عزيزي العربي

عزيزي العربي

مداخلة

أبيات مجهولة

بالإشارة إلى ما كتبه د.عبدالعزيز المقالح عن صنعاء الأم بين سحر الواقع وجمال الأسطورة في (العربي) العدد (544) شهر مارس 2004, أود القول إن الكثير من الشعراء تحدثوا عن صنعاء ولكنهم لم ينصفوها, كونها أم الحضارات وعاصمة الساميين.

ويسرني أن أساهم بقصيدة أحفظها ولا أعرف من قائلها لأن أحد الأساتذة كان يمليها علينا في مادة الإملاء منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة, وهي كالآتي:

صنعاء يا مهد الحضارة والعلا ومقام كل صميدع ومليك
باريس دونك في الجمال ولندن وعواصم الرومان والأمريك
ما مأرب? ما سده ما حمير ما تبع كل إذا يفديك
ما الهدهد الصياح? ما نبأ له إن الذي في شرحه يغنيك


سالم أهيف
اليمن

 

ما وراء صدام الحضارات

طلع علينا في بداية التسعينيات (صمويل هنتنجتون) بنظريته الذائعة الصيت حول صدام الحضارات, والتي اكتسبت زخما ورواجا لدى مختلف الأوساط الفكرية والسياسية في الغرب مسقط رأسها كما في غيره.

ويزعم صاحب النظرية أن صراع الحضارات سيكون خاتمة تطور النزاع التاريخي الذي أخذ أشكالا وأطوارا, فمن صراع الأمراء الأباطرة قبل الثورة الفرنسية إلى صراع الشعوب, ثم نزاع بين الأيديولوجيات , لينتهي إلى أن القرن الواحد والعشرين لن يكون سوى ساحة مواجهة بين حضارات يتقدمها الغرب المتقدم المتفوق, تزاحمه البقية التي وضع الإسلام على رأسها, هكذا يرى هنتنجتون التاريخ وهكذا يتصور المستقبل.

وتعود أسباب الصدام عند (هنتنجتون) إلى مجموعة أسباب على رأسها:

- الفروقات والاختلافات الثقافية الأساسية.

- الاتجاه نحو مزيد من التفاعل, مع ميل العالم نحو الصغر.

وهكذا فإذا قبلنا بأن الاحتكاكات ومزيدا من الارتباط والاتصال بين تجمعات ثقافية مختلفة, هو مبرر كاف للصدام والصراع, قبلنا أن نتساءل: لماذا يكون هذا الاجتماع والارتباط والاتصال إذا كان سببا للمواجهة?

الجواب يكمن في الضرورة والحاجة الاقتصادية, فعدم قدرة كل طرف على الاكتفاء بنفسه والاستغناء من غيره (اقتصاديا بالدرجة الأولى), هو ما يدفع الأطراف المختلفة للدخول في علاقات تؤدي إلى ما تؤدي إليه من تشاكس وتناقض, نعم فالسبب الاقتصادي كان ومازال هو الأقوى.

- أليس الدافع الاقتصادي هو الذي حرك الأوربيين لغزو العالم الجديد, ومن ثم الاصطدام بالسكان الأصليين من هنود حمر وحضارات المايا والأزتيك وغيرها? وهو صدام وجد تعبيره في إبادة قام بها الرجل الأبيض لملايين من البشر?

- أوليس الدافع الاقتصادي هو الذي حرك الحملات الاستعمارية التي ما تركت في الأرض ركنا إلا واحتلته واستعبدت شعوبه وسخرتهم وأرضهم وخيراتهم, من أجل نهب الثروات والموارد وإيجاد أسواق لتصريف الفوائض من منتجات ورساميل.

- ألم يكن الدافع الاقتصادي هو الذي زج بالعالم في حربين كونيتين, دُمِّر فيهما ما دُمر وقُتل من الملايين من قتل? أوليستا سوى حربين جاءتا تحت ضغط الضرورة الاقتصادية بين مستعمرين قدامى وطامحين إلى الاستعمار?

- ولما كان الصراع بعد ذلك بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي, ألم يكن, - وبالرغم من رداءة الأيديولوجية - صراعا يحكمه العامل الاقتصادي?

محمد كريم
المحمدية - المغرب

 

انتبهوا... الخطر يتعاظم!

تواجه اللغة العربية مجموعة من التحديات من قبل أعدائها, سواء كانوا عربا أم من غير العرب.

وقد نبّه الكثيرون إلى بعضها, وتلمسوا أسبابها, وعلى الرغم من ذلك, فإن هذه التحديات تتزايد ويستفحل خطرها, ومن هنا لابد من وقفة نراجع خلالها معا بعضا من هذه التحديات, محاولين الوصول إلى بعض ما نراه من إجراءات لمواجهتها, غير متناسين أن هذه القضية تهم العرب جميعًا, لأنها تمس جوهر كيانهم, وتتناول صميم وجودهم, لغتهم الأم التي اختارها الله تعالى لهم دون غيرها من اللغات.

ومن المخاطر التي تواجه لغتنا تلك التي نجدها في شوارعنا, من خلال ما نقرؤه من أسماء أجنبية للمحلات التجارية أو المطاعم, اعتقادًا من أصحابها أنها أكثر جذبًا للزبائن, أو أنها أفضل من الأسماء العربية لها, حتى بدأت هذه الألفاظ تغزو وسائل الإعلام, أمثال: (بريك للإعلانات..) و(هاي.. أوكي.. ميرسي. باي), ومنها تتسلل إلى الشارع وألفاظ العامة.

ومن المؤسف أننا نرى الكثيرين من الناطقين بالعربية يميلون إلى اختيار الأسماء الأجنبية لأطفالهم عند ولادتهم, ربما عن جهل منهم أن هذه الأسماء غير عربية, وما أكثرها في مجتمعاتنا (جوزيف - لولا - نيفين...), متناسين أن للكثير من الأسماء العربية وقعًا أجمل ومعنى أفضل.

إن مرد كل ما ذكرناه سابقا يعود إلى وجود عقدة الميل عند البعض إلى التجديد, أو التأثر بطابع العصر ومعطياته الجديدة في ظل العولمة, أو أمركة العالم, ومن هنا ندرك الميل إلى إطلاق الأسماء الأجنبية على الكثير مما حولنا في إطار البيئة والمجتمع, وهو ما تسعى إليه العولمة بالضبط من محاولة العزوف عن اللغات الوطنية واستبدال الإنجليزية بها, ومن ثم العمل تدريجيًا على القضاء عليها قضاء مبرما, وهذا ما يعرف بالغزو الثقافي الذي راح يطول اللغات القومية في محاولة لبسط الهيمنة الأمريكية على شعوب العالم, وجعل الإنجليزية لغة مهيمنة.

إن العلاج اللغوي يجب أن يبدأ من المدرسة, ومع المراحل الأولى من حياة الطفل, حيث يتم تلقينه اللغة القومية سليمة من الشوائب, ومن هنا يمكن أن ندرك الدور الكبير الذي يجب على التربية أن تقوم به في سبيل معالجة هذه الآفة التي تنهش جسد اللغة العربية.

لقد قيل قديمًا: (درهم وقاية خير من قنطار علاج) فلنعمل كلنا على بذل هذا الدرهم, أو الانتفاع بما يوازيه من الفائدة قبل أن يستعصي الأمر على العلاج.

عبداللطيف السعيد
حمص سورية

 

رأي

العلم هو الأمل

عندما دعا المفكر (سلامة موسى) منذ نصف قرن إلى الأخذ بأسباب العلم والحضارة تم رفض دعوته لأنه سابق لزمانه أو لأسباب أخرى, واليوم يكرر الواعون بالعصر الدعوة نفسها ليجدوا الرفض لأنه - أي العلم - تأتي به رياح الغرب المقيت, علما بأن العلم لا وطن له ولا دين ولا سياسة, ولكن وصل المريخ!

إن العلم يتصدى لمشاكل التنمية والخرافات والعادات السيئة, فلتكن الثقافة الثالثة التي تفتح أبواب المجتمع للعلم والتكنولوجيا سبيلنا في نهضة علمية شاملة هي الأمل الوحيد للخلاص!

زغلول توفيق جرجس
بني سويف - مصر

 

محاولة

حنينْ

لنافذةٍ.. بحجم الكون لهفتها
أعلّقُ وشوشاتِ الشّعرِ,
فوق عريشة القلبِ..
لذاكرةٍ.. بعمر التّينِ والزَّيتونِ والتّعبِ..
أجدّلُ نهدةَ الموّالِ في لغتي
وأعصرُ ديمتةَ الأشواقِ
فوقَ براعم اللّهبِ

 

***

وحيدًا.. كالمسا..كالريحِ
أذرفُ جمرةَ الصَّمتِ..
وكلُّ قصائدي ملحٌ
وكلُّ أزاهري ملحُ
وأحلامي.. تُيبَّسُ فوق! شُرْفتِها
هديلُ النورِ.. والصّبحُ
شريدًا.. أنبشُ الأمس الذي أغفى
فيحرقني جنونُ أساهُ.. إذْ يصحو

 

***

أحنُّ إلى ثغاء الفجر فوق جبين شرفتنا..
إلى كفِّ.. بطهرِ النُّورْ
تخيط شراعنا المكسورْ
وتسكبُ عطرها القدسيَّ
في فنجان قهوتنا..
وفيروزُ الرَّنيمِ العذبِ تمشطُ ليلَ غربتنا..
وهمسكِ.. من نعاسِ العمرِ يوقظنا..
(صباح الخيرْ..)
(صباح الخيرْ..)

 

***

صباحُ الشّوقِ يا أماه
صباحُ الحبِّ والعطرِ
متى أغفو على كفّيكِ حتى ينتهي عمري..
متى أعدو مع الأطيار خلفَ سحائب العطرِ..
وأسقي لهفةَ الزَّيتونِ من قيثارة الشّعرِ..
متى أرتاحُ منْ ليلِ الرّحيل المرهِقِ المرِّ
متى?!.. يا ليتني أدري..
متى?!.. يا ليتني أدري..

 

سائر علي إبراهيم
طرطوس - سورية

 

لغتنا العربية.. أجدى

حضر حفيداي التوأمان يحملان لي دعوة لحضور حفلة تخرجهما من الروضة ونجاحهما في الالتحاق بالصف الأول الابتدائي في المدرسة الخاصة التي يدرسان فيها.

كان عمرهما حوالي ست سنوات... وفرحت بحضور حفلة تخريج لبراعم في هذه السن المبكرة وسررت لمبادرة إدارة المدرسة بدعوة أهل الطلاب لمثل هذه الحفلة.

وذهبنا أنا وجدة الطفلين وأمهما لحضور الحفل.

كانت إدارة المدرسة قد أعدت مقاعد لأولياء أمور الطلاب مرقمة ومكتوبا عليها اسم كل مدعو باعتباره ولي أمر أحد الطلاب وحسب الحروف الأبجدية باللغة الإنجليزية.

ووزع علينا برنامج الحفل باللغة الإنجليزية وظهر الطلاب في تمثيليات وأدوار بسيطة يتكلمون باللغة الإنجليزية.

ووزعت أسماء الخريجين باللغة الإنجليزية, ومضى الحفل منتظما وجميلا والأطفال يقومون بأدوارهم بإتقان وكفاءة تدل على مستوى جيد في الأداء والتعليم.

وعند انتهاء الحفل جاء الحفيدان يحملان شهادتي التخرج وصورا لهما بثياب التخرج وقبلناهما وباركنا لهما, وذهب الجميع إلى السيارة للعودة.

إلا أنني طلبت منهم انتظاري في السيارة, وذهبت لمديرة المدرسة بعد أن علمت أنها ابنة صديق قديم لي توفاه الله منذ سنين. وكنت وإياه زملاء مهنة وتوجه قومي,وقدمت لها نفسي فعرفتني فورا, واحتفت بي وأظهرت اهتماما بقدومي للسلام عليها. وقلت لها هل أستطيع إبداء ملاحظة مهمة? ورحبت بذلك وقلت لها أليست لغتنا العربية لغة جميلة, وواجب علينا احترامها واستعمالها وخاصة في تربية الأطفال وتعويدهم عليها منذ الصغر, ألم يكن من الأفضل على الأقل أن يكون برنامج الحفل وأسماء الخريجين ولغة التعامل هي اللغة العربية?

ودهشت للملاحظة وقالت أنت على حق, وأعدك بتلافي ذلك في المستقبل.

هاني الدحلة
عمان - الأردن

 

تساؤلات

قرأت في مجلة العربي العدد (543) فبراير 2004م موضوع كتاب (صور المثقف) للمؤلف (إدوارد سعيد) عالج فيه المؤلف التناقضات التي يعيشها المثقف بين الواقع والحقائق والمبادئ. وكانت خلاصة الفكرة التي أرادها المؤلف ذات أهمية كبرى في بناء فكر المثقف في مواجهة التحديات والعقبات.

غير أنّ فكرة المثقف الفرد المستقل تبقى المعضلة الأساسية في الموضوع. فإلى متى يبقى المثقف الفرد بين الحقيقة والخيال?!

كما قرأت في مجلة العربي العدد (540) نوفمبر 2003م موضوع: كتاب (ثقافة ثالثة وراء الثورة العلمية), تأليف جون بروكمان, أثار فيه المؤلف الجديد في باب الثقافة العلمية, بعد أن كانت هذه الثقافة في بدايتها مجرد معلومات عن الذرة والحياة والكون والكمبيوتر, أصبحت مجالا ونسيجا للتواصل بين العلماء والجمهور من الناس. فهل تحل هذه الثقافة مكان الثقافة الأدبية وتكون هي ثقافة التواصل?!

عبدالحفيظ قطاش
الجزئر - العاصمة

 

بدايات الطباعة في ليبيا

وقع في يدي أخيرا العدد (511) الصادر في شهر يونيو 2001 وبه مقال بعنوان (أوائل المطبوعات العربية تاريخ لبداية الثقافة), بقلم الأستاذ سمير غريب, الذي أورد في مقاله العديد من الجوانب المطمورة في تاريخ الطباعة عند العرب, ولكني وقفت عند بدايات الطباعة لكل قطر عربي حيث أورد:

(وقد عرفت أول مطبعة حجرية في العراق عام 1830, وعرفت الطباعة في فلسطين في العام نفسه, وفي اليمن عام 1877 وفي الحجاز عام 1882 وفي السودان في الفترة ذاتها تقريبا. أما باقي الدول العربية فقد عرفت الطباعة في القرن العشرين!!).

ورأيت أن أضيف لما لدى الأستاذ سمير غريب من معلومات عن تاريخ الطباعة في ليبيا, التي قال عنها (إنها عرفت الطباعة في القرن العشرين).

يقول الأستاذ عبدالعزيز سعيد الصويعي - نقلاً عن المصراتي أحد مؤرخي ليبيا - إن أول مطبعة حجرية أنشئت بطرابلس سنة 1277هـ - 1859م, ولكنها كانت صغيرة وبدائية, إلا أنها طبعت الأوراق الرسمية والرسائل (لولاية طرابلس الغرب) حيث كان مقرها السرايا الحمراء.

وبعد هذا التاريخ ببضع سنوات أدخلت بعض التطويرات الجزئية لتمكنها من طباعة الجرائد والدوريات.

ففي عام 1863م صدرت بالولاية جريدة (المنقب) وهي أول جريدة تصدر في ليبيا, أصدرها القناصل الأوربيون. وكانت من أربع صفحات واحدة منها بالعربية والأخريات باللغة الفرنسية.

وفي عام 1866م ولدت عروس الصحافة الليبية جريدة (طرابلس غرب) أو طرابلس الغرب, وكانت في أربع صفحات أيضا, بعضها بالتركية والآخر بالعربية, ورأس تحريرها السيد أحمد بن ساسي بن شتوان أحد علماء اللغة الليبيين.

ولم تكن طباعة (طرابلس غرب) بالمطبعة الحجرية القديمة ذاتها ولكن بمطبعة أحدث, حيث يقول المؤرخ الليبي أحمد النائب الأنصاري:

(وفي هذه السنة 1281هـ - 1863م أسس الوالي مطبعة بقصر الحكومة لصحف الأخبار والوقائع وسميت صحيفتها (طرابلس غرب).

وتوالت المطبوعات والجرائد, حيث إنها وصلت إلى أربع جرائد حتى نهاية القرن التاسع عشر وحده, وهي: (المنقب) 1863, (طرابلس غرب) 1866, (سالنامة) 1866, (الفنون) 1897.

علي مختار بن طالب
الخمس - ليبيا

 

استدراك

كاتب ومدينة.. ومصور

في زاوية (كاتب ومدينة) المنشورة في عد يونيو 2004 بقلم د. وليد إخلاصي من مدينة حلب, سقط سهوا اسم المصوِّر: نديم آدو.

وتريات

حلم الفتى

مضت الفتاة كأنّها حُلُمٌ
فوق الطريق يزفّها المَطَرُ
لم تلق بالاً للذين تسمّروا وَلعًا بفتنتها..
أو من بها عبروا
مرّت بنا كنُجَيمة خَطَرت فوق السحاب
تبعثر الأحلام من منديلها
فتُرَنَّحُ الفِكَرُ
ليت الفتاة درت بأن لها بين العيون فتى
صبّ الجوانح مضنى بات ينتظرُ
ألقى به مطر الطريق لدربها
فلعلّها ترنو له
فلعلّها تومي إليه بنظرة
بين الزحام يحيطها الحَذَرُ
بنت تسير بركب الغيم هادئة
وفتى يؤجّجّه شَوْقٌ ويستعِرُ
هل يستجيب له أملٌ بعينيها
إن نحوه نظرت.. فَرَنا له قَمَرُ?!
مضت الفتاة كحُلم أينما خطرت
نمَت الورود وراح الآس ينتثِرُ
مرّت به فأماته وَلَهٌ يشتاقُها
وأفاقَهُ عِطرُ!
لو قد رنت نحو اليسار للحظةٍ..
لو لاحظت..
لو يعطِفُ القَدَرُ!
ليت الفتاة رأت مَسَّ الجنون به
عصفَ الهيام بقلبٍ كاد ينفطِرُ
حين اختفت في دربها
لم تنتبه لفتى سيجنّ من لهفٍ عليها
حين تستتِرُ
ويل الفَتى
ليت الفتى حَجَرُ!

 

حمزة قناوي رمضان
القاهرة - مصر

 

الشيخوخة الجميلة

في خضمّ الحياة ومع زحمة العمل وضغوط العصر الذي نعيشه تمضي الأيام سريعة متلاحقة تخطف معها سنوات العمر ويصبح المرء دون أن يدري في قلب مرحلة الشيخوخة.

والإنسان مادام حيّا فلا مفر من أن تدركه هذه المرحلة, والتي هي حالة من حالات النمو العمري, ولكن قد تختلف مظاهرها وأعراضها من شخص لآخر, من حيث الاحتمال والتقبّل والتفاعل.

ولكن في النهاية فالجميع متساوون في لقاء هذه المرحلة بكل ما فيها من سمات, ولعله من المفيد أن نقترب أكثر فأكثر ونتساءل عن ماهية الشيخوخة?

إنها وحسب تعريف علماء النفس إنما هي مجموعة من التغييرات الجسمية والنفسية, تؤدي إلى ضعف عام في النواحي الصحية, حيث يشعر الإنسان بنقص في القوة والقدرة, وقصور في كفاءة الحواس بالإضافة إلى ذلك فإنه يحدث تدهورا في القدرة الذهنية

وغالبًا ما يشعر الإنسان في هذه المرحلة بالإحباط والقلق والتوتر والرغبة في الشكوى في غير علّة محددة كذلك شعوره بالضّجر من كل شيء حوله والإقدام على بعض التصرفات التي تضع علامات استفهام على وجوه من هم حوله ممن لا يعرفون طبيعة هذه المرحلة.

وفي ضوء ما سبق قد نتساءل.. وماذا نفعل? الإجابة جاءت في الآية الكريمة من القرآن العظيم الذي لم يغفل شيئا إذ قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما . واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا - صدق الله العظيم

إن ما جعلني أكتب في هذا الموضوع حين التفتّ حولي فوجدت بعض كبار السن, وهم في مرحلة الشيخوخة, نظراتهم لا تخلو من عتاب, لأن المجتمع لايلتفت إليهم كثيرا, بعدما غاب عنهم الأهل والأصدقاء, كثير منهم ليسوا في حاجة إلى المال بقدر الحاجة إلى كلمات حب تصل إليهم. وكل أملي الآن أن يعيش كل من تدركه الشيخوخة أيامًا جميلة.

السيد عبداللطيف البجيرمي
مدير عام بالتربية والتعليم سابقا
عابدين - القاهرة