عزيزي القاريء

  عزيزي القاريء
        

أغسطس مختلف

          يصدر هذا العدد من مجلة (العربي) وسط متغيرات كثيرة, فشهر أغسطس الذي تعودنا أن يذكرنا بتجربة الاجتياح الغاشم الذي قام به نظام البعث العراقي ضد دولة الكويت في مثل هذا الشهر من عام 1990, تحل الذكرى وهذا النظام المتعجرف قد هوى وأصبح في عداد التاريخ, وتحرر الشعب العراقي أخيرا بعد أكثر من ثلاثة عقود من الاستبداد والقمع والمقابر الجماعية للرجال والنساء والأطفال, كانت نتيجتها هذا الواقع الذي نراه, حروباً ودماراً وخراباً ضد العراق وجيرانها, ثم ضد الشعب العراقي أيضا, ولم ينته الأمر إلا وقوات التحالف الغربي تقيم على أرضه, إننا في هذه الذكرى الثالثة عشرة ندعو لأن تنزاح تلك الفترة المضطربة من عمر الشعب العراقي وجيرانه وأشقائه وأن يظفر الشعب العراقي في النهاية بكامل حريته.

          ومنذ ثلاثة أشهر ومجلة (العربي) تصل إلى بعض المدن العراقية, وتوزع بالمجان في محاولة منها لتعويض سنوات القحط الطويلة التي حوصر فيها هذا الشعب العربي الباسل ومنعت عنه كل أنواع المطبوعات حتى لا يقرأ ولا يسمع رأيا يخالف رأي النظام الذي كان يحكم, الآن تعود (العربي) للقيام بدورها في لم شمل وردم هوة القطيعة بين المثقفين العراقيين وزملائهم العرب, وهي تؤمن بأن أفضل وسيلة تساهم في زيادة قدرة المواطن العراقي على استشراف المستقبل هي إحساسه بأنه ليس وحيدا, بأن هناك رصيدا عربيا له سوف يؤازره دائما في وقت الأزمات.

          وتحفل (العربي) في هذا العدد بأكثر من محور وتناقش أكثر من قضية, وربما تأتي في مقدمتها قضايانا في مواجهة التكنولوجيا الحديثة, فرئيس التحرير في مقاله الافتتاحي يكشف لنا كعرب وهم امتلاك هذه التكنولوجيا لمجرد أننا نتعامل مع بعض منتوجاتها, ويشاركه في ذلك الدكتور أحمد أبو زيد في مناقشة القضية نفسها ولكن من منظور اجتماعي آخر.

          أما رحلة (العربي) خلف الأصالة, فهي تأخذ أكثر من منحى في هذا العدد, فإلى المغرب يأخذنا كاتبنا سليمان الفهد إلى (إميلشيل), مدينة الخطوبة وحفلات الزواج الجماعي في المغرب, ليصور ما في هذه المناسبة من سحر وفلكلور وأغان للحب, ومن الكويت يرسم لنا أشرف أبو اليزيد بورتريها بالكلمات لشخصية عاشق الفنون الإسلامية (طارق رجب), الذي أقام في مدينة الكويت متحفا خاصا وبديعا يحمل اسمه, ثم تغوص (العربي) في تاريخ الطب لتقدم تطور أعظم مهنها وهي مهنة الجراحة التي بدأت من عصا الحلاق وانتهت بأحدث ما في تكنولوجيا إنقاذ الإنسان, ولا بد لنا في الختام من أن نشير إلى العرض الذي يقدمه الكاتب الكبير أبو المعاطي أبو النجا للرواية التي أثارت ضجة في أوربا حول القضية الفلسطينية والتي كتبتها طفلة عربية تعيش في إيطاليا, وسوف نترك الفرصة لك - عزيزي القارئ - لاستكشاف بقايا مواد هذا العدد الحافل بكل ثمار الفكر العربي.

 

المحرر