت ضمن الخضار، إلا أنها عالية في محتواها من الكربوهيدرات وبالتالي تعطي كمية كبيرة من الطاقة (السعرات الحرارية).

ينصح بعدم تقشير البطاطس حيث إن معظم الفيتامينات والمعادن توجد في القشرة وقريبًا منها داخل الدرنة.

تعتبر معظم الخضار وخاصة الخضار الورقية وخضار السلطة بشكل عام ذات محتوى منخفض جدًا من الطاقة، ويمكن استهلاكها بالقدر المرغوب على ألا يقل ذلك عن الحصص المقترحة في اليوم.

تعتبر الخضار الورقية ذات اللون الداكن مثل الخس (طويل الأوراق) والسبانخ والبقدونس أكثر فائدة من غيرها، كما أن الطماطم والفلفل الحلو أغنى بفيتامين (جـ)، والخضار ذات اللون البرتقالي مثل الجزر والبطاطس الحلوة غنية ببيتاكاروتين (مكون فيتامين أ).

تعتبر الخضار البقولية، مثل الفاصوليا الخضراء والبازلاء واللوبيا غنية بالحديد وحمض الفوليك والألياف الغذائية.

---------------------------------------

  • هوايات: تربية أسماك الزينة في المنزل

منى خير

هواية تربية أسماك الزينة في المنزل من الهوايات الجميلة التي يلجأ إليها بعض الأشخاص للاستمتاع بشكل أسماك الزينة البديع . ولتربية أسماك الزينة في المنزل أول شيء نبحث عنه هو الحوض الذي نربي فيه السمك، فمثلما نختار المسكن علينا أن نختار المسكن الذي تُربى فيه الأسماك، فيجب أن يكون بالشكل والحجم المناسبين، فالأحواض تُصنع من الزجاج أو الأكريليك.

وتختلف أشكال أحواض السمك من المربع، إلى المستطيل، والمدور، حسب الذوق وكمية الأسماك التي سوف تُوضع في الحوض، ويجب أن يكون متوافرًا في الحوض المناخ المناسب، لتكون الأسماك قادرة على التعايش فيه، ويجب - لكي تقوم بهذه الهواية - التعرف عن قرب على المعلومات التي تفيدك في هذا المجال لمعرفة كل جديد عن هذه الهواية ومعرفة كل المشكلات التي تواجهك والتعرف على الحلول، ومنها:

1- حجم الماء: يجب أن يكون حجم الماء في الحوض مناسبًا لكمية وحجم السمك المراد وضعه في الحوض، وكلما كبر حجم الحوض قلت نسبة الخسائر في الأسماك، والمياه التي توضع في الحوض يجب أن تكون مياهًا عذبة مع إضافة الملح المخصص. ويجب أن يكون الماء دافئًا.

2- استخدام السخان في الشتاء ويضبط على درجة حرارة من 25 27 درجة مئوية وهي الدرجة المناسبة للتكاثر، ويفضل استخدام السخانات التي تتوافر فيها ترموستات، بحيث يضبط الترموستات على الدرجة التي ترغب فى تزويد المياه بها.

3- مضخة الهواء: وهو جهاز يقوم بإنتاج تيار من الهواء على شكل فقاقيع هوائية صغيرة، وتتم تغذية الحوض بالهواء الخارج من المضخة عن طريق أنبوب بلاستيكية، تعمل المضخة على تجزئة الهواء إلى عمود من الفقاعات لإنتاج الأكسجين، ويجب وضع المضخة فوق مستوى سطح الماء في الحوض، كما أنه يجب وضع كمية من الحصى والخشب لفرش قاع الحوض لإكساب الحوض الشكل الجميل، ويجب علينا مراقبة الرشح فى الحوض، والتخلص من الطحالب عن طريق التنظيف الدائم للحوض والتقاط أي شوائب أو براز الأسماك أو غذاء لم يؤكل قبل تعفنه في الحوض، أو أي أسماك مريضة أو ماتت قبل تعفنها أو تغير بتفاعلاتها حيوية المياه، وحتى لا نضطر لتغيير ماء الحوض كله، ويتوقف عدد مرات تنظيف الحوض على عدد مرات تناول السمك للطعام، ويجب سحب الفضلات من الحوض عن طريق استخدام الشفاط، واستخدام الكاشطة لالتقاط الشوائب، وأيضا استخدام مغناطيس التنظيف، ويستخدم في حالة ظهور فضلات وطحالب على سطح الزجاج من الداخل، ويجب ضبط الإضاءة بحيث لا يترك الحوض مضاء ليل نهار.

أنواع أسماك الزينة

أنجل: هي من أجمل أنواع أسماك الزينة، منها أنواع وأشكال كثيرة وهي من الأسماك المسالمة، ويمكن تربيتها مع الأصناف الهادئة من الأسماك.

يلاتي: سمكة متعددة الألوان، وهي من الأسماك الولودة غزيرة الإنتاج، وتتميز هذه السمكة بقدرتها على مقاومة الأمراض.

دسكاس: سمكة جميلة وغالية الثمن، يوجد منها أنواع وألوان كثيرة وألوانها براقة لامعة.

زيبرا: سمكة نحيفة جدًا صغيرة، والأنثى تكون أكثر فضية من الذكور، تحب السباحة السطحية.

ويجب متابعة الأسماك داخل الحوض ونقل الأسماك المريضة بأسرع ما يمكن ويجب إزالة الديدان من على الأسماك، وعند إصابة الأسماك بالإمساك وظهور البراز في هيئة خيط يخرج من السمكة يجب إضافة ملعقة صغيرة من ملح سلفات المغنيسيوم إلى الحوض، ولا تجعل الحوض يزدحم أكثر من اللازم، حيث إن أي أمراض تنتشر سريعًا،

ولا تضع السمك الكبير مع السمك الصغير، ولا تضع تغذية أكثر من اللازم، لأن الطعام المتراكم يحدث تلوثًا للحوض، ولا تجعل الطعام أقل من اللازم حتى لا يسبب ذلك ضررًا للأسماك بسبب الجوع، عدم التدخين بجوار الحوض، التنظيف المستمر للفلتر، استخدام الطعام المشبع بالفيتامينات، تجنب الضغط على الأسماك.

أطعمة أسماك الزينة

هنا يتبادر إلى أذهاننا: أي الأطعمة أفضل لصغار الأسماك؟ وهل الطعام الغني بالبروتين هو الأفضل؟ يجب علينا عند شراء أطعمة الأسماك أن ننتبه إلى تاريخ صلاحية المنتج وإلى بلد المنشأ والنوعية، ونلاحظ أن الأسماك البالغة تأكل ما مقداره 1 إلى 2 في المائة من وزن جسمها ويمكن تقسيم هذه الكمية على دفعتين، أما الأسماك الحديثة الولادة فيمكن أن تأكل ضعف هذه الكمية مع تعدد الوجبات خلال اليوم.

---------------------------------------

  • مساحة ود: رؤيانا الجمال هو الحقيقة والحقيقة هي الجمال

نجوى الزهار

لكل صباح إرادته، اليوم أراد هذا الصباح أن يكون حضوره متميزًا, لا يخضع للمقاييس، فدق على أبواب الشمس وعلى وجهه ابتسامة السؤال. نزعت الشمس عباءة النوم على استعجال.. لكي ترتدي الشال المخطط بالأصفر والبرتقالي. ابتسمت رؤيانا للأمواج الذهبية التي لامست جسدها الصغير. فأمسكت بأحلامها، أحلام الليلة السابقة. فتحت أبواب مخدتها، لكي ترتب هذه الأحلام، فوق إخوتها من الأحلام.. هي تحلم دائما لكنها في بعض الأحيان لا تود أن تتذكر أحلامها. تترك تلك الأحلام نائمة في سلتها.

تشعر بأن تلك الأحلام هي بمنزلة خطوط / أشكال / طبقات / نغمات / أحاديث، لا تعرف إن كان عليها أن ترتبها كما ترتب دفاترها المدرسية، أن تفهمها كما تفهم حروف الأبجدية، لكن من أين لها أن تضع لها تاريخًا محددًا؟ زمنا واضحًا؟ أم فهمًا جليًا؟.. إلى أن سمعت ما يشبه الهمس يدور بين ثنايا الأحلام..

لكل شيء زمان ومكان

فتحت رؤيانا شبّاكها المطل على حديقة المنزل لكي تضع حبات القمح للعصافير الزائرة، ثم تتأكد من أنها قد تناولت قمح اليوم السابق. لكنها تراجعت، تراجعت، ثم تراجعت عندما وجدت أن حبوب الأمس لاتزال على حالها، وأن أيّا من العصافير لم يقل لها «صباح الخير». أين العصافير؟ أين الحمامات؟ أين نسيم الصباح؟ عندما نظرت عرفت. شاهدت أمها مع بعض الوجوه الجديدة، إنهم العمال، فهم يحملون السلالم والمقصات، ثم فهمت أيضًا من إشارات أمها لهم: أن يقصوا تلك الأغصان المتنامية، وأن يخلعوا تلك الأوراق اللاهية على الأشجار، لكي يكون لأشجارهم مصير أشجار الجيران نفسه والتي امتدت إليها يد المقص من قبل لتتخذ أشكالًا متعددة فتصبح لها أشكالًا لا تعرفها: مربع، مستطيل، لولبي، حلزوني، طبقات، مثلثات ذات رؤوس مدببة!

سمعت أنين الأغصان، شاهدت الأوراق وهي تلحق بعضها بعضًا في محاولة للاحتماء، ارتعش القلب الصغير خائفًا، امتدت نظراتها بعيدًا بعيدًا إلى تلك الشجرات على التلال، التي لاتزال تنعم بحريتها. أمسكت بخصلات شعرها، تساءلت: ماذا لو امتدت يد غريبة لتقص لي خصلات شعري؟ احتاجت إلى لغة جديدة، لأسلوب ما، يكون باستطاعته أن يعبر عما يجول بعقلها الجميل. نظرت إلى سلة الأحلام، خافت أن تحلم الليلة بما تشاهد اليوم، هي تريد لأحلامها أن تظل بها نكهة الأحلام. أسرعت إلى غطاء مخدتها، فتحت أبواب مخدتها لكي يتجدد هذا الحلم.

الحلم

جاء الحلم باسطًا ذاته بين يديها. تركض هي في السهول، في أعالي الجبال، تسبح في المياه. وتلعب أيضًا لعبة المطر والشمس. هي من كل هذا، هي في كل هذا، إلى أن تدعوها فراشة بيضاء لزيارة بيت الفراشات، أمسكت الفراشة البيضاء بيدها. تركت يدها.استدارت لكي تركض... ركضت الفراشة.. سمعت أصوات أقدام الفراشات.. وهي تعزف لحنًا فردوسيًا على أوراق الشجر. استعارت هي أقدام الفراشة ليغدو دائمًا وأبدا صوت قدميها هو لحنًا ملازمًا ومتلازمًا مع لحن أقدام الفراشات.. فتحت الفراشات البيضاء الأبواب / الشبابيك / والأسقف..

لها بانت زهور اللوز المختبئة، أمسكت الفراشات البيضاء بزهور اللوز ذات البريق اللمعان والتوهج. ثم مسحت به ضفائرها. كانت تنتشي طيرًا سابحا بين طيات الأثير. فعندما تزهر أزهار اللوز، ويردد الجميع: «إنه الربيع» إنها أزهار اللوز البيضاء. كانت تمسك بضفائرها لكي ترى وتعلم أنها قد شاهدت، لمست زهور الربيع..

من قبل والآن وفيما بعد..

إلى أن جاء صوت المربية: ندى. ندى: ماذا أيتها الصغيرة الجميلة؟

رؤيانا: صباح الخير يا ندى.

ندى: صباح الخير يا رؤيانا.

رؤيانا: ماذا يفعلون في الحديقة؟

هي.. شاهدت.. سمعت. ثم عرفت أن تلك الأشجار قد فقدت الكثير الكثير من مقدرتها على ملامسة نسيم الصباح.. عن اتساعها لأعشاش العصافير. هي عارية لا تستطيع أغصانها أن تحتضن أوراقها، لا يستطيع الماء القابع في جذورها أن يمتد لكل الأغصان. إن تلك الأشجار ما عاد باستطاعتها أن تلعب مجددًا مع النور والشمس مع الليل والقمر..

أصبح لونها الأخضر مقسومًا مبددًا بدرجات غريبة لم يعرفها تاريخ اللون الأخضر من قبل..

رؤيانا: أين أمي؟

ندى: ذهبت لصالون الشعر، فلدينا اليوم دعوة لحضور عيد ميلاد صقر ابن السيدة جمانة.

لم تجرؤ على البوح.. إنما حاولت كتابة ما يدور في عقلها على شباك نافذتها. أنا لا أحب تلك الحفلات. وهذا صقر خصوصًا

لا أعرف كيف أتعامل معه.حتى إنه لا يسألني عن حالي، عن مدرستي.. إنما يمسك بألعابه الكثيرة الكثيرة جدًا، ويضعها أمامي لكي أعرف أنه يمتلك أحدث أنواع الألعاب الإلكترونية.

اقتربت ندى وهي تمسك بالمشط بين يديها. اقتربت منها رؤيانا. بدأت يد ندى بملامسة الشعر الطويل.. لمست ندى ضفائر رؤيانا تنمو وتنمو كل يوم. سمعت رؤيانا ما يقول عقل ندى عن شعرها. شعرتْ بما يشبه الدوار، فتلك الأشجار أيضا كانت تنمو كل يوم أغصانًا متتالية، أوراقًا فرحة، جذورًا مستبشرة. إلى أن بدأت ندى بضم شعر رؤيانا ضمة واحدة. بيد واحدة. استدارت ثم نظرت إلى ندى..

رؤيانا: ماذا تفعلين يا ندى؟

ندى: طلبت مني أمك أن يكون اليوم شعرك على هيئة ذيل حصان، فهو الأجمل لمناسبة اليوم .

رؤيانا: ولكنك تعرفين وأمي أيضًا تعرف، أني لا أحب ربط شعري على هيئة ذيل حصان. فشعري يؤلمني..

ندى: في الحقيقة لا أستطيع مخالفة رغبات أمك.

لم تستطع المقاومة، لم تستطع الإفصاح، ماذا عن الجديلة الوحيدة التي باستطاعتها ملامسة ظهري؟ ماذا عن ضفيرتين تلامسان أكتافي..؟ ولكن.. جاءت الأصوات من الخارج، أكثر من صوت ينادي، يستدعي رؤيانا وندى.

ما إن غادرتا الغرفة حتى تركت رؤيانا يد ندى. عادت مسرعة جدًا إلى غرفتها، اقتربت من مخدتها، لامست أحلامها، سمعت أنغام أحلامها. ثم استغاثت بالأحلام، قالت لها الأحلام: «إننا هنا لا نغادر، في الانتظار لنعاود اللعب من جديد». ابتسمت، أمسكت بقميص نومها ثم لفّته حول مخدتها. لعل قميص نومها يداعب أحلامها فتشعر هي؛ ثم تشعر الأحلام بالأمان. استقر قلبها مجددًا في مكانه، مع أن رأسها يؤلمها، يؤلمها جدًا.

المشوار

رؤيانا: صباح الخير يا أمي.

الأم: صباح الخير.

نظرت الأم بعين طفلتها، لم تستطع أن تتبين أيًا من الدلالات. «ولكن رؤيانا ازداد تعجبها من هذا الذي على شعر أمها، أيكون مثل الصمغ الذي تلتصق به الأوراق مع بعضها بعضًا؟».

«سيارة بها الأم ثم رؤيانا وندى من الخلف، درجات الحرارة العالية جدًا، الازدحام ما بين السيارات ثم الوقوف في نقطة محددة.

فقد تشابكت واختلطت السيارات مع بعضها بعضًا. فتحت شبابيك السيارة المغلقة، جاء صبي صغير يتجول ما بين السيارات، حاملًا ذلك السائل الصابوني الذي ما إن ينفخ فيه حتى تتعالى الفقاعات الملونة. هو في انتظار مَن يشتري. ابتسمت للفقاعات الملونة. تراها تعكس أشعة الشمس، ثم ابتسمت ثانية للفقاعات الملونة وهي تسبح ما بين السيارات وعلى زجاج النوافذ. فرحت.. فرحت جدا بابتسامة ذاك الصبي الذي لم تمتد لها يد الحر فتنكمش، إنما ظلت تلك الابتسامة تمتلك حريتها مع كل كرة بلورية..

امتدت عيون الأم لعيون رؤيانا، فشاهدت كرة بلورية صغيرة جدًا تلمع في عينيها، تساءلت؟ أهي على وشك البكاء؟ أم أن الشمس قد بالغت في درجة حرارتها؟ اقترب الصبي من الشباك الموازي للأم، نظرت إليه الأم فابتعد، لكن يد رؤيانا الجميلة امتدت من الناحية الأخرى لتطلب الشراء؛ شراء علبة من الفقاعات الصابونية. حاولت الأم الاعتراض، ولكن يد رؤيانا كانت الأسرع في التسلم، ابتعد الطفل عن السيارة لكن الفقاعات الملونة ذات الأشكال المستديرة، ذات الانعكاسات بألوان قوس قزح، امتلكت الأجواء كلها.

كانت تلك الفقاعات تحوم وتحوم، بعض العيون شاهدتها فابتسمت، وأغلب العيون لم تشاهد لكي تبتسم. حاولت الأم أن تسألها، إن كانت قد استمتعت بحفلة عيد ميلاد صقر. فالحفلة كان بها الكثير الكثير من الهدايا.. البالونات الغازية والحلويات والمهرجين والرسم على الوجوه والمسابقات، لكن يد رؤيانا القابضة على العلبة ذات الرغوة الملونة لم تستطع أبدًا أن تمسك أيًا من تلك الهدايا. أمسكت بعلبتها ذات السائل السحري، وضعتها بجانب مخدتها، لأنها تعرف أن الأحلام سوف تستعير بعضًا من تلك الفقاعات الملونة..

في هذه اللحظات بدأت هي برسم خارطة أحلامها. تختار ألوان تلك الأحلام، أمسكت بعلبتها، ثم أمسكت بالدائرة المستديرة لكي تضعها في داخل السائل الصابوني، بدأت برسم دوائرها. رأت تلك الدوائر أقمارًا مستديرة، ثم أقمارًا تمتلك أجنحة فضية بنقاط بنفسجية، شاهدت الشمس بألوان مستجدة، فيها الكثير من الأخضر والأبيض..

جاءت أيضا الريح حاملة معها حقيبتها المدرسية لكي تتلو أمامها بعضًا من أسرارها. ولكن كل هذا لم يكن بالكافي. استدارت ثانية إلى علبتها ذات السائل السحري وابتدأت بالنفخ المرة تلو المرة، إلى أن شاهدت كرات خضراء لا يحدها حجم، ولا يحدها طول، تقترب من تلك الأشجار التي امتدت إليها يد المقص. شاهدت تلك الكرات الخضراء تلتف وتلف حول الأشجار لمساعدتها على العودة.. العودة إلى ما كانت عليه. شاهدت الأغصان وهي تحمل أوراقها فتلتصق بالجذع الذي رد التحية بابتسامة خضراء، لكي تستقر مجددًا على رؤوس الأشجار.. كل الأشجار والفقاعات الملونة.

---------------------------------------

  • إعلام: من «مهد» النهضة إلى «لحد» العولمة مجلاتنا النسائية

سناء محمود

لأسابيع قليلة عام 1693 قدمت أول مجلة نسائية في التاريخ البريطاني, ما يمكن أن يصبح عنصرًا محوريًا تتناوله المجلات النسائية المتخصصة لاحقا، وهو العلاقات بين النساء والرجال، ودعت ميركوري، السيدات لإرسال أي أسئلة تتعلق بهذا الأمر، واعدة إياهن بالرد على استفساراتهن التي تتعلق بالحب، بكل هدوء ورفق، وأن ترسل الأسئلة التي حيرتهن إلى عنوان لمنزل قرب مقهى القديس بولس، وأن ينتظرن لقاء جمعية السيدات لكي يحصلن على الحلول الوافية الشافية.

تطورت المجلات خلال القرون الثلاثة التالية، لكي لا تقدم نصحا للمرأة في أمر عاطفي، بل لكي تصف لها ماذا تلبس، وكيف تأكل، ولماذا تعمل، وغيرها من الأسئلة التي لا تزال تسعى المجلات النسائية في العالم كله للإجابة عليها، بل إن هناك مجلات أصبحت تغير المجتمعات، مثلما قدمت «البوردا» الألمانية الفرصة للمرأة، لكي تكون صانعة لفساتينها لتنجو من غلاء أسعار البيوت الباحثة عن أزياء بتصميمات جديدة. كما خصصت مجلات أخرى صفحاتها للهوايات والمواهب والقصص والقصائد، حتى تفرعت مجلات المرأة إلى مجلات تهتم بالمطبخ، وأخرى تتناول شئون الديكور، وثالثة للأزياء، وهكذا، تحت شعارات تغري المرأة بالوصول إلى قمة الأناقة، والرشاقة، واللباقة، وغيرها من التعبيرات المنمقة.

رحلة متباينة

يمكننا أن نميز بين أربع مراحل تصف الصحافة النسائية في بلادنا العربية، الأولى تمثل تدشين تلك المطبوعات التي حملت أحلام المرأة الشرقية، وارتبطت بمشروعات النهضة، وازدهرت في مناخات متعددة الأعراق والأديان، والثانية تلك التي جاءت مع مشاريع الاستقلال الوطني، وكتبت دفاترها يوميات نضال المرأة سعيًا إلى المساواة ونيلًا للحقوق المشروعة، والثالثة تواكبت مع الطفرة النفطية في دول الخليج العربية، وظهور قطاع جديد باحث عن مجلات فاخرة المظهر، تروج للروح الاستهلاكية في المجتمع المدني الوليد، أما الأخيرة فهي ما وصلت إليه هذه الصحافة، حين أصبحت صفحاتها ترجمة لمتن المجلات الأجنبية، بعد أن أصابت حمى العولمة جسد المجتمع العربي، وأصبح لا يشفى إلا بأدوية صيدليات غربية، بل أصبحت هناك مجلات تترجم بكاملها إلى «العربية» من نسختها الأجنبية، تماما كما في معظم لغات العالم.

بالمقابل كانت للمجلات النسائية في العالم العربي بداية طموحة وهادفة، تتوازى مع حلم النهضة، وتسعى للرقي بالمرأة الشرقية، وكانت في ذلك تتخذ موقفين؛ إما أن تتخذ من الإسلام ركيزة لبناء أخلاقي، وإما أن توجه البصر نحو أوربا سعيًا لنهضة تحاكي فيها النساء الشرقيات نظيراتهن الغربيات. وقد برز اسم مصر محطة رئيسية لهذه المجلات المبكرة، حين ظهرت مجلة «الفتاة» التي أصدرتها اللبنانية «هند نوفل» بمدينة الإسكندرية كأول مجلة نسائية عربية (20 نوفمبر 1892م - 1من جمادى الأولى1310هـ)، كمجلة شهرية علمية تاريخية أدبية فكاهية (40 صفحة)، وقد توقفت المجلة بعد عددها السادس، لأن هند - التي لقبت بأم الصحفيات -تمت خطبتها، وصدرت بعد ذلك فترة، ثم توقفت تماما عام 1894م لانشغال هند ببيتها العائلي.

بين مصر والسودان

يمكننا أن نشير في مصر كذلك إلى مجلة «الفردوس» التي أصدرتها لويزا حبالين في القاهرة (يونيو 1896م) و«مرآة الحسناء» لسليم سيركس (1896م)، الذي وقع موضوعات مجلاته باسم «مريم مزهر»، ومجلة «أنيس الجليس» لألكسندرا فيرنيوه (يناير 1898م) و مجلة «العائلة» لإستير أزهري (مايو 1899م)، ومجلة الهوانم الأسبوعية (15 من إبريل 1900م)، ومجلة «الزهرة» لمريم سعد (مايو 1902م) ومجلة «السيدات والبنات» لروزا أنطوان (إبريل 1903م)، ومجلة «فتاة الشرق» التي أصدرتها لبيبة هاشم (أكتوبر 1906م) ومجلة «الريحانة» لجميلة حافظ (فبراير 1907م)، ومجلة «ترقية المرأة» لفاطمة نعمت راشد (مارس 1908م)، ومجلة «الجنس اللطيف» لملكة سعد (1925م). ومن المجلات التي تندرج تحت مسمى الصحافة النسائية الإسلامية مجلة «النهضة النسائية» وأصدرتها لبيبة أحمد (يوليو 1921م) ومجلة «هاجر» (1411هـ -1990م) وصدرت كملحق لمجلة المختار الإسلامي، وصحيفة «الجهاد» اليومية النسائية (ديسمبر 1924م)، لزينب عبد الحميد، ومجلة «حواء الجديدة» (1955م) عن دار الهلال، وأصبحت لاحقا تحمل اسم مجلة «حواء»، والتي لا تزال تصدر حتى وقتنا الحاضر، ومجلة «هي» (أكتوبر 1964م)، ومجلة «نصف الدنيا» التي صدر عددها الأول في (18 من فبراير 1990م)، برئاسة تحرير سناء البيسي عن مؤسسة الأهرام. وفي الخرطوم أصدرت السودانية ذات الأصل الأرمني تكوي سركسيان «بنت الوادي» أول مجلة نسائية (1946م)، وجاءت بعدها مجلة «صوت المرأة» لفاطمة أحمد إبراهيم (1955م)، وصدرت (1956م) مجلتا «القافلة» و«المنار»، كما صدرت مجلة «حواء الجديدة» (1969م)، ومجلة «عزة» (1990م).

تجربة شامية

وفي سورية أصدرت ماري عبده «العروس» أول صحيفة نسائية بمدينة دمشق (1910م)، كما صدرت بعدها مجلات «الفيحاء» (1920م)، و«دوحة المياس» (1928م)، و«الربيع» (1935م)، و«المرأة العربية» (أغسطس 1962م) التي لا تزال تصدر عن الاتحاد العام النسائي السوري. أما في بيروت فقد أصدر جرجي نقولاباز مجلة «الحسناء» (1909م) المجلة النسائية الأولى في لبنان، كما أصدرت بعده فيفة كرم مجلة «المرأة السورية» (1911م)، ومجلة «العالم النسائي الجديد» في نيويورك (1912م) لتصبح أول صحيفة نسائية تصدر في أمريكا، ونذكر إجمالًا عناوين مثل مجلة «فتاة لبنان» لسلمى أبو راشد (1914م)، و«منيرفا» لماري يني، و«الفجر» للأميرة نجلاء أبواللمع (1919م)، ومجلة «الخدر» لعفيفة صعب (1919)، و«المرأة الجديدة» لجوليا طعمة (1921م)، ومجلة «الحسناء» (1961م)، ومجلة «مود» التي صدرت بثلاث لغات. كما صدرت بعد الحرب الأهلية مجلات «اللبنانية»، و«مشوار»، و«فيروز» و«عفاف» و«زينة» و«جمالك»، و«نور» ومجلة «وفاء» (1991م).

اليوم، وخلافًا لغيرها من منتجات وسائل الإعلام العالمية التي يتم استيرادها من الخارج، تبدو المجلات النسائية الدولية الأكثر تأثيرًا على الصحافة المحلية، خاصة بعد أن انتشرت تلك المجلات عبر اتفاقات الترخيص أو مشاريع مشتركة مع المؤسسات الصحفية المحلية، التي تسمح بملكية الطبعات المحلية من تلك المجلات النسائية. ونتيجة للجهد الكبير للمجلات الأم، والحرفية الهائلة التي تقدم بها المادة المصورة، أصبحت المجلات المحلية، سواء الطبعات العربية، أو المجلات العربية ذاتها، أسيرة للنمط الغربي في تقديم المجتمع، وهكذا اتسعت الصفحات للأزياء العالمية التي لا يمكن لغالبية القراء الحصول عليها، فضلًا عن مشاهدتها، كما أن الانفتاح على الثقافات المختلفة، وخاصة في الأطعمة، جعل من المألوف أن تتحدث المجلات العربية للقارئات في الشرق عن مطابخ الهند والصين وأمريكا اللاتينية، وهكذا توارى وراء هذا كله المشهد العربي، وذلك بسبب انفتاح صفحات المجلات النسائية العربية على بوابة أيسر تقدم وجبة جاهزة، مثلما ساهمت الوجبات الجاهزة مسبقا في اندثار الكثير من الأطعمة، وهكذا وبالرغم مما تلبسه هذه المجلات اليوم من ثياب الورق المصقول والصور الباذخة، تتحول من مهد النهضة إلى لحد العولمة، وكأنها منومة مغناطيسيًا. ولم يعد الأمر مقصورًا في التجربة الصحافية النسائية الخليجية، بل تخطاها ليكون تجربة عامة شهدتها دول عربية كثيرة كلبنان ومصر والمغرب.

تحتاج الصحافة النسائية إلى وقفة، تعيد تجديد الأسئلة الحقيقية، حول مغزى نشأتها، ومدى ارتباطها بقضايا مجتمعها.

---------------------------------------

  • أزياء: الإماراتية زهرة كرمستجي تخطو بالعباءة التقليدية نحو العالمية

هايدي عبد اللطيف

«الإغراق في المحلية هو الطريق للعالمية».. جملة تصيب دائمًا وفي مجالات عدة.. فعندما قدمت مصممة الأزياء الإماراتية الشابة زهرة كرمستجي أول عروضها عام 2008 ضمن مسابقة للمواهب الشابة، لم تتوقع النجاح العالمي الذي ستحققه وأن ترتدي نجمة مثل «باريس هيلتون» عباءة تحمل علامتها التجارية «زهرة ام». وفي سنوات قليلة تردد اسم زهرة محمد كرمستجي كثيرًا في عالم الأزياء بالإمارات العربية المتحدة وحققت نجاحًا كبيرًا.

تعود البداية حينما شاركت زهرة كرمستجي بتصميماتها في فعالية إبداعات بمدينة دبي، التي تنظم كواحدة من الفعاليات الرئيسية ضمن مهرجان دبي للتسوق، وكانت المفاجأة فوزها بجائزة أفضل مصمم موهوب لعام 2008 . وكان لهذه الجائزة دور كبير في تسليط الضوء على تصميماتها أولًا، ثم بعد ذلك في المشاركة في أسبوع أزياء ميامي العالمي الذي يقام في الولايات المتحدة. وأصبحت زهرة كرمستجي أول عربية تشارك في هذا الحدث المهم في عالم الأزياء والذي تشترك فيه أكبر بيوت الأزياء المرموقة في أرجاء العالم.

لفتت زهرة الأنظار باعتبارها أول من قدم تصميمات العباءة الإماراتية المحلية مع الشال الذي يغطي الرأس في عرض أزياء عالمي.. ولفتت زهرة الأنظار بالتصاميم المليئة بالأنوثة والتي غيرت فكرة الغرب تمامًا عن شكل العباءة السوداء التقليدية التي تشتهر بها نساء منطقة الخليج فكانت عباءة زهرة كرمستجي تشبه ثوب سهرة أنيقاً ومحتشماً لكنه يحمل أيضًا البصمة التقليدية للعباءة العربية. واستخدمت زهرة ألوانًا متعددة في المجموعة التي عرضتها في ميامي منها البرتقالي والأخضر الباهت والأسود المتداخل مع ألوان أخرى كالفوشيا. وأثارت تصميمات أغطية ووشاحات الرأس انتباه الصحافة الغربية المتخصصة في الأزياء خصوصًا الصحافة الأمريكية التي تناولت إشارات عدة إلى تصميمات زهرة غطاء الرأس المميز الذي صممته بشكل مبتكر يشبه الطربوش الأفغاني لكنه مطرز بأسلوب مبتكر وعصري...

البدايات

بدأت زهرة كرمستجي التصميم منذ عام 2000 تقريبا وشاركت في العديد من المعارض مثل معرض العروس في دبي وأبوظبي والعين. ولكن انطلاقتها نحو عالم الشهرة كانت من خلال مهرجان دبي للتسوق في فبراير 2008. وحافظت زهرة كرمستجي على مشاركاتها في أغلب الفعاليات الخاصة بعروض الأزياء التي تقام في الإمارات وتتعلق بعالم الأزياء ومنها «احتفالية أزياء دبي» والتي استطاعت منذ إقامتها عام 2006 أن تنقل مفهوم الأزياء الإماراتية إلى عالم الموضة والأزياء العالمية. وتشكل احتفالية أزياء دبي مظلة تجمع تحت سقفها مصممين من أنحاء مختلفة في العالم، وجمهوراً متعدد الجنسيات بالإضافة إلى ممثلين عن وسائل إعلام محلية وإقليمية وعالمية أيضًا، مما يجعلها أيضا نافذة عالمية للمصممين المحليين.

عمليات تجميل للعباءة التقليدية

من خلال مشاركتها في هذه الاحتفالية ، قدمت كرمستجي تصماميم جديدة من «الجلابيات» تجمع بين الحداثة والتراث. وتقول كرمستجي، المتخصصة في تصميم العباءات: إن الجلابيات الشرقية بكل أنواعها وأشكالها، تسللت أخيرًا إلى خزانة ملابس السيدات والفتيات العربيات من كل الأعمار، وخاصة في شهر رمضان حيث تكثر المناسبات الاجتماعية العائلية وتفضل النساء ارتداء الأزياء الفضفاضة، ولذا زاد الإقبال على اقتناء أكبر عدد من التشكيلات المتنوعة من هذه الجلابيات.

الجديد واللافت في هذه الجزئية، أن هذا الإقبال طال حتى شرائح المراهقات اللاتي كن يتحاشين ارتداء الجلابيات في الماضي ويحاولن تجنبها قدر الإمكان، على أساس أنها «دَقَّة قديمة»، وتتناسب مع السيدات الناضجات أكثر، خصوصًا أن تصاميم الجلابيات الشرقية حاليًا أصبحت أكثر من مجرد ثوب فضفاض مكون من قطعة واحدة تنسدل على الجسم بسخاء وتغطيه، بعد أن تم تطويرها وإخضاعها لعدة عمليات «تجميلية» ناجحة على أيدي مصممين ومصممات يفهمن السوق ومتطلباته.

والملاحظ أن حب زهرة كرمستجي للتصاميم المتجددة لا يضاهيه سوى عشقها للألوان القوية التي توحي بالفخامة، كالأزرق والأحمر وألوان الصحراء والشمس، معتمدة بشكل دائم على النقوش المميزة والتطريزات الغنية. وفى السياق ذاته تؤكد المصممة زهرة كرمستجي أن تصاميم «الهوت كوتور» سوف تأخذ هذا العام جزءًا من وقتها، إلى جانب تصاميمها للعباءات التقليدية والتى تميزت من خلالها.

باريس هيلتون في دبي

وفي الصيف نفسه، في يونيو 2009 لفتت الأنظار النجمة الأمريكية باريس هيلتون عند زيارتها دبي وقد ظهرت في المؤتمر الصحفي في مظهر جديد تمامًا وهي المعروف عنها أنها النجمة عاشقة الأناقة والحريصة على ارتداء ملابسها من أكبر بيوت الأزياء ومن العلامات التجارية الشهيرة. كانت باريس ترتدي عباءة باللون الأخضر الباهت مصنوعة من الشيفون والحرير ومطرزة باللون الذهبي بتصميم غاية في الأناقة والرقي، تبين بعد ذلك أنها من التصاميم التي عرضتها زهرة كرمستجي في أسبوع الموضة بميامي. وعبرت باريس عن إعجابها الشديد بهذا التصميم كما وضعت صورتها بالعباءة في موقع تويتر وكتبت أنها تعشق الشرق الأوسط بثقافته وأزيائه...

وبالرغم من هذا النجاح مازالت زهرة كرمستجي تعمل في التصميم من دون أن تمتلك مشغلًا خاصًا. وفي فيلم وثائقي عرض أخيرًا عن أهم المصممات الشابات في الإمارات، شغلت زهرة جانبًا كبيرًا من الفيلم، تحدثت عن تجربتها نحو العالمية، مشيرة إلى افتقارها للتشجيع المحلي، وهو ما يعوق فرص إقامة مشروعها الخاص الذي يتماشى مع طموحها لبيت أزياء إماراتي له بصمة عالمية، لكنها أوضحت أيضًا أنها على المستوى المحلي حققت نجاحًا لا بأس به، حيث تحتل تصاميمها مكانة مرموقة في المجتمع الإماراتي، ويتزايد الإقبال والطلب على تصميماتها وخصوصًا تلك التي تنفذها بالطلب والتي اشتهرت بها لفساتين الأعراس وليالي الحناء.

---------------------------------------

  • ديكور: 7 أسرار تضيئها الأباجورات

إقبال محمد فريد

تكاد كل غرفة في بيوتنا العربية أن تكون معرضًا للأباجورات، جانبية، وعلى المكتب، خافتة أو باهرة، للقراءة أو الزينة، فما هي الأفكار التي تخفيها الظلال وتضيئها الأنوار؟ وكيف نختار الأباجورة الملائمة لحجم المكان، ونوعية الإضاءة، وطراز الأثاث، وقوة النظر؟
هذه سبعة اختيارات يمثل كل منها تيارًا في الديكور.

1 - تباين

التباين القوي بين لوني غطاء الأباجورة وقاعدتها هو أساس تصميم تلك القطعة الكلاسيكية ذات الخطوط اللينة. القاعدة الذهبية تمثل إضافة قيمة مشتقة من ثراء اللونين الأخضر والأرجواني. التباين هو سر تميز هذا التصميم.

2 - بساطة

الزجاج الشاف بزرقته ذو تأثير خاطف للعين، رشاقة البدن، ورقته الأنثوية تقدم جوا رومانسيا كذلك. ما يكمل المشهد هو قطعة القاعدة المصنوعة من النيكل اللامع، في مقابل الغطاء غير اللامع، إنها البساطة والرقة معًا.

3- عطر

مثل زجاجة عطر يفوح بالضوء تبدو هذه القاعدة المتلألئة ذات القطعة الواحدة. إنها بمنزلة ثمرة أسطورية من الزجاج المنفوخ. التوازن يأتي مع غطاء من قماش الحرير له لون العاج.

4- ثراء

أحمر مثل لون التوت البري، إضافة قوية وثرية لغرفة نوم، وما يزيد التصميم ثراء القاعدة ذات الكرتين بتصاميم الزهر.

5- فاكهة

ثمرة كيوي، نعم هكذا تبدو القاعدة الزجاجية الشافة، ومنها تنمو ماصة العصير، تلك العصا التي تحمل مظلة بلون الغابة، من الحرير ذي اللمسة البرية. إنها تضيء ذاتيا في النهار فتضيف إشراقة الفاكهة على المكان.

6- إبحار

من خشب البامبو يأتي بدن هذه الأباجورة التي تبدو كمركب عتيق. هذا النسيج مصنوع يدويا وفوقه يأتي غطاؤه كشراع مركب، مناسبة لغرفة المكتب.

7- ندرة

تعود هذه الأباجورة إلى تصميم مستوحى من بواكير القرن السابع عشر، بالتحديد مجموعة جاكو ماريس الهولندية سنة 1647م. الأذرع التي تشبه جسد الكوبرا مصنوعة من النحاس المطلي بالفضة، بينما الغطاء يمثل مظلة للأشعة فوق البنفسجية، إنها ندرة القصور التي تمثل إضافة قطعة منها إلى البيت قيمة حقيقية وتاريخية نادرة.

---------------------------------------

  • العمارة غدا: هل تنقرضُ المكتبات؟

أشرف أبواليزيد

شكلت المكتبات التقليدية جزءًا أصيلًا في عمارة المدن - قديمًا وحديثًا - ولكنها اليوم تتعرض لمحنة قد تودي بها إلى الانقراض. فهل تنقرضُ المكتبات، أم ستنجح عمارة الغد بإنقاذها؟
في مرحلة الصبا وسنوات الشباب، شكَّل فضاءُ المكتبات المدرسية والعامة بالنسبة لي عالمي الطوباوي، فيه أبحر إلى مدن أكثر اتساعًا ومعارف لا تحدوها أسقف، ورحلات تحت أكثر من سماء، وصحبة لا تكل مني ولا أمل منها، بين الرفوف - الخشبية والحديدية - على متن الصفحات الورقية.

ثم أصبح لدي، كعهد المنشغلين بالقراءة والمشتغلين بالكتابة، مساحة في كل بيت أسكنه، تتبعني بها مكتبتي، وبكل بلد أسافر إليه، تأخذ المكتبة هيأتها، وتكبر مثل نبتة ليس لها عمر افتراضي، وحتى اليوم، بعد أن انتقلت الكتب الرقمية إلى فضاء الشبكة الإلكترونية، والأقراص المدمجة، وعلب التخزين، لا يزال عندي بكل بيت مكتبة تقليدية. ويبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن أن تحتفظ البيوت بعمارتها التي بدأت تضيق الخناق على أصحابها، بمساحة للمكتبة؟ وما هي الحلول التي يفكر فيها المعماريون حين يصممون مكتبة دراسية أو عامة؟

إن الإبقاء على المكتبة ليس ضروريًا فقط لأنه يحمي الكتب ويخزنها بطريقة آمنة، ولكن لأن تلك المكتبة توفر ما يتطلبه التعليم الجديد من مرونة التعلم ولأن المكتبة - بروادها على اختلاف شعابهم التي أتوا منها - تمثل محور التعلم الاجتماعي والاسترخاء، متعدد الوظائف، تقدم لطلاب القراءة بيئة بها وسائل قديمة وجديدة يسيرة المنال، خاصة وهي لم تعد تقتصر على الكتب وحسب، بل أضافت أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وشاشات البلازما، وأجهزة الآي بود، والهواتف النقالة، وألواح القراءة. ويوضح المصممون الجدد أننا لا نحتاج إلى وضع إشارة «منوع الكلام» بعد أن أصبح الحوار عبر الآلات مرئيًا، ومسموعًا بواسطة سماعات الأذن.

على الشاطئ الشمالي لبحيرة جنيف يبدو المبنى مهيأ لاستضافة أحد مشاهد فيلم مستقبلي، لكن ذلك هو المبنى الجديد المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في لوزان، قطعة من التصميم الذي يدمج الزجاج مع الخرسانة!

لم يترك المصمم فكرة المكتبة على حالها التقليدية، فهذا المبنى الذي يسمى مركز التعلم سيستخدمه طلاب عشر دوائر أكاديمية ولا يمكن أن تكون الدراسة كعهدها القديم بين جدران من الفولاذ، بل شيدت المكتبة لتكون سوقًا للأفكار. سيتضح الفارق لنا بداية من المدخل الذي يعرض بطريقة رقمية ساعات شهيرة تمول هذه المكتبة!

هناك مقهى يقدم الكرواسون الطازج مع المشروبات الساخنة، وكشك للصحف باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية، ومكتبة للكتب والبطاقات البريدية، ومجمع لأحد المطاعم الراقية.

المسارات مقوسة مثل منحدرات التزلج ومدارجه، النوافذ تفتح تلقائيًا حين ينقبض الجو، وهي فرصة تنتهزها العصافير لتسبح داخل المبنى بين الكراسي الملونة تبادل فوقها الطلاب الدردشة والزقزقة تحت مصابيح مزدوجة ومدلاة.

لا نكاد نرى بعد ذلك كله الكتب إلا نادرًا. ربما هي رسالة المصمم في أن التعلم مهمة ممتعة وغير شاقة في الوقت نفسه.

المكتبات في الألفية الجديدة غالبًا ما تكون كبيرة، مثل كاتدرائية ضخمة، تهدف إلى إظهار استعدادها لمواجهة المستقبل. يقول وينفريد نيردنجر - أستاذ التاريخ المعماري في ميونيخ الذي نظم أخيرا معرضًا حول المكتبات في الماضي والمستقبل بعنوان «الحكمة تبني لنفسها بيتا»: «لم يحدث أن بنينا مكتبات بمثل هذه الوفرة».

هذا الكتاب المرافق لمعرض ميونيخ يصف بناة المكتبات المذهلة التي شيدت في السنوات الأخيرة بمزيد من الإعجاب، مثل هرتزوغ ودي ميرون بالتصميم المقوس والأميبا على شكل قرص العسل في مكتبة مدينة كوتبوس الألمانية، وما لها من تصميم داخلي يشبه الحلوى الملونة، مكتبة سانتياغو كالاترافا الجديدة في زيوريخ، مكتبة زها حديد الجديدة في فيينا، ومكتبة ريم كولهاس في سياتل، وكذلك مكتبة ايتو تويو الجامعية في طوكيو.

التصميمات تتفق على الفكر المعماري الجديد، وهو خلق مساحات وفضاءات أرحب، سواء عند إنشاء المباني الجديدة أو إعادة النظر في مباني المكتبات القائمة، السؤال الأساسي هو أن فكرة المكتبة قائمة على استحضار خدمة ومنفعة حياتية واجتماعية واقتصادية مستدامة، باعتبارها تقف جنبا إلى جنب مع المباني الأساسية في العمارة الحديثة، كمباني البلديات والمدارس والمستشفيات.

وهذه التصميمات مع مراعاتها لما يجري من تطورات اجتماعية وتكنولوجية، فرضتها قوانين العولمة، عليها أن ترتبط بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما في ذلك الوصول إليها كمكتبة على شبكة الإنترنت، وتقديم خدمات على مدار الساعة، وكل يوم.

لا يزال رواد المكتبات بحاجة إلى مكان ما لقراءة النصوص، حتى لو كانت مخزنة على الإنترنت، فالمكتبات الافتراضية لا تجعلنا نستغني عن المبنى الذي يحمي أجهزة الكمبيوتر المحمولة القارئة للنصوص الإلكترونية، والنتيجة هي أن التكنولوجيا الرقمية تساهم فعليا في طلب المزيد من غرف القراءة العامة.

في الدنمارك اكتشفوا أن نصف عدد مستخدمي المكتبة لا يأتون لاستعارة الكتب، ولكن لاستخدام المكتبة كمكان يلجأ إليه المجتمع المحلي للبحث عن المعلومات، والإلهام والعمل. من هنا تصبح فضاء متكاملًا، وهو ما توفره التصميمات العصرية التي تضع آليات الحياة الاجتماعية جنبًا إلى جنب مع المخزون المعرفي.

المكتبة لا تموت، وعمارتها تتجدد، والمعماريون يستلهمون المستقبل وفي قلب كل منهم مصباح تضيئه مكتبة تقليدية.