رسالةُ المريضِ الأَخيرِ إلى غيره

رسالةُ المريضِ الأَخيرِ إلى غيره
        

منْ عَديدِ الأَسَابيعِ,
لا تَطلعُ الشمسُ من شُرفتي.
وأُوزّعُني في المسَافةِ مَا
بينَ مِقعَدِ نَفسي
وبينَ صَفيرِ المراكبِ في البحرِ,
قبلَ يحينُ الغَرَقْ. 
أَتداولُ حُزنَ الزواجِ الضَروريّ,
بينَ أَصابعِ بنلوبَ والصُوفِ,
لا تَنتهي من حياكتِهِ,
وَهي تَرجعُ كلَّ صبَاحٍ,
إلى المبتدَأْ
ألزَمانُ صَدَأْ! 
وطوالَ الأَسابيعِ,
أَقرأُ دَوْرَ الغُزَاةِ على الأَرضِ,
هذا النُزوعَ إلى قَشْرِ أَسمائها,
وعلاماتها وأرى..
رُبما يَدفعونَ إلى البيتِ,
منْ فِرَقِ الموتِ وَاحدةً,
لتجيءَ برأْسِ الوريثِ الوحيدِ,
عَلى طَبَقٍ بعدَ هذا الغَسقْ 
بِتُّ مُستَوحِشاً
لا وَظيفَة لي خَارجي
غيرَ أنَّي أُعلِّلني:
الغُزاة على الأَرضَ يَطغونَ
ثم يَغورُونَ فيها.
وأَمَّا رقاعُ أَليسَا
فَما عادَ لي من رقاعِ أَليسَا
سِوى قَطَراتِ العَرَقْ 
إذْ تَسيلُ الأَسابيعُ عنّي
تَسيلُ كَعَادتِها وأَنا
في سَريري المريضُ الأَخيرُ,
أُنازِعُ قلبي, وأَكبَحُهُ في الورَقْ

 

محمد القيسي   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات