خطوات على الأعراف

  خطوات على الأعراف
        

طالَ السُّرى, وخُطاكَ تَرْتجفُ وأُراكَ لا تلْوي ولا تَقِفُ
يأيُّها المُزجي مَطيَّتَهُ في حيْثُ لا ماءٌ ولا علفُ
أقْصِرْ, فدونكَ قُنَّةٌ صَعَدٌ وانْظرْ, فتَحْتَكَ هُوَّةٌ جُرُفُ
دُنْياك تشْنأُ كلّ عارفةٍ ولها بكُلِّ نقيصة شَغَفُ
جاورْت في عمْيائها زَمَناً قوماً على أصْنامهم عكفوا
وبها توَرّك - غيرَ مُكْترثٍ الكارثانِ: الجَهْلُ والصّلفُ
أحْرارُها أنْضاءُ معْركةٍ أبْطالُها الأَنْكاسُ والكُشُفُ

فرأيْتَ ثمَّ رأَيْتَ خارقةً

أنْ راح يَرْضَخُ صَخْرَكَ الخَزَفُ
وشَهِدْتَ سابقَهُم على ظَلَعٍ وسَمِعْتَ ناعقهم ومَن هَتَفوا
وعجِبْت كيف يَزينُ بَهْرجهُ زورُ المقال, ويأثَمُ الحَلِفُ
والبازَ كيفَ يبزُّهُ رَخَمٌ والدُّرّ كيف يعُزُّهُ الصَّدَفُ
أوصَتْ بنا الأيامُ مُشْبهها ووصاتُهُنَّّ الإثّمُ والجنفُ
نَكْتالُها بيَدٍ مُطَفِّفَةٍ قد أخْسَرَتْ وَمَكيلُها الخشفُ
اللَّهَ في أَرْض مُعانقةٍ نَهْرَ الجُنونِ رياضُها الأُنُفُ
حتّى إذا يَأجوجُها نَسَلَتْ ووراءها مَأْجوجها رَدِفوا
تُشْلي جِراءَ الشَّرِّ نَابحةً وتَصُولُ فيها خَيْلُها العُجُفُ
جُنّ الحِجا فَدَعَا مُؤَذِّنُهُ: وَيْلٌ لمن عَرَفُوا وما اغْتَرَفُوا
فالواردُوهُ, على جُنُونهمُ عقلوا الزّمانَ, وجُنّ مَنْ صدفوا
والشاربوه, لَهُم مُسّهَّلَةٌ أوْعارُها, وتُوَطَّأُ الكُنُفُ
رَكِبُوا مَعَارِجَها, وَقَدْ جُعِلَتْ لِبُيُوتهم مِنْ فضَّة سُقُفُ
يأيّها المُغضي على حَسَكٍ قَلْبا يذُوبُ ودمعةً تَكِفُ
شارَفْت ياء العُمْر فانْبَعَثَتْ ذكرٌ يجرّ نَظِيمَها الأَلِفُ
ترجو غداً, وغدٌ مخَدَّرَةٌ قدْ أُرخيَتْ من دونها السّجُفُ
خَفِيَتْ, فلا هي كاعبٌ غَنِجٌ يُدرى بها, أم عاقرٌ نَصَفُ
ماذا تُرى يُجْديك إنْ رَجَفَتْ منْك الخُطا وتَحيَّرَ الهَدَفُ
أمُعانِدا, والقولُ مُسْتَبَقٌ?! رُفع اليراعُ وجَفّتِ الصُّحُفُ
أمْسُ انْقضى, واليَوْمُ سانحةٌ وَغَدٌ به للخير مُزْدَلفُ
وطئتْ خُطاك الشّوْكَ مُحتفياً ما غرَّها لينٌ ولا شظفُ
وجُبلْت عزّاً لا يَهُونُ, به يَعْلو العلاءُ ويَشرُفُ الشَّرَفُ
تِلْك الحياةُ, سرورها خُلسٌ تَمْضي, وَجَزلُ عطائها نُتَفُ
كَمْ ذا أَسِفْت وكَمْ ندمْتَ لَهَا الآن لا ندَمٌ ولا أسفُ
فَلَقَدْ عَرَفْت قديمَ عادَتِها

وَجَهِلْتَ أَنَّى تُوْكَلُ الكَتِفُ



سعد مصلوح   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات