عزيزي العربي

عزيزي العربي

تعقيب

الاهتمام بالعلم

تعقيبًا على ما ورد في مقال د.جورج قرم تحت عنوان (حاجة العرب إلى تطوير القومية الاقتصادية) المنشور في عدد أبريل 2004 ضمن ملف السوق العربية, أود التعقيب بالقول إن اهتمام العرب بإعادة الصحوة للإسلام هو في حد ذاته اهتمام بالعلم ومجالاته التطبيقية, باعتبار أن العرب يشغلون مركز الثقل في العالم الإسلامي - وليس أدل على ذلك من حال العرب والمسلمين عندما كانوا أمة واحدة ذات حضارة راقية لم يشهد لها التاريخ مثيلا من الصين شرقًا إلى غرب باريس في الغرب, وكان يفد إلى جامعاتهم في الأندلس وغيرها أبناء عصور الظلام من شتى أنحاء أوربا ومازالت العلوم المختلفة تحمل أسماء علماء الإسلام, وتمتلئ بالمفردات العربية, ذلك أن الإسلام يحض على العلم والتعلّم, وأن أول ما نطق به جبريل الأمين إلى محمد صلى الله عليه وسلم اقرأ ويقول الله تعالى في كتابه الكريم: إنما يخشى الله من عباده العلماء هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وأن ما قاله نبي الإسلام في حديثه الشريف إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه , خير دليل على ذلك.

والإتقان يتطلب بالتأكيد التحديث المستمر في أساليب التكنولوجيا القائمة على طلب العلم الذاتي وليس انتظار ما يحدّثه الآخرون ثم استيراده بعد ذلك إذا سمحوا لنا بذلك!!

إيهاب الحمامصي
معهد الدراسات الدبلوماسية العليا
جامعة الإسكندرية - مصر

عن آلام المسيح

شغل فيلم (آلام المسيح) اهتمام البشرية, وعرض في صالات السينما الأمريكية, وفي الغرب, كما منع عرضه في دول أوربية أخرى, وكتب عنه النقّاد الأجانب والعرب من المحيط إلى الخليج,.والفيلم مأخوذ من الأناجيل الأربعة دون نقصان أو زيادة, وذلك باعتراف رجل الدين المسيحي, والمشاهد مستوحاة من الواقع فلا مبالغة في الفيلم, وإن كان قد أثار حفيظة اليهود وغضبهم, فإن الحقيقة يجب أن تقال, فأحبار اليهود كانوا ومازالوا يحيكون الدسائس والمؤامرات ضد السيد المسيح. وأعتقد جازمًا أن القبائل اليهودية (بنو النضير والقينقاع وقريظة) عاشوا في أحضان القبائل العربية, وكان المسلمون العرب يعاملونهم معاملة نبيلة وسامية, ومع ذلك فإن الدارس في التاريخ العربي يعرف تمامًا أنهم ألفوا الخديعة والدسيسة ونكثوا بالعهود والمواثيق, ومازال اليهود يتبجحون أنهم (ساميون) ويتعرضون لمعاداة السامية وكأن الشعوب العربية هي من كوكب آخر, ولم تعد تنطلي مثل هذه الأقاويل على العالم بأسره.

وفيلم السيد المسيح يعرض قصة العذاب الذي تعرّض له المسيح ومازال أبناء فلسطين يتعرضون له من قبل الآلة العسكرية الرعناء من تدمير ونهب وتجريف واغتيالات, فآلام السيد المسيح مازالت متواصلة على يد جنرالات إسرائيل في غزة والضفة الغربية, ولم يعد الأمر خفيًا على أحد بعد أن تحوّل العالم إلى قرية كبيرة مكشوفة للقاصي والداني.

ومن الجدير ذكره بفخر واعتزاز كبيرين أن معاملة الإسلام للعرب المسيحيين تميزت بالعدل والمساواة والإخاء والمحبة, وإن المتبصّر يعي الحقيقة, حيث كرم القرآن الكريم السيد المسيح وأمه العذراء في آيات كثيرة, نقتطف بعضًا منها, جاء في قوله تعالى: إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . وقوله تعالى: وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين .

وقوله تعالى: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين. يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين .

إن آلام السيد المسيح التي كان سببها اليهود مازالت ماثلة نراها يوميًا على شاشة التلفاز بما يقدم عليه الإسرائيليون من قمع وفتك وحرق الأخضر واليابس, بقي أن تعرف عزيزي القارئ أن الباحث (محمد السماك) المختص بالدين المسيحي على اختلاف مذاهبه وبالمسيحية المتصهينة, قال في حوار معه عبر إحدى الفضائيات:

على الدول العربية كافة مساندة ومساعدة ومؤازرة العرب المسيحيين المقيمين في أمريكا والغرب ليقوم هؤلاء العرب بكشف الوجه العربي النبيل ورسالة الإسلام السامية أمام المسيحيين غير العرب حتى تتبلور القضية الفلسطينية, وتفهم المؤسسات المسيحية في أمريكا والغرب أن اللوبي الصهيوني يضللهم ويخدعهم ويغشهم, وبذلك تتساقط أوراق التوت وتعرف الضحية, ويعرف الجلاد الطاغي, وبذلك يتم تكوين رصيد إعلامي عربي يمكن له أن يغيّر الكثير من مفاهيم الغرب وأمريكا, وتنجلي الأمور, وتتغير الصورة, بحيث لا تتكرر آلام السيد المسيح في الأرض المحتلة.

جاك صبري شماس
الحسكة - سورية

تعليق

شروط الإصلاح

في حديث الشهر لمجلة (العربي) العدد (547) يونيو 2004. طرح د. سليمان العسكري موضوعًا بالغ الأهمية جاء تحت عنوان (دعوة الإصلاح العربي...هل يمكن أن تواجه التحديات?).

والإصلاح ليس طريقًا شائكًا, وإن كان مطلبًا جماهيريًا, قبل أن يكون مطلب النخبة المثقفة, وهل الإصلاح سيتفاعل مع الفكرة الأمريكية أم يتفاعل مع الذات...إلخ.

فكل تساؤلات الإصلاح العربي... تصب في خانة من أين يبدأ العرب? وفي أي مجال من مجالات الحياة نجد: تفاؤلاً وتشاؤمًا..تقدمًا وضعفًا, نجاحًا وفشلاً, عملاً وتواكلاً.

وفي العالم العربي, أرى عدم تكامل سياسات, حتى في مجال الرياضة, ففي تنظيم كرنفال كأس العالم 2010, نجد تقدم أربعة بلدان عربية لنيل التنظيم من قارة أفريقيا, وبغياب التنسيق حظيت جنوب إفريقيا بتنظيم البطولة, لنسأل أنفسنا: لماذا جاء الفشل, والجواب: إنه التحرك بالارتجالية, وعدم دراسة مقومات الآخر.

ولذلك فالتساؤل الذي يطرح نفسه عربيا: هل لدى العرب في الألفية الثالثة خطوات إصلاحية جادّة نابعة من رؤى الجماهير?

هل الندوات والمؤتمرات العربية على أي مستوى حققت تبصرًا ثقافيا وحضاريا? وهل الخطط الإعلامية والمتحدثون يتبنون قضايا الأمة?

أليس لكل زمان أهدافه وغاياته, ورغم ذلك مازلنا نتحرك في مجال رد الفعل ونعجز دائمًا عن الفعل.

إن إحداث التغيير مشروط بقدرة النظم السياسية العربية على تجسيد إرادة مجتمعاتها المدنية والتعبير عنها تشريعيًا ومؤسسيًا, وقدرة المجتمعات المدنية العربية على ممارسة حقها في التعبير عن آرائها بحريّة, والمشاركة في صنع القرار, تلك نقاط يمكن أن ترسم مسارًا للإصلاح العربي المنشود.

يحيى السيد النجار
دمياط - مصر

تعقيب

سيف اللاهوت: رسالة وتعقيب

في المقال المعنون بـ: (سيف اللاهوت المصلت على علماء النهضة) للكاتب د.عادل زيتون والمنشور بالعدد رقم 546 مايو 2004 ورد الآتي:

كانت هناك نظريتان متناقضتان حول علم الفلك: الأولى تقول بمركزية الأرض أي أن الأرض مركز الكون وأن جميع الكواكب والنجوم بما فيها الشمس تدور حولها وهي منسوبة لأرسطو والتي أيدها بطليموس, والنظرية الثانية تقول بمركزية الشمس أي أن الشمس هي مركز الكون وأن الأرض وغيرها من الكواكب تدور حولها وهي منسوبة إلى كوبرنيق.

ويقول الكاتب الموقر: ولقد تبنت الكنيسة النظرية الأولى لأنها تتفق مع ما ورد في الكتاب المقدس من إشارات حول مركزية الأرض ولذلك نظرت الكنيسة إلى علم الفلك الحديث على أنه علم باطل.

ويقول أيضًا: وكان جاليليو من طرفه حذرًا أشد الحذر من مسألة تناقض الكشوف الفلكية الجديدة مع الكتاب المقدس.

وأود أن أوضح: أن فساد الكنيسة الكاثوليكية طوال العصور المظلمة وحتى الإصلاح البروتستانتي وعصر النهضة والسيف الذي سلطته الكنيسة الكاثوليكية ليس سيف اللاهوت بل سيفها هي, سيف الفساد, وإن كانت قد سلطته باسم اللاهوت فهناك فرق بين تبني الكنيسة لنظريات علمية أو فلكية معينة وبين اتفاقها مع الكتاب المقدس من عدمه. ولقد قرأت الكتاب المقدس مرات عديدة ولم أجد فيه ما يؤيد نظرية أرسطو أو كوبرنيق فهو ليس كتابا فلكيا ولكنه كتاب دين موضوعه الرئيسي هو علاقة الله بالإنسان.

فليتفضل الكاتب د.عادل زيتون ويذكر لنا أين ورد في الكتاب المقدس ما يؤيد نظرية أرسطو إن كان لمثل هذا الرأي وجود.

ناهيك بأن جاليليو كان مسيحيا مؤمنا بالكتاب المقدس ومتمسكا به فكيف يؤمن بكتاب غير متوافق مع العلم الحديث والاكتشافات الفلكية الحديثة?

فلتتبن الكنيسة ما شاءت من نظريات فاسدة كانت أم صالحة ولتشهر ما شاء لها من سيوف أمام العلماء ولكن ينبغي ألا نخلط بين آراء الكنيسة وما هو داخل الكتاب المقدس ولكم جزيل الشكر.

عادل خليل سليمان
الإسكندرية - مصر

وقد وردنا من كاتب المقال د.عادل زيتون هذا الرد على رسالة القارئ العزيز:

بشأن التساؤلات التي طرحها أحد قرّاء (العربي) وهو السيد عادل خليل, أفيدكم بما يلي:

1- إن المقصود بعبارة (سيف اللاهوت) في مقالي المنشور في العدد 546 (2004) هو سيف رجال الكنيسة في العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة في الغرب.

2- يقول القارئ إن (الكتاب المقدس) هو كتاب (دين) وليس كتابًا في (الفلك) وهذا صحيح, ولكن هذا الكلام لا يوجّه لي, وإنما يجب أن يوجّه للبابوات ورجال الكنيسة في العصور الوسطى الذين نظروا إلى الكتاب المقدس على أنه يجمع علوم الدنيا والآخرة, وبناء على ذلك, شنوا حربا لاهوادة فيها لا ضد علماء النهضة فحسب, وإنما ضد الأباطرة, وقصة الصراع بين البابوية والإمبراطورية في العصور الوسطى معروفة تمامًا.

3- أما قول القارئ بأنه قرأ الكتاب المقدس, ولم يعثر على ما يؤيد نظرية أرسطو, فإننا نذكر له بعض الإشارات التي وردت في الكتاب المقدس والتي اعتمد عليها رجال الكنيسة الكاثوليكية في مقاومة نظرية دوران الأرض, ومنها على سبيل المثال لا الحصر, ما ورد في سفر (الجامعة) من الكتاب المقدس 1/4, (والأرض قائمة إلى الأبد), وكذلك ما ورد في السفر نفسه 1/5 (والشمس تشرق والشمس تغرب وتسرع إلى موضعها حيث تشرق), كما أن (المزامير) تشبه شروق الشمس بخروج (العروس من خدرها)....إلخ.

4- أما قول القارئ إن جاليليو كان مسيحيًا مؤمنًا بالكتاب المقدس, فإنني لم أنكر على جاليلو مسيحيته, بل أشرت إلى أنه كان حذرًا من مسألة تناقض اكتشافاته الفلكية مع الكتاب المقدس. أما مسألة تمسك جاليليو بالكتاب المقدس, فهذا أمر غير صحيح لأن جاليليو كانت له (خليلة) وأنجب منها ابنتين غير شرعيتين, وعاشتا حياة مذلة ...! وهذا يتنافى بشكل قاطع مع الكتاب المقدس وأخلاق المسيحية.

لماذا نجحوا.... وفشلنا...?!

لماذا نجح الأوربيون فيما فشل فيه العرب?! لدينا كل ما يوحّدنا, ولديهم كل ما يفرقهم, قضى الأوربيون قرونًا يذبح بعضهم بعضًا تارة باسم الدين وأخرى باسم القومية. خلال القرن الماضي وحده سقط في حروبهم عشرات الملايين من القتلى, كيف نسوا ثاراتهم وأحقادهم وخلافاتهم ليقوم عملاق أوربي يناطح أمريكا التي تسعى إلى فرض هيمنتها المطلقة اقتصاديًا وثقافيًا على العالم أجمع..?!

قد يكون من المستحيل التوصل إلى إجابة مباشرة عن هذا السؤال, ولقد شهد العالم أوربا تتحول جذريا إلى الديمقراطية, أصبحت الشعوب هي السيد, هذه الشعوب ملّت أن تساق كالنعاج لتذبح في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.

لم يعد بين هذه الشعوب مكان لزعيم فاسد أو مجنون يسعى لتحقيق طموحاته في الثراء أو السلطان ولو على جثث هذه الشعوب, ولكن استمرار هذا السلام لم يكن مضمونًا مادام كل شعب متحصّنًا وراء خنادقه الحدودية, والاقتصادية, والنفسية كان الضمان الأوحد هو المشاركة وفتح الحدود بحيث تتوحد المصالح ولا يعود هناك مجال للنزاعات الإقليمية. ساعد على هذا أيضًا التطور الاقتصادي العالمي, الذي لم يعد فيه مجال للكيانات الصغيرة في عصر ما بعد الصناعة وثورة المعلومات, وهكذا نمت السوق الأوربية المشتركة لتتحوّل إلى اتحاد أوربي يضم أغلب دول أوربا الغربية ويتوسع كل يوم.

سقطت فيه الحدود وأصبح الباب مفتوحًا أمام حرية التجارة والعمل والإقامة, وأصبح له برلمان موحّد يمثل الشعوب فيه نواب اختيروا بالانتخاب المباشر, ومحكمة أوربية عليا, والآن عملة موحّدة هي اليورو, لا يتصوّر أحد أن كل ذلك جرى دون آلام المخاض, وفي كل الأحوال يكون قد اكتمل تحوّل فريد, واتحّدت أوربا.

حقًا...إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم...!!

عادل بسيوني
الإسكندرية - مصر

تأثير اللغة وتأثرها

طالعتنا مجلة (العربي) الغرّاء في العدد (543) فبراير 2004 في باب (عزيزي العربي) برسالة للقارئة شيماء البلوشي من البحرين تعقّب فيها على رسالة للقارئ ناصر النجفي من إيران حول أصل كلمة عفريت, وأحب أن أوضّح أن اللغة العربية من أقدم اللغات, وأن العرب من أقدم الأمم, وأنهم قد اختلطوا بغيرهم من الأمم مما جعل اللغة العربية تؤثر في اللغات الأخرى وتتأثر بها, كما أن سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - قد اختلفوا حول اشتمال القرآن الكريم على ألفاظ غير عربية, فقد ذهب الإمام الشافعي إلى أنه لا يوجد في القرآن الكريم لفظ غير عربي سوى أسماء الأعلام ويقول (إن أحدًا لم يقل بأنه أحاط بجميع الألفاظ العربية), ويقول ابن جرير إنها ألفاظ عربية ولا يمنع من ذلك أن تستعمل في لغات أخرى. وكما ورد في كتاب (الإحكام في أصول الأحكام) للإمام الآمدي: اختُلف في اشتمال القرآن على كلمات غير عربية فأثبته ابن عباس وعكرمة, ونفاه الباقون واحتج النافون بقوله تعالى ولو جعلناه قرآنا أعجميًا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي فنفى أن يكون أعجميًا وبقوله تعالى: بلسان عربي مبين وبقوله تعالى: إنا أنزلناه قرآنا عربيا , وظاهر ذلك ينافي أن يكون فيه ما ليس بعربي, واحتج المثبتون لذلك بقولهم إن القرآن اشتمل على المشكاة, وهي هندية, واستبرق وسجّيل بالفارسية, وطه بالنبطية, وقسطاس بالرومية, و(الأبّ) وهي كلمة لا تعرفها العرب, لذلك روي عن عمر أنه لما قرأ قوله تعالى وفاكهة وأبّا , قال: (هذه الفاكهة فما الأب?) , وقالوا أيضا إن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى أهل كل لسان على ما قاله تعالى كافة للناس بشيرًا ونذيرًا وقال صلى الله عليه وسلم بعثت إلى الأسود والأحمر فلا ينكر أن يكون كتابه جامعًا للغة الكل ليتحقق خطابه للكل إعجازًا وبيانًا. أيضًا, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل إنه كلامه بل كلام رب العالمين المحيط لجميع اللغات, فلا يكون تكلمه باللغات المختلفة منكرا غايته أنه لا يكون مفهومًا للعرب, وليس ذلك بدعة بدليل تضمنه للآيات المتشابهات والحروف المعجمة في أوائل السور.

وقد أجاب النافون على ذلك فقالوا: أما الكلمات المذكورة فلا نسلم أنها ليست عربية, ومعروف اشتراك اللغات المختلفة في بعض الكلمات, وهو غير ممتنع كما في قولهم سروال بدل سراويل, وفي قولهم تنور ولا يلزم من خفاء كلمة (الأبّ) على عمر ألا تكون عربية, إذ ليس كل كلمات العربية مما أحاط بها كل واحد من آحاد العرب, لهذا قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى فاطر السموات والأرض, حتى سمعت امرأة من العرب تقول: أنا فطرته) أي ابتدأته, وأما بعثته إلى الكل, فلا توجب اشتمال الكتاب على غير لغة العرب لما ذكروه, وإلا لزم اشتماله على جميع اللغات, ولما جاز الاقتصار من كل لغة على كلمة واحدة لتعذر البيان والإعجاز بها. كما جاء في كتاب الإمام الآمدي, وهكذا نرى أنه لم يقطع أحد باشتمال أو عدم اشتمال القرآن الكريم على ألفاظ غير عربية.

أسامة علي يونس
كوم بن مراس
المنصورة - مصر

وتريات

مملكة التراب

لمْ يَزَلْ تحتَ سماءٍ من تراب,
وعيون من تراب
وفؤاد لم يعد يعشق البحر
ويقتاد النهار
جرّدوه
حيث كانت
صبغةُ الورد ترابا,
حلمُ الشارع بالصخب وبالضوء ترابا,
والأهازيج ترابا
فعلى الشاطئ, خط الطفل شعرا للمعري
فمحته الموجة
خطَّ عمرا
فمحته الموجة الأخرى
فأحجم
حلما كان وقصرا من تراب
إن تطأ قدماك شيئا
خفف الوطء وحاذر
من هنا مرّوا
نسيجا من خيوط الشمس
قد ألف وجها
من فراغ وهباء
من هنا مرّ الزمان
في هباء وتراب
ذلك أحمد...ذلك خالد..
ذلك...ذلك...
بارد أو ساخن
صلب وسائل
زمن قد مزجته الريح والأمطار
عشبا أخضرا
زمن يغسله الضوء ينقيه
ويلقيه سنابل
سيدي يابن المعري
أستميح العذر منك
هذه كسرة خبز
أكلت بالأمس واليوم ستؤكل
وهنا نرجسة الطين فتاة
في خضم الشوك تزهو وتذوب
وعلى هذا الرخام
مقل تسطع ملء الأرصفة
فوقها تهمي المساءات
وترتاب الخطى
لغة الريح تراب
شجر كان يغرّد
فوق عصفور حزين
مثلما تأكلنا
مثلما تلبسنا
تنهض الأرض تنام
وينام الظل فينا
نفسا
أو حجرا يلطمه الموج
مرارا ومرارا
لحظات الانكسار
لغة الصمت تراب
إن تطأ قدماك شيئا
خفف الوطء وحاذر
خفف الوطء وحاذر

فهد الرديني
الولايات المتحدة الأمريكية

دعوة

عروس الجبال

إن الجميل في (العربي) تنقلاتها عبر (طائر الاستطلاع) في ربوع الشرق والغرب, غير أن هذا الطائر اللطيف لم يحط رحاله بعد في منطقة كانت ولاتزال حُبلى بالتاريخ, مترعة بالحضارة, منتفخة بالآثار, تلك هي منطقة (النماص) الواقعة إلى الشمال من عروس الجنوب السعودي (أبها) وإن كانت (أبها) تفخر بأنها مدينة السحاب والضباب, فالنماص عروس الجبال بقراها المعلقة ومدرجاتها الزراعية الخضراء والتي تزهو بألوان وأنواع من الأشجار والثمار, إلى غير ذلك من وديان جارية وحصون صامدة وقصورها العائدة إلى مئات السنين, إنها بالفعل أشبه ما تكون بحوزة من حوز الأندلس, وهي قديمة قدم المكان وساكنيه تحدّث عنها لسان الهمداني وذكر في كتابه (صفة جزيرة العرب) قبل 320هـ. (...ووراء ذلك الجهوة مدينة السراة أكبر من جرش وصاحبها الجابر بن الضحاك الربعي). والجهوة هي (النماص) حاليا بعد أن حوّر اسمها, وصارت تعرف به خلال القرنين الماضيين. الكثير عن هذه المنطقة الجميلة قد لا ينطق به سوى استطلاع جميل من (العربي).

علي بن محمد بن سعيد النماص
قرية صدرية - السعودية