حدث في حوض عائم

دخلت سفينة حربية إلى حوض في ترسانة (روسيث الملكية, باسكتلندا, ودخل في إثرها سرب ضخم من أسماك شبيهة بالسردين. ويبدو أن السرب كان أضخم مما يمكن أن يتحمله الحوض, فسرعان ما استهلكت الأسماك كل غاز الأوكسجين الذائب في مياه الحوض, غير المتجددة, شبه الراكدة, فاختنقت, ونفقت, وغطت الأسماك الميتة سطح الحوض, ثم لم تلبث أن اختفت.

          لقد غاصت الأسماك النافقة, وغطت 300 ألف متر مربع, هي مساحة قاع حوض ترسانة روسيث.

          وكانت كمية الأسماك الميتة ضخمة, حتى أنها صنعت طبقة من (الجثث), بلغ ارتفاعها قدماً واحدة, على اتساع الحوض, ولم تلبث الروائح المنفّرة, المنبعثة من الأسماك المتحللة, أن تصاعدت, وكانت كثيفة, فامتد تأثيرها إلى مناطق سكنية في محيط خمسة أميال من موقع ترسانة روسيث الملكية الاسكتلندية, فتحرك الرأي العام ضد إدارة الترسانة, التي كان عليها أن تتخذ إجراءات سريعة, لوقف انتشار هذه الروائح, بالتخلص من مصدرها.

          وكان أمام المسئولين عدة حلول, استبعدوا معظمها, وبينها الحل الكيميائي, إذ وجدوا أن معالجة أكثر من مليوني متر مكعب من المياه - حجم الحوض - مسألة مكلفة جدا, وتتطلب جهداً ووقتاً غير متوافرين, بالإضافة إلى أن تبعات المعالجة الكيميائية للمياه أمر محفوف بالمخاطر, فالكيماويات التي تستخدم في مثل هذه الحالة قد تمثل - بذاتها - مصدر خطرجديداً على حالة مياه الحوض.

          كما استُبعِد الحل (الآلي), لتجميع جثث الأسماك, فالكمية ضخمة, وقد قدِّر حجمها بنحو 100 ألف متر مكعب من بروتين هذا النوع من الأسماك سريع التحلل, وكانت الإدارات المسئولة عن الأمن البيئي في اسكتلندا قد أبدت تخوفها من تأثير هذه المخلفات الفاسدة على صحة السكان والبيئة, في حالة عدم توفير الطريقة المناسبة للتخلص منها.

           وأخيراً, وقع الاختيار على أسلوب مستحدث, تقدمت به إحدى الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية, وفيه يتم التخلص من مثل هذه المواد الملوثة باستخدام سلسلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية, تقوم فيها أنواع من البكتيريا والإنزيمات بدور العامل المساعد, وتنتهي هذه السلسلة باستعادة الكتلة المائية الملوثة لحالتها من الاتزان في محتواها من الأملاح الذائبة, ومن الكائنات الدقيقة العالقة بها (البلانكتون), فيتوقف انبعاث الرائحة. والمهم في ذلك, أن العملية تتم مع ضمان الأمان, فلا ملوثات كيميائية إضافية.

          وقد تم الحقن بالمواد المعالجة (محلول خاص, يحمل البكتيريا والإنزيمات), من خلال (مدفع) قائم على (طوف) يحمل خزانات هذا المحلول, مع نظام ضخّ قوي, سهَّل مهمة المعالجة, التي استغرقت ثلاثة أيام. وفي اليوم الرابع, انعدمت الرائحة.

فكرٌ طفيليٌّ!

          أمضى الباحث الكندي, الدكتور (دانيال بروكس), جانباً كبيراً من حياته العملية يدفع عن الطفيليات الاتهام بالدناءة, ويحاول تبديد التصوّرات الخاطئة الشائعة عنها, زاعماً أنها كائنات جديرة بالإعجاب, فإن أنت واجهته بأن الكائن (العائل), في الأغلب الأعمّ من الحالات, مصيره الموت تحت وطأة الطفيل, يرد - ببساطة - قائلاً إن الطفيل لا يسعى إلى قتل عائله عامداً متعمدا, فمن مصلحته أن يبقى العائل صحيحاً معافى!

          الأكثر من ذلك, أن الدكتور بروكس يرى أن تاريخ الحياة على سطح الأرض قد كان - في معظم فصوله وتحولاته - صراعاً بين الطفيل والعائل, اشتمل على سباق للتسلّح, إذ كان على كل منهما أن يسعى لتحقيق أهدافه, مستعيناً بالمتاح من الأسلحة, وكلما نجح العائل في إيجاد ثغرة في دفاعات الطفيل, سارع الأخير بتدعيمها (هل أنت متابع لمعركة مضادات الحيوية الدائرة في أيامنا هذه؟).

          وتشارك الدكتورة مارلين زوك, أستاذ علم الحياة, بجامعة كاليفورنيا, الدكتور بروكس حماسه للطفيليات, وهي ترى أن تأثير الطفيليات على الحياة أعمق مما نتصور, فهي قادرة على تغيير سلوكيات وأسلوب حياة الكائنات الحية, بل وتتدخل - أحياناً - في تحديد ملامح الجسم وألوانه, وتسوق لنا الدكتورة زوك مثالاً طريفاً, فهي تعتقد أن تخطيط جلد الحمار الوحشي كان ضرورة لتفادي هجمات ذبابة (تسي تسي), التي تعيش على دماء الحيوانات, في الوسط والجنوب الإفريقيين, وتنقل إليها طفيلاً أوّليّا, هو (تريبانوسوم), الذي يسبب مرض النوم عند الإنسان وبعض الحيوانات, وتبدأ أعراضه بالحمى والأنيميا, وينتهي - غالباً - بموت الضحية. فتلك الذبابة المرعبة لها القدرة على تمييز الأسطح ذات الألوان الداكنة, فتختصها بهجماتها المركّزة, من هنا, كان تخطيط جسم الحمار الوحشي حيلة للتمويه على ذبابة (تسي تسي) لتتضاعف فرصة الحمار في النجاة من لدغاتها القاتلة!

          وتتصور الدكتورة جريتا سميث, أستاذ علم الحيوان, بجامعة هاواي, أن الطفيليات تبني خططها الخاصة لتحمي وجودها, وقد تكون هذه الخطط على درجة عالية من التعقيد, يصعب معها التصديق بأنها من ترتيب هذه الكائنات, التي نصفها بـ(الدنيئة), لتدني ترتيبها في سلم التطور, لقد اكتشفت الدكتورة جريتا نوعاً من الديدان المفلطحة, يعيش متنقلاً بين عائلين بحريين: الأول, ثابت, هو الشعاب المرجانية, والثاني, متحرك, هو سمكة الفراشة, التي تعيش بين هذه الشعاب. وتبدأ الدودة المفلطحة بغزو (الحجرات) الدقيقة, التي تعيش بها حيوانات المرجان, وتستقر بداخلها, وتأخذ في النمو. ويبدو الأمر كما لو أن الدودة أوقعت نفسها في مأزق, بدخولها - مختارة - هذا (السجن), في بنية الشعاب المرجانية الجيرية الصلبة. غير أن للدودة رأياً آخر, فقد كان ما قامت به خطوة ضرورية, لتضمن لنفسها الحياة في وسط غني بالغذاء الشهي, يأتيها سهلا, تتقاسمه مع حيوان المرجان. فماذا تفعل, الآن, وقد حان موعد انتقالها إلى الضيف الثاني؟... وليس من سلوكيات سمكة الفراشة أن تجرش الشعاب, كما أن الدودة - التي تضخّم حجمها - لا تملك أن تنفذ من ثقوب الشعاب, لتصل إلى السمكة, وإن هي نفذت, فقد تضيع في المياه المالحة وتموت, أو تتعرض للافتراس من كائنات أخرى, غير تلك السمكة الفراشة, التي لا تكتمل دورة حياة الدودة إلا بالمرور خلال قناتها الهضمية. فما العمل؟!

          إن الدودة المفلطحة (توعز) - كيميائياً - إلى المراجين أن تلفظها, فتدفع بها إلى أسطح التكوينات المرجانية في هيئة (بثور), أو (عقد), ذات لون وردي جذّاب, تميزها عيون أسماك الفراشة, فتسرع إليها, وتقتلعها بفكوكها الحادة, وتبتلعها, ويكون في ذلك منتهى أمل الديدان, فقد اكتملت دورة الحياة!

          وفي سبيل ضمان اكتمال دورة الحياة - ضمان البقاء في خريطة الحياة والأحياء - تنزع أنواع من الطفيليات إلى التأثير على السلوك الاعتيادي للعائل, وتغييره, ليعمل في مصلحتها.. فهذا نوع من الديدان, يغطي رأسه إكليل من الشوك, يتطفل على الصرصور, فيعيش بداخله زمناً مقدّرا, وعليه - بعد ذلك - أن ينتقل إلى فأر أو حيوان لبوني آخر, يأكل الصراصير, لتستكمل الدودة بقية أطوار حياتها.

          إنها لا تستطيع أن تخرج لتنتقل - بمعرفتها هي - إلى العائل الثاني, فهي لا تدخل إلى جوف هذا العائل إلا مع الصرصور, فإذا كان الأخير حراً, يمتلك زمام أمره, ويستخدم قدراته الاعتيادية في الإفلات من براثن العائل الثاني (الحيوان اللبوني), فإن الدودة هالكة لا محالة!

          هنا تتجسّم وتبرز قضية الطفيل: أنا, أو الصرصور؟!

          إن الدودة تسعى, وقد تحددت معالم الصراع, إلى تجريد الصرصور من وعيه بقيمة الخطر المحدق به, فتؤثر بعض إفرازاتها على الجهاز العصبي للصرصور, فيفقد قدرته على الاستجابة السريعة في المواقف التي تهدد حياته, فإذا اقترب منه حيوان يريد افتراسه, ضاعت القدرة على التصرف, وتباطأ في الفرار, وغاب في جوف العائل الثاني للدودة, تذيبه عصاراته الهاضمة, فتتحرر الدودة, معلنة انتصارها في معركة إدارتها بحذق!

          ومما يؤكد أن الطفيليات (تعي) ما تفعل, وتحكم خططها لتضمن استمرارها في منظومة الحياة, ما يرويه أحد العلماء (المفتونين بهذه الكائنات), عن نوع من (القراد), يتطفل على نوع من الفراشات, ولكن سلوكه التطفلي لا يجعله يضحي بالعائل, بل يحرص كل الحرص على صون حياته, كما أكّد لنا, فيما سبق, الدكتور دانيال بروكس!

          إن الطفيل (القراد) يستحب العيش في آذان الفراشات. ولقد لاحظ ذلك العالم, على مدى 40 عاماً من الدراسة, أن القراد لا يحتل من الفراشة سوى أذن واحدة, تاركاً الأخرى سليمة فعّالة, ولم يحدث, ولو لمرة واحدة, أن وجد أذني فراشة مصابتين بالقراد المتطفل, ولمّا تقصّى الأمر, وجد أن الفراشة تتحسس طريقها باستقبال وتفسير موجات فوق صوتية, تصل إلى أذنيها من الوسط المحيط بها, فإن هي فقدت صلاحية الأذنين إذا سدّهما القراد, صارت صمّاء عمياء, وتخبطت في طريقها, وكانت فريسة سهلة لكائن آخر يعتبرها غذاءه المفضّل, هو الخفّاش, فـ(رأى) القراد أن يكتفي بأذن واحدة, مأوى له, لتبقى الأخرى عاملة!

          قد يبدو القراد, بهذا السلوك, رحيماً بالفراشة, والحقيقة أنه - بالدرجة الأولى - يصون وجوده هو, فإن الخفاش إذا اقتنص الفراشة, لن يبتلعها وحدها!

قصّة الأوزون

          الثابت, تاريخياً, أن بداية الالتفات إلى ما يحدث لطبقة الأوزون كانت في منتصف عقد السبعينيات من القــرن العشــــرين, عنــدما تشكـــك بعـــض العلـــمـــاء فـــي أن نواتـــج تحلــل المركّبــــات (الكلورو فلورو كربونية), في الطبقة الجوية العليا, تتفاعل مع غاز الأوزون, فتستهلك جزءاً كبيراً منه, فتقلل من سمك تلك الغلالة الواقية. ولم تتأكد تلك الشكوك إلا في منتصف العقد التالي, لما نشرت أبحاث جديدة, قدّمت أدلة قاطعة على وجود المشكلة. وفي العام 1985, بالتحديد, تمكن علماء محطة الأبحاث البريطانية, بالقارة القطبية الجنوبية, من وصف الاضمحلال الذي يحدث في طبقة الأوزون, فوق تلك القارة المتجمدة, وقالوا إن عمود الأوزون, البالغ ارتفاعه تسعة كيلومترات, والممتد بين الارتفاعين: 22 كم, و13كم, فوق سطح الأرض, ينقص بمقدار النصف, خلال ستة أسابيع من فصل الربيع, فتبدو طبقة الأوزون وكأنّ بها ثقباًً!

          وكانت تلكم أول مرّة يتردد فيها مصطلح (ثقب الأوزون) بين المهتمين بهذه المشكلة.

          وقد استقرّ لدينا الآن تفسير لما يحدث للأوزون, في ربيع القارة القطبية الجنوبية, حيث الانخفاض الشديد في درجة الحرارة, وحيث تجتاح القارة رياح قوية, تهب من الشرق إلى الغرب, وتتخذ صورة العواصف الشديدة, بالإضافة إلى عوامل مناخية أخرى, تحول دون اختلاط كتلة الهواء المنتشرة في طبقات الجو العليا بكتلة الهواء الموجودة عند الارتفاعات المتوسطة, فتقضي على فرصة تعويض نقص الأوزون, في أي من الكتلتين, بأوزون من الكتلة الأخرى. ولعل ذلك يفسر عدم تعرض طبقة الأوزون, في القطب الشمالي, للنقص الشديد نفسه, الذي لحق بها عند القطب الجنوبي, فمتوسط درجة الحرارة شتاء, وربيعا, في القطب الشمالي, أعلى منه في القطب الجنوبي, بالإضافة إلى أن العواصف الشديدة لا تستمر طوال شتاء القطب الشمالي. إن ذلك لا يعني أن طبقة الأوزون في النصف الشمالي للكرة الأرضية بعيدة عن التهديد, فثمة دلائل تشير إلى أن تركيب طبقات الجو الدنيا, في شمال الكرة الأرضية, يضطرب في فصل الشتاء, ويشهد نشاطاً كيميائياً ملحوظاً, يرى فيه العلماء علامات أولية لنشاط مدمر يلحق بطبقة الأوزون. كما أن ثمة نقصاً في الأوزون رصده العلماء عند خطوط العرض المتوسطة, تبلغ قيمته 8%, ولاتزال أسبابه غير مفهومة تماماً, وإن ظهرت ثلاثة تفسيرات لوجوده: الأول, أن يكون السبب هو فقدان الأوزون الواقع فعلاً في المناطق القطبية, واحتمال أن تكون كتل هوائية خالية من الأوزون قد تحرّكت من تلك المناطق, واستقرّت في الطبقة الجوية العليا, عند خطوط العرض المتوسطة. أما التفسير الثاني, فيميل إلى تصوّر انتقال كتل هوائية, نشطة كيميائياً, من المنطقتين القطبيتين, لتختلط بطبقة الأوزون عند خطوط العرض المتوسطة, فيؤدي النشاط الكيميائي فيها إلى تحطيم الأوزون. وفي التفسير الثالث, يُعزى تحطّم الأوزون عند خطوط العرض المتوسطة, في نصف الكرة الشمالي, إلى وجود مركبات كلورينية غازيّة, في الطبقة الجوية العليا, تتفاعل مع الأوزون في وجود أيروسول من حمض الكبريتيك.

          إن هذه التغيرات الحادة, الواقعة في طبقة الأوزون, تؤثر على أنظمة دوران الهواء الجوي على سطح الكرة الأرضية, وذلك لأن الأوزون يمتص الأشعة فوق البنفسجية والأشعة المرئية, فيسخن الهواء عند تلك الارتفاعات الكبيرة, بينما تؤدي الأشعة النافذة إلى الأرض من خلال طبقة الأوزون إلى تسخين سطح الأرض, فتنشأ الدورانات الهوائية الطبيعية, فإذا نقص الأوزون, قلت كمية الحرارة التي تمتص في طبقات الجو العليا, وزادت كمية الحرارة التي تصل إلى سطح الأرض, فتضطرب أنظمة دوران الهواء, وتختل أحوال المناخ الأرضي.

          كما ثبت أن التغيرات التي تطرأ على درجة حرارة الجو ترتبط بالتغير في سمك طبقة الأوزون, فقد سجلت ملاحظات العلماء أن درجة حرارة الشريحة السفلى من الطبقة الجوية العليا, في القارة القطبية الجنوبية, ترتفع - ببطء - في فصل الربيع, وبداية الصيف, ولم يكن هذا الارتفاع معروفا قبل ظهور (ثقب الأوزون) فوق تلك القارة, وهذا يعني أن استمرار تدهور أحوال الأوزون في تلك المنطقة قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في درجة الحرارة, مع ما يحمله ذلك من تهديد بذوبان الغطاء الجليدي للأنتاركتيكا.

          ويجب أن يكون واضحاً لدينا أن الأخطار لا تأتي من نقص الأوزون, فقط, بل إنها قد تنجم من زيادته في الشريحة السفلى من الطبقة الجوية العليا, وفي الطبقة الجوية الوسطى, حيث أنه يعتبر أحد الغازات المسببة لظاهرة (الدفيئة), أو (بيت النباتات الزجاجي) مثله في ذلك مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان.

          وتبين للعلماء أن الأوزون يتأثر بالمناخ الأرضي, فالتغيرات التي تحدث في أحوال المناخ يتبعها تغيرات في توزيع الأوزون وكميته, وبخاصة في الشريحة السفلى من الطبقة الجوية العليا (ستراتوسفير), حيث يتركز معظم أوزون الغلاف الجوي للأرض. وعلى سبيل المثال, فقد لوحظ أن زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو عمل على تبريد الطبقة الجوية العليا, مما يخلق وسطاً غير ملائم للتفاعلات الكيميائية التي تحدث في تلك الطبقة, وتنتهي بتفكك جزيء الأوزون, كما أن التغير في التركيب الحراري لكل من الطبقة الجوية العليا والطبقة الجوية الدنيا, التي نعيش فيها, على سطح الأرض, يمكن أن يغير أنظمة الرياح السائدة في الشريحة السفلى من الطبقة الجوية العليا, فيعمل - بالتالي - على تغيير كمية الأوزون بها, وذلك لأن الأوزون يمكث مدة طويلة في تلك الشريحة, مادامت دورانات الرياح مستقرة في أنظمتها السائدة, فإذا تغيرت هذه الدورانات, نتيجة لتغير التركيب الحراري, توقعنا تغيراً ملموساً في عمود الأوزون.

أمن العالم في أمن الماء!

          يقدِّر الخبراء الحد الأدنى من الاحتياجات المائية الضرورية (الشرب - الطهي - الاستحمام والنظافة) بخمسين لترا, للفرد, في اليوم الواحد, أما الحد الأدنى من الماء, الضروري (لمجرد العيش), فقد تم تحديده بخمسة لترات في اليوم, للفرد الواحد, في المناطق معتدلة المناخ, وفي حالة قيام الفرد بأنشطة متوسطة, غير مجهدة.

          فإذا تركنا التقديرات النظرية, إلى مستويات الاستهلاك الواقعية, وجدنا تبايناً فادحاً, فهذا هو الحد الأدنى لاستهلاك الفرد في الولايات المتحدة الأمريكية, على سبيل المثال, ويبلغ 250 لتراً (يدخل فيها بند رش الحديقة), إنه يقلُّ إلى 104 لترات في هولندا, ويتدنى إلى أربعة لترات ونصف اللتر في جامبيا!

          والمتابع لأحوال المياه على سطح كوكبنا المثقل بمشاكل وأزمات سكانه, يصاب بالحيرة, وربما بالدوار, أولا, لأن الإحصائيات تتعدد مصادرها, فتتفاوت الأرقام فيها تفاوتا ملحوظاً, وثانياً, للإحساس بشدة وطأة أزمة المياه, وتعقدها, إذ تتداخل فيها خيوط طبيعية, وأصابع سياسية, وتوجهات اقتصادية مختلفة الصبغات, فيبدو الأمر وكأننا في متاهة حقيقية, لا أحد يعرف - يقيناً - من أين نبدأ, وإذا بدأنا, فهل هذا هو الطريق الصحيح, وهل ينتهي بنا - حقا - إلى انفراج الأزمة؟

          ها هو المسئول العالمي الأول عن أحوال البشر, (كوفي عنان), الأمين العام للأمم المتحدة, يعلن, في (يوم الماء العالمي) للعام 2002, أن عدد من يموتون - كل سنة - بسبب الأمراض الناجمة عن قلة الماء أو فساده, يزيد على خمسة ملايين إنسان, وهو عدد يساوي عشرة أضعاف ضحايا الحروب.

          ويستمر (عنان) في (ضخِّ) ما وفّرته له إداراته من أرقام, فيتوقع أنه - بعد ربع قرن من الآن - سيعيش ثلثا سكان العالم في أوطان تعاني نقصا مؤثرا, أو شحا خطيرا في الموارد المائية. إن هذا التوقع يخصّ - في المقام الأول - سكان المناطق شبه الجافة, في آسيا وإفريقيا, حيث سيكون على سكانها, وعددهم بليونان وسبعمائة مليون إنسان, مكابدة الفقر الشديد في مصادر المياه.

          وينعى (عنان) على البشر سوء تصرفهم, وعجزهم عن إدارة مواردهم المائية, حتى وصل الحال إلى حدّ أنّ بليوناً ومائة مليون إنسان يعيشون معنا الآن, ويفتقدون المياه الصالحة للشرب. وينهي (عنان) بيانه إلى شعوب الأرض, في (يوم الماء), بالتحذير من أن التنافس العنيف على الموارد المائية يزكي نار التخوف من أن تمثل قضايا الماء, في المستقبل المنظور, بذوراً لأزمات عنيفة, تهدد أمن العالم.

 

  







حقن مياه الحوض بالمحلول المعالج




طفيل هو المسئول عن تخطيطه بهذه الهيئة




رأس دودة متطفلة




يكتفي القرادة بأذن واحدة.. لمصلحته هو




سرطان الجلد سببه اضمحلال غلالة الأوزون




في القارة القطبية الجنوبية كانت بداية قصة الأوزون




كوفي عنان, الأمين العام للأمم المتحدة