السياسة والحرب في زمن التغيير هيثم الكيلاني

نحن نعيش في زمن التغيير. هذه حقيقة واقعة، تحيط بنا مظاهرها ووقائعها. وهي حقيقة لازمت تاريخ الإنسان منذ أقدم الأزمان، ورسمت للبشرية منعطفات مسيرتها وكانت هذه المنعطفات الجذرية ترتسم بين فترة وأخرى، قد تطول وقد تقصر في عدد سنيها. ومازالت الحياة الإنسانية تعيش هذه الحالة من الانعطاف والتطور، وستبقى كذلك. فهذه سنة الله في خلقه، حتى يرث الأرض ومن عليها. وهذه المقالة تلقي بكثير من الضوء على أبرز أداتين للفعل والتأثير والتغيير.

على مدار حياة الإنسان، كانت هناك أداتان رئيسيتان للانعطاف والتطور، هما السياسة والحرب، بكل أشكالهما وأنواعهما ووسائلهما الكثيرة والمتنوعة. وما زالت هاتان الأداتان تفعلان فعلهما في حياة الإنسانية، فتتناوبان على الفعل والتأثير والتغيير، وتعملان معا، أو تحل إحداهما محل الأخرى حينا من الزمن.

مظاهر التغيير

وآخر ما شهدناه من مظاهر التغيير على الصعيد العالمي، تلك المتغيرات التي عبرت عنها أحداث الأعوام الثلاثة الأخيرة (1989، 1990، 1991)، التي رسمت حدا انتهى عنده نظام عالمي للعلاقات الدولية شهد ثلاث حروب كبرى: الأولي (1914- 1918) والثانية (1939- 1945) والباردة (1945 - 1991)، وارتسمت معالم نظام عالمي جديد، أبرز ميزاته: انتهاء الحرب الباردة، وانتصار النظام الرأسمالي الليبرالي على النظام الاشتراكي الشمولي، وزوال الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى تشكل قطبا نقيضا وندا للولايات المتحدة القطب الآخر، وانهيار الأنظمة الاشتراكية في دول أوربا الشرقية وزوال المعسكر الشيوعي وحلفه (حلف وارسو)، وبروز الولايات المتحدة كدولة عظمى منفردة في قيادة نظام العلاقات الدولية، ومواصلة أوربا مسيرتها كقوة سياسية اقتصادية واحدة، ومواصلة اليابان صعودها سلم القوة الاقتصادية الكبرى، ومحافظة الصين على نظامها الاشتراكي كقوة كبيرة، وظهور تيار التجمعات الإقليمية الكبرى (أوربا الموحدة، المنطقة التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، دول جنوبي شرقى آسيا، الخ ...) وبزوغ تيار الكيانات العرقية والإثنية والدينية والمذهبية والأقلياتية والحدودية (ألمانيا الموحدة، تفتت الاتحاد السوفييتي إلى كيانات، تفتت الاتحاد اليوغوسلافى إلى كيانات، الحركة الكردية، إلخ...)، والنزوع الدولي نحو التمسك بالشرعية الدولية ومؤسساتها ونحو صنع السلم وصيانته ونحو تنشيط الدبلوماسية الوقائية، وإحياء واجبات المنظمات الإقليمية في ذلك كله، والحد من التسلح، وإلغاء أسلحة التدمير الشامل، وتصفية بؤر الصراعات المسلحة الموروثة من عصر الحرب الباردة (الصراع العربي الإسرائيلي، الحرب في كمبوديا، القضية القبرصية، إلخ..).

في كل هذا الذي ذكرناه عن بعض معالم ما سمي النظام العالمي الجديد، ما هي منزلة السياسة والحرب في صلب ذلك النظام، وفي إطار زمن التغيير، وأين تفعل السياسة فعلها، وأين تنفرد الحرب في موقع أو حدث أو أزمة"؟. ومبعث التساؤل دوما هو تواضعنا على أن السياسة والحرب ما زالتا- في مبدأ المطاف وفي نهايته- الأداتين الرئيسيتين للفعل والتأثير والتغيير.

بادئ ذي بدء، لنا أن نقول إن زمن التغيير لم يمتد، بعد، إلى أصول السياسة والحرب. فما زالت السياسة هي علم الدولة والسبيل إلى تحقيق أهدافها بوسائل سلمية، ومازالت الحرب هي علم تحقيق أهداف الدولة بوسائل عنفية. وهذان التعريفان جد مختصرين، وقد برز فيهما الجانب الذي يخدم أغراض هذه المقالة، ويجعلهما مفتاحين لها، وليكونا دليلنا إلى ما تميز به الإسلام إذ أضاف إلى ذلك معنيين ساميين، أولهما حين جعل السياسة هداية وإرشادا، وثانيهما حين جعل السلم أصلا والحرب استثناء وكرها.

مفهوم السياسة وأهدافها

تشمل دراسة السياسة، بمفهومها الحديث، نظام الدولة وقانونها الأساسي، ونظام الحكم فيها ونظامها التشريعي. كما يتضمن ذلك دراسة النظم السياسية في العالم، والمبادئ التي استمدت وجودها منها. وقد تأثرت هذه الدراسات بنظريات كثير من الفلاسفة ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد. ولقد أصبح لفظ السياسة يستخدم بمعنى فن الحكم، والقواعد المنظمة للعلاقات بين- الدولة وغيرها من الدول والهيئات الدولية.

ولأن الدولة نوع من التنظيم السياسي والقانوني المتكامل لجماعة بشرية ما، فإنها تتولى حماية أمنها وأمن المقيمين في إقليمها، ومن ثم فهي تخص نفسها بكل أدوات القوة الدفاعية، التي تحقق لها حماية أمنها ووحدة إقليمها وسلامتها الوطنية.

وتهدف السياسة دائما، في أية دولة، إلى الحفاظ على المصالح الوطنية للدولة، تلك المصالح التي تشكل القوة الدافعة لاتجاهات السياسات الداخلية والخارجية للدولة- وتأتي القوة المسلحة والسياسة الدفاعية في مقدمة الوسائل المتاحة للدولة لكي تحفظ بواسطتها مصالحها الوطنية وتحققها. وتلك حقيقة مستقرة لا جدال فيها في إطار العلاقات الدولية. وهنا تبرز العلاقة الوثيقة بين السياسة من جهة، والوسائل التي تستخدمها الدولة لبلوغ أهداف سياستها، وفي مقدمة هذه الوسائل القوة المسلحة، من جهة أخرى. فحينما تعمل الدولة لصيانة مصالحها وأمنها الوطني، ولبلوغ الأهداف التي حددتها لنفسها في خطتها الإستراتيجية الشاملة، تستخدم مختلف الوسائل المتاحه لها، كالتفاوض ، والتحكيم، والوساطة، والمساعي الحميدة، وغير ذلك من الوسائل السلمية. فإذا ما أخفقت هذه الوسائل في تحقيق الهدف، فقد تجد الدولة نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة.

قوة الدولة

إن الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ سياستها وبلوغ أغراضها وتحقيق أمنها ومصالحها الوطنية هي " قوة الدولة ". وتستخدم الدولة، هذه الوسيلة لإملاء أوضاع إقليمية معينة، أو لفرض إرادتها على دولة أو دول أخرى، أو لفرض نمط سياسي أو مذهبي، أو للدفاع عن حدود الدولة بما يضمن لها أمنها ومصالحها الوطنية. وعلى هذا يمكن تعريف "قوة الدولة " بأنها القدرة على التأثير في سلوك الدول الأخرى بالكيفية التي تخدم أغراض الدولة المحددة في خطتها السياسية.

وتستخدم الدولة قواتها المسلحة كأداة للسياسة الوطنية وتحقيق أغراضها، في الحالات التي تثبت فيها الأدوات الدبلوماسية إخفاقها أو عدم جدواها. وعلى الرغم من أن الكثير من المواثيق والمعاهدات الدولية تحظر اللجوء إلى الحرب في العلاقات الدولية، وتنظر إليها على أنها عمل غير مقبول ولا يمكن التسليم بشرعية النتائج التي تنتهي إليها وتترتب عليها، وعلى الرغم من أن دولا كثيرة في العالم أطراف في هذه المواثيق والمعاهدات الدولية، فلا تزال ظاهرة الاعتماد عام الحرب، كأداه للسياسة، ظاهرة قائمة ومستمرة في المجتمع الدولي. وفي إطار المتغيرات التي يعيشها النظام العالمي الراهن. بل يمكن القول إن هذه الظاهرة تزداد بروزا وانتشارا، فثمة صراعات مسلحة كثيرة يعيشها العالم اليوم، وهي أشبه ما تكون بألغام تنفجر هنا وهناك؟ وتحيط بها محاولات ومساع إقليمية ودولية لاحتوائها وحلها. وثمة صراعات مسلحة يحتمل نشوبها في مواقع كثيرة من العالم، وثمة دول قد تتعرض للتفكك والتجزئة. وتنطلق هذه الصراعات المحتملة من النزعة الناهضة للمطالب العرقية والإثنية والدينية والمذهبية والأقلياتية والحدودية. وهي مطالب تتجه نحو التكون والتحرك السلمي حينا والعنيف أحيانا.

حدود مقولة كلوزفيتز

لقد ذهب المفكرون الإستراتيجيون منذ القرن الثامن عشر وحتى اليوم، إلى أن الحرب ليست هدفا بذاتها، ولكنها أداة للسياسة. وذهبت فئة من هؤلاء إلى أن الحرب تخضع لعوامل، مثل الأزمات الاقتصادية، والمجالات الحيوية، والأزمات الاجتماعية، وغير ذلك من العوامل الباعثة على الاقتتال والاحتراب. غير أن التطورات التي حدثت في النصف الثاني من القرن العشرين، وبخاصة في المجال النووي، دفعت بعض المفكرين والإستراتيجيين إلى القول بأنه في حالة نشوب حرب نووية، فإن جميع السياسات ستصبح بلا معنى حيال الدمار الشامل الذي لا يمكن التعويض عنه. وعلى هذا، يدعو هؤلاء المفكرون إلى إسقاط مقولة كلوزفيتز المشهورة " الحرب هي استمرار للسياسة "، على اعتبار أن الإستراتيجية النووية فرضت نفسها بشكل لم يعد معه ممكنا تحقيق أي قرار سياسي بوسائل الأسلحة النووية.

وإذا كانت مقولة كلوزفيتز قد طويت أمام الحرب النووية، بسبب أنها لم تعد ذات موضوع، فإن المقولة ذاتها لا تزال سائدة في مختلف أنواع الحروب التي هي دون عتبة حروب التدمير الشامل.

ففي تلك الحروب التقليدية، لا يزال الاعتراف بأن الحرب أداة لتحقيق أهداف السياسة، وأن العلاقة المتبادلة بين الإستراتيجية العسكرية والإستراتيجية السياسية تبنى على أساس مبدأ تبعية الأولى للثانية، سائدا ومسيطرا.

في رحاب الإسلام

عالج الإسلام موضوع السياسة والحرب من زاوية تختلف كل الاختلاف عن معالجات المذاهب العالمية الأخرى، ذلك أن الإسلام دين سلام وأمن وأمان وسعادة لجميع شعوب البشرية. ولم يترك الإسلام لأي عامل من العوامل التي أثارت وتثير الحروب في العالم، صغيرها وكبيرها، تأثيرا على سياسة الدولة الإسلامية، ذلك أن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو السلم. أما الحرب فهي لدفع العدوان وحماية الدعوة. وقد آثر الإسلام السلام على الحرب. وفي القرآن الكريم آيات صريحة في نصرة السلام على الحرب، إلا أن يكون ثمة عدوان فلابد آنذاك من خوض الحرب ردا للمعتدين. ومن ذلك قوله تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله (الأنفال / 61)، وقوله تعالى  البقرة/ 104 يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (البقرة/ 104) وقوله: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (النساء / 90). والسلم في هذه الآيات هو السلام والأمن والأمان.

وإلى جانب ذلك، ثمة اختلاف جذري بين مفهوم الحرب عند علماء القانون الدولي وبين مفهوم الجهاد عند فقهاء المسلمين فالحرب لدى رجال القانون وسيلة تستخدمها الدولة لأغراض تدعو إليها مصلحتها، أو إشباعا لهوى قادتها، أو سعيا وراء الاحتلال والتوسع والتسلط والسيطرة، أو دعم الاقتصاد، أو لطمع في أرض أو ثروة، أو لفرض إرادة سياسية. أما الجهاد في الإسلام فيلجأ إليه لرد عدوان، أو لتحرير أرض مغتصبة، أو للمحافظة على جماعة المسلمين، أو لرفع الظلم عنهم، حتى يقضى عام الفتنة فى الدين، وتعلو كلمة الحق، وتسود مبادئ العدل والخير والفضيلة.

ويمكن تعريف العدوان الذي يبرر القتال في الإسلام- اجتهادا- على أنه حالة اعتداء على المسلمين أو بلادهم أو أموالهم، بحيث تؤثر على استقلالهم وتؤدي إلى اضطهادهم وفتنتهم عن دينهم، أو تهدد أمنهم وسلامتهم ومصادر حرية دعوتهم، أو تحدث ما يشكل خطرا محققا على المسلمين.

وعلى هذا فإن الإسلام يمنع المسلمين من أن يشنوا حربا عدوانية على الغير وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (البقرة/ 190)، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (البقرة/ 193). ولا يحل في الإسلام قتال الذين لا يقاتلون، ولا الاعتداء على أموال المسالمين بتصيير الحرام في ديارهم حلالا.

وعلى هذا أيضا، يمكن القول إن مفهوم الحرب الإسلام- خلافا للنظريات الإستراتيجية المنتشرة في العالم اليوم- يخضع خضوعا كاملا ومباشرا للسياسة، وإن السياسة مقيدة بشروط محددة وقيود واضحة، لا تستطيع منها فكاكا. ولا عنها خروجا. فلا يمكنها إقرار الحرب، أو الدعوة إليها، أو التهديد بها، إلا ضمن الحدود والأهداف التي أشرنا إليها. وفي جميع الأحوال، فقد أمر الإسلام بالكف عن القتال إذا كف عنه المعتدون، وبقصر الحرب على الجيش المحارب دون غيره، وتحريم التمثيل بالقتلى، وتحريم إتلاف الأموال وتجويع الأعداء، وبالإحسان إلى الأسير، وبالتأكيد على الرحمة في القتال، وبالوفاء بالمعاهدات والمواثيق والعهود، والتمسك بأسباب العدل.

السياسة والحرب في إطار الدولة

بعد أن بينا، بإيجاز، العلاقة بين السياسة والحرب في نظر الإسلام، نعود لنقتفي آثار هذه العلاقة في الفكر السياسي- الإستراتيجي العالمي الحديث، فنقول إن جوهر الحرب كاستمرار للسياسة لم يتغير بتغير العتاد والأسلحة التقليدية، وأن التغيير طرأ على العلاقة بين السياسة والحرب النووية فقط- كما بينا فيما سبق من حديث-، وأن تبعية الإستراتيجية العسكرية للسياسة تجد لها تعبيرات مختلفة، إذ يظهر تأثير السياسة بوضوح في تحديد الأغراض الإستراتيجية، وفي الطابع العام لإستراتيجية الدولة، وفي اختيار طرق وأشكال خوض الحرب. غير أن تأثير السياسة على الإستراتيجية العسكرية لا يقتصر على هذه المجالات، وإنما يتعداها إلى مسائل إستراتيجية كثيرة لا تجد حلولا لها إلا في إطار سياسة الدولة. ويعتبر أسلوب الحرب إحدى هذه المسائل، لأن أسلوب الحرب يتعلق بمستوى تطور القوى الإنتاجية، وخصائص الأسلحة، ومدى تطور العتاد الحربي، وقوام القوات المسلحة. وعلى هذا، فإن الدولة مضطرة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار اتباع أسلوب للحرب يتناسب مع الإمكانات والطاقات العسكرية والاقتصادية والبشرية للدولة، ومع درجة الجاهزية القتالية والتكنيكية واللوجستية للقوات المسلحة.

إن النظريات الحديثة، كنظرية " الحرب المحدودة"، و "الحرب الشاملة"، و "الردع المرن "، و " الردع المتدرج "، وغير ذلك من النظريات التي ولدت في عصر الذرة، وانتعشت في أجواء الحرب الباردة السالفة، ما هي، في جوهرها، سوى تعبير عن تبعية أساليب خوض الحرب للسياسة.

ولا تحدد سياسة الدولة الأغراض الرئيسية للإستراتيجية العسكرية فحسب، وإنما تعمل لخلق الشروط والعوامل اللازمة والكافية لتنفيذ هذه الأغراض. إذ إن السياسة، وهي التي تملك في حوزتها كل الوسائط، قادرة على استنفار وتعبئة الموارد البشرية والمادية كافة لتأمين حاجة القوات المسلحة. ولهذا، فإن السياسة تستوعب مطالب الإستراتيجية العسكرية وحاجاتها وأفكارها ومفاهيمها وأسسها لتصل، بالتالي، إلى تحقيق توافق وتنسيق وانسجام بين الأغراض من جهة، وبين القوى والوسائط المتوافرة من جهة أخرى.

وتتجلى خصائص الصلة الوثيقة المتبادلة بين السياسة والإستراتيجية العسكرية خلال الحرب بتحول مركز الثقل للصراع السلمي من شكله السلمي إلى الشكل الحربي. وبذلك تستبدل السياسة السيف بالقلم، حيث يبدأ نوع جديد من العلاقات.

وفي زمن الحرب، تؤثر المفاهيم والأفكار الإستراتيجية العسكرية على السياسة ذاتها، حيث تحظى العوامل العسكرية بأهمية حاسمة، مما يدعو السياسة إلى أن تلائم أعمالها وتنسقها من أجل بلوغ الأغراض التي حددتها الإستراتيجية العسكرية، والتي ستؤدي، في نهاية المطاف، إلى بلوغ الأغراض السياسية من الحرب. ومن الطبيعي أن ينشط خلال الحرب الصراع الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي، إلا أن أشكال الصراع السياسي تصبح متعلقة تعلقا كاملا بأشكال الصراع المسلح.

وتختار السياسة، منطلقة من تقدير الموقف العام، اللحظة المواتية لبدء الحرب، آخذة بعين الاعتبار بصورة حاسمة "الفكرة الإستراتيجية". وبقدر ما يكون اختيار لحظة بدء الحرب صحيحا، يتاح المجال أمام الإستراتيجية العسكرية لبلوغ نتائج حربية جيدة، فتنجني السياسة بذلك الثمرات المطلوبة.