عزيزي القاريء

  عزيزي القاريء
        

 رمضان والصوم العربي        

          نستقبل رمضان هذا العام بقلوب واجفة, فهذا الشهر الذي جعله الله علامة فارقة بين كل الشهور, لنستعيد فيه صفاء نفوسنا, ولتخشع فيه قلوبنا, يأتي وسط دواع من الألم والحسرة, ووسط فرقة عربية لم نشهد لها نظيرا, فمن ناحية لا تكف طبول الحرب عن الضجيج دافعة بالرعب والخوف في قلوب كل أهل المنطقة, ومن ناحية أخرى تمارس آلة القتل الإسرائيلية عملها الدءوب في اغتيال كل ما يخص الشعب الفلسطيني, فتقتل أطفاله, وتغتال قادته, وتهدم مدنه, بل وتقتلع أشجار زيتونه, يأتي رمضان شهر الرحمة والمودة, وقد نزع العالم الرحمة من قلبه وأصبح شاهدا متواطئا على كل ما يحدث, بينما صام عالمنا العربي عن الفعل تماما ولم يعد يفطر إلا على مزيد من العجز. إن النشوة الروحية التي يستحضرها هذا الشهر الفضيل تتراجع أمام قلوب مثقلة بهموم السياسة, ولعل القارئ سوف يلحظ ذلك في التأملات الرمضانية التي افتتح بها رئيس التحرير هذا العدد, ويشير المقال إلى أن الشهر الذي يعده الجميع بداية للدين الإسلامي, دين الوحدة والتوحيد, يقبل على المنطقة العربية وقد أصبحت رخوة تماما, بل وعرضة لكل مشاريع التقسيم والتنبؤات الشريرة.

          ولا تتوقف (العربي) عند اللحظة الراهنة بكل ما فيها من ألم,ولكنها تعود إلى عبق التاريخ لتستحضر ذكر بعض من مدن التاريخ الإسلامي, مدينة القدس التي باركها الله, عندما كانت تحتفل بشهر رمضان شأنها في ذلك شأن أي مدينة إسلامية حرة, لعل درس التاريخ يعطينا الأمل في أن تتغلب هذه المدينة على قيود الأسر وأن تعود إلينا حرة, مفتوحة القلب لكل الأديان, وان ينحسر عنها مد الاستعمار الصهيوني كما انحسر عنها المد الصليبي في العصور الوسطى. كما ترحل (العربي) إلى مدينة طليطلة لتستعرض صفحات من أندلس العرب الزاهر, ثم تتواصل رحلة (العربي) إلى زمننا الحاضر لتلقي بعضا من الضوء على شيء من جهود بعض الشخصيات العربية المعاصرة, فهي تجري حوارا مهما مع الدكتور طه محمود طه راهب الترجمة الذي رحل عنا قبل أن يرى هذا الحوار النور والذي نذر الكثير من سنوات عمره لينقل إلى العربية عملا من أشد الأعمال الأدبية المعاصرة تعقيدا وغموضا. وتلقي الضوء على الفنان السوري الشامل رفيق السبيعي, كما تقدم تحيتها للمخرج السينمائي الشاب رضوان الكاشف الذي اختطفه الموت بعد أفلام قليلة العدد وكثيرة الجوائز. كما تزور مستشفى غريبا من نوعه في دولة الإمارات, كل زبائنه ومرضاه من الصقور. ولا تتوقف جولات (العربي) في عوالم الفكر والثقافة, لعلها تعطي القارئ الصائم متعة عز عليه أن يجدها في الأحداث التي تدور من حوله

 

المحرر