عام بعد انفجارات نيويورك ولايزال سبتمبر مستمراً

عام بعد انفجارات نيويورك ولايزال سبتمبر مستمراً

عام طويل مر على العالم منذ الحادي عشر من سبتمبر. جرت مياه كثيرة تحت الأنهار وتغيرت العديد من الثوابت في أمريكا وفي العالم وفي عالمنا العربي أيضا. ولكن بصورة أو بأخرى ما زال سبتمبر مستمراً.

أصبحت أمريكا تعتقد أن كل جبل في أفغانستان فيه مغارة. وفي كل مغارة إرهابي متربص

أسوأ ما في الأمر هو عجزنا عن تبرئة أنفسنا من تهمة الإرهاب

فجوة بعمق ثمانية طوابق, ومليونا طن من الركام, وضحايا حُصرت أعدادهم في أمريكا, ولكنهم بلا حصر في أماكن أخرى من العالم, هذا هو كل ما بقي من برجي مركز التجارة العالمي بعد مرور عام كامل على انفجارات الحادي عشر من سبتمبر. ويمكن القول إنها كانت سنة (كبيسة) على الجميع, ألقى فيها هذا الشهر بظله على بقية أيام العام. على أمريكا.. والعالم.. وخصوصاً علينا نحن العرب المسلمين. لقد تغير الكثير من موازين القوى في هذا العام الغريب. ولم تهدأ طلقات النيران في أماكن عديدة. ونشبت حرب, وخيّم شبح حرب أخرى. ودفع الفلسطينيون, الذين مازالوا محاصرين داخل مدنهم وقراهم ومخيماتهم, ثمن كل هذه التناقضات.

كيف مرّ هذا العام بأيامه? وماذا حدث في أمريكا التي لم تعد إحدى القوى العظمى في العالم فقط, ولكنها أصبحت القوة العظمى الوحيدة? وماذا حدث في بقية العالم الذي أنهك من كثرة الاستقطابات والتهديدات? وماذا حدث في منطقتنا العربية التي أثبتت تقارير التنمية أخيرا أنها ترقد في قاع الدول النامية وليس هناك من هو دونها إلا الدول الإفريقية جنوب الصحراء?

هل يمكن أن نرصد ملامح هذا العام الذي كان في بعض فتراته أشبه بكابوس متصل, هذا إذا استثنينا منه تلك اللحظات المضيئة التي أنارت فيها أمامنا إنجازات العلم والتقدم بعضا من دروب المستقبل, وتلك اللحظات التي التقط فيها العالم أنفاسه وهو يجلس أمام شاشات التلفزيون ليتابع مباريات كأس العالم لكرة القدم حيث جرى الصراع بين 32 دولة دون أسلحة فتاكة لحسن الحظ!

البحث عن عدو

لم تكن الولايات المتحدة تتصور - وأعتقد أنها لا تزال - أنها سوف (تلدغ) في عقر دارها كما حدث في الحادي عشر من سبتمبر. فقد خاضت ثلاث حروب كبرى. اثنتان منها ساخنتان وواحدة باردة. دون أن تقاتل على أرضها أو تخدش حدودها. ولكن بقاعا كبيرة من العالم هي التي تحولت إلى ساحات قتال يخوض عليها الجنود الأمريكيون حروبهم العادلة أو غير العادلة . لذا, فإن هذه الضربة التي أصابت أعظم مدنها جاءتها في الصميم وتركتها في حالة من الهياج الشديد لدرجة دفعتها لإعلان الحرب على عدو مجهول لا تعرف مكانه بالتحديد.

وقد ترك انهيار الاتحاد السوفييتي أمريكا في وضع دقيق, على الأقل فقد حرمها من وجود العدو الواضح والصريح الذي تسعى لإذكاء الصراع معه وتوجه كل إمكاناتها لحماية العالم الحر منه. لقد خذلتهم (إمبراطورية الشر) التقليدية, وتركت لهم الكون فارغا, وبدأت أمريكا منذ بداية التسعينيات في تبني سياسة البحث عن أعداء. في إطار هذا البحث اكتشفت أن هناك أعداء أربعة يمكن أن توجه حربها ضدهم وهم: الجماعات الإرهابية, وانتشار أسلحة الدمار الشامل, وتجارة المخدرات, والجريمة المنظمة, وكان أشد هؤلاء الأعداد غموضاً واستعصاء عن الوصول إليه هو الجماعات الإرهابية . فهي جماعات متفرقة. أسلحتها غير معروفة, وضربتها غير متوقعة, لذا فقد كان ضرب برجي مركز التجارة العالمي إيذانا بإعلان هذه الحرب, وأصبح في استطاعة الرئيس بوش أن يعلن أخيراً حربه بعد أن استبدل بإمبراطورية الشر محور الشر.

وعلى المستوى الداخلي فقد عاشت الاقليات العربية والمسلمة في أمريكا عاما مرعبا امتلأ بالتهديد والملاحقة وتوجيه الاتهامات. وبدا أن الخوف الذي شمل الجميع سوف يمتد للحريات المدنية التي يتمتع بها المواطن الأمريكي. وكما يقول الدكتور إدوارد سعيد فإن (قانون المواطنة) الذي جرى تمريره في الكونجرس الأمريكي في أعقاب ضربات سبتمبر يلغي أو يقيد مقاطع كاملة من الدستور الأمريكي. فقد تم بموجبه إقرار خطوات إجرائية ضد الأفراد لا تعطيهم أي حق في الحصول على دفاع مناسب أو محاكمة عادلة بل وتسمح بإجراء عمليات تفتيش سرية وتنصت واحتجاز لفترة غير محدودة. كما تسمح للسلطات التنفيذية باختطاف أي أسرى واحتجازهم وتقرير مصيرهم بشكل أحادي الجانب.

وقد أثار هذا الأمر فزع المدافعين عن الحقوق المدنية في أمريكا. واعتبروه ردة خطيرة, فالخوف من أي عملية إرهابية مقبلة قد بدأ يأخذ الثمن من قوانين الحرية الشخصية التي كانت القوة الدافعة وراء تقدم المجتمع الأمريكي. ويعلق الكاتب الأمريكي بروس أكرمان على ذلك قائلا : إنه لو شهد نصف القرن المقبل أربع أو خمس هجمات بحجم ما جرى في الحادي عشر من سبتمبر فسوف يثبت أن هذه الدورة التدميرية فيها قضاء على كل الحريات المدنية بحلول عام 2050.

أما على المستوى الخارجي فقد بلغ غضب الولايات المتحدة ذروته عندما وجهت كل آلتها الحربية نحو جبال أفغانستان الوعرة لتسويها بالأرض, اعتقاداً منها أن كل جبل يحتوي على مغارة, وفي داخل كل مغارة إرهابي متربص, وكل إرهابي لن يتراجع حتى يفجر برجاً آخر من أبراجها. وقد وقفت أوربا مدفوعة بعوامل المساندة والتعاطف وراء أمريكا وأسرعت بحشد قواتها وعتادها حتى تواجه فلولا من مقاتلين غير نظاميين من (طالبان) و(القاعدة) بعد أن أكدت أمريكا أنهم هم السبب في ما حل بها. ولعل أمريكا في ذلك لم تكن تريد الانتقام فقط, ولكنها أيضا كانت تريد أن تؤكد لنفسها وللعالم أنها زعيمته الوحيدة بلا منازع ولا يمكن أن تقبل بمثل هذا الاعتداء والتهديد, وهي القوة العظمى الوحيدة في العالم.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتسلم فيها أمريكا قيادة العالم.فقد كانت المرة الأولى في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة حين طلبت منها بريطانيا صاحبة الإمبراطورية الغاربة أن تتولى شئون منطقة البحر المتوسط بعد أن اكتشفت قصور قوتها عن حمايتها . وكانت هناك مخاوف من سقوط تركيا واليونان في براثن الكتلة الشيوعية. ووجدت أمريكا أن من المحتم عليها أن يكون لها أسطول يبحر في مياه المتوسط بشكل دائم. وفي عام 1948 بدأت أولى قطع الأسطول السادس تثير ذعر الجميع. ولم يكن غريبا أن تنشأ دولة إسرائيل في الفترة نفسها. ولكن تسلم قيادة العالم في ذلك الوقت لم يكن كاملاً, فقد كانت هناك الكتلة الشرقية المناوئة والمستعصية على الاختراق.

العالم بعيون أمريكية

وتسلمت أمريكا قيادة العالم - أو ما بقي منه - للمرة الثانية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وخروج الدول الاشتراكية السابقة من فلكه. ولم يكن هذا نهاية التاريخ كما توقع فوكوياما. فقد أصبح العالم مقسما,ً كما ترى أمريكا, إلى ثلاثة أقسام. قسم أول يسير معها على النهج نفسه, ويعتنق المبادئ السياسية والاقتصادية نفسها. وهو يضم أوربا وكندا واليابان وإسرائيل وبعضا من دول آسيا. أما القسم الثاني فهو يحاول الانضمام إلى النهج الأمريكي بعد أن تخلف طويلا عنه, ومعظمه من دول الكتلة الشرقية السابقة. أما القسم الثالث فهو تلك الدول التي تعتبرها خارج السرب والتي مازالت أمريكا حائرة في كيفية أقلمتها. ربما هذا هو السبب الذي دفع أمريكا لأن تتسلم قيادة العالم للمرة الثالثة تحت دعوى محاربة الإرهاب. وقد رفعت شعاراً بسيطا ومباشراً لهذه الحرب, (من ليس معنا.. فهو ضدنا).

اقتل الكلب

إن أوربا التي ساندت سريعاً أمريكا إثر قوة الصدمة التي أحدثها هجوم 11سبتمبر, أخذت في إعادة النظر في الموقف وتحديث حساباتها من الأرباح والخسائر من هذه التبعية. حتى أن بريطانيا التابع الأعظم ظهرت فيها بوادر ذلك الأمر. فقد بدأ بعض الساسة والكتّاب يقلقون من السير وراء خطى أمريكا دون أن تأبه الأخيرة بإشراك حلفائها في مشروعها هذا. بل إن المطرب البريطاني الشهير جورج مايكل كتب أغنية تحت عنوان (اقتل الكلب). وقد صور الفيديو كليب المصاحب للأغنية الرئيس بوش وهو يربت على ظهر كلب يشبه رئيس الوزراء البريطاني (بلير). والمعنى لا يحتاج إلى شرح. فالمغني معروف بأغانيه المتمردة, وبلير معروف بدعمه الكامل للرئيس بوش.

من ناحية أخرى, فإن اتهام طالبان أو القاعدة بأنهما وراء الهجوم على برجي نيويورك لم يعد قضية محسومة نهائيا, من وجهة نظر بعض الأوربيين على الأقل. فهناك كتاب فرنسي نال شهرة واسعة تحت عنوان (الخديعة المرعبة) من تأليف تيري ميسان يؤكد أن الذي قام بهذه الانفجارات هو المخابرات المركزية الأمريكية ولا أحد غيرها حتى تعطي مبرراً للنزعة الإمبريالية الجديدة التي بدأت تغزو الأفكار الأمريكية بعد أن أصبحت وحدها في الميدان. وفي العالم العربي يسود الرأي أن المخابرات الإسرائيلية (الموساد) ربما تقف وراء الحادث حتى تثير حفيظة أمريكا ضد كل ما هو عربي وما هو إسلامي.

وحدهم فقط رجال القاعدة هم الذين يظهرون على شاشات التلفزيون بلحاهم الشعثاء وثيابهم الرثة وثقافتهم السياسية المتدنية ولغتهم التاريخية المتحفية, ليدلوا ببيانات غامضة يلقون بها الشبهة على أنفسهم ويرددوا بعض التهديدات الجوفاء, ثم يعودوا للاختباء في جحورهم.

تدخّل أمريكا في أفغانستان أيضا لم يكن وليد اللحظة وخالصاً لوجه الانتقام أو محاربة الإرهاب في نظر البعض ومنهم الكثير من الحلفاء الأوربيين, فهم يرون أن السبب الأساسي هو حرب أمريكا المستمرة من أجل السيطرة على منابع الطاقة. فقد خاضت حربها الأولى منذ عدة سنوات على قوس يمتد جنوبا من البحر المتوسط وصعوداً إلى منطقة البلقان لعزل يوغسلافيا القديمة وروسيا عن أوربا. وهاهي تشن معركتها الثانية لإغلاق القوس الثاني الذي يمتد جنوبا من أفغانستان وصعوداً حتى آخر حدود بحر قزوين وتحصر بين القوسين أكبر منابع الطاقة البترولية التي عرفتها البشرية حتى الآن.

أوربا تعترض, وتطالب برأي مستقل, ولكنها عاجزة عن فعل أي شيء, وقد كان الكاتب الأمريكي الهندي الأصل فريد زكريا محقا عندما انتقد أوربا ساخراً بأنها تحاول أن تفرض رأيها بينما لا تملك قوة عسكرية تدعم هذا الرأي. وهو يرى أن عقدة أوربا القديمة من الحرب سوف تجعلها تفقد هيبتها, وأنها مادامت رضيت لأمريكا بأن تفرض حمايتها عليها فالأجدى بها أن تسير على خطاها.

أحوال العالم الاقتصادية لم تكن في أفضل حالاتها أيضاً. فمع الخوف الشديد من السفر بدأت شركات الطيران في الانهيار ثم تلتها العديد من البورصات, وتباطأ النمو الاقتصادي فانهارت بالتالي أسعار النفط, وقد يبدو هذا مفهوما بسبب صلته المباشرة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر, ولكن ما ليس مفهوما, هو انهيار الشركات الأمريكية الضخمة الذي بدأ قبل مرور عام على أحداث سبتمبر ولم يتوقف حتى الآن. وقد بدأ الانهيار بشركة أنرون للطاقة وتبعتها زيروكس, ومازالت هناك شركات أخرى على الطريق العديد منها من شركات العولمة الجديدة التي كانوا يعتقدون أنها سوف تنقذ النظام الاقتصادي الجديد.

العرب في أسوأ الحالات

أسوأ ما في هذا العام, وأسوأ ما في الأمر بشكل عام هو أحوال عالمنا العربي والإسلامي. فقد دخلنا نحن وأمريكا في مرحلة من انعدام الثقة وفقدان التفاهم. وأصدق مثال على ذلك هو الموقف من القضية الفلسطينية. لقد بدأ هذا العام والمنظمات الفلسطينية هي منظمات تسعى للتحرير الوطني وتعاني عسف المحتل الإسرائيلي. وانتهى بها الأمر إلى منظمات مقيدة على كل لوائح الإرهاب الأمريكية. ويعود هذا الأمر بالدرجة الأولى إلى براعة إسرائيل التي اختارت اللحظة المناسبة كي تقدم نفسها كشريكة في محاربة الإرهاب, وإلى عجزنا نحن عن تبرئة أنفسنا من تهمة رعاية صناعة الإرهاب. ويعود الفضل في ذلك للفضائيات العربية التي تنافست في إذاعة أشرطة رجال القاعدة في أفغانستان باعتبارها سبقا صحفيا ناسين مدى تأثيرها في صورتنا وفي قضايانا الوطنية. فقد وصل الأمر بواحد من هذه الأشرطة أن يرتدي فيها الإرهاب لباس رجال المقاومة الفلسطينية الذين يقومون بعمليات استشهادية وأن يردد كلماتها نفسها, وبذلك اختلط الأمر, وتحولت تلك العمليات التي هزت العالم إلى مجرد عمليات انتحارية يقوم بها أناس مرضى بهوس كراهية الحياة والآخرين! بل إن بعض الرؤساء والمسئولين العرب أصبحوا يطلقون عليها هذا الاسم. وتحوّلت عمليات مقاومة المحتل إلى إرهاب للمدنيين وخرج علينا من مشايخنا الأفاضل من يفتون بعدم جواز ذلك شرعاً. كأن اغتصاب الأرض وقتل الأطفال وحصار العزل من الفلسطينيين أمر يبيحه الشرع الإسلامي.

إن المشكلة الحقيقية ليست في الأشرطة التي تبثها القنوات الفضائية العربية التي لا ترى في عملها إلا مصالحها المادية أو مكاسبها السياسية! ولكنها تكمن في عجز النظام العربي وقصوره عن حماية نفسه وتحصين مجتمعاته من التفكك والانهيار. فعلى مدى هذه الشهور, وقبل وبعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر كان هذا النظام يعاني من فقد الرأي العام العربي ثقته فيه, وهو يرى عجزه عن القيام بأي فعل ينقذه من المهانة اليومية التي تسببها له إسرائيل. ولكن حتى الحادي عشر من سبتمبر كانت بعض النظم تعتقد أنها فرصة للسعي لدى الصديق الأمريكي لفرض أي حل ممكن على إسرائيل. ثم ظهر الضعف العربي واضحاً حين قامت إسرائيل باجتياح كل الأراضي الفلسطينية, وكانت المأساة أن هذا تم بتفهّم وبموافقة تامة من أمريكا, رغم كل المحاولات العربية ومشروعاتها السلمية. بل إن الزيارات التي قامت بها كل الوفود العربية إلى واشنطن جاءت بنتائج عكسية, فقد أصبحت أمريكا أكثر تشدّدا وغدت إسرائيل أشد عنفا. وبدا أن أمريكا غير حريصة على الإطلاق على دعم الأنظمة العربية التي تسعى إلى تحسين صورتها, ربما لأنها تعتقد أنها بضعفها وتهاونها قد ساهمت في استشراء المنظمات الإرهابية, أو أنها أنظمة لا تستطيع أن تقف معتمدة على قواها الذاتية.

حافة التنمية الحرجة

لقد تركت أحداث سبتمبر الأمريكية عام 2001 نحو 280 مليون عربي في حيرة من أمرهم. فهم يشعرون بأنهم عاجزون ومهمّشون وبعيدون عن مجال القرار السياسي. يحلمون بتغيير لا يجيء وينتظرون بعثا لزمن عربي لا يعرفون متى يأتي وقته. وقد كشف تقرير التنمية الإنسانية الذي صدر أخيراً وأعدّه بعض المفكرين العرب تحت إشراف برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عن حقائق مثيرة للرعب عن مستوى تخلف التنمية الذي أصبح العالم العربي يعيش فيه. فقد انهار الناتج القومي للدول العربية بحيث أصبح بأكمله أقل من الناتج القومي لدولة أوربية واحدة هي إسبانيا. وهي - بالمناسبة - ليست من الدول الأوربية الغنية, وأن كل واحد من خمسة من العرب يعيش على أقل من دولارين يوميا, كما أن 65 مليونا من النساء, الثلثان منهن مازلن أميّات, وحتى على مستوى العلم والثقافة , فإن العالم العربي يترجم حوالي 330 كتابا سنويا وهو خُمس ما تترجمه اليونان مع ملاحظة الفارق في عدد السكان! وفي الألف سنة الأخيرة ترجم العرب أقل مما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة. كما أن نسبة 5.0% فقط تعرف ما هو الإنترنت, وكيف تصل إليه, كما أن ما أنفق على البحث العلمي لا يتجاوز ما نسبته 0.4% من الناتج القومي, بينما بلغ في إسرائيل 2.32% من هذا الناتج.

التقرير بأرقامه مثير للفزع والإحباط, فبعد المهانة السياسية هانحن نتردّى في مهانة أخرى اقتصادية ومهانة ثقافية وعلمية. إن التقرير يتهم إسرائيل بأنها المسئول الأول عن تباطؤ التنمية العربية. وهو اتهام صادق إلى حد ما. ولكنه يتجاهل أن المجتمع العربي بركوده وافتقاده الحرية ورفضه للديمقراطية وإدارة ظهره لريح التغيير هو المسئول الرئيسي!

ألم أقل لكم إنها كانت سنة (كبيسة)? لقد استطال فيها شهر سبتمبر حتى شمل كل أيامها, فمتى ينتهي هذا الشهر?

 

سليمان إبراهيم العسكري