فنون من الإسكندرية.. الشراكة المتوسطية في الإبداع أسعد عرابي

فنون من الإسكندرية.. الشراكة المتوسطية في الإبداع

تبدو أهمية (مدرسة الإسكندرية) في الفن التشكيلي مثالاً ساطعًا على الشراكة المتوسطية. ابتداءً من مؤسسها محمود سعيد, وانتهاءً بآخر عقدها رباب النمر. دعونا نقم بسياحة في خبايا تجارب هذا العقد.

ابتُلي الفن المصري خلال العقود الثلاثة الأخيرة بأصوليتين متعارضتين: الأصولية الانطوائية النكوصية الغيبيّة المتعثّرة في غياهب الاختلاط بين الحلال والحرام بخصوص الصورة, والأصولية الحداثية أو التقريبية, التي تدين بتطرف أعمى أدنى بصمة عرفانيّة في التقاليد الفنية, بحيث تخلط بين حدود المعرفة العقلية الخاصة بالعلوم والمعرفة الحدسية الخاصة بالفنون.

يقول النقد عن لوحات محمود سعيد بأن لوحة المصلين (أو رقص الدراويش) تعكس وجهًا من وجوه التزمّت والرجعية, وأن نساءه البحريات بالملاية اللف لا يخلون من العربدة والمجون.

من الضروري في مثل هذه الحالات تجنّب الإحالة إلى الكتابات النقدية الملتبسة, بالنسبة لي كان فرصة لاكتشاف تعدّدية الخزان التشكيلي الإسكندري باعتباره مركبة توليف ولقاح: عربي - قبطي - إسلامي - متوسطي (شمالاً وجنوبًا), بالإمكان ترميز ما يجول ويتماوج بين شواطئها الثقافية من حساسيات توليفية بقطرات حبر ملونة تقع في حوض ماء (كرمز للبحر الأبيض المتوسط). تبدو هذه النقاط صريحة الصياغة والتمايز اللوني في مركز كل منها, وبالعكس, فهي متداخلة الأصداء في محيطها.

لاشك أن لبعد مدرسة الإسكندرية عن العاصمة ومؤسساتها ومعاقرتها لنسائم حرية البحر دورًا كبيرًا في هذه الشمولية الذاكراتية أو النهضوية.

لو قارنا شخصية نحت مختار برؤيوية راغب عياد, لوجدنا أن قيم الثاني أقدر على الاستمرار والديمومة في صناعة التيارات التعبيرية ذات النكهة المصرية (خاصة في (مدرسة الإسكندرية)), فهو مشروع لهيكل ذاكراتي مستقى من ثقافة التنزيه (القبطية - الإسلامية - الفرعونية), هي التي تتناول الوقائع الشعبية وديناميكيتها كمادة خصبة, متجولاً بين حيوية الريف (المحراث والجاموسة والترعة والبذار والفلاحين ومنازلهم), وحيوية الأحياء الحضرية الشعبية وسيرة مقاهيها ومراقصها المختلطة.

وهكذا أعاد التعبير التشكيلي استقلاله المصروي بمعزل عن مصروية الموضوعات, أصبح الفراغ مسطحًا تتحرك فيه العناصر إلى الأعلى والأسفل, يقترب التمثيل من كواليس عرائس خيال الظل, هي التي عبرت من حامد ندا إلى الخصائص الإبداعية في مدرسة الإسكندرية: تكويناتها الجبهوية دون ظل أو منظور خطي أو حجم.

محمود سعيد (الإسكندرية 1897-1964م)

تبدو تجربة هذا الرائد أشد التحامًا بروح المدينة باعتباره النموذج النهضوي التشكيلي الأول في الفن المصري المعاصر, وذلك لارتباط حساسيته بجغرافية المدينة, وتراكماتها التوليفية الثقافية. وبالقدر الذي تبدو فيه ثقافته الغربية عميقة لا يفرط بذاكرته الفرعونية والمكانية. يقول عنه رمسيس يونان: (لا نكاد نرى شيئا يستحق الذكر أخذه من التراث الأوربي), فتقنيته التكعيبية وفدت من تأمله الدائم لنظام التواتر الكتلي وتضادات الظل والنور التي تثيرها الشمس المحلية على الجدران المحفورة الفرعونية.

وهنا نصل إلى ما أشار إليه بدر الدين أبو غازي من (منطق معماري متعاطف مع البيئة) التحول من التصوير البيئي لدى المستشرقين إلى خصائص: محمود سعيد تنقلنا مباشرة إلى الإحساس اليقيني بتمايز (مدرسة الإسكندرية).

فلم تؤثر فيه لا دراسته في مرسم زانييري الإسكندرانية, ولا في أكاديمية جوليان الباريسية. فقد ابتدأ تصوير شواطئ المدينة والصيادين وحمارة سيدي جابر وبنات بحري بالملاية اللف, بصورة مغايرة تمامًا للمستشرقين المستوطنين, خاصة أن خزّانه من الفن الفرعوني, كان طافحًا من خلال رسومه ما بين الأقصر وأسوان وأبي سمبل, وهنا لابد من العبور إلى خصائص أوقيانوسة المائي المسكون بالعراة من صيادين وعرائس بحر وأسماك ورياح وأشرعة وموج وأنوار سُحبية بارقة.

لو حذفنا من تصاوير محمود سعيد: البحر والغيم واليم والمراكب والأشرعة وسعي المسافرين وارتحال الصيادين والأمواج والشطآن لما بقي من انتمائه الإسكندراني شيء, ويصفه بدر الدين أبو غازي بـ (فنان الشواطئ البيضاء), لدرجة يبدو فيها البحر وكأنه نافذته الوحيدة على العالم, في منزله الطفولي الذي تصوّره لوحة (أمام الدار).

منح هذا الفنان مدينته تورية طوباوية برزخية فبدت أشبه بـ(الجزيرة السعيدة) تشتمل هذه اللوحة على موضوعه الإنجيلي الأثير: هجرة الأم والطفل على الحمار في شعاب بحرية حلميّة مفيأة بأشجار نخيل حبلى بالثمار, تترسخ رمزية هذه الجزيرة من خلال اقتصارها على بيت رمزي ومقبّب.

أما مدينته, فيرمز لها (بذات الشعر الذهبي) أو (عروس الإسكندرية), وكأنها هي نفسها التي حاكت أسطورة (إلياذة وأوديسة) هوميروس: عروس نحاسية مثل سمرة الرمل والشمس التي تسكن أديم البشرة من الداخل نفس العروس التي تغوي (الصيادين).

كثير من لوحاته تصوّر الإسكندرية مثل (المدينة) حيث الغواني يخطرن بالملايا اللف والبرقع الإسكندري, مع خشخشات بائع العرقسوس, تجتمع في (بنات بحري). يمثلن حسان المدينة بصيغة ثلاثية تشبه مجاميع الحسناوات الثلاث في الفن الإغريقي.

أما (مستحماته) فيبدون أوربيات أو بالأحرى شماليات, تترسّخ هذه الشمولية في لوحة (المرقص), عابرًا (ميناء بيروت), وصيادي رشيد وشواطئ مرسى مطروح وأسوان النيل والمرافئ اليونانية وغيرها.

استقال محمود سعيد من عمله الوظيفي القانوني ليتفرغ للوحاته بعد سن الأربعين, بعد أن عانى صعوبة الجمع بين المتناقضات, تملك لوحاته هذه السمة الصراعية بين الفضيلة (في موضوع المصلين), والمجون الحر (في موضوع العاريات), بين أحجبة الملايا اللف وما تكشفه من سفور شهواني, تعكس شخصية بنت البلد هذا التناقض بين المرح والحزن, وبين الصفاء الروحي والاحتدام الجسدي, تعيش صوره بين واقعية الفوتوجراف (ومتحف الشمع) من جهة, وهذيانات وأحلام الآفاق السوريالية من جهة أخرى. لقد ترسخت فطرته الإبداعية على منطق التوفيق بين هذه الثنائيات.

يكفي أن تقارن بناءاته المتعامدة وحلزونياته الصاخبة بالذكر والمولوية مثل لوحة (الدراويش): لعله الطابع التعبيري المميّز الذي أسس لتقاليده في مدرسة الإسكندرية.

عفّت ناجي (الإسكندرية 1912-1994م)

هي أخت محمد ناجي, استفادت من جعبة زوجها سعد الخادم التخيلية والتوثيقية التي تزدان بخزائن الإشارات والرموز والزخارف الشعبية. نعثر هنا على مصادر حساسيتها السيميائية, والتي تصل في جيولوجيتها الذاكراتية حتى أسرار العلوم الفرعونية. تبدو هذه الفنانة متعددة صيغ التعبير الإبداعية, فهي موسيقية وكاتبة, إضافة إلى كونها مصوّرة, منحت لمدرسة الإسكندرية صلة التجريب واقتحام مخاطرات مختبرات الحداثة, وما بعدها.

سأعرض على القارئ جزءًا من النص المهم الذي كتبته عفّت ناجي تشرح فيه مصادر استلهامها, وجدته منشورًا في كتاب نازلي مدكور: (المرأة المصرية والإبداع الفني) (منشورات دار تضامن المرأة العربية 1989) تقول:

(أدهشني ما رأيته في المخطوطات العربية من رسوم وأشكال فلكيّة وجغرافية وسحرية وتصميمات ميكانيكية, وما رأيته في الفولكلور من صلة وثيقة بين الفنون المصريّة والبابليّة والآشورية والإسلامية. لم أصوّر المنظر بطريقة المنظور, بل بمسطحات لونية كقيم في حد ذاتها).

(إن تجميع العناصر المختلفة ليس جديدًا فقد مارسه قدماء المصريين. تأثرت ببلاد النوبة فأنجزت لوحات ذات طابع معماري: مسطحات خشبية ذات مساحات غائرة وبارزة...(....)).

نعثر في هذا النص على حالتها الرؤيوية, واستشراف أصيل لإشكالات ما بعد الحداثة, ستزداد أهمية هذا النص لأنه سابق لتاريخ (جماعة المحور) في القاهرة, فقد كانت عقيدتهم صريحة في التبشير بالخروج من قدسية تقاليد سطح اللوحة, يعتبرها البعض لذلك رائدة التحديث خاصة في مساحة (مدرسة الإسكندرية). ومنذ أن دعت إلى الاقتصار في التلوين على الألوان الأولى الأساسية. لا يقل تصويرها قوة شخصية عن حامد ندا وسعيد العدوي. بل إنها تتجاوزهما في هذياناتها المخبرية وتعددياتها التقنية, والتي نلحظ فيها أحيانًا شيئًا من حساسية الفن الشعبي, فقد استخدمت بشكل رهيف اللدائن الكيميائية والألوان الفوسفورية المبتذلة في رموز طلسمية, وصلت في أوائل السبعينيات إلى لصق عرائس ودمى وأخشاب قديمة وقطع مرايا وأقمشة وكرانيش ملونة وغيرها مما جمعته عبر السنين. ولاشك أن هذه العقيدة تناسخت في تجربة عصمت داوستاشي, وهو الذي نظم لها آخر معرض عام 1993م, معتبرًا إياها المؤسسة الحقيقية للحداثة.

أما زوجها: (سعد الخادم) فهو من نوادر المختصّين بدراسات المخزون الشعبي, من مشغولات الخشب والسجاجيد والمنسوجات والمطرزات والحلي والأحجبة والطواطم ورسوم ومنحوتات وأدوات المستخدمات اليومية. تعتمد تصاويره على اتساق ذوقية شعبية بما تحتفي به من كوامن سحرية وطقوسية وتطيّرية. يصل إلى حد التقارب مع إنتاج الأطفال والفطريين, يتوزع اهتمامه بين المشخّصات والإشارات الهندسية, بين المجسّمات الملوّنة (الخشب والزجاج) بالإكريليك والأنساق الهندسية الإشاراتية, وحياكات الأحجبة والطلاسم والتعاويذ والرقش والرموز والإشارات.

توقف في الستينيات عن ممارسة التصوير ليتفرّغ لبحوثه التربوية مخلّفًا تسعة عشر كتابًا حول هذا الموضوع. اضطرت زوجته عفّت أن تبيع مجموعاتهما التراثية لتؤمّن نفقات علاجه قبل أن يتوفّى عام 1978م.

حامد ندا (1924-1993م)

لا يجد النقّاد لهذا الرائد موقعًا في (كوكبة الإسكندرية), ذلك بالرغم من شدة تأثيره وشراكته بحساسية المدرسة. يبدو هذا التأثير جليًا من خلال دوره التربوي في كلية فنون الإسكندرية. فقد ابتدأ مع تأسيسها عام 1957م, ثم دوره في إحياء عروض (بينالي الإسكندرية): (حاز الجائزة الأولى في التصوير في دورة 1959م). ثم إنه كان شريكًا في (جماعة الفن الحديث).

إذا سقط شرط الولادة والانتساب السجلي هنا, فقد حلّ محله ما هو أهم, وهو المعايشة الأسلوبية, والتعايش مع الطبيعة الجغرافية والبشرية للمدينة. يبدو لي تأثير حامد ندا أشد وثوقية من سواه, وحتى ندرك ذلك علينا أن نمتحن عن قرب خصائص سعيد العدوي ورباب النمر وسواهما من تلامذته. تخرّج حامد ندا في كلية فنون القاهرة قسم التصوير بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف, عام 1951م, وكان مشروعه عن الشعوذة والعقائد الشعبية, شكل قبل تخرجه عام 1946م, (جماعة الفن المصري المعاصر) مع عبدالهادي الجزار ورافع ورائف وآخرين, تبدو دعوة جماعة حامد ندا أقرب إلى الإبداع وبالرغم من توازيها مع جان دوبوفي و(الفن البكر), في حين يغلب على السورياليين التغريب والاتباع, لا ينكر ما بين الجماعتين من جسور ميتافيزيقية هو الفرق بين الاستمداد من خزائن صور اللاشعور الجمعي والتخييل الأنوي الفرويدي, بما يحمله من عزلة وانطوائية. استبدلوا إذن السوريالية الأوربية بشطح الشرق وحدسيته القلبية. وهكذا خرجوا من نشوة الحلم والهذيان والذهان والهمود والعصاب والطفولة إلى غبطة البصيرة الموشومة بالثقافة العامة. لعل مرجع ذلك أنها فترة الهم العام وبداية المصائب القومية, وانتعاش ماردها الثقافي, من هنا ندرك معنى استخدام الحروف والتعابير العربية في تشخيصات حامد ندا الرمزية, استطاع أن يجسّد في تصاويره أوشحة الذاكرة القلبية عن الأحياء والحواري القاهريّة التي ترعرعت في أحضانها حيواته التخيليّة البكر, مثل القلعة والسيدة زينب والغورية والبغالة وحارة الميضة, (هي الأحياء التي استمدت من مناخاتها روايات نجيب محفوظ مدادها). ينسج تكاوينه من صرح أطلالها وأزقتها. وعناصرها المعيشة مثل الدكة وكرسي القش والشيشة وحبال الغسيل والفوتوجراف ووابور الجاز واللمبة والحنفيّة. ثم الديك ذو العرف الأحمر منبه سكان الأحياء الشعبية بإعلان بزوغ الصباح, ثم هناك القطط التي تشارك البشر معاشها وتطيراتها, تنسل في أطراف النوافذ والمنافذ والبلكونات والشرفات. ثم أخذت تداعياته التلقائية المستكية تفجّر عناصر وإكسسوارات أخرى مثيرة مثل الجوارب والسراويل والسوتيانات والقفازات والأحذية النسائية والفساتين والمفروشات والمكتبات وكراسي المقاهي والمراقص والأدوات الموسيقية وعلائم السهر والصحو, تحتشد جميعها في قيامة ساخرة بشتى تفاصيلها الشطحية الرهيفة.

ما إن اندمج في بوتقة عوالم الإسكندرية, حتى أخذ يرتشف مفرداتها اليومية, التي يشاركه فيها سيف وانلي: المغنين والراقصين وعازفي الموسيقى والمراكب والأسماك والزواحف وكلاب البحر والضفادع والثعابين والعقارب, يستخرج من إقامته التدريسية صور البحر والسماء, الهواء والشمس, القمر وسخونة الرمل على غرار لوحة (شاطئ العجمي).

يجتمع في نظائرهما الرمل والأثير, النور ولواعج الشمس وسخونة الأجسام المتوحّدة مع الطبيعة الشاطئية.

هي المفردات الفرعونية - الزنجية - الإسكندرية - الشعبية التي ستتحرك على رقعة شطرنج سعيد العدوي, تستمد هيئاتها من شمولية التناسخ الإشاراتي في ضمير وخيال العامة, هو ما استثمرته عفت ناجي وزوجها سعد الخادم. يعود فضل لملمتها من ذخائر الذاكرة المصرية بتقاطعاتها المتباعدة إلى عبقرية حامد ندا.

من الجدير بالذكر أن مفرداته ازدادت خصوبة باحتكاكه في إسبانيا مع همجية إشارات بابلو بيكاسو, ترسّخ في حينها البعد الطوطمي والميثولوجي السحري, دون أن يفوته بسبب تربيته السوريالية تحريض مكامن اللاوعي في الأسطورة الجمعية (على طريقة يونج وليس فرويد). وهكذا توالدت من جديد توليفات كائناته الخرافية: طائر البراق وطائر العنقاء والرخ والفينيق. وترسّخ القط الأسود والديك والحمائم والحصان, بما يحمله من دلالات خصوبة من خلال تماسّه بأجساد العذراوات, ثم الثور المستعار مباشرة من بيكاسو وفنون ما قبل التاريخ.

لا يخلو اختلاق الخط الفاصل الحاسم بين مدرسة الإسكندرية وتوأمتها مدرسة القاهرة من التعسّف, هو التعسّف نفسه الذي نلحظه في إنكار خصائص عائلة عقدها المذكور. لو اقترب مجهرنا أكثر من هذا التمفصل, لوجدنا أن تجربة ندا بحد ذاتها لا تحتكر هذا السعي الشمولي خلف أبجدية تراكمية, قد يكون ثمرة عبقرية الرائد راغب عيّاد - وهو من الروّاد - الذي فتح مسارًا في هذه الصبوة الوعرة والأصيلة.

يهيئ لنا (المنهج المقارن) تقصي أصول لوحة (قهوة في أسوان) و(انتظار قطار مريوط) لسيف وانلي, ولوحة (المرقص) لمحمود سعيد, وبعض أعمال حامد ندا.

في لوحة (رقصة سودانية) لراغب عياد. (دون أن يفوتنا الإقرار بحضور دومييه ولوتريك وبيكاسو وجويا وغيرهم), بادر راغب عيّاد بقلب شتى هذه المفاهيم الفراغيّة الوافدة من محترفات شمال المتوسط, إلى فرعنة الفراغ وجعله قبطيًا - عربيًا, تتحرك عناصره مثل الأبجدية (البيكتوغرافية) الفرعونيّة من الأعلى إلى الأسفل, متراشحة, مع راكم عناصر الحياة اليومية الريفية والحضرية, تندمج جميعها في فريسكات معابد الأقصر والبرديات القبطية, والمنمنمات العربية والرسوم الشعبية في مواسم الحج والنذور والختان والطهور وسواها.

أعاد راغب عياد للفراغ سطحه السردي المشرقي, بحيث تبدو كائناته التشكيلية المنزّهة عن التشبيه كواليس وديكورات وعرائس ظل مقصوصة, وذلك باعتبار اللوحة جدارًا أو مرآة أو ورقة أو بردية أو رقًا. تعاف نفسه إعادة اصطناع وهم الواقع المرئي على الطريقة الأكاديمية, أي إلى الأمام والخلف هروبًا إلى خط المنظور السكوني, سعى لاستبداله بمنظور (عين الطائر), هو المنظور القلبي - البصيري الذي يحقق (وحدة وجود) فراغية.

دعونا ننصت إلى اعتراف حامد ندا, الذي فات بعض النقاد, حول هذا التواصل مع عقيدة راغب عياد يقول في حديثه مع د.نعيم عطية المنشور في مجلة (المجلة) يناير 1969م.

(بيني وبين راغب عياد في لوحاته عن الحياة الشعبية قرابة روحية, وإن كان الفرق شاسعًا بين معالجة كل منّا للموضوع الشعبي وللشخوص الشعبية (....) أشير إلى الأجواء الشعبية التي صوّرها أديبنا الكبير نجيب محفوظ في روايته (زقاق المدق) لأقرب شخوصي وعالمي إلى ذهن المتفرج المصري وذوقه الفني).

فات حامد ندا نفسه إعادة حساب استلهاماته من مكتشفات عياد بصيغة صريحة على مثال: الأبجدية الفرعونية, التسطيح, الوضعيات الجانبية, التكوين الجبهوي, حومان العين في شتى أرجاء الفراغ دون أدنى مركزية, ثم بناء سلم النسب على أساس حدسي وليس على أساس سلم البعد والقرب, أي على أساس نصبي سحري يعملق عنصرا ويقزم آخر, وفق تراتبية فرعونية, ثم - وهذا بيت القصيد الحداثي - استقى حامد ندا من عياد تركه بعض الخطوط المرسومة دون معالجة, بحيث توحي بعدم الاكتمال مثل منهج الرسم السريع, نلحظه بصورة حاسمة في بعض تجارب بيكاسو. هو ما يمثل رغبة عياد الخروج عن نمطية الحياكة التقليدية الكلاسيكية, التي تنحو منحى الكمال التقني على حساب قوة اللحظة الانفعالية, نعثر على هذه البشارة بصورة خجولة في (بانوراميات) محمد ناجي, نحسّ بأن الجدارية منجزة بروح الرسم اللحظي الحر, ستتحول إلى عقيدة تداعياتية لدى الوريث المقبل سعيد العدوي, وستصبح تداعيًا سرديًا وليس جشتالتيًا لدى مطرزات رباب النمر القلميّة. سنعثر على رواسب هذا التقطيع المشرقي الحاسم في كتابات الحروف والعبارات العربية التي يوشم بها حامد ندا كائناته الرمزية, مندمجة في نواظم التشظي والتوقيع التجريدي الذي ينظم نسق الشخوص لديه, وبحيث تتبدّى حتمية مواقع العناصر, بحيث تبدو أكثر أهمية من معالجة العنصر ذاته, سنعثر في تجارب الوريث المقبل سعيد العدوي على اهتمامه الأقصى بهذا التوقيع, وتواتر الامتلاء والفراغ, الأسود والأبيض حتى لتبدو من جديد الخرائط الفلكية أشد خصوصية في هيئة الفراغ منها في شخصية العناصر أو الوحدات أو المفردات. يتعامل الاثنان معها وكأنها علامة موسيقية تقود إلى ما هو أهم: اللحن أو خارطة الفراغ البصري - الصوتي.

يجب ألا نستهين في حالة حامد ندا وسعيد العدوي مرورًا بحامد عبدالله بما يحملونه من عصبية ثقافية باعتمادهم على الكتابة العربية, فهي ليست حروفيات استهلاكية أو فولكلورية, تقصى سعيد العدوي هدي الكتابات الجماهيرية التي كان يقترفها حامد ندا (بدرجة من السلطنة الشطحية), وصل به الأمر أن ثبّت اتجاه جماهيره المجهرية من اليمين إلى الشمال مثل اتجاه الخط العربي, خاصة في مجموعة جنازات عبدالناصر, توصّل بالنتيجة إلى قياس للوحة ممتد عرضًا, بعكس الامتداد العمودي لتكوينات راغب عياد. يقع حامد ندا في برزخ متوسط بين الاثنين بما أنه يفضّل دومًا القياسات التربيعية, فهي التي تسمح له برسم خرائط غير متوقعة للفراغ, حسب نسبية قياس العناصر في الداخل.

هاجر وعي حامد ندا من تربيته المتدينة إلى ذاكرة الأقصر السحرية الفرعونية, فتدانت مقامات ألوانه من فريسكات الشمع المدفنية, نحس باحتكاك شمعها على الجدار الأبيض الجيري (وكما سبقته إليها تحية حليم), تقع هذه المقامات بين الأحمر الآجري ومشتقات الأهرة الترابية, والمقابلة لسلم درجات الأزرق بمراتبه الباردة المستخرجة من الأكاسيد المعدنية.

يجب ألا نستهين بالتربية القبطية - الفرعونية التي وشحت حساسية راغب عياد ومرجريت نخلة, ثم برديات آدم حنين والكثير من تصاوير ورسوم البهجوري. مارس أغلب هؤلاء التصوير الأيقوني باحتراف عال.

قد يكون خلط المواقف الأيديولوجية بالإبداعية واحدًا من الأسباب التي تقع خلف تأخر اكتشاف أهمية حامد ندا وسعيد العدوي, فأغلب نقادنا يرون في أعمال الفنانين ما يحبون أن يروه, ويتغاضون عما يخالف خطابهم الادعائي.

شخصيًا اكتشفت عبقرية ندا في بداية السبعينيات فقد كنت مسكونًا بالصبوات والهواجس الستينية نفسها, كان ذلك عام 1973 وبمناسبة معرض الفن العربي الذي أقيم في متحف دمشق مع انعقاد اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.

لم يكن بحثي آنذاك بعيدًا عن مقصوصاته الشعبية القريبة من شخصيات خيال الظل, لعلها القرابة الميتافيزيقية بين ما يسكن حواري دمشق والقاهرة من محكيات وموروثات تطيريّة شعبية, كما هي رموز لوحتينا المشتركة مثل القط الأسود والبراق وسواهما. ما أغبطني حينها في لوحاته هو ذلك التراكم الصباغي الموازي لتراكم أشعة الشمس, كانت الشمس تسكن تحت المادة وتحت مساحات الجرافيك الحاسمة. لهيب متوّقد يصبغ ويدبغ بمادة الشمس الخالدة نفسها. يصوّر ما يشاء في سيولة حممها المتوهجة وجمرها الصامت بلون الرماد الصائت. قدمت لوحاته بلسمًا حدسيًا للعديد من التساؤلات. كيف أن التخطيط والرسم وقص المساحة الجرافيكية, لا تتناقض جميعها مع السيولة الضوئية القصوى في الصباغة, سيولة شمسية تحرق ما تحت جلد اللوحة بعيدًا عن عملية (البرونزاج) الاستشراقية. تملكني إحساس بالمرارة منذ ذلك الحين, بأن حامد ندا ظل دومًا حجابًا مغلقًا على النقد المتسرع.

يحضرني الاعتراف النبيل الذي سجّله الناقد د.نعيم عطية في كتابه (العين لا تزال عاشقة) بتحفظه تجاه بعض أعمال ندا, أو بالأحرى بصد حساسيته وإغلاقها عن استقبال بعض معالجاته, ثم يواجهه بهذا الشعور لما يجمع الاثنين من مودة, يجيبه حامد ندا بدماثته ومكابرته الباسمة المعهودة: (إنني ألعب.. أليس من حقي اللعب?..).

تكشف عبثية هذا الجواب عدم قدرة المصوّر أحيانًا على الخروج عن بلاغة التصوير إلى لغة أخرى, بل ويكشف أيضًا شراكة حامد ندا نفسه في الالتباس النقدي حول فنه, مكرسًا خزانه الثقافي للوحته, وهو موقف مثير يجمع العديد من أمثاله من محركي التشكيل العربي, تعاف أنفسهم الشرح والتنظير والإشارة ولو بالإلماح إلى مكامنهم التشكيلية, هو ما يعطي لمهنتنا أحيانًا صورة الحكمة الباطنية.

شاب علاقة فهم تأثيره بحساسية مدرسة الإسكندرية نصيب من هذا الالتباس, يكفي أن نتعقّب أسلبة حيوان القط الأسود واستمراره في قطط سعيد العدوي, ورباب النمر وسواهما.

سعيد العدوي (الإسكندرية 1938 - 1973م)

ببلوغنا محطّة سعيد العدوي نصل إلى مركز خصائص (مدرسة الإسكندرية).

توهج العدوي مثل الشهاب خلال فترة سرابية لا تتجاوز أحد عشر عامًا بما فيها فترة الدراسة في كلية فنون الإسكندرية - تخرج فيها عام 1962م (قسم الحفر والطباعة). ثم أصبح مدرسًا فيها مباشرة بسبب تفوقه.

كان موته أشبه بالموت الوجودي الذي ختم به ألبير كامي ونيكولا دو ستائيل بقاءهما. قدر أقرب إلى لعبة الوجود والعدم التي قضى في خطورتها كبار المصورين من أمثال إيف كلين وأرشيل جوركي وفان جوخ. دعونا نقترب أكثر من هذه الشخصية الوجودية التي احترقت عند ملامستها جوهر التصوير.

يذكر الرزاز أن هذه الشعلة الستينية كانت عامة شملت شتى مناحي التعبير في مصر بما فيها السينما والمسرح والأدب, توهجت نجوم هذه المرحلة في الإسكندرية خاصة عام 1958م, تاريخ تأسيس (جماعة التجريبيين) من قبل سعيد العدوي ومصطفى عبدالمعطي ومحمود عبدالله. كانوا مازالوا طلابًا في كلية فنون الإسكندرية الوليدة.

ما الذي يجمع هؤلاء سوى الرغبة في تحقيق صبوة عنوانهم: (التجريب) ولكن التجريب لا يعني التخبّط, فتجريبية (مدرسة الإسكندرية) تقوم على التوليف واللقاح.

يمثل مصطفى عبدالمعطي مركز النخبوية في هذا المختبر, لذلك كان أشدهم حماسًا للتجمع, وبالعكس فإن استغراق العدوي في ذاتيته أبعده بسرعة نابذة عن المثلث المذكور. بمراقبة خصائص هندسات عبدالمعطي نصل إلى اقتناع بأن الثلاثة كانوا يبحثون عن أبجدية شمولية لا تفرط - عن طريق خزان الحدس - بأي خصيصة ذاكراتية أو ثقافية محلية, سواء أكانت فرعونية أم متوسطية أم إسلامية. إن الفرق بين العدوي وعبدالمعطي هو الفرق نفسه بين المفردة الهندسية والمفردة البيولوجية كما نطالعها في الخيال الشعبي.

تنتظم حياكات عبدالمعطي على أساس الأبجدية الصرحية المستخرجة من رحم الأبدية الفرعونية أو الشعبية, خاصة أن هياكلها موشومة بإشارات شائعة في الرقش من الحلزون إلى إشارة الضرب أو الزائد الصليبي. تقوم علاقاتها الإشاراتية - الصورية على تنازع الثنائيات, تخضع الأشكال إلى جاذبيتين متعارضتين: فلكية وأرضية, فتبدو أثيرية تارة وأخرى راسخة متصلبة, يؤكد هذا التعارض نحته لأداء الأشكال بخامات متباعدة ثم ضبط فواصل الفراغ والامتلاء ضمن ضابط حدسي وليس حسابيا, وعندما يحتدم هذا التوقيع تشرد بعض الأشكال إلى إفراغ المطلق, خارج حدود اللوحة مستعيدة إشكالية رسوم المخطوطات والحليات والأطر والمرايا الشعبية في الفنون المحلية.

تستعرض كائنات العدوى (المقصوصة مثل عرائس (خيال الظل)) حيوانات منوية تسبح في مشهد مجهري, لكن حتمية مواقعها وهيئتها تتناقض مع سديمية خصائصها البسكولوجية, كائنات من الرسم والإشارة السحرية, تمر على بصمات جوان ميرو ورفيف بعض رسوم بول كليه, ووثنية بعض من الأشكال السحرية التي جاد بها جنون بابلو بيكاسو وأحلامه اليقظة المؤرقة.

انطلق العدوي من هؤلاء ومن جعبة إشارات حامد ندا ليصل إلى استحواذاته الإبداعية التي تجاري هؤلاء في قوة شخصيتهم.

عالم أسطوري تتعملق كائناته الحلمية أو تتقزّم مذعنة قيادها لرأس ريشة الحبر الدقيقة, ترسم عرائس متدافعة صائتة تنذر بالشؤم. يرين عليها السكون الذي يسبق العاصفة, دبيب متدافع من بشر وحيوانات من مركبات وعجلات ودراجات وعمائر وبيارق وزخارف حلزونية مؤسلبة ومؤنسنة, تعجّ مدينة الحلم هذه بالضجيج الطقوسي وكأننا في هرج ومرج احتفاء تصوفي شعبي, يتزاحم الجمع باتجاه واحد يحدّد قياس مستطيل الفراغ الخاص باللوحة.

يمثل الموت موضوعه الهاجسي: الأضرحة - الجنائز - القط الأسود - العالم السفلي. فالحياة مسرح هزلي زائل يتحرك مثل الأراجوز, وصندوق الدنيا وعرائس مسرح الظل. عالم احتفالي كرنفالي مشهدي تخريفي تهويلي تطيري تعويذي توقيعي سردي مثل رقش السجاجيد, وثرثرتها الشعبية. يوم قيامة عبثي تلتصق فيه أضغاث الحلم بكوابيس الحياة, يعتمد في حياكاته على التداعي الغريزي فتبدو مسروداته أشبه بإدهاش الحاوي وصندوق الفرجة.

لعل أبلغ وصف لأيام حشر لوحات العدوي هو النص الذي كتبه هو نفسه قبل وفاته, وأعاد نشره عصمت داوستاشي في كتابه عنه تحت عنوان: (احتفاليات الروح) (منشورات الهيئة العامة لقصور الثقافة لعام 1996م).

نعثر في حشوده على نائحين وبكّائين وشموع وشمعدانات وصبّار ولمبات جاز وأزهار وكائنات خرافية وسيرك شعبي ومسرح في وسط السوق وزحام الموالد والذكر والاحتفاءات الصوفيّة, والمظاهرات والطواف والتدافع الشعبي الاحتجاجي, ثم النجمة والهلال والشيشة, وعروسة الموالد, وأسكي الأعراس وشواهد القبور والنخيل والأحجبة والنذور والآلات الموسيقية الشعبية والصيادين وشتى أنماط التدافع ووجوه مسيرة الشوارع ونبضه المعيشي اليومي يحركه عقرب البحث عن لقمة العيش على غرار الباعة المتجولين وحاملي البيارق, لعله التفريغ المطلق لكل ما يحتشد في خزائن المخيّلة الشعبية من هواجس وتطيرات قدرية. بمعنى أدق هو التحوّل من حشود العالم اليومي الخارجي إلى الإشارات الحدسية في العالم الداخلي الذي يسكن القلب.

رباب النمر

كما خرجت كائنات سعيد العدوي من رحم إشارات ومقصوصات حامد ندا, فقد صدرت عوالم رباب النمر بتصويرها الصراع المستديم بين الأجناس الحية مباشرة من تناسخات مسارح وحشود العدوي. يجمعها الصراع التشكيلي والتخييلي من أجل البقاء في مساحة الحلم والهذيان والشطح.

تصوّر حيوانات كابوسية مسلحة بأعضاء ومخالب وأنياب شيطانية, مثلها مثل القطط المستأسدة التي تُفْزَع وتَفْزَع. أرواح من حيوانات سفينة نوح يتداخل في سلوكها دور الأضحية بالافتراس والولادة والخصوبة. كما هي حالة الدجاجة التي تجابه السمكة في صراع دءوب بين الأجناس, تحيك رباب بهذه الإبرة الأسطورية دانتيل من الكائنات الخرافية.

تقتصر تشكيلاتها غالبًا على الأسود والأبيض, مستعيرة طريقة نحت الإشارات الجرافيكية الفرعونية دون تثبيت مصدر أحادي للنور والظل, مستحضرة بعض الكائنات الرمزية كالقط والطير وسواهما, تبدو الأشكال وكأنها مقصوصات من عرائس خيال الظل, تتدانى حدودها بطريقة لغزية سحرية حادة وخطرة, وإذا كان أسلوبها موحيًا (بالوصفية) فهي على العكس من أشد الفنانات إذعانًا للإملاء الحدسي الغامض والبكر, بالرغم مما توحي به تقنيتها من ذكاء فهي كما يصفها د.محمود عبدالله (نزوع تحكمه الفطرة والفطنة وغريزة البقاء) (الثقافة الجديدة 1998م). وتبدو من أقرب الفنانات المصريات إلى روح الفن البكر وتواصله مع آلية تفريخ الصور الأسطورية الشعبية دون الالتزام بإعادة شرح مضامينها. هو مايلخصه الدكتور مصطفى الرزاز بتعبير (الألفة والافتراس في الرسم).

تأخر الاهتمام بهذه الفنانة بسبب التباس تقويمها النقدي فيما عدا اكتشاف الفنان د.مصطفى الرزاز لأصالتها وتمايزها, فقد اختلط الأمر على البعض بسبب استخدامها للحياكة الجرافيكية مما يوحي بالنمطية الطباعية في الصور التوضيحية, ولكن هذا النقد فاته أن الغاية التعبيرية أهم من الواسطة التقنية, فالإيحاء التخيلي الذي تقودنا إليه كائناتها السحرية لا علاقة له بأي استهلاكية طباعيّة.

لا يمكن سلخها عن عقد فناني الإسكندرية وأعمدتها التشكيلية, الذين كان لهم الدور المركزي في شحن موروث الصورة بالتوليف النهضوي المتوسطي.

 

أسعد عرابي 




سيف وانلي - (مشهد من الإسكندرية), عام 1969م, ألوان زيتية على قماش





راغب عياد - (قهوة في أسوان)





حامد ندا - (رقصة على نغمات البيانو) عام 1986, ألوان زيتية على قماش





محمود سعيد - (ذات الحلي الذهبية), عام 1943م, ألوان زيتية على قماش, مقتنيات دار الأهرام





راغب عياد - (الرقصة السودانية)





سعيد العدوي - (الجنازة) عام 1970م, حبر صيني على ورق, قياس 65X 50 سم





رباب النمر والحياكة الحدسية للأسطورة الشعبية الخرافية





من الأعمال الأخيرة لعصمت الداوستاشي