الخيامية نسيج الحياة والموت

الخيامية نسيج الحياة والموت

في الفنون جميعا نخلط مادة بأخرى غريبة عنها, فالرسم لا يكون بالورق على الورق, والحفر لا يكون بالخشب فوق الخشب, حتى صناعة الفخار لا تكون بتراب داخل تراب. إنما تختلط العناصر المتنافرة وتنصهر أو تمتزج لتقدم كل فن منها, إلا في (الخيامية) الذي يطرز فيه القماش بالقماش, ويربط بين المطرَّز والمطرِّز مادة التطريز - وهي الخيط أصل القماش - عبر خطوات سحرية تختفي لتفسح لجمال التكوين النهائي تحققه. هذا الوصل بين أعضاء الجسد الواحد لا نجده إلا في ذلك الفن الذي عاش قرونا يقاوم الانقراض بفضل قلة من فنانيه, وشارع مسقوف, زرناه لنقدم لكم هنا رؤية اتسعت فضاقت بها العبارات.

أدخل إلى جغرافيا المكان الواقع قبالة باب زويلة في القاهرة الفاطمية عبر بوابة التاريخ. أرضى بتأويل نسبة صناع الخيام إلى عصر بناة الأهرام, بين مظلة لرئيس العمال وخيمة لرحلات الفرعون, تلك الخيمة التي أضيفت إليها رقع القماش لتزيينها فكانت البداية الحقيقية لفن الخيامية, بزخرفة ازدهرت في العصر القبطي كما تشير قطع مطرزة كثيرة بالمتحف القبطي في القاهرة, أما الخيمة الفسطاط المدينة فتسمية عهد عمرو بن العاص فاتح مصر.

وحين جاء عهد المعز لدين الله الفاطمي جاءت الشمسية ذلك الصوان المسطح الذي عرف في القصور بالقبة, وإن جعلها العرب في عهد الدولة الأيوبية خيمة مستديرة. ويذكر التاريخ كيف أنفق خمارويه أحد أمراء الدولة الطولونية من خزائن الدولة - حتى فرغت - على تجهيز ابنته قطر الندى بإقامة محطات راحة لها, وهي خيام كبيرة مزيّنة ولها ستور (أبواب) من النسيج أيضا. ولم تعرف الخيام التأنق في الزخرفة إلا في العصر الفاطمي فكأنها القصور المتحركة تمنح ساكنيها ترف الرفاهية التي تركوها في قصورهم المقيمة.

وفي كتاب (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) المعروف بالخطط المقريزية, نسبة إلى مؤلفه تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المقريزي, المتوفى سنة 845 هجرية, وصف لمسالك القاهرة وشوارعها كما رآها, وكأنها مدينة الحرفيين تعرف بهم المسالك, بدءا من الشارع الأعظم, قصبة القاهرة, باب الخرنفش حيث بدأت صناعة الخيامية, ثم سوق الخلعيين (الخشابين) وحارة الباطنية, وحوانيت القصابين وتجار الحبوب والخضر, وغير بعيد سوق المرحّلين التي يباع بها كل ما يحتاج إليه في ترحيل الجمال وأردية الإبل, خاصة زمن الحج, ثم الطهاة الجوابون المكان كله, وعلى مقربة من المسجد الأقمر سوق الشماعين, لأشرطة الاضاءة والمشاعل الضخمة المستخدمة في المواكب, (ولاشك أن الخيامية شأنه, وهو الشارع المسقوف, شأن الأسواق المغطاة التي كانت تضيئها المصابيح طوال الليل, حتى تم حظر التجوال بعد أن ضاق الحاكم بأمر ما يحدثه السهر من الرعية). وبعدها سوق البرازين - تجاه باب النصر - تكتظ بأصحاب الحرف: النساجين والحلاجين والصباغين والرفائين والخياطين والكوائين والرسامين, وكل من له علاقة بصناعة المنسوجات, حتى محال صانعي الضبب, تلك الأقفال الخشبية للأبواب الضخمة.

وخلف المسجد الأقمر تلك المساحة الفسيحة لسوق الدجاجين الذي يباع فيه الدجاج والأوز والعصافير, فضلا عن طيور القمارى والهزارات والشحاحير والببغاء والسمان, حتى نصل لشارع بين القصرين. وبالمنطقة لتوسطها كان عدد كبير من الصيارفة, ثم مصاطب سوق الصناديقيين حيث تعرض الحلي من خواتم وأساور وخلاخيل, ثم باعة الأمشاط والورّاقين, فصانعو الحلوى (الكعكيين), ومعهم الفستق واللوز والزبيب, وإلى جوارهم المهمازيون الذين تتراوح بضاعتهم بين الرخيصة الحديدية والثمينة المصنوعة من الذهب الخالص, ثم السروجيون (لجام وسروج وسيور جلدية للخيول).

وفي جوار الجامع الأزهر كان سوق الفرائين, وخلف مباني السلطان الغوري سوق الكفتيين لصناعة النحاس المكفت, تلك الأوعية الرائعة الجمال المطعمة بالذهب والفضة. وعلى مقربة كان يقوم سوق الحلاويين, صانعي الحلوى الملونة, والدمى المصنوعة من السكر, على شكل إنسان (عروس المولد) أو حيوان (مثل الحصان والأسد والقط). حتى تصل في عودتك لباب زويلة فتتذكر كيف كانت تعلق عليه جثث المجرمين, وأسرى الحرب.

وفي (السفر نامة) يحكي وليام الصوري في 1167م, عن زيارة سفراء الفرنجة للقاهرة, ويقودهم الوزير شاور بنفسه إلى قصر رائع الجمال, عظيم الزخرفة. وفيما يتأمل التقرير بدقة وغرابة وصف القصر بناء وأقبية وأروقة, يصلون إلى القصر الكبير حيث يقيم الخليفة, وهو الأكثر بذخا مما رأوه وفي غرفة فسيحة تنقسم إلى قسمين بواسطة ستارة تمتد من حائط إلى آخر, قد نسجت عليها صور حيوانات وطيور وأشخاص, وترصعها الأحجار من الياقوت والزمرد, وآلاف من الأحجار الكريمة, وكانت الستارة مفضضة مذهبة.

يا فتاح يا عليم

يبدأ النهار برش الماء على الطريق أمام محلات الخيامية, حتى يهدأ الغبار تحت أقدام المارة, فالتراب عدو للخيمي ومصنوعاته, يهمس لي الفنان علاء الخيمي: عندما تنتهي وزارة الثقافة من ترميم شارع الخيامية, لن تمر سيارة منه, وسيكون للمشاة فقط, وسيعاد تبليط الشارع بمربعات صغيرة من حجارة البازلت الأسود حتى يستعيد الشارع بهاءه, وليصلح عطار الترميم ما أفسده الزمن.

الغريب أن تصميم محلات الخيامية العجيب كان الجزء الأدنى منه والمفتوح على الشارع الضيق مهيأ - كما زعم أحد قاطنيه - للدواب, تربط وظهرها للشارع, فيما تستخدم (العِليَّات), وهى الطابق الثاني من المحلات, للسكن, يرتاح فيها رجال القوافل, ويلقون - عبر فراغ خلفي يشبه ممرات الغسيل في الفنادق الكبرى الآن - بالطعام إلى دوابهم, وتحول استخدام المكان, بعد أن شهدت تلك الانتقالة من عصر إلى عصر, انتقلت فيه الصناعة إلى هذا المكان من مكان تأسيسها الأول في الخرنفش.

واجهات تلك المحلات متشابهات: باب من الخشب له أكثر من ضلفة, حجمه ثابت ورأسه يعتليه قوس من بناء الحجر, ويحتفظ البناء الخارجي بلونيه الأبيض والوردي, ولا يخاطب معمار الحجر سوى الخشب, الذي يحتل سقفية الشارع المغطى إلا من كوات مستطيلة الشكل تسمح بإضاءة المكان, طوال النهار, وربما تستخدم كمزولة ربانية, حين تنتقل الشمس من المشرق حتى المغيب. الخشب له حضوره في مشربيات الطابق الثاني, التي احتفظ لها الترميم بلونها البني الداكن, لاشك أنها كانت تسمح بدخول الضوء - على راحته - إلى أماكن راحة رجال القوافل, دون أن يشي بوجودهم سوى الدواب المرتاحة أسفل الخان. وتماما مثلما في الحكايات المسحورة عندما تصبح للأرقام قصص وتفاسير أجدني أرى في عدد المحلات الذي يصل للأربعين إشارة لإحدى حكايات ألف ليلة وليلة!

يغزل الخيمي - كما يلقب الفنان نفسه منتسبا لفنه - ألوانه الأساسية معا, أحمر الدم والورد, أزرق السماء والبحر, أخضر المرج والقلب, أصفر الصحراء والشمس الأقل استخداما لقربه من لون الأرضية الأساسي البيج (البني الفاتح), فضلا عن الفيروزي والأسود والبرتقالي الذي يدخل كل التصميمات. إنه يغزل الألوان الكريمة معا, ليشكل بها حديقته الأكثر كرما بوريقات زهرة اللوتس وسيقانها.

أما أشهر الوحدات المستخدمة فالآيات القرآنية الكريمة, والرسوم الفرعونية, وأوراق النباتات وأكثرها زهرة اللوتس, وأقلها الورود الرومية, والمتتاليات الهندسية الشكل الإسلامية الطابع, والمربعات والزخارف الإسلامية المشتقة والقلوب والدوائر, وبل والحكايات الشعبية من مصر وبلاد فارس وتركيا (شاهدت حكاية جحا وحماره وابنه) فضلا عن المشاهد العصرية كما في بائع العرقسوس وألعاب التحطيب القروية التي يشتهر بها ريف مصر.

وقد عددت الباحثة عصمت أحمد عوض في دراسة لها عن الخيامية صور أجزاء الوحدات الزخرفية الإسلامية في أشغال الخيامية فوجدتها عشرين, تسميها وأصفها لكم: البؤجة (لها شكل المعيّن), والخاتم (من مربعين أو أكثر فوق بعض), وزهرة عُرف (تشبه قرني غزال), وزهرة (تختزل أيقونتها البصرية شكل زهرة من مقطع جانبي), وأخرى (بتحوير آخر), ونصف زهرة (مقطع منها), وفرع (حامل الزهور والأوراق), وآخر (مغاير), ولباس (مثل التويج للزهرة), وكعب (قلب مفرغ مقلوب), ولوزة (قلب مصمت مقلوب), وبلحة (مثل ورقة الشجر), ومخمس (مثل اسمه خماسي الأضلاع), وشمعة (غير مشتعلة), ومفروكة (مثل سنان الحراب), ومفروكة أخرى (تجمع سنونا ثلاثة), ورأس ثعبان (اسم على مسمى وتوجد بكثرة لتنهي الزخارف), وكف سبع (غير ضار), ورباط (يشبه العقدة التي تصل بين الوحدات الطولية), وسلسلة (ويشيع استخدامها في حواف التصميمات).

وحينما يجلس صانع القماش القرفصاء, تلك الجلسة الخاصة بالعمل, فكأنما يسمو بنفسه عن الأرض, يعتزلها, ليدخل صومعة الإبداع, فهو في حضرة الفن, وأراه ينظر في مربع القماش أمامه - ولو كان صغيرا - كأنه فوق بساط ريح ممتد ينقله إلى عالم من التفاصيل الدقيقة, والانحناءات السخية, والسكك السحرية, وتتحول الزهرة إلى بستان من الجمال, وتصير ساقها معراجا نحو طاقة الفن, وتتمثل الحروف السميكة شكل الخرائط, ليس لها من ملامح سوى ذلك الخيمي, الذي يؤكد بعد أن يدعونا لتناول أكواب الشاي:

الصناعة لا تنقرض, ولكن جودتها تقل, ولدي عيّنة من عمل خارجي, نفذه محل آخر, يأتيني الزبون - كما حدث منذ الساعتين - فأعرض عليه الرخيص والغالي, والذي لا يرتبط بحجم الشغل, ولكن بجودته.

لقد كثر أفراد المهنة. وبدأت مجموعات أخرى تنفذ فن الخيامية, عندك محافظة المنيا في جنوب مصر, البطالة بها مرتفعة, ولذلك يأتي الأولاد للقاهرة للعمل في أي شيء, وهناك من يتعلم الخيامية مثل تعليم نصف سوا (يقصد غير كامل النضج) كمن يتعلم فك الخط, ليعمل عرضحالجيا (كاتبا على باب المحكمة) ويعود لمدينته, سواء في المنيا أو حلوان (ضواحي القاهرة), أو غيرهما ليمارس القليل الذي تعلمه, ويعود به إلينا وبالطبع لا نقبله فلنا مستوى من الجودة هو الذي يحافظ على اسم الخيامية حتى الآن بعد 400 سنة من استقرار هذا الفن في مصر. وإتقان فن الخيامية يحتاج إلى العمر, حتى أن أسطى هذا الفن قد يكون قضى 15 عاما في تعلمها, ولكن هناك رسوما بسيطة يمكن إتقانها في شهور ثلاثة كما هي زهرة اللوتس.

أما الحرف التي لاتزال موجودة حتى الآن وقاومت الفناء كالخيامية, والتي استلهم بعض مشاهدها المصور الفنان خلال رحلتنا, فكثيرة: صناعة الطرابيش القديمة (أغطية الرأس الحمراء), صياغة الذهب والفضة, تعشيق الزجاج, ضرب النحاس, دبغ الجلود, تجليد الكتب القديمة, الرفا (إصلاح الثياب بالرتق), التطريز, نسج الكليم, حياكة طنافس الجلد, حفر خشب الأرابيسك المستخدم في منابر المساجد, والأثاث المنزلي, والتزيين بالصدف, والعاج.

ولكن آتي بك إلى مربط الفرس - يأخذني هاشم الخيمي من فوق بساط التفكير - لا يوجد بين الصبية الآتين للعمل في الخيامية من يريد أن يتعلم. فليس عندهم الاستعداد للجلوس مكتوفين, جلسة القرفصاء, تلك الساعات الطويلة, والآن يعتقد الصبي أنه أكبر مني, فكيف يتقبل فكرة أن يتعلم على يدي? التلفزيون أفسد هذا الجيل, بنين وبنات. أما إذ وجدت من لديه القابلية, فله أن يتمكن من المهنة في عامين أو ثلاثة. يتنهد: أهم شيء حب المهنة, لذا لا أحس متاعبها أبدا.

ورغم أنني لم أرثها, فإن صفة وراثية في العائلة هي التي منحنتني حب الفن, والدي كان نحاتا, وأحد الذين عملوا رسوم المساجد الخشبية العتيقة.

كسوة الكعبة

كانت قافلة الحج من مصر إلى الحجاز تضم من الجنود ما يصل عدده إلى خمسمائة في سنوات الاستقرار أو يزيد ليصل إلى الألفين في أعوام القلاقل, تحرس الكسوة التي كانت تعلق على الكعبة الشريفة, وهي غطاء مطرز بالذهب, ونهاية حوافه مطرزة بالفضة وملبسة بقشرة من الجواهر, وكان يشرع في صنعها في شهر ربيع الآخر لتصبح جاهزة خلال ستة أشهر, وكان الوالي يفتش عليها بين الحين والآخر, ويقوم بوزنها الذي كان يصل عادة إلى سبعة عشر قنطارا من الحرير, وثلاثة قناطير من الفضة الخالصة.

وعدت هذه الكسوة السنوية أثمن ما يصنع من فن الخيامية. وكان المسئول عن حماية القافلة وحمل الكسوة شخصية عسكرية كبيرة يلقب بأمير الحج, وبلغ من الأهمية إلى حد أنه وضع في المرتبة الثالثة بعد كل من الباشا والدفتردار, وكان يخرج في كل عام في موكب كبير وسط احتفالات شعبية عارمة..

وقدمت لنا د. ليلى عبد اللطيف صورة لتلك الاحتفالات في كتابها عن المجتمع المصري في العصر العثماني كان مما جاء فيه أنها تقام في منتصف شهر شوال, فيدور المحمل في احتفال كبير بعد أن يقوم أرباب الحوانيت التي سيمر بها بتزيينها وكان يحتشد الكثيرون من سكان القاهرة لمشاهدة الركب الذي توضع فيه الكسوة الثمينة على جمل مزين يشق طريقه وسط زغاريد النساء ودعاء العامة وتهليلهم, متقدما إلى ميدان قراميدان بالقلعة, وأمام الموكب يسير الفرسان وتصطحبه فرق الموسيقى حتى يصل إلى القلعة فينزل الباشا لتسليم الكسوة الشريفة إلى أمير الحج. يلي ذلك احتفال آخر يقام بخيمة في البركة لتسليم (الصرة الإرسالية) المرسلة لأهالي الحرمين الشريفين.

ويذكر د. يونان لبيب رزق مؤرخا لاحتفالات نقل الكسوة لحج العام 1344 هجرية, بأنها بدأت بنقل الكسوة من محل صنعها بالخرنفش إلى ميدان محمد علي فسار أمامها بلوكان (صفان) من أورطة المشاة التاسعة بموسيقاها وعلمها وتبعت الجماهير هذا الموكب الفخم حتى الميدان, وفي المساء عرضت الكسوة في المصطبة وتوافد الناس زرافات لرؤيتها ولما انتظم عقد الحضور من الأمراء والأعيان أديرت عليهم المرطبات والحلوى وكان الشيخ أحمد ندا والشيخ علي محمود يرتلان آي القرآن الكريم حتى مضى الهزيع الأول من الليل.

في اليوم التالي أجريت مراسم احتفال تشييع المحمل والتي رأسها الملك وحضرها الوزراء وكبار موظفي القصر وغيرهم من كبار العلماء والموظفين والتجار والأعيان, والكل بكساوي التشريفة الكبرى والنيشانات, وتم استعراض الحامية المصرية وأسلحتها أمام الملك وأطلق 21 مدفعا عند تشريف جلالته ميدان محمد علي و21 مدفعا مثلها عند انصرافه منه.

فنون زخرفة كسوة الكعبة المشرفة وقد شملت فنون زخرفة كسوة الكعبة المشرفة الحرف الذي يؤدي شكله وظيفة معناه, والوحدات الزخرفية ذات الإيقاع المنتظم واللون الوقور الهاديء, وفي إحدى كسوات الكعبة المشرفة نرى أحزمة ثمانية يتراوح طولها بين 5 أمتار وسبعين سنتيمترا إلى سبعة أمتار ونصف المتر, وبكل حزام منها آيات بينات: (بسم الله الرحمن الرحيم. وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا. واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى. وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود).

ويقول إبراهيم حلمي في كتابه (كسوة الكعبة المشرفة وفنون الحج) إن الفنان كان يختار خط الثلث لكل حزام, ويكتب بخيوط الخيش البارز, وتحته شريطان زخرفيان بأسلوب الزركشة البارزة, ويحصر كل شريط بين خطين توريقا على جانبي فرع نبات يأخذ شكل موجة الماء بانحناءاته. وتأتي الكتابات بين أقواس مورقة, فتمنح الزركشة تماثلها وتوازنها البصري.

سرادق للعزاء...

يأتيني صوت المنادي يشيع للدار الآخرة من انتهت بالدار الفانية رسالته, مناداته يقطعها بوقفات صوتية: يا أسيادنا توفى إلى رحمة الله, ولا باق ولا دائم إلا الله, المرحوم, الحاج, لطفي حسين, قريب عائلات حسين, وأبو غالي, وياسين, وشلبي, والد الدكتور علاء لطفي بكلية الآداب, والمهندسة علا لطفي بمجلس المدينة, وعادل لطفي بالثانوية العامة, ونسيب عائلتي الجزار, وأبو شريبة, والعزاء بجوار منزله بشارع عبدالمنعم موسى.

يطوف المنادي بشوارع المدينة الصغيرة في ذلك الحنطور الذي يجرّه حصان حزين مثل صوت المنادي, الذي يتوسل بمكبر الصوت حتى يصل أسماع أهل المدينة. نبدأ النهار بالترحّم على الحاج لطفي والدعاء له بالمغفرة والرجاء من الله سبحانه وتعالى أن يلهم ذويه الصبر والسلوان, ونعرف أن السرادق الذي سيقام في شارع المتوفى, بعد الصلاة عليه في المسجد, سيكون بوابة أخيرة, يودع فيها أهله ومحبّوه سيرته, وكأن الجلوس في السرادق, نستمع إلى الآيات البيّنات, قرين برحلة الوداع.

لابد أن أحد أبناء الحاج لطفي أو أقاربه سيسعى إلى أحد محلات الفراشة - بكسر الفاء - وهي مشتقة من الفرش, أي البسط, وفيها سيتفق على الخرجة, وهي مشتقة من الخروج, الفرش للسرادق, والخروج للمتوفى. هناك سيتم اختيار حجم السرادق, وشكل المصابيح, وكل ما يتعلق ببوابة الخروج من الحياة. وبعدها سيشرع عمال الفراشة في إقامة السرادق.

ها هم يحفرون لأعمدة الخشب التي ستمثل قوائم تشد إليها جدران من قماش الخيامية, بألوانه الداكنة التي يغلب عليها اللون الأزرق, وزركشته الوقورة. ويصل عرض الجدار القماشي إلى المترين ونصف المتر, وطوله خمسة أمتار ونصف المتر, وهم يستخدمون سلالم خشبية يتحركون عليها بخفة يحسدهم عليها لاعبو السيرك.

كنت في صباي أراقبهم من نافذة غرفتي, وأتعجب وهم يخترقون المسافة بين الأرض والفضاء, كيف تيسر لهم هذه الحركة - التي تشبه المشي في الفضاء - تركيب السرادق الخيمي, جدارا قماشيا بعد آخر!

... وسرادق للفرح!

هنا - في السرادق - ذلك البرزخ بين حياتين, تحف الجالسين رسوم, كأنها نباتات الجنة, في سرمدية زخرفها, وأبدية حيويتها, وخلود ألوانها. في السرادق المنصوب بالفرح - وله - يتحول اللون الأزرق الكحلي الداكن الغالب على سرادقات العزاء إلى لون الياقوت الأحمر فيمتزج مع فورة الدماء الناضجة في الوجوه الباشة, ولون الشراب المحلى بالسكر والمخلوط بالماورد (ماء الورد). وإذا كان القرآن الكريم يصاحب حركة مقيمي سرادق العزاء, فإن الموسيقى الصاخبة تردف حركتهم حين يقيمون سرادق الأفراح. وكأن مودع الحياة يريد له الناس أن يستقبل الدار الآخرة بما تستحق, من إكبار وتبجيل, فيما عليهم أن يشجعوه على لقاء الدنيا بالفرح كأنما هي تعويذة للنجاة من ملماتها.

ومن الاستخدامات الأخرى الشائعة للخيامية: سرادقات الموالد وخيام المحلات في الأعياد وتنورات راقصي الخيامية, وأزياء الدراويش, وكسوة الدواب كالإبل, وسرادقات حلوى المولد النبوي, وموائد الرحمن في شهر رمضان والمعلقات الجدارية للأضرحة داخل المساجد وكسوة الكعبة والبيارق والأعلام, أعلام مشايخ الطرق الصوفية, وتلك الأخيرة لا يمر العام على مدن مصر دون أن ينالها من مشهد تلك الرحلات الصوفية جانب.

وإنما سميت الأعلام بيارق لأنها مرفوعة على عصا تنتهي بالبيرق, وهو الحلية النحاسية تحمل لفظة الجلالة, أو هي مفرغة على شكل نجمة أو هلال. وترفع هذه البيارق الأعلام يوم الاحتفال بذكرى أحد مشايخ الطرق الصوفية, ربما لحاجة البعض لاقتفاء أثرهم, أو هي تعبير عن ذلك الشعور الجارف بالحب نحوهم. ومضمون زخارف الأعلام تحمل لفظ الجلالة (الله), واسم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, وأسماء الخلفاء الراشدين الأربعة, رضوان الله عليهم, فضلا عن اسم شيخ الطريقة, وفيما عدا الأسماء هناك الآيات القرآنية, وعبارات التوحيد, وكلمة (مدد) التي تقال لطلب العون من الله سبحانه.

وتختلف ألوان الأعلام, فقد يكون لون الأرضية الأساسي الأبيض أو الأسود أو الأخضر أو الأحمر, وإنما تضاف الزخارف بنفس طريقة فن الخيامية, المسماة باللفق, أما أشكالها فالمربع والمستطيل والمثلث, والضلع منها قد يصل للمتر ونصف المتر, أما الطول فيبلغ الأمتار الثلاثة حتى طرف العلم السفلي. وتنفذ زخارفه الملونة هذه بإضافة القطع القماشية الناعمة الملونة على القماش أحادي اللون.

فنان وتاجر

دائما ما يخلط خطاب الخيمي بين حديث الفنان وكلام التاجر, وتمزج كلماته بين التاريخي والراهن, حين يجدلها من ضفيرتي اليومي المعيش والمأمول الذي يحلم به: يقال إن هذا الشغل نشأ عند التتار, وانتقل إلى الهند, ثم إلى مصر, وبلغ ذروة تألقه في العصر المملوكي. لكنني أعتقد أنه بدأ منذ الفاطميين, وكانوا ذوي ثراء, فاحتال عليهم المصريون, ليجعلوا من خيام سكنهم فنا, يستحق الدفع المجزي مقابله, فهذه خيام بها آيات قرآنية, وتلك بها رسوم إسلامية, بعدها ذات النقوش الفرعونية, (التي زادت بناء على رغبة السياح), وأخرى تصوير لمنظر طبيعي.

ويقول هاشم: هذا المحل عمره نحو 60 عاما, وقد دخلت المهنة بعد أن أنهيت الصف الرابع (الأولي), وكان عندي عشق القراءة, أعثر على كتب تناسب الأكبر مني فاقرؤها, وكان في بالي طه حسين, فعزمت على دخول المدرسة, وهذه يلزمها مصروفات, فكان لابد من أن أشتغل نهاراً لأدرس ليلا, في تلك المدارس التي قررها النحاس (باشا) بخمسين قرشا كل شهر. كنت أزور زوج عمتي الخيمي, حيث يعمل, فكانت تبهرني الألوان فعشقت المهنة صبيا وأنا في العاشرة, وتعلقت بها منذ ذلك الحين وحتى الآن.

ويضيف الخيمي: للرسم الإسلامي قاعدة, فليس كل واحد يجيد الرسم أو يفهم القاعدة, الأمر مثل الشعر, الذي قوامه حروف الأبجدية, لكن الشعراء يختلفون, والموسيقى كذلك, هي كلها من السلم الموسيقي, لكن هناك الافرنجي, وهناك العربي, وهكذا هي مهنتنا, سلم موسيقي, وأنا حفظتها عن هواية, وعرفت كيف أنني إذا وضعت حرفين موسيقيين معا شكلت نغمة جديدة, كما في الرسم الخيمي, هذا الخاطر المبتكر يأتيني في أي مكان, على مكتبي, في الشارع, وساعتها أكتبه على الورق, وحين أجلس لأجمع ما بين هذه الخواطر وتلك الأفكار في وحدات, أنقلها إلى ورق خاص بني اللون - كانوا يصنعون منه أكياس الفاكهة حتى سنوات خلت - وأبدأ في تثقيبه على خطوط الرسم, الذي نقلته من الدماغ إلى عين اليقين, أريد أن أراه بعيني, فإذا راقت لي, نقلتها من الورق للقماش بطريقة الترتيب (مشتقة من التراب), وأعني بذلك استخدام الفحم الناعم داخل كيس من القماش, صرة, وأدق على الورق المثقب, فتمضي نقاط الرسم من الورق إلى القماش, وأصل بين تلك النقاط بعد ذلك بالقلم الرصاص, وأنفض عنها غبار الفحم فيبقى الرسم, ويبدأ العمل بالإبرة والقماش.

الفن المعمر

هذا الشغل معمر مادمت تحتفظ به - يهمس لي أحدهم - وهو مصنوع من أقماش مصرية: من البوبلين لامبرك, دمور, بفتة, وكلها أقطان محلية ليس بها خيط صناعي واحد, صحيح أنه يبهت (أي يخفت بهاء لونه) لأن الصباغة ليست بالجودة الكافية, أما الغسيل الجاف فيحافظ عليها, وذلك عكس الغسيل بالماء.

متوسط التكلفة كما يسر لي أحدهم متفاوت: الشغل اليدوي في المتوسط من 50 إلى 200 جنيه طبقا لدقة الشغل, والعمل الجيد, في قطعة قوامها نصف متر, يستغرق الشغل المتوسط يوما, ويستغرق الشغل الدقيق حتى سبعة أيام.

يحكي الخياميون دائما عن رغبة الآتين من الخارج لاستيراد هذه القلة العاملة بفن الخيامية, وهم يميزون بين اليابانيين الذين يأتون للشراء دون سؤال, وأهل إندونيسيا وماليزيا الذين يسألون عن كيفية الصنع. والسياح يشكّلون نحو 75% من زبائن هذا الفن, ويعقب أحدهم: لكن الآلات لم تستطع أن تقلدنا, فكثرة الوحدات في القطعة الواحدة تجعل من الصعب أن تنتقل للآلية, كل مهنة تقبل التحديث إلا مهنة الخيامية, هذه المهنة لو دخل بها الكمبيوتر راح طعمها, فهل يتساوى السمن البلدي مع سمن النباتين?! في أي مكان بالعالم, للعمل اليدوي قيمته, يمكنهم ميكنة الزراعة, ولكن كيف يمكن ميكنة فن تقوم فرادته على استخدام الأيدي?

واحد من أصحاب المحلات يستعين بي لأنقل سؤال حديث سيدة هولندية له عن (المصنع) الذي يورد إليه هذه التحف القماشية, فيستبد به الغضب الممتزج بالدهشة, يرد عليها بإنجليزيته الركيكة: كل ما لدي مصنوع يدويا. وعندما تدهش للكم الذي يعرضه, وأن أمامها عاملا وحيدا يقول لها: يتعامل معي خمسون فنانا, يأتون إليّ - وإلى سواي - فنقبل منهم ما نراه يليق وما نعده مخدوما, أي مصنوعا بحرفية وكفاءة وإخلاص.

يطالب أحد العاملين بالخيامية برابطة لممارسي هذا الفن, ويرجو آخر تيسير الضرائب عليهم, وثالث يدعو إلى نقابة تنفق على الصانع إذا أصيب, خاصة أن صحته هي رأسماله. ويتفقون كلهم على أهمية إدراج فن الخيامية ضمن المنتجات التي تعرضها الدولة بمعارضها الخارجية, وأن يكون الشارع مزارا سياحيا.

أسرار المهنة

في صناعة الخيام يزن المتر الخام 600 جرام, وأضف إليه 300 جرام أو 400 جرام تشمل الخشب, والبطانة, والأزرار المعدنية, مع كبسول الحديد والنحاس, والجلد, ليصل وزن خيمة, بعداها متران في ثلاثة أمتار نحو العشرين كيلو جراما, ويأتي الخيمي بالأشياء من مصانعها ليضعها في الخيمة, يقول: لدي الماكينة والقورمة (تشبه القاعدة الخشبية التي يستخدمها القصاب) والجلود بجانبي, والقماش أجلبه من المحلة (وسط دلتا مصر), ولدي صديق في الناصرية بسمنود (مدينة أخرى بالدلتا) يأتيني بقماش يكفي من هنا حتى إنجلترا, حتى دون أن أرسل له قرشا واحدا, لقد تعاملنا بثقة عشرات السنين, والحساب خالص.

قماش البوبلين, عرضه متران و60 سنتيمتراً, وهو الأساس في الشغل, أو البطانة, حتى يصير سمكه نحو 4 مليمترات, ونحن نضغط القماش حتى لا يتسرب منه الماء, ونعالجه ضد الحريق, فيتم تجهيزه داخل مصنع خاص, وهذا لا يعني أنه لا يحترق نهائيا, لكنه يقاوم الحريق وقتا أطول. والضغط بالدك (الضرب والضغط والكبس على طبقات القماش) أفضل من تشميع القماش ضد المياه. وهناك من يؤجر القطع لغرض مؤقت إيجارا يوميا.

الترك (لقب قماش الخيامية) المطبوع له وجهان أحدهما مرسوم بالماكينة والآخر قلع يعمل كبطانة, ومتره بنحو 14 جنيهاً, في المتوسط, أما الترك اليدوي فالفارق كبير, ومتوسط سعر المتر منه نحو 80 جنيها, نجاح الطباعة في سرعة ورخص القطع المطبوعة, ففي ليلة يمكن إنجاز الطلبية.

يستطرد: لقد منحنا أحد الفنانين ألف جنيه, وهو مبلغ يجده ضئيلا مقارنة بالعمل الذي أنجزه, ويمثل صفحة من كتاب (وصف مصر) لأحد مشاهد المحاكمات في كتاب الموتى (الخروج إلى النهار). لكن نقل الرسوم الفرعونية ليس فنا, الفن في جودة إتقان إنجازه, إنما الفن في الابتكار, في تجميع التراكيب معا. أحسّ بخطورة ذلك الفن القادم من الشرق الأقصى. لكن الجودة وقدم الخط, الذي أبتكر شكله بنفسي, أو أنقله من خطاط قديم, هما ما يمنحان الفن فرادته.

خيامية الملك

يحكي أحدهم عن خيامية الملك فاروق, التي كانت في إحدى عواماته النيلية, وتضم أكثر من رواق, كل رواق بنقش مختلف: تركي, رومي, عربي, وكيف طلب الرئيس السادات أن تقدم مناقصة لصنع خيامية مماثلة, لم تستكمل لأنه رحل. وبالإضافة إلى قيمتها التاريخية, فإن قيمتها المادية آنذاك, كانت تقدر في الأعوام بين 78 و.198 بسعر المتر 200 جنيه, وذلك طبقا للشغل المطلوب, وكان حسابها النهائي طبقا للحجم لأنها كانت حوائط وأسقف.

ألبي دعوة إلى عشاء بإحدى تلك العوامات التي تحولت إلى مطاعم متحركة كقلائد فوق جسد النيل, وقد نقل إلى مداخلها جزء من رائحة الخيامية, عبر تلك الجدران القماشية الملوّنة التي تعدّك دائما لتنتقل من عالم إلى آخر. وجاء راقص الخيامية ليؤكد ذلك وهو يستخدم زيّه المصنوع من هذا القماش, لتقديم فاصل من الحركات تفضي إحداها للأخرى, كانسلاخ الليل والنهار.

يبدأ الراقص سيمفونيته الخيامية التي لا يتوقف فيها أبدا عن الدوران في محيط وقفته الثابتة, تتحول الأشكال الهندسية على تنورته والمرسومة فيما يشبه سنان الحراب الضخمة بألوان تمتزج فتعطي الإيحاء باللون الأب: اللون الأبيض, وكأنه يصنع بدورانه شمسا من ألوان قوس قزح. تتخلص يده من دفوف الدراويش الأربعة واحدا بعد الآخر كما يتخلص المرء من أوزاره. وتتبدل الموسيقى من موقف لآخر. تربط بين الشجو الشعبي والشدو الرسمي, بين الغناء والرقص. حتى نكتشف أن التنورة تنورتان, يفصلهما الراقص دون توقف عن الدوران, فكأنما الحيوات يسلم بعضها للآخر والعالم لا يتوقف عن الدوران.

ماذا يفعل راقص الخيامية بتلك الدائرة الفانية, التي نزعها عن الدائرة الباقية? إنه يلفها ليصنع منها مهد طفل, يستقبله العازفون بموسيقى الميلاد والسبوع, وكأنما هي حياة من الموت! ثم نكتشف علاقة أخرى مع الدائرة الباقية التي ينزعها عن مكانها, في العلاقة بين أبيض الظاهر, المتحول للشمس, وأسود الباطن المنسوب لليل, ومرة أخرى نعلم ذلك الترادف والانسلاخ بين العالمين, حتى يأتي الراقص في الحركة الأخيرة من معزوفته الخيامية بحركة ذكية, يرفع فيها دائرة القماش السحري, نسيج الحياة والموت, معادل الإقامة والرحيل فوق رءوسنا جميعا, نعم إنها دائرة لابد أن نرد عليها!

قبل نحو عشرين عاما قدم المخرج هاشم النحاس فيلما تسجيليا (مدته 15 دقيقة) عن صناعة نسيج الخيامية, من إنتاج المركز القومي للسينما, يوثق لمشهد ابتكار الرسم ونقله, ثم بداية التطريز, فالغرزة السحرية, ونلاحظ وجود أكثر من عامل, بينما لم يعد في المحلات التي رأيناها سوى واحد أو اثنين على الأكثر, وهناك حركات الشد والجذب والقص والضرب (الدك), على خلفية من جدارية الخيامية, التي أصبح العامل الفنان فيها جزءا من المكان.الأسطى يقص قماش (الدّك) بأطوال متفق عليها, وعلى حواف التروك (جمع كلمة الترك المرادفة لقماش سرادقات الخيامية) مجموعة عراوٍ (جمع عروة وهي الفتحة التي يمر خلالها خيط ربط قطع التروك معًا), وهذه الخيوط تنتهي بقطع صغيرة من الخشب تسمى العصفورة (أو السي كنجة), والعراوي تكون في جهة والعصافير في جهة أخرى.

يبدأ فيلم (خيامية) بمشهد هؤلاء العمال المهرة يصعدون درجهم لينشئوا السرادق الذي يعزل سكون الحياة داخله عن حركة الحياة الدنيا خارجه, على صوت قارئ القرآن الكريم: قال لبثت يوما أو بعض يوم . أتأمل المشهد المتناسخ حتى اليوم, وأنا أبتعد عن شارع الخيامية: وهل الحياة كلها إلا ذلك اليوم أو البعض منه?

 

أشرف أبو اليزيد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة الغلاف





الفنان الخيمي ينسج حديقة الألوان بوريقات زهرة اللوتس وسيقانها





لافتات تتهاوى, وأسماء تنقرض, وفن يقاوم في شارع الخيامية





أول شارع الخيامية.. وآخره, وبين ضوء البداية ونور النهاية برزخ من الحياة, تحت سقف من الخشب والفن





أول شارع الخيامية.. وآخره, وبين ضوء البداية ونور النهاية برزخ من الحياة, تحت سقف من الخشب والفن





يحتاج أسطى الفن إلى 15 عاما لتعلم هذه المهنة





متتاليات هندسية تطبع أشكال التصميمات والزخارف





الخيامية.. دكاكين صغيرة.. وقلوب كبيرة منقوش عليها سيرة اللون والتاريخ





وداع ورحيل ولحظة الولوج للبوابة الختامية, فيما العمال فوق سلالم ترتفع ثلاثة طوابق يقيمون سرادق العزاء





صفحتان من نسيج النهاية





صناعات كثيرة قاومت الفناء, مررنا بها في الطريق إلى (الخيامية) ومنها دباغة الجلود الطبيعية, تتوارثها عائلات تعمل في قلاع عتيقة





يغزل الفنان الخيمي الضوء والخيط معا ليضيء رسوم نسيج لوحاته





بين طيات نسيج الخيامية تطوى حكايات كثيرة





سرادق للفرح,يعبره المشاة قبل أن يغلق على المحتفلين ليلاً





أحمر الدم والورد, أزرق السماء والبحر, أخضر المرج والقلب, وأصفر الصحراء والشمس





من الحكايات الشعبية التي غزلها الفنان فوق قماش (الخيامية) جحا والابن والحمار