عزيزي القاريء المحرر

عزيزي القاريء

فقراء.. ولكن ديمقراطيون

في هذا العدد تلتفت (العربي) شرقا لتلقي الضوء على واحدة من أكبر وأفقر الديمقراطيات في العالم وهي الهند, وذلك من خلال الافتتاحية المهمة التي يبدأ بها رئيس التحرير صفحات هذا العدد, وستواصل (العربي) سيرها في هذا الاتجاه في الأعداد المقبلة لتقدم عددا من التجارب الرائدة في (آسيا) تلك القارة الشاسعة الغنية بالثقافات والتجارب البشرية. ومن المؤسف أننا قد تجاهلنا تلك التجارب طويلا وواصلنا التحديق غربا بلا طائل, فالمقارنة مع الغرب لم تكن أبدا في صالحنا, وطريق الخلاص الذي سلكه لم يبد لنا واضحا ونحن نعاني من ثقل التخلف وقلة الإمكانيات, ولكن الشرق يقدم لنا التجربة التي يمكن أن تحتذى, فقد نهض رغم ميراثه الثقيل, وخرج من تلك الدائرة المحكمة ليؤكد لنا وللجميع أن التخلف ليس قدرا. وتثبت التجربة الهندية ببعديها الإنساني والسياسي, أن الديمقراطية يمكن أن تكون دافعا ومحركا للتقدم, على النقيض من تلك المقولات التي يرددها علينا البعض من كهنة الفكر السياسي من أنه لابد من تحقيق قدر من التقدم والنضج حتى يمكن أن نصبح مؤهلين لممارسة هذه الديمقراطية, فعلى العكس من ذلك, وفي مواجهة الفقر والتعددية المذهبية واختلاف الأعراق وكل ماتعانيه الهند من أمراض, لم تجد لها بلسما شافيا مثل الديمقراطية.

وترتبط بقية القضايا التي تطرحها (العربي) بهذه القضية المحورية, فهي تثير من خلال حوارها مع المفكر العربي محمد أركون قضية الضمور في الإبداع (العربي), لدرجة أنه يصرح بأن مقدمة ابن خلدون كانت هي آخر كتاب فكري مبدع لدى العرب. وتلقي (العربي) الضوء على قضية افتقادنا منظمات المجتمع المدني التي هي المقدمة لتحقيق الديمقراطية والتي يعتبرها البعض القوة العالمية الثالثة , كما تطرح قضية تطور التعليم العالي في العالم العربي, الذي يعد معضلة حقيقية, فمن دون إصلاحه لن نتمكن من إصلاح أي شيء.

وتقوم (العربي) في هذا العدد بالعديد من الرحلات, رحلات من الحنين والذكرى, ترحل مرة مع شاعر العربية ذي الكلمات العذبة, الذي هاجر من عاصمته الأثيرة دمشق واتخذ وطنا من كلمات العشق والتمرد, الشاعر (نزار قباني) الذي غاب, وإن لم تغب كلماته, وفي نفس السياق ترحل (العربي) إلى دمشق المدينة, عاصمة الحنين التي يهتدي القلب إلى دروبها السرية دونما حاجة إلى خرائط أو علامات مرور لتقدم لقرائها ذلك الاستطلاع العذب (أيام دمشقية), وتحفل صفحات (العربي) غير ذلك بالعديد من المواد الأدبية والفنية والعلمية لتقدم لقرائها باقة راقية من الثقافة والمعرفة.

 

المحرر