الناي المحروق يعقوب عبدالعزيز الرشيد

شعر

حُورِيَّتِي والفجر يبسم هانئا

لجناحك الفضي في الأحلام

إذ كنت للشطآن عقدَ جُمَانِهِ

وعلى بساطِ الحب كأسَ غرامِ

قد كان رَوْضي بالزهورِ مُكَلَّلاً

والطير يشـدو رائعَ الأنغامِ

حتى رمتْ هذي العيونُ شباكَها

أسرت بها ذاك الفؤاد الظامي

فغدا على هذي الوهادِ يهزهُ

موج الظنونِ بدفقِ قلبٍ دامي

لا يستريحُ إلى الخواطرِ والرؤى

إذ إنها تبقى سجوف ظلامِ

حتى رجعتِ إلى معـالم رحلتي

فإذا الكوى منها بموجِ قتامِ

من وحدةٍ تنعي نعيمَ وصالنا

والليل أشباحٌ تقضُّ منامي

حتى نأيتُ عن الشَّمُولِ بحسرةٍ

من بعد أن تجمت كُئوسُ مُدَامِي

***

قد يبتغي الطيرُ المغذُّ لغايةٍ

فيئا يُظَلِّلُ رحلةَ الأيامِ

حتى يلوذَ بدوحه متوارياً

من عصفةِ الأيامِ والآلاَمِ

***

إني مللتُ من الهواجسِ فاترعي

هذي الكئوسَ مبددا أوهامي

فالوصلُ يبقى في الحياة خميلةً

وشذاهُ ينفحُ في المدى المترامي

والهجرُ نصلٌ للمشـوقِ مؤرقٌ

لما يُحَرَّقُ نَايُهُ بضرامِ

***

إني أرقتُ من الظنونِ وعَصْفِها

حتى أضعتُ مواقعَ الأقدَامِ

ردي إلي رياضَهُ وَعَبِيرَهُ

لأراقص الأحلامَ في الأحلامِ

هذي الهضابُ فقدْ عَجمتُ فِجَاجَهَا

والحب أمسى في الحياةِ مرامي

لا تتركي كأسي بغيرِ حَبَابِه

أو أَن تطوفَ به سِهامُ حِمامي

أو تجعلي يومي يزيد شقاؤهُ

والغيرُ يَرْتَعُ في رياضِ خزامِ

فتغردُ الأشواقُ فوقَ شفاههم

ويزيدُ ليلُ البؤسِ في إيلامِي

هذي الحياةُ فإنها في دورةٍ

عندَ الصفاءِ تجودُ بِالأنغامِ

أما إذا طَالَ الظلامُ بِرَبْعِهَا

فالطيرُ يَنْأى عن شَذَى الأكْمَامِ

 

يعقوب عبدالعزيز الرشيد