تجنب أخطار حوادث الصغار

تجنب أخطار حوادث الصغار
        

للصغار رب عظيم يحميهم, لاشك في ذلك, لكن هذا لا يبرر ذلك الغياب لأي معايير عربية للسلامة تحيط بأطفالنا. وبرغم أن المعايير المدروسة في هذا المجال وليدة ثقافة مغايرة, فإن الاطلاع عليها مفيد, للتبصُّر, والاختيار, وربما الإضافة.

          ليس العالم آمنا بالنسبة إلى الأولاد إلى الدرجة التي نظن. ففي دراسة شملت ستة وعشرين بلداً, أجراها صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف), تبين أن الحوادث هي السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى موت الأولاد في البلدان غير الفقيرة في العالم. فالإصابات الناتجة عن الحوادث تتسبب في أربعين في المائة من وفيات الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وأربع عشرة سنة في البلدان التي شملتها الدراسة, أي ما يعادل عشرين ألف وفاة سنويا.

          الحوادث هي أحداث فجائية تسبب الأذية أو حتى الموت. وهي لا تحدث هكذا. فغالبا ما يتسبب الناس بها عن طريق التصرفات أو العادات غير الآمنة, أو عدم إدراك المخاطر التي يمكن أن تنتج الأذى, وذلك في البيت, الشارع, المتجر, أو أي مكان آخر يرتاده الإنسان. يقول أحد الخبراء (الحوادث هي المجرى الطبيعي للأمور لغالبية الناس الذين يعيشون الحياة بالتجربة, بلامبالاة, واعتباطيا. ولكن الحادثة هي خطأ. الحادثة هي النتيجة النهائية لحركة خاطئة, قرار خاطئ, تفكير خاطئ والتي ما كانت لتحدث لو جرى استعمال الحس السليم, البصيرة, بجانب مقدار معين من التخطيط). وفيما يقع الكبار ضحية إهمالهم الخاص. غالبا ما يسقط الصغار ضحية لامبالاة الآخرين).

          ومع ذلك, يقول الخبراء الدوليون في السلامة إنه يمكن تجنب تسعة من عشرة حوادث تصيب الأطفال. كيف? بنشر التوعية والتثقيف في مجال السلامة. يقول لينكولن فريري, رئيس الجمعية البرازيلية لطب الأطفال: (إن حوادث الأولاد يمكن تجنبها. فالأعمال الحكومية في القرنين الماضيين قد خفضت نسبة الوفيات بسبب الإسهال, الاعتلالات التنفسية, والأمراض الخمجية), لذلك يمكن أن تخلص الوقاية من الحوادث نفوسا أيضا.

في البيت

          تقول الوكالة الأمريكية الفيدرالية للطوارئ: (منذ القدم خاض الإنسان الحروب. ولكن, ثبت أن البيت هو المسرح الذي يتعرض فيه الناس, وخصوصا الصغار, أكثر من أي مكان آخر للحوادث - فنصف الأضرار التي تقع عرضا تحدث في البيت). وفي تفسير ذلك, ذكر ناطق باسم الجمعية الملكية البريطانية للوقاية من الحوادث:(عندما نكون في العمل أو على الطريق, نبقى متيقظين, أما في البيت فلا نحسب حسابا لشيء).

          فقد أظهرت إحصاءات المستشفيات للسنة الماضية, التي تصدرها وزارة التجارة والصناعة في بريطانيا, أن: (ثمانين شخصا كانوا يقتلون كل أسبوع بسبب حوادث منزلية, أي أكثر من الذين ماتوا في حوادث السير). وفي فرنسا (يفقد خمسة عشر ألف ولد كل سنة بسبب الحوادث في البيت). والرضع والأطفال حتى عمر خمس سنوات يؤلفون المجموعة الأكثر تعرضا للخطر. فما أنواع المخاطر في البيت? وكيف يمكن تجنبها?

          1- في العديد من البلدان, تحتل السقطات المركز الأول بين الحوادث التي يتعرض لها الأولاد في البيوت. ففي الولايات المتحدة, بعد حوادث السيارات, السقطات هي السبب الرئيسي للكسور الوجهية. وهي تؤدي إلى أربعة ملايين ضرر وخمسة آلاف وفاة في السنة. وفي نيوزلندا, تسبب السقطات الأذى لسبعة آلاف ولد (حوالي واحد في المائة من أولاد البلد) كل سنة. والأماكن الخطرة حيث تقع معظم السقطات هي: الأدراج, الجليد, السجادات, وأحواض الحمام. والغالبية العظمى من السقطات ليس من ارتفاعات عالية, كتلك التي تصنع الأخبار أحيانا, ولكن قرب الأرض تماما عند قدمي المرء. وتدرج القائمة التالية الأسئلة التي تنبه الأهل إلى الأخطار التي يمكن أن تسبب السقطات:

  • هل الدرج مضاء جيدا, لا توجد أشياء مكومة عليه, ومجهز ببوابات أمان?
  • هل كل الدرجات والممرات الخشبية مصانة جيدا?
  • هل هنالك قضبان أمان للنوافذ والفتحات?
  • هل قضبان أمان سرير الطفل قريبة من بعضها البعض بما فيه الكفاية?
  • هل كل السجادات, بما فيها الموضوعة على الأدراج, مثبتة جيدا أو لها ظهر غير منزلق?
  • هل رتبت قطع الأثاث أو حبال الستائر أو لعب الأطفال بحيث لا تعترض سبيل الأولاد?
  • هل أغلقت الجوارير وأبواب الخزن بإحكام?
  • هل تم مسح بقع أو بقايا الماء, الزيوت, والشحوم من أرض الحمامات والمطبخ?
  • هل تم الانتباه إلى عدم وضع أصص الزهور على عتبات النوافذ أو الأماكن المماثلة?

          2- الحروق: في الولايات المتحدة, يتعرض طفل واحد للحروق كل ثلاث دقائق, وفي اليابان كل عشر دقائق. وفي الواقع, يعيش الطفل اليوم في بيت مليء بأخطار الحروق. فعندما يترك الأهل الطفل وحده في البيت, يمكن أن يتعرض الولد لحادث بأسرع من فرقعة إصبع. فكيف يمكن حماية الأولاد من مخاطر الحروق? هذا كشف ببعض الإرشادات:

  • هل هناك كاشفات الدخان أو الحرارة مثبتة في مكانها الملائم - واحد في كل غرفة على الأقل - ومصانة بشكل ملائم?
  • هل علب الكبريت والسوائل القابلة للاشتعال بعيدة عن متناول الأطفال?
  • هل مقابض القدور بعيدة عن حافة موقد الغاز?
  • هل هنالك مطفأة حريق ملائمة في المطبخ يعرف الأولاد كيف يستعملونها?
  • هل المكواة, المشواة, ومصففة الشعر الساخنة بعيدة عن متناول الأطفال?
  • التخطيط كعائلة لمسلكي نجاة على الأقل في حال نشوب حريق وحددوا مسبقا مكانا للالتقاء خارج البيت.
  • يجب أن يعرف الطفل قاعدة الأفعال الثلاثة عندما يلتقط النار: (1) قف, لا تركض, (2) انبطح على الأرض, و(3) تدحرج مع ثني المرفقين عند الجانبين وتغطية الوجه باليدين. فهذا سيخمد النيران, يحول دون تشوه الوجه, ويمنع الغازات الحارة من حرق الرئتين.

          3- المواد السامة: يدرج التسمم بين الأسباب الأكثر تكرارا للحوادث المنزلية. ووفقا لدراسة أجرتها وزارة الصحة والإنعاش: (شهدت اليابان أخيرا ازديادا ملحوظا في عدد الأطفال الذين هم في (سن الدبيب) ويبلعون سموما). وفي الولايات المتحدة, يذكر تقرير أعدته وكالة السلامة والصحة, أن (حبوب الحديد, التي تتناولها نساء كثيرات لمعالجة فقر الدم, والتي كثيرا ما يبتلعها الأطفال, هي السبب الرئيسي للموت الناتج عن التسمم بين الأولاد دون السادسة من العمر). وفي الصين, نحو نصف كل المواد السامة التي يتناولها الأطفال تشمل سجائر.

          وتظهر الأبحاث في هولندا أن: (مجموعة من المواد الكيميائية (الفتالات) المستعملة عموما لتليين لعب الأولاد هي أخطر بنحو 20 مرة مما كان يظن سابقاً). إن مركبات الفتالات توجد في الحلقات البلاستيكية التي يعضها الأطفال في أثناء ظهور أسنانهم وفي اللعب الأخرى التي يعضها الأولاد الصغار, وأن هذه المواد الكيميائية تتسرب بسهولة إلى اللعاب. يصرح البروفيسور جايمس بريدجز, وهو عالم بريطاني مكلف من اللجنة الأوربية بدراسة المشكلة, محذرا: (أظهرت الاختبارات أن الجرعات الكبيرة من مركبين شائعين للفتالات يمكن أن تسبب سرطان الكبد والكلى, وتقليص الخصيتين). والأولاد الصغار خصوصا هم الأكثر عرضة للخطر لأن (وزنهم الخفيف, نموهم الجسدي وتعرضهم المحتمل لهذه المواد يجعلهم نسبيا أكثر حساسية للمواد الكيميائية). وقد حظرت ثمانية بلدان حتى الآن استعمال المواد الكيميائية في اللعب, وتستعد ثلاثة بلدان أخرى للقيام بذلك.

          ولحماية الأولاد من مخاطر حوادث التسمم من المفيد أن يهتم الأهل بالتدابير التالية:

  • إبقاء الفيتامينات والأدوية في خزانة مقفلة أو بعيدا عن متناول الأولاد.
  • التأكد أن لعب الأطفال لا تحتوي على مكونات سامة عند شرائها.
  • الإبقاء بعيدا عن متناول الأطفال كل أعقاب السجائر والرماد التي تترك في العلب المعدنية للمشروبات أو في المنافض التي تحتوي على سائل.
  • التأكد من أن النباتات المنزلية لا تحتوي على أزهار, أوراق, أو سوق سامة.
  • حفظ مواد التنظيف, مبيدات الآفات والحشرات, والمواد السامة الأخرى في خزن مغلقة.

          4- الجروح: لا يعي الأطفال الصغار المخاطر الناجمة عن المواد والأجهزة الحادة والمستدقة الأطراف. لذلك, من المفيد الاهتمام بالتوصيات التالية:

  • إبقاء قطع الزجاج, السكاكين, المقصات, وأسياخ الشواء بعيدة عن الأطفال.
  • فحص اللعب وإبعاد تلك التي لها حواف مستدقة أو حادة.
  • إبقاء معدات الاعتناء بالحديقة المنزلية بعيدا عن متناول الأطفال.
  • التخلص من العلب والحاويات المعدنية أو البلاستيكية التي لها حواف حادة.

          5- الأسلحة النارية: كل يوم يموت نحو ثمانية أولاد, أي حوالي ثلاثة آلاف في السنة - نتيجة لإطلاق النار في الولايات المتحدة. والإصابات غير المميتة للأسلحة النارية يقدر أنها أكبر بخمس مرات. فعندما يوجد سلاح ناري في البيت, يكون السلاح الناري سهل المنال. والأولاد معرضون لخطر كبير ليس فقط لأنهم معتادون ألعاب الأسلحة النارية التي تشبه الشيء الحقيقي, بل لأنهم متأثرون بالاستعمال العرضي والمألوف للأسلحة النارية في الأفلام السينمائية وعلى التلفزيون. وأولاد قليلون يعرفون كيف يستعملون الأسلحة النارية على نحو آمن, وعندما يصابون بأذى يعاني الأولاد ضررا أكثر, إذ إن أعضاءهم الداخلية مجموعة على نحو متراص أكبر ولديهم نسبيا رأس أكبر مما للراشدين. ولحماية الأولاد من حوادث الأسلحة النارية يجري نصح الأهل:

  • بعدم شراء سلاح ناري أو الاحتفاظ به في البيت.
  • إذا كان وجود السلاح في البيت محتما, فيجب إبقاؤه بعيدا عن الأطفال.
  • توعية الأطفال بأن الأسلحة النارية معدات خطرة جدا وتسبب الموت. لأن الأولاد يمكن أن يلهوا بها في بيوت رفقائهم.

في الخارج

          1- السيارات: وفقا للإدارة الوطنية لسلامة السير على الطرقات العامة في الولايات المتحدة, تكون حوادث السير السبب الرئيسي لموت الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وأربع عشرة سنة. تقول الإدارة: (بين الأولاد الذين يموتون في حوادث السير, أكثر من خمسين في المائة يكونون غير موثوقين بوسائل الأمان. بالإضافة إلى ذلك, يكون أربعة من أصل خمسة أولاد غير موثوقين جيدا).

          إن حزام الأمان هو الطريقة الأكثر فعالية لإنقاذ الحياة عند تحطم سيارة. إنه يضاعف احتمال النجاة. وبالنسبة إلى الركاب الصغار, تزداد نسبة النجاة ثلاثة أضعاف تقريبا إذا استعملوا كراسي الأمان للصغار. وينصح الخبراء في مجال سلامة المرور الوالدين بالانتباه إلى الإرشادات التالية:

  • المقعد الخلفي هو المكان الأكثر أمانا لكل الأولاد.
  • لا ينبغي أن يجلس الأولاد في المقعد الأمامي حتى يبلغوا الثالثة عشرة من عمرهم على الأقل. فالأكياس الهوائية المخصصة للركاب في المقاعد الأمامية يمكن أن تسبب إصابات خطيرة للأولاد الأصغر سنا والأطفال.
  • ينبغي أن يوثق الأطفال في كرسي أمان مواجه لمؤخرة السيارة وأن يوضع هذا الكرسي في المقعد الخلفي.
  • يمكن وضع ولد لا يقل عمره عن السنة ووزنه عن تسعة كيلوجرامات في كرسي مواجه لمقدمة السيارة.
  • عندما يبلغ وزن الولد ثمانية عشر كيلوجراما يمكنه الجلوس على كرسي يرفعه فوق مقعد السيارة, وينبغي أن يكون هذا الكرسي موثقا بحزام الحضن وحزام الكتف.
  • عندما يوضع الكرسي الذي يرفع الولد فوق مقعد السيارة, لا يمكن لحزام الحضن وحده أن يزود الحماية الكافية إن لم يكن الكرسي مزودا بحزام أمامي يحول دون اندفاع الولد إلى الأمام.
  • لا تظنوا أن حزام الكتف كاف بحد ذاته لحماية ولد صغير. فعند وقوع حادث, قد يشق الحزام عنق الولد, مسببا أذى بالغا, حتى الموت.
  • اتبعوا الإرشادات بدقة عندما تضعون أو تستعملون كراسي الأولاد. فحتى أكثر الكراسي التي تزود الحماية قد لا تحمي ولدكم إذا لم تستعمل بالطريقة الصحيحة.
  • عندما يبلغ وزن الولد ستة وثلاثين كيلوجراما وطوله مائة وأربعين سنتيمترا تقريبا, يمكنه الابتداء باستعمال حزام الأمان.

          2- الدراجات: السنة الماضية, قتلت الحوادث نحو سبعمائة من الأولاد راكبي الدراجات في ألمانيا, مع أربعة وستين ألفا آخرين أصيبوا بأذى. وقد شمل النصف تقريبا إصابات في الرأس والدماغ. والأولاد بين ست سنوات وأربع عشرة سنة من العمر هم الأكثر عرضة للخطر. ويظن أن خوذ الدراجات كان يمكن أن تخفف خطورة نصف هذه الإصابات أو تمنعها كليا. ولكن الخوذ يمكن أن تكون فعالة أكثر أيضا. واستنادا إلى منظمة الصحة العالمية (إن الاستعمال الشامل للخوذ من قبل راكبي الدراجات الأولاد يمكن أن يمنع ما قدره وفاة واحدة كل يوم وإصابة واحدة في الرأس كل أربع دقائق. والأولاد خصوصا يستفيدون من لبس الخوذ, لأنهم على الأرجح يكابدون إصابات في الرأس خطيرة أكثر من الراشدين)

          3- عربات التسوق: يتخذ الأهل المسئولون احتياطات معقولة عندما يقودون سياراتهم مع أولادهم فيشدون لهم الحزام من أجل سلامتهم حتى لو كانت الطريق قصيرة إلى متجر البقال. لكن قد يدرك قليلون نوعا آخر من أخطار السير التي يواجهها الأطفال عندما يصلون إلى المتجر. فقد لاحظت طبيبة إسعاف أخيرا أنه في سنة 1991 وجب إدخال نحو تسعة عشر ألف ولد دون الخامسة من العمر أقسام الطوارئ في المستشفيات في الولايات المتحدة بعد أن سقطوا من عربات المشتريات. ووجد الباحثون أن معظم حالات الأولاد المتأذين يحدث عندما يترك الآباء أولادهم مع عربات التسوق أو فيها دون صحبة. لذلك وافقت أخيرا اثنتان من الشركات الأمريكية المهمة التي تصنع عربات المشتريات على تركيب أحزمة أمان للأولاد في كل العربات التي يتم بيعها في نيويورك وتكساس. وتحذر أيضا لافتات في العربات الوالدين من ترك أولادهما دون أن يكون معهم أحد.

كلمة أخيرة

          طبعا, يمكن إضافة الكثير من صيغ (افعل هذا) و(ولا تفعل ذلك) إلى القوائم المدرجة في هذه المقالة. ولكن تلك النقاط تكفي لإيضاح مبادئ السلامة الكامنة خلفها. ومما لاشك فيه أنه لا يكون لمبادئ السلامة مغزى إلا عندما يؤمن الناس بها. فعندما يقول الأهل: (لن يحدث ذلك لأولادي), يكون أولادهم ضحايا محتملين للحوادث.والنقطة الأساسية التي يجب أن يبقيها الأهل في أذهانهم هي أن الحوادث نادرا ما تنجم عن ظروف لا يمكن تجنبها. إنها تنشأ عن نقص المعرفة, الشروط غير الآمنة, واللامبالاة. نعم, سواء كان الأولاد في البيت, في الشارع, في المتجر, أو في أي مكان آخر, فهم معرضون دائما لشتى أنواع الحوادث. ولتخفيض هذه المخاطر يجب أن يُعلن للأولاد (أوامر بسيطة لكن ثابتة) بخصوص ما يجب تجنبه.

 

عروبة إبراهيم يوسف   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات