إنعاش الاقتصاد الكويتي... إنعاش الديمقراطية

إنعاش الاقتصاد الكويتي... إنعاش الديمقراطية

لعب رجال الأعمال الكويتيون دوراً مهماً في المشاركة في الحكم. فلماذا تراجع هذا الدور?... وكيف يمكن إنعاش صورة المجتمع المدني من خلال جهودهم?

ليس هناك من شك في أن الأوضاع الاقتصادية لها أعمق الأثر في السلوكيات المجتمعية التي تشكل طبيعة الحياة السياسية في عدة بلدان. وتمثل تجربة الكويت مع الديمقراطية, القائمة على أسس دستور الكويت المعتمد منذ عام 1962, تمثل نموذجاً فريداً يستحق المعاينة والتفهم. تأسست الكويت على قيم المبادرة والاعتماد على الإمكانات الذاتية, ونشط تجار الكويت في عدة أعمال داخل الكويت وخارجها, وبنوا علاقات اقتصادية للكويت امتدت من العراق إلى جنوب شرق آسيا, كان ذلك قبل اكتشاف النفط عندما لم يكن هناك ريع يمكّن الكويتيين من الركون للراحة والاعتماد على رعاية الدولة. لذلك كان للكويتيين دور حيوي في صناعة القرار السياسي في عدة مراحل من تاريخها ومنذ تأسيسها في عام 1756... وبرزت المطالبات بالمشاركة السياسية بشكل مهم وأصيل منذ بداية القرن العشرين, وتأكدت في عام 1921, بعد تسلم المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح إمارة البلاد, عندما طالبوا بتكوين مجلس شورى منتخب من رجالات الكويت وتم لهم ذلك, وإن لم تدم التجربة لزمن معقول. كذلك طالب الكويتيون في عام 1938 بتأسيس مجلس تشريعي بصلاحيات واسعة, وتم انتخاب ذلك المجلس في عام 1938 وترأسه المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح, لكن حتى هذه التجربة تعثرت ولم تستمر.

وتدل تلك الأحداث, والتي لم تخل من عناصر الصراع والاستقطاب, على أن المجتمع الكويتي الذي قاده التجار في مراحله التأسيسية قد أكد أهمية المشاركة الشعبية في الحكم ودور الفئات الشعبية في المراقبة والتشريع وإدارة البلاد. ومن المفيد التذكير بأن إدارة الحكم في الكويت في السنوات التي سبقت عصر النفط اعتمدت في تمويل ميزانيتها على إيرادات الجمارك والضرائب على الأعمال وغيرها من رسوم, وكانت هذه الحقيقة أساسية في تقدير دور القطاع الخاص في التأثير في الإدارة السياسية, وإذا كانت الديمقراطية من حيث الشكل, بمعنى وجود سلطة تشريعية منتخبة, لم تكن متوافرة, فإن الكويتيين كانوا قادرين على التواصل مع الحكم وإبداء آرائهم بحرية وجــرأة ودون مجــــــاملات, كما أن الحكم كان يتقبّل الآراء والاقتراحات ويســـتطيع أن يتعامل مع الخلافات مع فئات المجتمع المدني بمرونة لم تكن متاحة في الكثير من المجتمعات الأخرى في دول الجوار. لقد كان التواصــــل داخل المجتمع الكويتي, في تلك الأيام وفي ظل ظروف معيشية غير يسيرة, يمثل نوعا من الممارسة الديمـــــقراطية البدائية.

لكن الواقع الاقتصادي تغيّر كثيراً بعد تصدير أول شحنة من النفط في مايو 1946 وتدشّن عصر جديد. ما حدث بعد ذلك هو ارتفاع دخل الدولة من النفط وتمكنها من أن تصبح راعية لمختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد, ولذلك لم يعد القطاع الخاص ذا دالة على النظام السياسي, كما كان الحال قبل عهد النفط. منذ بداية الخمسينيات من القرن العشرين بدأ دور الدولة يتنامى في النشاط الاقتصادي مقابل تضاؤل دور القطاع الخاص. وأصبحت الحكومة مسئولة عن أنشطة اقتصادية أساسية مثل المرافق والخدمات العامة والأساسية مثل توفير الطاقة الكهربائية والاتصالات الهاتفية وتمديد الطرق والاضطلاع بمسئولية الخدمات الإسكانية للمواطنين ناهيك عن خدمات التعليم والعلاج الصحي. هذا الواقع جعل من الحكومة مسئولة عن توظيف المواطنين وغيرهم في الجهاز الوظيفي للدولة, كما جعل الحكومة المستهلك الأكبر في السوق.

ولاشك في أن تطورات اقتصاد النفط ومن أهمها نتائج الصدمة النفطية الأولى والصدمة النفطية الثانية مكّنت الحكومة في الكويت من زيادة الإيرادات وتحقيق فوائض مالية ضخمة, ولذلك فقد اندفعت الحكومة لزيادة مساهماتها في عدة أنشطة اقتصادية مثل شراء حصص القطاع الخاص في شركات بترولية وصناعية وخدمية, كل ذلك زاد من تهميش دور القطاع الخاص. ومما زاد من تفاقم دور الدولة حدوث أزمات مالية مثل تدهور أسعار الأصول في سوق الأوراق المالية بعد أزمة 1977 وكارثة سوق المناخ في عام 1982, حيث تدخلت الحكومة واشترت الأصول المملوكة من قبل القطاع الخاص من أجل تعويم المتعاملين ودرء الخسائر واحتمالات الإفلاس, وهكذا أصبحت الدولة شريكاً كبيراً في ملكية الشركات والمؤسسات الاقتصادية, سواء كانت مدرجة في سوق الأوراق المالية أو كانت شركات أخرى.

يعني ذلك أن الحكومة أصبحت تدير مؤسسات مالية وصناعية وخدمية وتعيّن مجالس إدارات وتتحمل تبعات أداء تلك الشركات بشكل مباشر وغير مباشر.

يضاف إلى ما سبق ذكره أن القطاع الخاص بات يعتمد على الدولة في سبيل تحقيق دخل مناسب حيث يتعامل مع مؤسسات الدولة كمورد للسلع والخدمات, وكذلك كمنفذ لمشاريع حكومية, أو متعهد لتنفيذ مهمات وأعمال متنوعة, أيضاً, ومثل ما أشرت آنفاً, فإن القطاع الخاص اعتمد على الدولة لحمايته من النتائج الصعبة التي واجهته في أعماله واستثماراته.

المجتمع المدني وتكويناته المهنية

تأثر المجتمع الكويتي بطبيعة التركيبة الاقتصادية في البلاد مما أدى إلى تغيير عدة قيم, ومنها قيم العمل والإنتاجية وبرزت في البلاد ظاهرة الاتكالية, حيث إن الحكومة باتت مستعدة لتقديم كل عون ودعم لكل نشاط ولكل فرد أو مؤسسة, هذا الواقع القيمي طبع بصماته على تكوينات المجتمع المختلفة, وأصبحت مؤسسات المجتمع المدني من نقابات عمل أو تكوينات رجال الأعمال أو جمعيات النفع العام أو الجمعيات التعاونية, كل هذه المؤسسات أصبحت متأثرة بقيم الاقتصاد الريعي واقتنع القيّمون على هذه المؤسسات المجتمعية بضرورة الدفاع عما هو قائم دون تعريض مصالح عدة أطراف للتأثر. يعني ذلك عدم الاهتمام بمسائل الإصلاح المالي والاقتصادي بما يرشد من استخدام الأموال العامة أو يزيد من مسئولية المواطنين والمؤسسات أمام الخزينة العامة.

لاشك في أن هذه الظاهرة أدت إلى تعميق الاتكالية وعدم المبالاة بما يحدث من تبذير وهدر في الإنفاق العام أو استغلال الأصول الحكومية. مقابل ذلك, فإن هذه الاتكالية جعلت من المؤسسات المجتمعية غير فعّالة في تطور المشاركة في الحياة السياسية, وقد ساهم في تكريس هذه الظاهرة أن الغالبية الساحقة من أعضاء هذه المؤسسات هم من الموظفين العاملين في الحكومة ودوائرها ومؤسسات القطاع العام الذين لا يقدمون أي مساهمة للخزينة العامة, ناهيك عن تدني عطائهم الوظيفي وضعف إنتاجيتهم, أكثر من ذلك أن هذه المؤسسات, التي تعد من مؤسسات المجتمع المدني, تعتمد في استمرارها وبقائها على دعم الدولة المتمثل بما تقدمه وزارة الشئون الاجتماعية والعمل من معونة سنوية, ولا تمثل رسوم العضوية نسبة تذكر من تمويلات هذه المؤسسات المدنية, بل إن الكثير من الأعضاء لا يلتزمون بتسديد رسوم العضوية, خصوصاً في الجمعيات والمؤسسات التي لا توفر خدمات شخصية وخاصة للأعضاء.

لقد أدى انعدام المسئولية المالية في العديد من مؤسسات المجمتع المدني إلى إضعاف دور هذه الكيانات وعدم فاعليتها في تطوير بنية ديمقراطية في البلاد, لذلك فقد أصبحت هذه الجمعيات والنقابات حكراً على أعضاء نشطين يمكثون في المقار ويتولون المسئوليات الإدارية, ولقد تفاقمت هذه الظواهر السلبية خلال السنوات الأخيرة إلى درجة أن الأنشطة والندوات التي تعقدها الجمعيات لا تجذب الأعضاء وغيرهم مما يفقدها الحيوية ويضيع من فوائدها على المجتمع.

رجال الأعمال والدور السياسي

بدأت المطالبات بالمشاركة الشعبية وتطوير النظام السياسي نحو الديمقراطية من قبل التجار في الكويت والذين كانوا يملكون مؤسسات الأعمال ويعتمدون على جهودهم في تكوين ثرواتهم.. لقد كان مجتمع التجار ورجال الأعمال في الثلاثينيات والأربعينيات وحتى الخمسينيات يمثل الحركة السياسية النشطة في الكويت, وكان هؤلاء, بحكم تواصلهم بالمجتمعات الأخرى المتطورة نسبياً, أكثر التصاقاً بالأحداث العربية والدولية من بقية أفراد الشعب الكويتي. كما أن قدرة أبناء التجار على تلقي العلم في البلدان المجاورة وغيرها مكّنتهم من كسب ثقافة سياسية متقدمة. هذا الواقع السياسي والثقافي لم يستمر بعد تكريس قيم اقتصاديات النفط ودولة الرعاية والريع, فقد تمكنت الدولة من الاستغناء عن دور التجار في تمويل الخزانة العامة بعد أن أضحت غنية بإيرادات النفط وتمكنت من بناء شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية والمالية جعلت كل مواطن, مهما كان مركزه الاجتماعي, يعتمد على الإنفاق العام, بل إن التجار أصبحوا أداة طيعة في يد الدولة بعد أن تشابكت مصالحهم مع فلسفة الإنفاق العام, وتحسّنت قيم أصولهم بفعل ارتفاع ثروة البلاد المتأتية من عائدات النفط.

لكن التجار لعبوا دوراَ أساسياً في تأسيس الحياة الدستورية في الكويت عندما تمكن عدد من رجالات الكويت من الفوز بعضوية المجلس التأسيسي في عام 1963 وساهموا في صياغة الدستور. كما أنهم لعبوا دوراً حيوياً في مجلس الأمة الأول المنتخب عام 1963. وهنا يجب أن نؤكد أن الأوضاع الديمغرافية في الكويت آنذاك ومحدودية عدد السكان ساهما في تمكين الكويتيين من أبناء المدينة من أن يعززوا قيم الديمقراطية الحديثة في مطلع الحياة الدستورية, كذلك فإن الأوضاع الاقتصادية آنذاك لم تلغ تماماً دور الطبقة التجارية في تركيبة الحياة الاقتصادية أو تهمشها.

إن أي مطالعة موضوعية لتركيبة مجلس الأمة سوف تبين مدى تراجع دور الطبقة التجارية ورجال الأعمال في تمثيل الشعب الكويتي من خلال عضوية المجلس في الوقت الذي زاد فيه عدد الأعضاء الذين يمثلون الموظفين, مما يؤكد التحوّل الكبير الذي حدث للتركيبة المجتمعية في البلاد. وهذا أمر ليس غريباً عندما يكون 93 في المائة من قوة العمل الوطنية من العاملين في القطاع الحكومي والمؤسسات التابعة له. لابد أن تركيبة مجلس الأمة الحالية تعكس قيم البيروقراطية وتوجهاتها مما يعطل عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.

إنعاش القطاع الخاص

قبل أن يسترد القطاع الخاص دوره في الحياة السياسية ومن ثم يلعب الدور الملائم في تعزيز الديمقراطية كيف يمكن أن يسترد القطاع الخاص دوره الاقتصادي? كما تؤكد الدراسات فإن القطاع الخاص في الكويت يلعب دوراً محدوداً في النشاط الاقتصادي حيث تهيمن الدولة على الأنشطة الاقتصادية المحورية مثل قطاع النفط والخدمات والمرافق العامة والتعليم والعلاج... كما أوضحت أن تهميش دور القطاع الخاص أدى إلى تراجع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون الـ25 في المائة من قيمة ذلك الناتج, وتتركز أعمال القطاع الخاص, كما هو معلوم, في أنشطة التوزيع السلعي والعقار وبعض الصناعات التحويلية, وأمام الأنشطة الرئيسية الأخرى فإن هذه القطاعات لا تمثل شيئا يذكر في بلد مثل الكويت.

إذنَ فإن إمكان إنعاش الدور الاقتصادي للقطاع الخاص لن تتأتى إلا من خلال برنامج تخصصي واسع النطاق يمكن من تخفيف هيمنة الدولة على عدة قطاعات اقتصادية ويحول ملكيتها للقطاع الخاص, لكن الجهود نحو الإصلاح الاقتصادي وإنجاز برامج التحوّل الهيكلي مازالت تواجه مصاعب حقيقية حيث مازال مجلس الأمة يعارض إقرار قانون التخصيص, كما أن الثقافة السياسية في البلاد مازالت معادية للتخصيص نظراً للمنافع الكبيرة التي تحصل عليها قطاعات واسعة من المجتمع من خلال استمرار الاقتصاد الريعي, بيد أن هناك إمكانات للتفاؤل حيث إن عضوية الكويت في منظمة التجارة الدولية تفرض عليها استحقاقات الإصلاح الاقتصادي, بما يعني تحرير النشاط الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمار الأجنبي وتطوير فرص المنافسة في مختلف القطاعات الاقتصادية, إذا تعززت التوجهات الإصلاحية فإن الكويت ستتمكن من إعادة هيكلة اقتصادها بما يساهم في تطوير مساهمة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الأساسية.

وإذا انتعش القطاع الخاص وتعزز دوره الاقتصادي فإن إمكانات رفع فاعلية دوره السياسي ستتضح خلال السنوات القليلة القادمة, ولابد أن ينجم عن رفع مساهمة القطاع الخاص في العمل الاقتصادي إنجاز تشريعات ضريبية تحتم على القطاع الخاص المساهمة في تمويل الخزينة العامة, وهنا يمكن أن يصبح القطاع الخاص أكثر اهتماماً وحرصاً على مراقبة التصرفات السياسية, ويجتهد من أجل دفع عناصر تستطيع أن تمثل مصالحه في مجلس الأمة وغيره من مجالس منتخبة.

الديمقراطية واستحقاقات الإصلاح

تعني الديمقراطية إمكان إصلاح البنية المؤسسية وتطوير الأداء السياسي وتفعيل آليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومما لا ريب فيه أن الكويت تعاني معضلات حقيقية في عدة جبهات, ولو تمكن ممثلو المجتمع المدني من تطوير المؤسسات المستقلة مثل جمعيات النفع العام والنقابات والاتحادات الطلابية والتجمعات السياسية لكان بالإمكان تطوير الممارسة الديمقراطية, وتأصيل القدرة على التجديد. كما هو معلوم أن المؤسسات المدنية في الكويت والبلدان العربية تعاني السكون حيث تهيمن نخب على قياداتها لزمن طويل وتتراجع إمكانات تطوير البرامج والسياسات والفعاليات. وليس من الأمور المستغربة أن تهيمن مجالس إدارات مكونة من أشخاص محددين على هذه المؤسسات والجمعيات لزمن قد يتجاوز ربع القرن أو الثلاثين عاماً, ولاشك في أن عدم ديناميكية العمل الاقتصادي وسيطرة القطاع العام على العمل الاقتصادي ينمّي حال الركود السياسي Political Stagnation وهي ظاهرة تعانيها عدة دول في العالم الثالث.

هل يمكن أن يؤدي الإصلاح الاقتصادي وتفعيل دور القطاع الخاص إلى دفع المؤسسات المدنية والأحزاب لتجديد بنيتها المؤسسية وتجديد قياداتها? ربما, ولكن ذلك يعتمد على مدى حداثة قيم القطاع الخاص. لا يمكن الاعتماد على قدرات القطاع الخاص إذا ظل يعتمد على التوارث العائلي في تكوين الثروة, أو أساليب الإدارة العائلية, ما هو مطلوب هو الاستفادة من تراث الإدارة الحديثة المعتمدة في الدول الصناعية المتقدمة وأساليب الإدارة العصرية, وإلغاء دور التكوينات المؤسسة على الولاءات الشخصية أو العائلية. وقد لا يكون متاحاً أمام القطاع الخاص الكويتي تفعيل دوره في الإصلاح الإداري ثم السياسي دون أن يتفاعل مع المؤسسات العالمية من خلال مشاركات في مشاريع كبرى داخل الكويت وخارجها, كذلك فإن المؤسسات الاقتصادية القائمة تعتبر مؤسسات صغيرة الحجم تتطلب معاينة وربما اندماجا مع مؤسسات مماثلة في القطاع ذاته لكي تصبح أكثر جدوى اقتصادياً.

وعندما يصبح مجتمع الأعمال نموذجياً وعقلانياً ويعتمد على قيم إنتاج وإدارة عصرية ربما يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في تطوير البيئة المجتمعية بشكل يدفع نحو تعزيز التطور الديمقراطي, كما أن العمالة في المؤسسات الحديثة المملوكة من قبل القطاع الخاص لابد أن تكون أكثر قدرة على كسب الخبرات المهنية من أجل رفع كفاءة الإنتاج... مثل هذه العمالة لابد أن تكون أكثر وعياً بحقوقها وبدورها المجتمعي ولذلك فإنها ستسعى من أجل المشاركة في صياغة القرارات السياسية التي لا يمكن أن تتم دون وجود حياة ديمقراطية حقيقية.

إن القطاع الخاص إذا واجه حياة اقتصادية مبنية على المبادرة وحرية السوق وفرضت عليه المساهمة في تمويل الخزانة العامة من خلال آليات الضريبة لابد أن يصبح أكثر وعياً بحقوقه السياسية, كذلك الحال بالنسبة للعاملين المنتجين. يضاف إلى ذلك أن بناء اقتصاد حديث يعتمد على دور فعال للقطاع الخاص يعني توفير نظام تعليمي عصري يؤكد الجدارة والمثابرة والمبادرة, وهذا ينتج عنه منظومة قيم ثقافية خلاقة وحرة التفكير بما يعزز الحياة الديمقراطية.

 

عامر ذياب التميمي