المفكرة الثقافية

 المفكرة الثقافية
        

الكويت

هل آن وقت الانتقال
من إعلام السياسة إلى إعلام (المعلومة)?

          لم يكن الخوف هذه المرة على مستقبل الصحافة المكتوبة فى عصر ثورة المعلومات, هو سبب تنظيم ملتقى الاعلام الأول الذى شهدته الكويت فى بدايات شهر يونيو 2003, ولم يكن هاجس هيمنة الفضائيات على بقية الوسائل من إذاعة وصحافة مكتوبة هو الدافع.

          كان الهدف مختلفا, حين عني بالمهنية, ضوابط وشروطا واستخداما, ولعل ذلك قد نكأ جرحا, طالما تحاشى المتعاملون فى هذا المجال وضع اليد عليه, وابتعد المتابعون - عامدين - عن الاقتراب منه.

          كانت المناسبة التى أعادت هذه القضية الى الواجهة مجددا, هى الحرب التى اندلعت فى المنطقة فى العشرين من مارس الماضى وانتهت فى اقل من ثلاثة أسابيع بسقوط نظام الحكم العراقى السابق الذى كان قد ملأ الدنيا ضجيجا بأن معركة بغداد سوف تكون مقبرة للقوات المهاجمة, وسارت معه فى الاتجاه نفسه قنوات فضائية وصحف ومواقع معلوماتية, ساهمت جميعها فى اعطاء انطباع للرأى العام العربى بأن الشعب العراقى سوف يستميت دفاعا عن جلاده, وانه مستعد للتضحية بكل ما لديه من أجل ديكتاتور حوّل ارض العراق شمالا ووسطا وجنوبا الى مقابر جماعية.

          كانت تلك الخطيئة الاعلامية الكبرى سببا فى هذه الكم الكبير من الاحباط الذى اصيب به الشارع العربى, بعد أن فاجأه هذا الانهيار السريع الذى حدث فى التاسع من ابريل الماضى, الأمر الذى فتح ملفات عديدة حول مصداقية الاعلام, والضوابط المهنية والاخلاقية, وهى ملفات فرضت نفسها على الملتقى الذى أقيم تحت رعاية النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتى الشيخ صباح الاحمد, وحمل عنوان (الاعلام ومتطلبات العصر) بمشاركة ما يزيد على 100 اعلامي ممارس واكاديمي متخصص في مجال الإعلام, لتشهد ندواته ولقاءاته وجلسات وورش العمل المتخصصة فيه تبادلا للافكار وطرحا للآراء وحوارا حول القضايا الاعلامية كافة, فى اطار ست ندوات تمحورت حول العديد من القضايا المهمة في وطننا العربي, وتطرقت الى ما يقدمه الإعلام العربي من معلومات, طارحة التساؤلات حول مدى المصداقية التي يتمتع بها والآلية التي ينطلق منها, اضافة الى بحث واقع الصحافة العربية والتحديات المستقبلية التي قد تعترضها خاصة في ظل التطور التكنولوجي وتأثير القنوات الفضائية عليها .

          وكان النقاش الثري خلال ذلك الملتقى المهم فرصة لتناول مايتعلق بقضية اخلاق المهنة انطلاقا الى بحث الحدود التي يجب أن تقف عندها وسائل الاعلام, والقيود التي يجب أن تلتزم بها, الى جانب التطرق الى واحدة من اكثر القضايا اهمية, وهى تلك التى تناقش واقع الاعلام العربي في ظل المتغيرات الدولية خاصة مع الاحداث الاخيرة سواء احداث الحادي عشر من سبتمبر أو حرب افغانستان أو الحرب التى شهدها العراق.

          أهمية طرح تلك القضايا نبعت من حقيقة انه لم يكن فى الساحة العربية عقب حرب تحرير الكويت في مطلع التسعينيات سوى قناة واحدة وجدل هائل حول البث الفضائي المباشر واخطاره المحدقة بالعقيدة والثقافة والهوية, ففى ذلك الوقت كانت معدلات ملكية اجهزة التلفزيون تتراوح بين جهاز لكل ثلاثة مواطنين في البحرين وجهاز واحد لكل 120 مواطنا في السودان, وكانت الصحف اليومية تتراوح بين صحيفة يومية واحدة في ليبيا و39 صحيفة في لبنان, فيما كانت الاسبوعيات تتراوح بين واحدة في السودان وثلاثين صحيفة اسبوعية في مصر, وكانت نظم الاعلام الوطنية الخاضعة للدولة تكاد تحتكر تدفق المعلومات داخل الدولة وتفرض مزيجها الإعلامي على جمهورها طوعا أو كرها.

          لكن انقلابا حادا شهدته المنطقة العربية فى الفترة التى سبقت الحرب في العراق حين أصبح الفضاء العربي يحمل اكثر من 150 فضائية عربية يتجاوز حجم مشاهديها المائة مليون مشاهد, فى الوقت الذى تمكنت فيه تلك الفضائيات العربية من استعادة عشرات من الملايين العرب المهاجرين الذين كادت ان تنقطع بهم الصلة مع قضايا العرب اليومية.

          أما الصحافة العربية فقد استطاعت هى الأخرى فى تلك الفترة نفسها تحقيق معدل نمو يقدر بنحو 22 في المائة سنويا في الوقت الذي زادت فيه معدلات ملكية اجهزة التلفزيون بنحو 34,1 في المائة مقارنة بالمعدل العالمي وهو 31,7 في المائة في الوقت الذي وصل فيه حجم استخدام شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) إلى نحو عشرة ملايين مستخدم.

          لكن مع هذا النمو الكبير, كان أداء الاعلام العربى فى الحرب الاخيرة وفقا لتوصيف عدد من المشاركين, يتجاوز أوجه القصور التي برزت في حرب تحرير الكويت, فلم يعد الإعلام العربي يعاني قصورا مهنيا ولم يعد يعاني نقصا في تكنولوجيا جمع الأخبار ولم يعد تابعا لقناة غير عربية, فقد استطاع أن يفرض مناخا جديدا في معالجة قضايا الحرب, واصبحت الوسائل الاعلامية العربية تمارس ضغوطا بعضها على البعض الآخر, حتى بدت تغطية بعض الوسائل في معالجة الحرب مناقضة لمواقف الدول المالكة او الموجهة لها.

          ولكن على الرغم من ذلك, ظهرت اعراض الالغام التي زرعت في مسيرة الإعلام العربي بين الحربين: (من تكاثر عشوائي في وسائل الاعلام وانخفاض ملحوظ في مستوى المعلوماتية لحساب تحليلات وتأويلات صادرة عن انصاف محللين, وغياب للموضوعية في التغطية الإخبارية وطغيان الإبهار التكنولوجي على المهنية الرفيعة وتبعية غير مسبوقة لرغبات جمهور لم يعد يفرق بين ما يؤلمه وما يرضيه).

          وجاءت توصيات الملتقى لتعبر عن ذلك حين أطلقت الدعوة الى ضرورة مواكبة الاعلام لتطورالعصر, بمراعاة القواعد المهنية, والتزام الموضوعية والحرص على النزاهة, مع الاهتمام بإعداد وتأهيل وتدريب الإعلاميين فى المجالات المهنية كافة, والانتقال من إعلام الدعاية السياسية الى إعلام المعلومة.

          وكان لافتا تشديد تلك التوصيات على ضرورة قيام الحكومات العربية باطلاق حرية التعبير وإصدار الصحف والوصول إلى المعلومة, وحماية الاعلاميين من أي ضغوط تحول دون قيامهم بأداء رسالتهم المهنية, اضافة الى إلغاء عقوبة السجن والرقابة المسبقة والقرارات الادارية التى تقف عقبة كأداء أمام حرية الاعلام.

          وجاء (إعلان الكويت) الصادر عن الملتقى ليؤكد على جانبين, الأول: ينطلق من واجب التضامن مع الشعب العراقى, داعيا وسائل الإعلام العربية على اختلاف توجهاتها الى الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة النعرات العرقية والطائفية فى العراق الشقيق,وتعزيز وحدته الوطنية بعيدا عن روح الانقسام والتشرذم, ومساندة قوى العراق الخيرة فى هدفها المشروع المتمثل فى الحرية والسيادة والديمقراطية, والثانى: دعوة المؤسسات والنقابات والجمعيات الصحفية فى العالم العربى إلى تقديم كل اشكال الدعم المطلوبة للمساعدة فى دعم خلق وسائل اعلام حرة فى العراق الشقيق, حتى تصبح قادرة على قيادة العراق إلى مستقبل ديمقراطى, ومواجهة الظروف الصعبة التى تعوق حركتها الآن ودورها فى بناء عراق عربى حر.

زكريا عبد الجواد

(عصا أبنوس)
قصص عربية ترحل للفارسية

          عن الفارسية صدرت المجموعة القصصية (عصا أبنوس) للأديبة الكويتية فاطمة يوسف العلي. وقد قام بترجمتها عن العربية الأديب الإيراني موسى بيدج. ويضم الكتاب مختارات من القصص تم اختيارها بعناية لتعبر عن المراحل المختلفة للأديبة فاطمة العلي وقد أخذت من مجموعتها القصصية المختلفة.

          ويقول المترجم في مقدمته للكتاب عن سبب اختياره لهذه الأديبة (فاطمة العلي كاتبة روائية مخضرمة, تنزع القشور السطحية لتوصلنا إلى عمق شخصياتها. نساء يعشن في رغد العيش والبذخ لكنهن يعانين الحرمان, ورجال هم ضحايا رؤاهم وهواجسهم التي فرضتها عليهم الموروثات التاريخية لمجتمعهم. بعواطف جياشة وعبارات قصيرة ودون مباشرة وبالتلميح والرمز تخلق شخوصها الذين نراهم يحومون حولنا ونشاطرهم الأفراح والأتراح والحلو والمر. شخوص بسطاء تغمرهم المودة ويطفحون بالصدق والحنان والتقوى والإيمان أو نراهم أحيانا يعانون الحسد والخرافات والكذب والتسلط وحب الهيمنة. وهكذا تدور عجلة الحياة كما تصورها بشفافية صفحات هذا الكتاب.

          وقد اختار المترجم 18 قصة من ثلاث مجموعات قصصية للمؤلفة. منها: قراءة الكف والعودة من شهر العسل وخالة موزة وتاء التأنيث وهلا يا عيوني وأخيرا قصة العكاز التي اسمها (عصا أبنوس) وأطلق اسمها على المجموعة المختارة.

          وبمناسبة صدور هذا الكتاب تم عقد لقاء في إطار معرض طهران الدولي السادس عشر للكتاب وقد دعت فيه الأديبة فاطمة العلي إلى مزيد من الحوار بين الثقافتين العربية والفارسية عبر حركة الترجمة, سواء على مستوى القدامى أمثال سعدي الشيرازي وحافظ وجلال الدين الرومي أو المعاصرين كالروائي مهدي شجاي. وأجابت الكاتبة عن العديد من الأسئلة حول الثقافة والأدب في الكويت مسلطة الأضواء على الإبداع الكويتي من عام 1920 حتى الآن. ووصفت الثقافة الكويتية بأنها ثقافة عربية وليست قطرية بدليل أن مجلتي (العربي) و(الكويت) تمتلئان بالأسماء العربية لكتّابهما أكثر من الأسماء الكويتية, إضافة إلى أن القضايا التي تطرح في هاتين المجلتين لا تهتم فقط بالشأن الكويتي بقدر تركيزهما على الشأن العربي والإسلامي.

القاهرة

بفضل المركز المصري - الفرنسي
الكرنك يتجمل

          لا تزال الآثار الفرعونية الموغلة في القدم تستأثر بالاهتمام الذي لا يقف عند حد الاكتشاف, بل ويتجاوزه إلى متعة التذوق, وبهجة الترميم, والاحتفاء بما هي جديرة به. ففي تقليد معمول به منذ سنوات اجتمع أعضاء اللجنة العليا المشتركة للمركز المصري - الفرنسي بالكرنك خلال شهر يونيو الماضي بمدينة الأقصر (جنوب مصر). وكان من أبرز النتائج التي بحثها المجتمعون مقيمين موسمهم الآثاري إعادة تركيب 36 عمودًا واستبدال عشرين تاج عمود مفقودة بأخرى جديدة من الحجر الجيري, تم جلبها من جبل السلسلة الذي نحتته قبل آلاف السنين أذرع الفراعنة الأوائل.

          ويبدأ في المتحف المفتوح تجميع هذه الكتل الحجرية بعد العثور عليها في فناء الخبيئة بمعبد الكرنك أثناء تنظيفه بوساطة الفرنسي نجران. وقد بدأ العمل عام 1988 في إعادة تركيب الأعمدة التي تنتمي إلى الملك تحتمس الرابع بجوار سور المعبد الشمالي.

          وتواصل البعثة الأثرية الفرنسية  -المصرية أعمال الحفائر التي تجريها في منازل الكهنة شرق البحيرة المقدسة, ونظرا لاتساع رقعتها, فقد تم تقسيم منطقة الحفائر إلى ثلاثة مواقع: الأول خاص بمنازل الكهنة, والثاني المخصص لأماكن تخزين الغلال, أما الثالث فيضم بقايا سور من الطوب اللبن يخص الملك تحتمس الثالث. وكانت النتيجة أن اكتشف الفرنسي لوفري في الموقع الأول ستة منازل عمودية يرجع تاريخها إلى عصر الأسرة الحادية والعشرين, كما اكتشف منزلا تبين بعد إعمال الجس به احتمال انتمائه للعصر الروماني المتأخر.

          وعقب الجولة الميدانية التي تسبق الاجتماع السنوي أشاد الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى المصري للآثار بأعمال البعثة المشتركة وأكد أن وجود بعض الانتقادات لا يقلل من أهمية الأعمال الجارية. ويجدر بالذكر أن المركز المصري - الفرنسي بالكرنك تأسس في العام 1965 بناء على اتفاق بين وزارة الثقافة المصرية ووزير الدولة الفرنسية للشئون الثقافية, وتناط به مهام دراسة وتحسين وسائل الترميم, والإشراف على أعمال التقوية وإبراز المعابد والمناطق المجاورة لها.

          ومن أهم الأعمال التي قام بها خلال السنوات الماضية إعادة تركيب  المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت, في المتحف المفتوح, فضلا عن إعادة تركيب المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول, وإعادة تركيب المقصورة الكالسيت للملك تحتمس الرابع, والبدء في إعادة تركيب مقصورة الملك أمنحتب الثاني.

          ومن المعروف أن مجموعة معابد الكرنك تعتبر من أهم المعالم الأثرية بمدينة الأقصر, ويرجع تاريخ إنشائها إلى عصر الدولة الوسطى قبل أكثر من أربعة آلاف سنة (حوالي 2170 قبل الميلاد) استنادا إلى أقدم أثر من الممكن مشاهدته الآن وهو المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول, غير أن هناك دلائل أخرى تشير إلى أن الملك خوفو (الدولة القديمة) قام بعمل إصلاحات في معبد آمون بالكرنك مما يدل على أن المعابد أقدم بكثير من التاريخ المتعارف عليه.

مصطفى عبد الله

بيروت

معجم مصطلحات نقد الرواية

          قد لا يكون لبنان الناقد بأهمية لبنان الشاعر, بنظر الكثيرين. ذلك أن لبنان قدم للشعر العربي, وعلى مدار القرن العشرين نخبة من كبار شعرائه كالأخطل الصغير الذي بويع بإمارة الشعر, وأمين نخلة الذي كاد يبايع بهذه الإمارة وحالت دون ذلك أحداث أدّت إلى نشوب الحرب الأهلية. وفي لبنان قامت للشعر منابر كثيرة, ومنه انطلقت أكثر تيارات ومدارس الشعر الحديثة, كالرومانسية والرمزية. ولعل أحدا لم ينتج من التنظير للشعر والحداثة الشعرية بالقدر الذي أنتجه اللبنانيون.

          ولكن لبنان لم يهمل النقد, وإن لم تكن هناك مدرسة نقدية لبنانية مؤثرة في حركة النقد الحديث. فمنه كان شيخ النقاد الانطباعيين مارون عبود.

          ولعل أول (وكالة) للنقد البنيوي الحديث كانت من نصيب باحثين أكاديميين لبنانيين قبل أن تنتقل هذه (الوكالة) إلى الدار البيضاء والقاهرة وسواهما من المدن والعواصم. وهذا ما لا ينكره النقاد العرب البنيويون, وإن تساءلوا عن حاضر البنيوية اللبنانية وأسباب خفوت صوتها.

          على أن الحركة النقدية اللبنانية وإن لم تكن في أهمية الحركة الشعرية اللبنانية, إلا أن لها ريادتها في قضايا كثيرة تتصل بالنقد, منها على سبيل المثال كتاب (معجم مصطلحات نقد الرواية) لمؤلفه الدكتور لطيف زيتوني, وقد ظهر حديثا عن مكتبة لبنان وعن دار النهار للنشر, وغايته شرح مصطلحات نقد الرواية, أو بالأحرى مصطلحات السردية أو علم السرد, وضبطها وربط بعضها بالبعض الآخر ليكون أداة مفيدة للباحث والناقد والطالب وقارئ الرواية والمثقف.

          يتميز هذا المعجم بأنه معجم رائد, وريادته تتمثل في أنه غير مسبوق في مجاله, كما تعني أيضا أنه يقوم على جملة خيارات تستدعي المناقشة, وأولها تمييز مصطلحات السردية. ذلك أن السردية لم تستقر بعد في صورة معلومة, ولم تستقلّ تماما عن العلوم التي ساهمت في ولادتها. ففي النصوص السردية (وخصوصا الرواية) تتعدد الأصوات المختلفة فيها وتتداخل صور الحياة, مما يفرض على السردية أن تستعين بالعلوم المساعدة, كاللسانية وسيمياء الخطاب, وعلوم الاتصال وسواها, وأن تستخدم مصطلحات هذه العلوم. لهذا كان فصل مصطلحات السردية عن مصطلحات العلوم المساعدة والفنون المتداخلة في السرد, خيارا يحتمل نسبة من الخطأ والصواب. وكذلك الأمر بالنسبة إلى النظريات السردية التي لا نعرف اليوم ما سيكون شأنها وشأن مصطلحاتها في المستقبل.

          ومما يتميز به هذا المعجم أنه معجم محصور وموسع في آن واحد. فهو محصور في ألفاظ السردية, ولكنه يتوسع فيه أفقيا وعموديا, فيجمعها ويشرحها بالشمولية الممكنة. كما أنه أول معجم لمصطلحات السردية باللغة العربية. فإذا كان وضع معجم متخصص في اللغات العالمية يتطلب جمع المعلومات اللازمة له, فإنه في اللغات الأخرى, كالعربية, يتطلب جهدا إضافيا يتمثل في صوغ هذه المعلومات في لغة غير لغتها, وفي البحث عن مقابل للمصطلح الأجنبي الجديد.

          و(معجم مصطلحات نقد الرواية) قابل للقراءة ككتاب في السردية إلى جانب كونه معجما لمصطلحاتها. فالإحالات التي تربط بين المصطلحات تهدف إلى الجمع بين المفاهيم ومقاومة تشتت عناصرها, وتسهيل الاحاطة بها كوحدة غير مفككة.

          ويختلف هذا المعجم عن المعاجم الأدبية اختلافا جوهريا. فالمعاجم الأدبية تتناول المصطلحات العامة الشائعة في التقسيمات الأدبية, ولا تعالج مصطلحات العلوم التي تدرس أحد فروع الأدب. وهي تركز على التصنيف والتطور التاريخي, لا على المكونات والوظائف.

          يعمل مؤلف هذا المعجم الدكتور لطيف زيتوني أستاذا لمادة السرد في الجامعة اللبنانية - الأمريكية في بيروت, ويحمل دكتوراه في اللسانية, ودكتوراه الدولة الفرنسية في السيمياء, وله أعمال نقدية وفكرية عدة.

جهاد فاضل

دمشق

محطة الحجاز
تحتضن معرضاً للكتاب

          نشاط آخر بعيدٌ عن القطاعات والسكك الحديدية شدّ الأنظار إلى محطة الحجاز التي تنهض وسط العاصمة السورية دمشق, فقد حفلت المحطة في الشهور الأخيرة بمعرض دائم للكتاب جذب أنظار المثقفين والمهتمين مما جعلهم يتقاطرون إلى هذا المبنى جنباً إلى جنب مع المسافرين الذين يجدون متعة في السفر في القطارات التي تصل إلى مختلف أنحاء القطر.

          الطريف في الأمر أن هذا المبنى الأثري الذي يعرف بمحطة الحجاز أو محطة القنوات لأنه شيد في حي القنوات عند نقطة التقاء الشوارع الثلاثة: جمال باشا المتجه شرقاً والسليمانية المتجه شمالاً وشارع المستشفى الوطني إلى الغرب, هو مبنى أثري بدأ بناؤه سنة 1900م أيام الوالي العثماني حسين ناظم باشا وافتتحه الوالي شكري باشا سنة 1908 وقد انطلق منه أول قطار إلى المدينة المنورة في 22 أغسطس من العام نفسه لنقل الحجاج المسلمين إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة لأداء شعائر الحج, ويعتبر مبنى محطة الحجاز الأكبر والأجمل إذا ما قورن بمثيله الذي أقيم في المدينة المنورة في عهد السلطان عبدالحميد الثاني.

          ومبنى محطة الحجاز تحفة معمارية بديعة تضافرت فيه فنون العمارة الأوربية مع بعض التأثيرات الزخرفية العربية, يحتضن طابقه الأرضي معرضاً تقيمه دار علاء الدين, ويضم هذا المعرض مئات الكتب المصفوفة على أرفف العرض بشكل يتناغم مع جماليات المكان ويمنحها بعض روح الحاضر من خلال ازدياد عدد المرتادين لهذا المبنى التاريخي, خاصة أن المعرض لا يقدم إصدارات دار علاء الدين فحسب وإنما يعرض الى جانبها كتباً من عشرات دور النشر السورية, والمعرض ليس حكراً على دار واحدة وإنما هو استثمار متاح لمن يرغب من الناشرين.

          يقول المشرف على المعرض: إن المسافرين يجدون متعة حين يدخلون المبنى ليحصلوا على تذاكر سفر في القطارات التي تعد شرياناً حيوياً آخر يغطي مختلف المحافظات السورية,فلا يستطيعون منع أنفسهم من التجوال بين محتويات المعرض لانتقاء خير جليس في السفر.

جمال مشاعل

عمان

الواقع المعماري العربي

          أهداف متنوعة سعت إليها جامعة البتراء الأردنية في ورشة العمل التي عقدتها تحت عنوان (البحث العلمي والنشر في مجالات العمارة), من ضمنها الارتقاء بالفكر المعماري النظري والعملي, خاصة أن العلوم (العمرانية) هي فنون تطبيقية تجمع بين العلم والفن.

          إن أهم ما تميزت به ورشة العمل, هو تلمس الواقع المعماري العربي ومحاولة عدد من الأكاديميين وضع حلول مناسبة, للخروج من أزمة البحث العلمي في مجالات هندسة وفن العمارة, حيث قدّم الدكتور هاني الهنيدي من جامعة البتراء, اقتراحاً بإنشاء مؤسسة بحثية معمارية تقوم على ترسيخ العمل البحثي العلمي في مجالات العمارة, من خلال إنشاء مكتبة معمارية شاملة تخدم الباحثين في هذا المجال, إلى جانب اعتماد نظام الحوافز والمكافآت التشجيعية للمبدعين في العمل التصميمي.

          وفي السياق نفسه, قدّمت مجموعة من المتخصصين في هذا المجال آلية متكاملة لتفعيل البحث العلمي بين أقسام العمارة في الجامعات الأردنية, رسم معالمها الدكتور عبدالمجيد الرجوب والدكتور خالد المنوفي من جامعة آل البيت, بالتعاون مع المهندسين كمال أيوب وأحمد فريوان, بحيث تقوم هذه الآلية على تشكيل هيئة ذات صفة قانونية واعتبارية تجمع ممثلي أقسام ومعاهد العمارة تحت اسم (اللجنة التنفيذية الأردنية للبحث العلمي في مجالات العمارة), يكون من ضمن عملها تأسيس مجلة مُحكَّمة في مجال الدراسات المعمارية والتخطيطية باللغتين العربية والإنجليزية.

          هذا وبحثت ورشة العمل في المشكلات الاستراتيجية التي يعانيها قطاع البحث العلمي المعماري, والتي أجملها عميد كلية العمارة والفنون في جامعة البتراء -  د.عادل مصطفى أحمد - بعشرة عوائق, أبرزها ضعف الإنفاق على البحث العلمي, إذ بلغ معدل الإنفاق العلمي في العالم العربي بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي 0.14% فقط, مقابل 2.53% في إسرائيل (أي حوالي عشرين ضعفاً) و2.9% في اليابان, كما أشار د.أحمد إلى غياب الجهود الفعلية في مجال الترجمة, مستدلاً إلى ذلك بتقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 والذي يقول (إن العالم العربي يترجم سنوياً ما يقارب 330 كتابا وهو خُمس ما تترجمه اليونان, كما أن الإجمالي التراكمي لعدد الكتب المترجمة منذ عصر المأمون حتى الآن بلغ 100.000 كتاب وهو ما يوازي تقريباً ما تترجمه إسبانيا خلال عام واحد). ولتجاوز هذه المحنة, أشاد د.أحمد باقتراح العالم المصري المعروف د.فاروق الباز, والذي يقضي بفرض ضريبة على مكالمات الهاتف المتنقل بحدود سنت أمريكي واحد على المكالمة ويتم إيداع المبالغ المتراكمة في صندوق للاستثمار الآمن حتى توزعها كل دولة عربية على أحسن المقترحات لبحوث تطبيقية لديها,ومن المتوقع إذا تم تطبيق هذ الطريقة أن تجلب سنوياً في دولة مثل لبنان سبعة ملايين دولار تضاف إلى البحث العلمي, وفي الإمارات العربية المتحدة التي يوجد بها 2.3 مليون هاتف متنقل ستجلب هذه الطريقة 25 مليون دولار.

          لقد خلصت ورشة العمل إلى معاناة التعليم المعماري في العالم العربي والإسلامي مجموعة من المشكلات التي جعلت نظمنا التعليمية خالية من الإبداع ومن الهوية التعليمية المتميزة, لذلك تبنى المشاركون مجموعة من التوصيات التي ركزت على أهمية الارتقاء بطرق علمية متجددة تنعكس إيجاباً على نوعية الخريج المعماري, كما سعى المشاركون إلى ترسيخ مفهوم (الوعي المعماري) والعمل الهندسي المتكامل مع علوم البيئة والتخطيط وعلوم الصوتيات والمباني باعتبارها أجزاء مكملة للعمل المعماري المتميز.

توفيق أبو بكر

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




الشيخ صباح الأحمد النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية يلقي كلمة في افتتاح الندوة





جانب من حضور الندوة يتقدمهم عدد من المسئولين الكويتيين والعرب





الشيخ صباح الأحمد يتلقى هدية تذكارية يقدمها له الشيخ أحمد فهد الأحمد وزير الإعلام بمناسبة انعقاد الندوة





غلاف المجموعة القصصية (عصا أبنوس) الفارسية





تفاصيل إحدى مسلات معبد الكرنك في جهاتها (من أعلى) الشرقية والجنوبية والشمالية





إعادة تركيب المقصورة الخاصة بالملك تحتمس الرابع





غلاف المعجم





لقطة لمبنى محطة الحجاز من الخارج





جانب من ورشة العمل التي أقيمت لمناقشة العمارة العربية