الحقيقة أن (تقرير التنمية المائية العالمية- المياه من أجل الحياة)
هو الرؤية الأشمل والأحدث لحالة موارد المياه. وكان التقرير, الذي نشر عشية انعقاد
منتدى المياه العالمي الثالث (كيوتو, اليابان, 16 - 23 مارس 2003), بمثابة المساهمة
الفكرية الأهم التي طرحت خلال المنتدى, وخلال (السنة الدولية للمياه العذبة), التي
تقودها منظمة اليونسكو وإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة الأمم
المتحدة.
ومن أجل وضع التقرير, تعين على كل وكالات ولجان الأمم المتحدة التي
تتعامل مع قضايا المياه أن تعمل معا للمرة الأولى لمراقبة التقدم في تحقيق الأهداف
المرتبطة بالمياه: مثل الصحة, والغذاء, والأنظمة البيئية, والمدن, والصناعة,
والطاقة, وإدارة المخاطر, والتقييم الاقتصادي, واقتسام وإدارة الموارد. وقد كونت
وكالات الأمم المتحدة الثلاث والعشرون برنامج تقييم مياه العالم World Water
Assessment Program, المعروف اختصارا باسم WWAP, والذي تستضيف منظمة اليونسكو
أمانته العامة.
ويقول كويتشيرو ماتسورا مدير عام منظمة اليونسكو: (من بين كل الأزمات
الاجتماعية والطبيعية التي نواجهها نحن البشر, فإن أزمة المياه هي الأزمة التي تكمن
في صلب بقائنا وبقاء كوكبنا الأرض).
ويضيف السيد ماتسورا: (لن تنجو منطقة من تأثير هذه الأزمة التي تمس كل
أوجه الحياة, بدءا من صحة الأطفال وحتى قدرة الأمم على تأمين الغذاء لمواطنيها.
فإمدادت المياه تتناقص بينما الطلب يتزايد دراماتيكيا بمعدلات لا يمكن تحملها.
وخلال العشرين عاما القادمة سينخفض متوسط نصيب الفرد من إمدادات المياه بمقدار
الثلث).
ورغم توافر أدلة الأزمة على نحو واسع النطاق, فإن هناك افتقارا
للالتزام السياسي بالحد من حدة الأزمة. وخلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية,
سلطت سلسلة من المؤتمرات الدولية الاهتمام على طائفة واسعة من القضايا المائية, ومن
بينها سبل توفير إمدادات المياه ومرافق الصرف الصحي التي يحتاج إليها البشر في
السنوات القادمة. ويقول التقرير إنه قد حددت أهداف عديدة لتحسين إدارة المياه, لكن
أيا منها تقريبا لم يتحقق.
ويشير التقرير إلى أن: (المشاكل المتعلقة بالمواقف والسلوكيات تكمن في
قلب الأزمة, بداية من مستوى القيادات), و(إن عدم إدراك سكان العالم تماما لمدى
المشكلة كان معناه أننا عجزنا عن اتخاذ الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب).
وأكد التقرير أن العديد من البلدان والمناطق دخلت بالفعل في مرحلة
الأزمة. وصنف 180 بلدا ومنطقة وفقا لمتوسط نصيب الفرد من كمية المياه الجارية
المتجددة المتوفرة, والمياه الجارية المتجددة هي كل المياه السطحية الجارية على
السطح أو في التربة أو تحت الأرض.
وفيما يتعلق بالمياه المتوفرة, كانت الكويت هي الأفقر (حيث المتوسط
السنوي لنصيب الفرد 10 أمتار مكعبة), وجاء بعدها قطاع غزة (52 مترا مكعبا), ثم
الإمارات العربية المتحدة (58 مترا مكعبا), وجزر البهاماس (66 مترا مكعبا), وقطر
(94 مترا مكعبا), والمالديف (103 أمتار مكعبة), والجماهيرية العربية الليبية (113
مترا مكعبا), والمملكة العربية السعودية (118 مترا مكعبا), ومالطا (129 مترا مكعبا)
وسنغافورة (149 مترا مكعبا).
أما قائمة البلدان العشرة الأغنى بالمياه (بعد استبعاد جرينلاند
وآلاسكا) فضمت: غويانا الفرنسية (المتوسط السنوي لنصيب الفرد 812121 مترا مكعبا),
وأيسلندا (609319مترا مكعبا), وغويانا (316689 مترا مكعبا), وسورينام (292566 مترا
مكعبا), والكونغو (275679 مترا مكعبا), وبابوا غينيا الجديدة (166563 مترا مكعبا),
والغابون (133333 مترا مكعبا), وجزر سولومون (100 ألف متر مكعب), وكندا (94353 مترا
مكعبا), ونيوزيلندا (86554 مترا مكعبا).
ومع انتصاف قرننا الحالي, سيعاني سبعة بلايين إنسان يعيشون في 60 بلدا
من شحة المياه وفقا لأسوأ التقديرات, أما وفقا لأفضلها فإن هذا الرقم سينخفض إلى
بليوني إنسان في 48 بلدا, سيتوقف هذا على عوامل مثل النمو السكاني وصناعة القرار
السياسي. وسيسهم تغير المناخ, وفقا للتقرير, بنحو 20 في المائة من المسئولية عن
الزيادة في شحة المياه على المستوى العالمي. وعلى الأرجح ستشهد المناطق الرطبة
المزيد من الأمطار, بينما يتوقع أن تنخفض الأمطار وتصبح أكثر ندرة في المناطق
الجافة بطبيعتها, بل وفي بعض المناطق المدارية وتحت المدارية. وستتدهور نوعية
المياه مع ارتفاع مستويات التلوث ودرجة حرارة المياه.
مزيد من التدهور
يقول التقرير إن أزمة المياه: (آخذة في التدهور رغم الحوارات المستمرة
منذ أن ظهرت هذه الأزمة إلى الوجود. ففي كل يوم يلقى بمليوني طن من المخلفات إلى
الأنهار والبحيرات والمجاري المائية. وكل لتر من المياه الملوثة بالمخلفات يلوث نحو
ثمانية لترات من المياه النقية. ووفقا لحسابات التقرير, يحتوي عالمنا على نحو 12
ألف كيلومتر مكعب من المياه الملوثة, وهي كمية أكبر من الكمية الإجمالية للمياه
التي وجدت في أي لحظة تاريخية في أكبر عشرة أودية أنهار في العالم. وبالتالي إذا
استمر إيقاع زيادة التلوث مع الزيادة السكانية, فإن العالم سيفقد فعليا 18 ألف
كيلومتر مكعب من المياه النقية بحلول العام 2050 - أي ما يقرب من تسعة أضعاف إجمالي
ما تستخدمه بلدان العالم الآن في الري, وهو المستهلك الأكبر للموارد المائية.
ويعتبر الري حاليا مسئولا عن 70 في المائة من كل الاستهلاك العالمي للمياه
العذبة.
وصنف التقرير 122 بلدا حسب نوعية المياه وكذلك قدرتها على تحسين الوضع
والتزامها به. اعتبرت بلجيكا هي الأسوأ أساسا بسبب تدني كمية ونوعية مياهها الجوفية
مقارنة بثقل التلوث الصناعي وسوء معالجة مياه المخلفات. وتلتها المغرب, ثم الهند,
والأردن, والسودان, والنيجر, وبوركينا فاسو, وبوروندي, وجمهورية أفريقيا الوسطى
ورواندا.
أما قائمة الدول ذات نوعية المياه الأفضل فتصدرتها فنلندا, وتلتها
كندا, ونيوزيلندا, والمملكة المتحدة, واليابان والنرويج, وروسيا, وجمهورية كوريا,
والسويد وفرنسا.
ويقول التقرير: (إن الفقراء يبقون هم الأكثر تضررا, حيث 50 في المائة
من سكان البلدان النامية عرضة لمصادر مياه ملوثة). وتعد أنهر آسيا هي الأكثر تلوثا
في العالم, حيث تصل نسبة التلوث ببكتريا المخلفات البشرية إلى ثلاثة أضعاف المتوسط
العالمي. والأسوأ من هذا أن هذه الأنهار تحتوي على نسبة رصاص أكبر بعشرين مرة من
النسبة الموجودة في أنهار البلدان الصناعية.
ويضيف التقرير: (إن مستقبل أجزاء عديدة من العالم يبدو قاتما) فيما
يتعلق بالنمو السكاني المرتقب, الذي سيبقى عاملا حاسما بالنسبة لأزمة المياه).
ووفقا للتقرير, فإن متوسط نصيب الفرد من موارد المياه قد انخفض بمقدار الثلث خلال
الفترة من 1970 وحتى 1990. وحتى على الرغم من انخفاض معدلات التوالد, فإن تعداد
سكان العالم سيصل إلى 3.9 بليون بحلول العام 2050 (مقارنة بـ1.6 بليون في العام
2001).
ويقول التقرير: (لقد تضاعف استهلاك المياه مرتين تقريبا خلال الأعوام
الخمسين الأخيرة. والطفل المولود في العالم المتقدم يستهلك من موارد المياه ما
يتراوح بين 30 و50 ضعف ما يستهلكه الطفل المولود في العالم النامي. وفي غضون هذا
تستمر نوعية المياه في التدهور... وكل يوم, يموت ما يقرب من 6000 إنسان, معظمهم من
الأطفال تحت سن الخامسة, بسبب أمراض الإسهال... وتبين هذه الأرقام فداحة المشاكل
التي تواجه العالم فيما يتعلق بموارد المياه, والتفاوتات الرهيبة القائمة في
استغلالها).
وفي ضوء هذا, ألقى التقرير نظرة متعمقة على كل بعد من أبعاد استخدامات
المياه وإدارتها - بداية من نمو المدن وحتى التهديدات باندلاع حروب بين الدول بسبب
المياه. وكان هناك خيط واحد يربط بين كل أجزاء التقرير: إن أزمة المياه هي أزمة حكم
وافتقار إلى إرادة سياسية لإدارة الموارد بحكمة.
ويقول التقرير: (كونيا, يكمن التحدي في رفع مستوى الإرادة السياسية
لتطبيق الالتزامات المتعلقة بالمياه. فالمسئولون الفنيون عن المياه يحتاجون إلى
تفهم أفضل لسياق اجتماعي واقتصادي وسياسي أرحب, بينما يحتاج الساسة إلى اطلاع أفضل
على قضايا موارد المياه. وإذا لم يحدث هذا فإن المياه ستبقى ساحة للطنطنة السياسية
والوعود الجوفاء بدلا عن الأعمال التي نحن في حاجة ماسة إليها).
الصحة والاقتصاد
يقول التقرير: (إن المشكلة التي ستهيمن على القرن الحادي والعشرين هي
مشكلة نوعية المياه وإدارتها). فكل عام يموت 2.2 مليون إنسان بسبب أمراض متعلقة
بمياه الشرب الملوثة والصرف الصحي البائس. وتتسبب الأمراض المرتبطة بالمياه في
خسائر فادحة: يموت كل عام مليون إنسان بسبب الملاريا, بينما يعاني 200 مليون إنسان
من مرض البلهارسيا. (غير أن هذه المأساة, بما تمثله من خسارة ومعاناة, يمكن
تجنبها).
وكان المجتمع الدولي قد تعهد في أهداف الألفية التنموية للأمم المتحدة
(2000) وفي القمة العالمية للتنمية المستدامة (جوهانسبرغ 2002) بخفض عدد البشر
المحرومين من مياه الشرب النقية والصرف الصحي بمقدار النصف بحلول العام 2015.
ويتطلب تحقيق هذا الإنجاز توفير مياه الشرب لبليون ونصف البليون إنسان بحلول هذا
الموعد. وهذا ما يعني توفيرها لمائة مليون إنسان إضافي سنويا, أو 274 ألف إنسان
يوميا, من العام 2000 وحتى العام 2015.
ويؤكد التقرير أن توفير الصرف الصحي أكثر صعوبة. فنحن نحتاج إلى
توفيره لـ9.1 بليون إنسان إضافي, وهو ما يعني 125 مليون إنسان سنويا (342 ألفا
يوميا) من العام 2000 وحتى العام 2015.
ويقول التقرير إنه إذا استمرت معدلات الاستثمار الحالية فإنه قد يصبح
بوسع كل المناطق, باستثناء أفريقيا جنوب الصحراء, تحقيق هذا الهدف, أو الاقتراب من
تحقيقه. هذا بشكل عام. لكن بلغة الأرقام ستحتاج آسيا إلى استثمارات أكثر مما ستحتاج
إليه مناطق أفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي مجتمعة. وتشير تقديرات التقرير إلى
أن التدخلات الأولى ستحتاج إلى نحو 6.12 بليون دولار أمريكي.
وتثور التساؤلات حول مصدر هذا التمويل. ويقول التقرير: (إن تمويل
أهداف الألفية التنموية سيكون على الأرجح أحد أهم التحديات التي ستواجه المجتمع
الدولي خلال الخمسة عشر عاما القادمة).
ويطرح التقرير حوارا حول تسعير المياه والخصخصة. ويؤكد - أنه: (على
الرغم من جوهرية مشاركة القطاع الخاص في إدارة موارد المياه, فإنه يجب النظر إلى
هذه المشاركة باعتبارها محفزا ماليا - وليس كشرط مسبق - لتنمية المشروع... لكن
السيطرة على الأصول والموارد المالية يجب أن تبقى في أيدي الحكومة
والمستهلكين).
ويصر التقرير على أن أي عمليات خصخصة أو برامج لتسعير المياه يتعين أن
تتضمن آليات لحماية الفقراء. ومن الحقائق المفزعة أن الفقراء المحرومين من المياه
النقية هم الذين يدفعون أكثر بكثير ثمنا للمياه. ففي دلهي (الهند), على سبيل
المثال, يطلب البائعون من الفقراء 89.4 دولار ثمنا للمتر المكعب من المياه, بينما
العائلات الأغنى, التي تصلها المياه عبر مواسير الشبكات, تدفع فقط 01.0 دولار للمتر
المكعب, وفقا لبيانات التقرير. وفي فيينتيان, يطلب البائعون 68ر14 دولار للمتر
المكعب, بينما ثمن المياه حسب أسعار البلديات هو 11ر00 دولار للمتر المكعب.
الزراعة
يقول التقرير إن 25 ألف إنسان يموتون يوميا بسبب الجوع. ويعاني 815
مليون إنسان سوء التغذية: 777 مليونا في البلدان النامية, و27 مليونا في البلدان
ذات الاقتصادات الانتقالية, و11 مليونا في البلدان المتقدمة.
ويضيف التقرير أن العدد الكلي للذين يعانون سوء التغذية ينخفض
بمعدلات بطيئة للغاية, رغم حقيقة أن إنتاج الغذاء يلبي طلبات السوق بأسعار منخفضة
لم يعرفها التاريخ.
ومن بين المائة وسبعين بلدا ومنطقة التي مسحها التقرير, تستخدم 20
منها بالفعل أكثر من 40% من موارد مياهها المتجددة في الري, وهي حسب التقرير:
(العتبة التي تضطر بعدها البلدان إلى مواجهة الاختيار الصعب بين قطاعي إمدادات
المياه الحضرية والزراعية لديها). وبحلول العام 2030, سيكون جنوبي آسيا قد وصل إلى
مستوى الـ40%, بينما سيكون الشرق الأدنى وشمالي إفريقيا قد وصلا إلى نسبة 58% على
أقل تقدير).
وعلى النقيض من ذلك, فإن مناطق إفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا
اللاتينية وشرقي آسيا ستبقى أبعد بكثير عن العتبة الحرجة. وهي المناطق التي يتوقع
أن تشهد معظم التوسع الزراعي في الأعوام الثلاثين القادمة.
ويتمثل التحدي في تحسين كفاءة استخدام الأرض والمياه. ويتسم الري
تحديدا بعدم كفاءة حادة - حيث يهدر 60% من المياه المستخدمة. وهناك حاجة ماسة
لتحسين تمويل تكنولوجيا الري جديدة وتشجيع إدارة أفضل للمياه.
أما المؤشر الإيجابي بالنسبة للزراعة فهو ارتفاع غلة الأرض من
المحاصيل خلال الفترة من 1962 وحتى 1996, من 4.1 إلى 8.2 طن للهكتار. وهو ما يعني
انخفاض الأراضي التي نحتاج إليها لإنتاج الغلة الزراعية نفسها بمقدار النصف. ويقدر
التقرير أن 80% من زيادة الإنتاج الزراعي في العام 2030 ستأتي من زيادة الغلة
الزراعية.
البيئة
يقول التقرير إنه بحلول العام 2025, سيزداد سحب المياه بنسبة 50% في
البلدان النامية و18% في البلدان المتقدمة. ومن المتوقع أن تؤدي التأثيرات على
الأنظمة البيئية العالمية إلى تدهور كبير في الوضع الراهن.
ويصف التقرير الدائرة الجهنمية التي يطلقها الطلب المتزايد على
المياه. فمن خلال استنزاف وتلويث الأنهار والبحيرات والمسطحات المائية, ندمر النظام
البيئي الذي يلعب دورا أساسيا في ترشيح وضمان موارد المياه العذبة.
ويقول التقرير إنه من بين 55 نهرا في أوربا, هناك خمسة أنهار فقط يمكن
اعتبارها نقية, وفي آسيا تلوثت بشدة كل الأنهار التي تمر بالمدن. كما أن 60% من
أنهار العالم الـ277 الكبرى تأثرت بشدة بسبب السدود وشق التفريعات والقنوات مما
أفضى إلى تدهور النظام البيئي.
وفيما يتعلق بالحياة الحيوانية المرتبطة بالمياه العذبة, يقول التقرير
إن 34% من الثدييات و12% من الطيور باتت مهددة بالانقراض. كما انقرض ما يتراوح بين
34 و80 نوعا من الأسماك منذ أواخر القرن التاسع عشر, وستة أنواع منذ العام
1970.
التعاون الدولي والنزاعات الدولية
مع ازدياد الطلب على المياه, يتزايد الحديث عن حروب المياه الوشيكة.
وقد تضمن التقرير بيانات عن كل بلد تشير إلى أنه بينما ستؤدي ندرة المياه إلى تكثيف
النزاعات بين الدول, فإن هناك أدلة قليلة تفترض أن هذه النزاعات قد تنفجر وتتحول
إلى حروب مياه واسعة النطاق.
ويسلط التقرير الضوء على معطيات دراسة لكل حالات وأشكال الإشكاليات
حول المياه التي حدثت بين بلدين أو عدة بلدان على مدى الأعوام الخمسين الماضية. ومن
بين 1831 إشكالية, تم التعامل مع الأغلبية الساحقة, 1228 إشكالية, بأسلوب تعاوني,
حيث تم التوقيع على نحو مائتي معاهدة لتقاسم البناء أو لبناء سدود جديدة.
واتسمت 507 إشكاليات بسمة نزاعية. واستخدم العنف فقط في 37 منها,
وتضمنت 21 حالة منها عمليات عسكرية واسعة (18 منها بين إسرائيل وجيرانها).
ويقول التقرير: (إن بعض أكثر الأعداء ضراوة في أنحاء عدة من العالم قد
تفاوضوا حول اتفاقيات مائية أو في طريقهم للتفاوض حول أنهار دولية). وهناك 261 من
وديان هذه الأنهار الدولية (التي تمر بعدة دول) تمر بـ145 دولة. وثلث أودية الأنهار
هذه تتقاسمها أكثر من دولتين, و19 منها تتقاسمها خمس دول أو أكثر. ووفقا للتقرير,
فإن جانبا كبيرا من إفريقيا والشرق الأوسط يعتمد على هذه الموارد المائية المشتركة
في توفير أكثر من نصف مياهه, وهو ما ينطبق أيضا على المخروط الجنوبي لأمريكا
اللاتينية.
وقدم التقرير أيضا أول خارطة كونية لموارد المياه الجوفية العالمية.
وتختزن خزانات المياه الجوفية نحو 98% من موارد المياه التي يمكننا استغلالها.
ووفقا للتقرير, يستفاد سنويا مما يتراوح بين 600 و700 كيلومتر مكعب, وهو ما يمثل
نحو 50% من مياه الشرب العالمية, و40% من الطلب الصناعي, و20% من الزراعة المروية.
وتتفاوت النسب بحدة من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى.
المدن
يقول التقرير: (عندما يكون هناك نقص في البنى الأساسية والمرافق, فإن
المناطق الحضرية التي تفتقر إلى البنية الأساسية المائية تصبح إحدى أكثر البيئات
تهديدا للحياة في العالم). ووفقا لمسح شمل 116 مدينة, فإن المناطق الحضرية في
إفريقيا هي الأسوأ, حيث ترتبط 18% فقط من المساكن بشبكات المياه والصرف الصحي,
وترتفع هذه النسبة في آسيا لتصل إلى 40%.
ويضيف التقرير: (إن فقراء هذه المدن هم أولى ضحايا الأمراض المرتبطة
بالصرف الصحي, والفيضانات بل والأمراض المرتبطة بالمياه مثل الملاريا, التي تعتبر
الآن من بين المسببات الرئيسية للمرض والوفاة في العديد من المناطق الحضرية).
ويقول التقرير: (من منظور الصحة العامة, فإن تزويد كل سكان المدن
بمياه نظيفة من خلال صنابير لا تبعد عن بيوتهم أكثر من 50 مترا أفضل من أن نزود
منازل العشرين في المائة الأغنى من أصحاب المنازل بالمياه التي تضخ إليهم عبر شبكات
الأنابيب).
وحدد التقرير عددا من الأسباب التي تستدعي منح الأولوية للمدن
والبلدات على حساب المناطق الريفية عندما لا يكون أمامنا سوى الاختيار بينها. ويعود
السبب الأول إلى أن تكاليف وحدة البنية الأساسية أرخص في المناطق الحضرية, والثاني:
أن العديد من المدن تمتلك قاعدة اقتصادية مزدهرة أكثر من المناطق الريفية بما في
ذلك إمكانية زيادة عائدات توفير المياه, وأخيرا: أن المدن لا يتركز فيها فقط الناس
والمؤسسات بل وأيضا مخلفاتهم.
الاستخدام الصناعي
تستأثر الصناعة اليوم بنحو 22% من إجمالي استهلاك المياه في العالم:
59% في الدول الصناعية المرتفعة الدخل, و8% في الدول المنخفضة الدخل. ويتوقع
التقرير أن تصل هذه النسبة إلى 24% بحلول العام 2025, عندما يصل استهلاك الصناعة
إلى 1170 كيلومترا مكعبا سنويا.
وكل عام تلقي الصناعة إلى موارد المياه بما يتراوح بين 300 و500 طن من
المخلفات المعدنية والسائلة والسامة والمخلفات الأخرى. وتنتج الولايات المتحدة
والدول الصناعية الأخرى 80% من المخلفات العالمية الخطرة.
الكوارث الطبيعية
يحدد التقرير الحاجة إلى أن يصبح تخفيض المخاطر جزءا لا يتجزأ من
إدارة موارد المياه. وبينما بقي عدد بعض الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والانزلاقات
الأرضية مستقرا إلى حد كبير, فإن عدد ونطاق الكوارث المرتبطة بالمياه (مثل الجفاف
والفيضانات) قد زاد بأكثر من الضعف منذ العام 1996. وخلال العقد المنصرم, قتلت
الكوارث الطبيعية 660 ألف شخص, وفقد أكثر من 90% من هؤلاء حياتهم في كوارث الفيضان
والجفاف. وقد وقعت 35% من هذه الكوارث في آسيا, و29% في أفريقيا, و20% في
الأمريكتين و13% في أوربا والبقية في أوقيانوسيا.
الطاقة
تعتبر الطاقة الكهرومائية أهم مصادر الطاقة المتجددة وأوسعها
استخداما, وقد وفرت 19% من إجمالي إنتاج الكهرباء في العام 2001.
وتستخدم البلدان الصناعية نحو 70% من قدرتها الكهربائية, مقارنة بـ1%
في البلدان النامية. وتعد كندا أكبر منتج لهذه الطاقة وتليها الولايات المتحدة
والبرازيل. ولاتزال موارد الطاقة الكهرومائية غير مستغلة في أمريكا اللاتينية
والهند والصين.
الأطفال والصحة
كل يوم يموت 6000 طفل نتيجة أمراض مرتبطة بالافتقار إلى مباه الشرب
النقية, أو شبكات الصرف الصحي.