سارس... رعب الصدور القادم من الصين

سارس... رعب الصدور القادم من الصين

من هانوي طار الفيروس المألوف ليتوحش في هونج كونج, ومنها حملته الطائرات عبر المحيط ليتحول إلى رعب عالمي يهدد رئات البشرية.

في الثامن من شهر أبريل 2003 كشف العلماء اللثام عن لغز أحاط بالوباء الجديد الزاحف من الصين. فقد تم التعرف على الفيروس المسبب للالتهاب الرئوي الحاد, والذي أطلق عليه اختصارا اسم (SARS) وهو اختصار لما سمي بـ: المتلازمة الرئوية الحادة الشديدة Severe Acute Respiratory Syndrome.

وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد الحالات التي أصيبت بالالتهاب الرئوي (سارس) حتى 12 مايو 2003 قد بلغ 7447 حالة, وأنه أدى إلى وفاة أكثر من 552 حالة في 33 دولة من دول العالم. وحذرت منظمة الصحة العالمية الناس من السفر إلى هونج كونج, أو إقليم جوان دونج الصيني.

وفي الولايات المتحدة أصدر الرئيس جورج بوش أمرا يسمح بفرض الحجر الصحي على المصابين بهذا المرض بالقوة إذا رأت وزارة الصحة ضرورة اتخاذ مثل هذا الإجراء. وحذرت الولايات المتحدة مواطنيها من السفر إلى الصين بسبب انتشار الالتهاب الرئوي (سارس).

وأضاف القرار الأمريكي (الالتهاب الرئوي سارس) إلى قائمة الأمراض التي تشمل الكوليرا والجدري والإيبولا. وكان الفيروس قد انتشر في العديد من دول العالم خلال أسابيع, وساعدت حركة الطيران الدولية على انتشاره بشكل كبير.

فقد ظهرت أول حالة من هذا المرض في مقاطعة (غوانج دونج) في الصين في شهر نوفمبر 2002م, ولكن السلطات الصحية في الصين لم تخبر منظمة الصحة العالمية بما حدث في ذلك الحين.

وفي الخامس عشر من شهر مارس 2003 أذاعت منظمة الصحة العالمية أول إنذار بخطر حدوث وباء عالمي بسبب الالتهاب الرئوي (سارس).

وكان قد تم التعرف على هذا المرض لأول مرة في 26 فبراير 2003 في هانوي من قبل طبيب منظمة الصحة العالمية الدكتور (كارلو أرباني). وفي التاسع والعشرين من شهر مارس 2003 أعلنت منظمة الصحة العالمية وفاة الدكتور (أرباني) الذي اكتشف أول حالة من حالات هذا المرض. فقد أصيب هذا الطبيب خلال أبحاثه التي كان يجريها على المرض (سارس).

وخلال الأسابيع القليلة التالية, انتشر المرض من خلال المطارات الدولية إلى تسع عشرة دولة في العالم.

وطبقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية, فإنه تم العثور على حالات من هذا المرض في أستراليا, والبرازيل, وكندا, والصين, وفرنسا, وألمانيا, وهونج كونج, وإيطاليا وإيرلندا وماليزيا ورومانيا, وسنغافورة وسويسرا, وتايوان, وتايلاند, والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفيتنام, حتى كتابة هذا المقال.

وقد أبدت السلطات الأمريكية سخطها وتذمرها من الحكومة الصينية بسبب التعتيم الشديد والتستر على ظهور هذا المرض لعدة أشهر في الصين, وكان المسئولون الصينيون قد أبدوا اعتذارهم في أوائل شهر أبريل 2003 عن سوء تصرفهم, وبطء ارتكاسهم تجاه انتشار هذا الوباء الشديد, وأعلنوا حديثا تعاونهم مع خبراء منظمة الصحة العالمية في تكثيف الجهود لمحاربة هذا الوباء.

(كورونا) هو السبب

اكتشف العلماء مطلع أبريل 2003 أن سبب هذا الالتهاب الرئوي فيروس يدعى (كورونا) والذي يسبب عادة الزكام (البرد). ولكن العلماء يقولون - بعد تحليل المادة الوراثية DNA للفيروس - إنه ليس مطابقا تماما لفيروس (كورونا).. وأظهرت الدراسة التي أجريت على خمسين حالة مصابة بالالتهاب الرئوي الحاد أن تسعة من بين عشر حالات أصيبت بسبب فيروسات من عائلة (كورونا).. وفي السابع من أبريل 2003 أعلنت منظمة الصحة العالمية تسمية نوع من فيروس (كورونا), وأطلقت عليه اسم (فيروس سارس) كعامل مسبب رئيسي لهذا المرض. ومع ذلك فلم تتجاهل احتمال وجود ميكروبات أخرى تعمل كعناصر مساعدة في إحداث هذا المرض.وأعلن الدكتور (تومسون) من مركز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة أن علماء المركز متأكدون بنسبة 99.9% من أن سبب الالتهاب الرئوي الجديد هو فيروس كورونا, وهو النوع نفسه من الفيروس الذي يسبب الزكام. ولكن الباحثين لا يعلمون بالتأكيد لماذا يسبب هذا الفيروس مرضا شديدا عند المصابين به.

وتؤكد التقارير أن العاملين بالقطاع الطبي هم أكثر الفئات عرضة للإصابة بهذا المرض.

أعراض (سارس)

لا تختلف أعراض الالتهاب الرئوي (سارس) عن الأعراض الشائعة للالتهابات الرئوية الشديد. فإذا ما حدثت لديك أعراض مماثلة للتي سنذكرها, فالأغلب أنك مصاب بالرئة ذاتها (الالتهاب الرئوي المعتاد) إلا إذا كنت قد قدمت من جنوب شرق آسيا,وهذه الأعراض هي:

1 - الحمى (أعلى من 38 درجة).

2 - سعال جاف.

3 - ضيق التنفس أو صعوبة في التنفس.

4 - صداع.

5 - آلام عضلية.

6 - فقدان الشهية.

7 - الإعياء والتعب.

8 - الاختلاط الذهني.

9 - الطفح الجلدي.

10 - الإسهالات.

كيف ينتقل المرض?

يبدو أن المرض ينتقل عبر الاتصال الحميم بالمصاب, والأغلب أنه ينتقل عن طريق المفرزات التي يحملها الهواء من المصاب إلى الشخص السليم. ولكي ينتقل هذا المرض لا بد من وجود التصاق حميم مع مريض مصاب. ولذلك, فإن معظم الذين أصيبوا بهذا المرض في جنوب شرق آسيا كانوا إما من العاملين في المستشفيات الذين يشرفون على علاج المرضى المصابين بالالتهاب الرئوي (سارس) أو من أفراد عائلة المصاب بالمرض.

ولكن سبب انتشاره في العالم يعود إلى عبوره للقارات عن طريق المسافرين بالطائرات.

ويبدو أن هذا المرض أقل قابلية للعدوى من مرض الأنفلونزا, وأن فترة حضانة المرض قبل ظهور الأعراض تبلغ 2 - 7 أيام.

التشخيص مخبريا

وقد نشرت مجلة الـ (لانست) البريطانية يوم 8 أبريل 2003 أنه قد تم عزل نوع جديد من فيروس يدعى (كورونا) Corona Virus من مريضين أصيبا بالالتهاب الرئوي (سارس) ثم تم التأكد من ذلك بفحص خاص يدعى Polymerase Chain Reaction عند 45 مريضا من 50 مريضا. وأعلن الباحثون تفاؤلهم أن هذا الفيروس هو المسبب لهذا الالتهاب الرئوي.

وهناك الآن اختباران يستخدمان للتحري عن مضادات الأجسام Antibody Test التي توجد عند العديد من المرضى المصابين بهذا المرض. ولكن مضادات الأجسام هذه لا يمكن التعرف عليها قبل مضي عشرة أيام على الأقل من بدء المرض.

ولكن اختبار PCR يمكن أن يتعرف على المادة الوراثية لفيروس (كورونا) في الدم أو البراز أو المفرزات بصورة أسرع.

وأشار الأطباء إلى أن المظاهر الشعاعية فاقت كثيرا الأعراض والعلامات السريرية التي أبداها المرض.

هل من علاج?

استعمل الأطباء خلال الأسابيع الماضية عدداً من المضادات الحيوية في معالجة هذا المرض ولكن دون جدوى.

ومن ثم لجأ الأطباء إلى استعمال الأدوية المضادة للفيروسات مثل (Ribavirin) مع الكورتيزون في العديد من الحالات, رغم أن فائدة مثل هذا العلاج لم تثبت بعد.

ومع ذلك, فإن المعالجة الداعمة للمرضى قد أظهرت تحسنا في معظم المرضى مع حلول اليوم السادس أو السابع من بداية المرض. فحسب أحدث التقارير فإن 95% من المصابين بهذا المرض يتحسنون.

ولكن حالة 10% من المصابين بالالتهاب الرئوي (سارس) تتدهور, ومن ثم يحتاجون إلى جهاز التنفس الاصطناعي, وهؤلاء هم أكثر عرضة للوفاة, حيث تشير الإحصاءات إلى أن 4% من المصابين بالالتهاب الرئوي الجديد يلقون حتفهم بهذا المرض.

ومعظم الذين يموتون بهذا المرض مصابون بضعف في الجهاز المناعي.

في الثامن من أبريل 2003 نشرت مجلة الـ (لاسنت) البريطانية الإرشادات الطبية التي وضعتها السلطات الصحية في هونج كونج لمعالجة هذا المرض.

وأوصت تلك الإرشادات التي صدرت في هونج كونج بضرورة إجراء فحص طبي وصورة شعاعية للصدر لكل مريض يشكو من الحمى (أكثر من 38 درجة مئوية) مع أعراض تشمل السعال, أو ضيق النفس أو الصداع, أو التيبس العضلي, أو فقدان الشهية, أو الإعياء, أو الاختلاط الذهني, أو الطفح الجلدي أو الإسهالات.

وأوصت الإرشادات الطبية بإدخال المرضى الذين تظهر صورة الصدر الشعاعية عندهم وجود ارتشاحات رئوية إلى المستشفى.

وأوصى الدكتور (ماليك بيريس) من جامعة هونج كونج في مقال آخر نشرته مجلة الـ (لاسنت) البريطانية يوم 8 أبريل 2003 بمعالجة هؤلاء المصابين بدواء مضاد للفيروسات يدعى (Ribavirin) بجرعات عالية من مركبات الكورتيزون. وكشف الدكتور بيريس وزملاؤه نتائج دراسته لخمسين مريضا مصابا بالالتهاب (سارس) تمت معالجتهم بهذه الطريقة.

وقد بدأ باحثون أمريكيون العمل لإنتاج مصل مضاد لفيروس الالتهاب الرئوي (سارس) ويأمل الباحثون أن يتم التوصل إلى علاج ناجع لهذا المرض خلال أسابيع.

 

حسان شمسي باشا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




 





 





في الصين أصبحت الكمامات ضرورة حياتية





هاجس المرض اجتاح كل مكان في العالم لا الصين وحدها





في مختلف الجهات الحكومية طغت المخاوف من (سارس)





دراسة بالكمامات بعد أن فرض المرض القاتل نفسه