شهادات من زمن الرعب

شهادات من زمن الرعب

ملف

هذه الشهادات ليست تصفية لحسابات قديمة, فجرائم التعذيب والقتل وامتهان كرامة الإنسان - مهما كان المتهم بارتكابها - لا تتقادم, ولكنها تذكرة لتجربة عربية مريرة عاشها أشقاؤنا في العراق إبان حكم صدام حسين, وهي تقدم صورة من الداخل لكل الذين يتباكون على هذا النظام, ويعتقدون أن زعيمه الذي وجد مختبئًا في إحدى الحفر هو بطل مغدور به, وقد كان الأجدى به أن يختبئ في إحدى المقابر الجماعية التي نشرها على وجه العراق كالطاعون, قبل أن يجيء بالاحتلال. فقبل أن نتحدث عن كرامة الإنسان العراقي والفلسطيني التي تهدر كل يوم, علينا أن نحمي الإنسان العربي من هذا العدو الملتبس, ونعني به بعض الأنظمة الوطنية التي ترفع رايات الاستقلال والحرية, ثم تحولها إلى ممارسات بشعة من التعذيب والاغتيالات, وهذه شهادات متفرقة المصدر, ومختلفة في الأسلوب, فالأولى منها هي عرض لواحد من أشهر الكتاب العرب عن كتاب (ظلمة بين جدارين) الذي يروي مذكرات سجينين أحدهما داخل الجدران, والثاني خارجه ولكن يضمهما معا السجن الأشمل الذي يحتوي الشعب العراقي بأكمله. أما الشهادة الثانية فتقدمها قصاصة سورية موهوبة لم تستخدم مهارتها في القص إلا لتنقل لنا واقعة محددة من عشرات الوقائع المؤسية, فيما تأتي الشهادة الثالثة من عمق الأرض العراقية ومن صميم أحزانها, يقدمها كاتب عراقي معروف في رثاء شقيقه الذي حكم عليه النظام العراقي بالشنق, هذا الملف هو صرخة احتجاج ضد كل أنواع التعذيب, وتقدير لدور الكلمة التي تبدو كأنها عاجزة أمام سيف الجلاد, ولكنها تبقى لتقاوم وتحفظ الحقيقة أن يذهب كل الجلادين.

(العربي)