عزيزي العربي

عزيزي العربي
        

قضية ماذا يخبئ الاستنساخ?

          بالأمس القريب تناولت مجلة (العربي) موضوع الاستنساخ البشري, ففي العدد 463 يونيو 1997 كان التساؤل: هل يستنسخ البشر? وسألت نفسي عدة أسئلة, ألم يستطع الأطباء أن يزرعوا قلبا بشريا? ألم يزرعوا كلية? ألم يزرعوا رئتين للإنسان? ونحن الآن نعيش عصر الكمبيوتر, عصر الإنترنت, عصر هندسة الجينات, عصر أطفال الأنابيب. إذن فما المانع من أن يستنسخ البشر? - ففي شهر يوليو العام 2002 أعلن عالم الجينات الإيطالي (سيغيرينو أنتينوري) عن وجود خمس حالات حمل استنساخي بشري وهي منتشرة في خمس دول من العالم من بينها دولة إسلامية لم يحدد اسمها على أن يبصر الأطفال النور, في بداية 2003 ومنذ ذلك الحين استمر التسابق بين الجهات العلمية المتطورة والمتفرقة وفي السابع والعشرين من شهر ديسمبر 2002 أعلنت شركة (كلونيد) عن ولادة أول طفلة مستنسخة أطلقوا عليها (حواء).

          ونستعرض الآن بعض التواريخ المهمة في الاستنساخ وصولاً إلى النعجة (دوللي) وكان من أهم إنجازات العصر في هندسة التناسل: نجح كل من (روبرت بريكز) و(توماس لينج) بنسخ أول ضفدعة من خلايا أبو ذنيبة 1952 وفي عام 1962 تمكن (جون جردون) من نسخ ضفادع من خلايا بالغة من أبوذنيبة وفي عام 1978 وُلدت أول طفلة انتاخ للإخصاب الخارجي (لوس) أول طفلة أنابيب.

          وفي عام 1983 نجح العلماء في نقل الأجنة من رحم إلى آخر في البشر وفي عام 1986 حملت (ماري بيث) طفلة من أبوين آخرين إلى أن تمت الولادة ولم تنجح في الاحتفاظ بها قانونياً وفي عام 1978 تمكن العلماء من نسخ الأبقار والأغنام من خلايا الأجنة, وفي عام 1997 نجح (إيان ويلمون) في استنساخ النعجة (دوللي) أو الدمية.

          ولكن السؤال المهم جدا كما ورد في العدد 532 مارس 2003, هل يُسمح باستنساخ البشر? أولا الاستنساخ البشري من الأمور المتفق على تحريمها في جميع الشرائع الدينية لما فيه من تعد على الفطرة الإنسانية والحياة الآدمية وهو سبيل إلى إضاعة النسل البشري عن طريق التوالد الذي هو أصل تكاثر النسل الطبيعي, إذن الاستنساخ جناية على بني آدم وهو دسيسة شيطانية, فكيف يُستنسخ من خلية واحدة عدة أفراد يحملون جميعاً مواصفات واحدة لا تتميز بعضها عن بعض فكيف تعرف المرأة زوجها أو الزوج امرأته.

          نخلص من ذلك كله إلى أن جميع الهيئات العلمية والشخصيات الإسلامية ومجامع الفقه الإسلامي تحرم الاستنساخ.وفي مصر أكدت أعلى هيئة إسلامية أن استنساخ البشر حرام قطعاً وذلك غداة إعلان (الطائفة الرائيلية) عن ولادة أول طفلة مستنسخة وأصدر مجمع البحوث الإسلامية في الجامع الأزهر بالقاهرة الذي يعتبر أكبر مرجع ديني في العالم الإسلامي فتوى جاء فيها أن استنساخ الإنسان حرام يجب التصدي له ومنعه بكل الوسائل وأكد نص الفتوى أن الاستنساخ يعرض الإنسان الذي كرمه الله لأن يكون مجالاً للبحث والتجربة وإيجاد أشكال مشوهة وممسوخة, وقد صدرت هذه الفتوى قبل إعلان العالمة الفرنسية والعضو في طائفة الرائيليين (بريجيت بوسيلييه) ولادة طفلة سميت حواء والفتوى تشدد على أن الإسلام لا يعارض العلم النافع بل يشجعه ويحث عليه ويكرم أهله أما العلم الضار الذي لا نفع فيه أو الذي يغلب ضرره على نفعه فإن الإسلام يحرمه ليحمي البشر من أضراره.

          إذن حرمت جميع الأديان الاستنساخ ولننتظر ماذا تخبئ لنا الأقدار في بداية الألفية الثالثة وكيف سيكون حال الإنسان?

خالد فاضل عوض
دكرنس - مصر

استفسارات

          جاء في العدد 533 - المحرم 1424هـ - أبريل 2003م في مقال الدكتور أبو بكر خالد سعدالله (شال يسيء.. ويعتذر) ما يلي:

          (يتضح هنا أن شال من أولئك الذين كانوا يعتقدون أن العرب والمسلمين هم الذين قاموا بحرق مكتبة الإسكندرية حيث اعتقد الناس... الخ).

          إنني أرجو من الكاتب تزويدي بالمعلومات الآتية:

          1 - المؤرخون العرب الذين ذكروا قصة الحريق - أسماؤهم وأسماء كتبهم والعصر الذي وجدوا فيه.

          2 - يقول كاتبنا (لكننا نعلم اليوم بعد التحريات والأبحاث التي أجريت حول مكتبة الإسكندرية أن هذه المكتبة لم تكن موجودة كمكتبة عندما فتح العرب مصر).

          ما هي نوعية الأبحاث والتحريات التي تمت في هذا الموضوع (أسماء الباحثين وأسماء أبحاثهم وسنوات صدورها أو طبعها ودور النشر التي يمكن طلبها منها خصوصا إذا كانت في مجلات متخصصة أو دورية).

صلاح منجي
كنج مريوط - الإسكندرية

واستفسارات أخرى

          في السطر الأخير من العمود الأول بالصفحة 147 من العدد 533 أبريل سنة 2003 من مقال الدكتور أبو بكر خالد سعدالله وردت عبارة (جوزيف لوفيري 1811 - 1877 مكتشف كوكب نبتون)

          في الصفحة 25 من كتاب استكشاف الفضاء تأليف كينيث وجاتلاند ترجمة د.عزيز فريصة. وردت المعلومات التالية تحت صورة أوربين جين جوزيف لوفيريير: 1811 - 1877 الفرنسي الذي كان متخصصاً في اصطياد الكواكب قام بدراسة المذنبات والتغيرات التي تطرأعلى مساراتها بسبب جاذبية الشمس والأجرام الأخرى وقد أدت دراساته هذه إلى اكتشاف نبتون وفي الصفحة ذاتها وردت المعلومات التالية:

          (نبتون آخر الكواكب الضخمة اكتشفه جالي ودي آرست الفلكيان بمرصد برلين عام 1786 بعد أن تنبأ كل من الفلكيين لوفيريير الفرنسي وآدم الإنجليزي بطرق رياضية عن موضع وجوده).

          في الصفحة 1821 من الموسوعة العربية الميسرة وتحت كلمة نبتون وردت المعلومات التالية:

          (... وقام جون كاوتش آدمز ويوربان جين جوزيف ليفرييه بحساب مواقعه, عثر عليه يوهان جال 1846...).

          في ضوء المعلومات أعلاه نرجو من الدكتور أبو بكر - كاتب المقال أن يوضح لنا:

          1 - من هو المكتشف الحقيقي لكوكب نبتون (مع اسمه بالأحرف اللاتينية).

          2 - وفي أي سنة تمّ الاكتشاف, وأين?

رياض الحارس
دمشق - سوريا

عصفور في قفص ذهبي

          بالإشارة إلى ما ورد في مقالة د.جلال أمين, (كيف ندرك الوجه الإنساني للتنمية) بالعدد 530 يناير 2003 أود أن أشير إلى اعتراض الكاتب على استخدام كلمة (الإنسانية) بدلاً من (البشرية) في تقرير الأمم المتحدة وأيضاً اعتراضه على عدم إدراج عنصر مستوى الدخل في التقرير.

          في رأيي أن كلمة (إنسانية) معبرة عما يحتويه التقرير من نتائج. فهي تعبر عن الحالة المعنوية وشعور الإنسان بكرامته وحريته لذا فقد تم الاهتمام بإيراد كلمة الحرية في هذا التقرير. ولو استخدموا كلمة (بشرية) لكان ذلك خطأ منهم حيث أنهم لم يدرجوا متوسط دخل الفرد.

          إن هذا يسوقني إلى طرح أسئلة منها: هل يتم توزيع الدخل توزيعا عادلا في وطننا العربي? وهل يحصل كل ذي حق على حقه?

          ثم كيف نطالب إذن بأن يدرج متوسط الدخل في التقرير للتعبير عن مدى تقدمنا وهو أصلاً مقياس غير معبر بالمرة. مع الأسف أنا أرى أن الغرب يعرف حقيقتنا أكثر منا نحن.

          إن الحرية هي التي تقودنا إلى التقدم وإلى رفع مستوى المعيشة, هذا فضلاً عن باقي العناصر المذكورة في التقرير - حيث إن عنصر الحرية بطريق غير مباشر يعمل على رفع مستوى المعيشة من خلال رفع المستوى الفكري والعلمي والثقافي مما يزيد الإنتاج والذي يصب في النهاية برفع الدخل.

          ولنفترض أن كل هذا غير صحيح بالمرة وأن الدخل يوزع توزيعاً عادلاً فما قيمة أن يكون الإنسان غنياً دون حرية وأن يعيش أيضاً في ظل حكم استبدادي تحولت فيه الجمهورية إلى ملكية والملكية إلى مُلك وحُكم وملء بطون وعيش قصور دون اللجوء إلى المشورة الحقيقية في الأمر. إننا في ظل هذا التصور سنعيش كالعصفور في قصر ذهبي. 

باسم أحمد الورداني
أحد خريجي الجامعات
القاهرة - مصر

وتريات

ذاك العهد

يا حبيبي أين ذاك العهد منا?!

يوم كُنَّا..

يوم كُنّا..

نتعاطى منه ما نهوى وكُنَّا..!

كفراشاتٍ على الزهر تغني

تُطْرِبُ الأسماع باللحن تغني

وتُعِيْدُ الصوت لكن دون دنِ

دون حرفٍ, دون قافٍ دون وزنِ

هكذا كُنَّا وكان الحب أحلى:

ما نظمنا.. ما كتبنا

بل وأحلى ما رسمنا

ما سمعنا, ما لبسنا..

كان أحلى ما عشقنا

هكذا كُنَّا وكان الليلُ

كان يحيينا دويًا

... يطوينا سويًا

كان يهوانا إذا ما النجم نادانا عليًا

كان يهوانا رويًا

كان يشدو حين نشدو

... صوته كان نديًا

عجبًا كيف افترقنا

بعدما كنا سويًا

وأضعنا حُلْمنا.. هل كان حُلْمًا أبديا..?

ذلك الحلم الذي ضاع ووّلى عبقريا

يا تُرى قل.. يا تُرَى..?َ

هل كان حُلْما عربياً?!

دائماً يذهب أدراج الرياحْ!

دائماً يحبسه القوم مزاحْ!

كان حلماً عربياً

كان صوتاً أبجدياً

كان لونًا قرمزيًا

يتبدَّى لحظة أو لحظتين..

ساعةً أو ساعتين..

ليلةً أو ليلتين..

... ثم يمضي عربياً 

يا حبيبي:

هل إلى الحب طريقٌ

قل أجبني..

إنني أسأل دوماً

يا حبيبي أين ذاك العهد منا...?!

يوم كُنَّا...

يوم كُنَّا...

نتعاطى منه ما نهوى وكُنَّا..  

حفيظ بن عجب الدوسري
الخرج - السعودية

على بابك

على بابك...

كتبتُ الشعر ألوانا.

فمن سجع بلون البحر منثورٌ

ومن نثرٍ

بلون التبر أحيانا.

على بابك..

سكبت دمي

ليغدو الحبر في قلمي

وقلتُ لقلبي المصلوب

بين الرأس والقدم

إذا جُرِعت بحر الصبر

لا تجزع.

على بابك..

وقفتُ أراقبُ الأيام

رأيتُ دقائق الساعات

مقصلة..

تقص العمر والأحلام.

أنا المفتون في أعماق أعماقي

على بابك...

رمَتني كل أشواقي.  

محمد عبدالواحد الكميم
اليمن

قصتان

احتفال المشنقة

          نظر إلى الأفق الأرجواني بنظرة ملؤها التوسل والاستعطاف ثم زفر زفير الثاكل, في صدره تعتمل أمواج من الأحاسيس المتنافرة, هو الآن وحيد يقضي أيامه يلوك حزنه الدفين لا زوجة ولا متاع, رابض في هذا الكوخ الحقير, يهتف به مناد من أعماقه أن مد يدك إلى الناس, لكنه يقمع هذا النداء بصرامة تظهر على ملامحه وهو يفكر بصمت, أيمد يده بعد أن كان له شأو كبير, بعد أن كان جميع أهل القرية تحت إمرته, لا, لا...

          كان قد تسلل خفية إلى هذا الخراب يجر أذيال الخيبة, حتى الطعام لم يحمل معه إلا ما وفى بجوع ربع الطريق, أما البقية فقد قطعها مستعينا على جوعه وعطشه بما جادت عليه به الأرض والغدران, يتذكر صوت زوجته أميمة (الزمن لا يقهر يا سيف إن له عوادي تُطيح بهامات الرجال) الآن فقد عاد رنين تلك العبارة إلى أذنيه كما لم يسمعه من قبل, كان سيف إذا ما خلا بأميمة استسلم لنصحها, لكن إصغاء فقط, لم يجرؤ يوما على تطبيق ما تشير عليه به. كان سيدا في قومه مهووسا بجمع المال, والويل لمن يقف في طريقه كان الحكم بينه وبين من عصاه من الجلد إلى القتل الشنيع, لا يهم من قتل أو كيف المهم سعادته هو. سيف يأخذ حقه أو ما ليس بحق بحد سيفه لا غير. لم تستطع أميمة يوما أن ترفع صوتها بحضرته, كانت تهيئ الكلام وترصُفه طويلا قبل لفظه.. رعب يمشي على الأرض.. لم ينجب منها ولم يتوان عن قذفها بهذه (التهمة), كانت في سرها ناقمة على أفعاله مشفقة عليه من غدر الزمن.

          أينك الآن يا أميمة? تنحدر من مقلتيه عبرتان ملتهبتان محملتان بعصارة الأسى والضيم, والندم أجل الندم, لو لم يكن طاغية لما نكل به الزمن ورمى به في قرار سحيق.. لا يلتفت إلى المارة إلا لماماً كانت نظراته مصوبة إلى الأفق البعيد.. تدلت لحيته وشاربه وملأت الأتربة أسماله الخلقة, لم يعد يفكر في الاعتناء حتى بوجهه الذي أصبح مليئا بالنتوءات والأغوار, لم يكن يوما بهذا الضعف.. لم يظن أنه سيأتي اليوم الذي ينحى فيه عن مركزه تحت رعب التهديد.. وممن? يا للحسرة.. ويا لغدر الأيام كان قد استسلم للنوم يوما بين أثاثه الفاخر عندما تسلل إلى القبيلة تحت جنح الظلام طريده السابق (شاهين) الذي كان سيف قد أهدر دمه منذ خمس سنوات لمجرد أنه طلب الزواج من ابنة أخيه.. عاد بعد غيبة طويلة وقد ازداد قوة ورجالا من حوله عاد كي ينتقم لنفسه ولأهل القبيلة جميعا من ذاك المارد فكلف أعوانه كي يحموا ظهره ويضمنوا سلامته حتى يصل إلى سيف لينكل به بيديه.. في الصباح استيقظ أهل القبيلة فلم يروا السيف البتار كما اعتادوه في عرينه, رأوه حربة مطوية مشوهة. تحلق القوم حوله غير مصدقين فلما التفتوا إلى القائم على رأسه بادرهم هذا الأخير بقوله: (أجل يا قوم فعلتها. كفاكم ضيما, كم من حياة ستعيشون). كادت أعينهم تخرج من أحداقها وهم يطوفون بالرجلين, فيما كانت مخيلاتهم تبحر في توقع نوع القتلة التي سينالها سيف, أما أميمة المسكينة فأخذت تولول في وجه زوجها (ألم أحذرك ألم أقل لك إن الأيام تنتقم لنفسها, نصحت لك فلم تعبأ فلتهنأ بموتك) كان شاهين حليما جدا مع سيف فقد حكم عليه بحكم مخفف جدا عن المتوقع, وعما ناله منه هو, حكم عليه بمغادرة القبيلة وألا يأخذ معه شيئا من ماله أو متاعه ولا حتى زوجته وإن عاد قتل شر قتلة وأمام الملأ.

          كان قد بلل لحيته من البكاء عند تذكر هذه اللحظات, هو لن يفكر بالرجوع قطعا.. نظرات القوم لن تنسى.. شماتة لا يتحملها عقله ولا فؤاده.. ظل شاحبا يبكي وينظر إلى الأفق لم يبك يوما ولا حتى على فقد حبيب وها هو يذرف الدمع الآن بسخاء.. لم تكن علامات الشحوب لتطغى على وجهه طوال هذا اليوم الأخير فقد أخذ يضحك بصوت علا في آخر النهار لمدة طويلة مغتبطا. ماذا? أيكون قد جُن? كلا لقد تألقت في ذهنه فكرة ظلت تختمر فيه حتى طفت إلى السطح.. إنها فكرة الزحف نحو الموت! لم يعد هناك ما يغري بالبقاء حيا. ظل لساعات فاغرا فاه يسترجع الأيام المشرقة من حياته, ثم استسلم إلى استذكار لحظات خلعه وطرده من القبيلة مصحوبة بالدموع.. ثم تهلل وجهه فأسلم عنقه إلى المشنقة التي أعدها منذ أول النهار. 

عبداللطيف ساسيوي
الريصاني ـ المملكة المغربية

اعتقال فرحة

          الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد).

          قالها جبران منذ زمن, ووضعتها نصب عينيّ أنّى اتجهت أسوة بالفيلسوف الألماني (كانت) إذ كان يضع أمامه لوحة لبيت انهدم ويقول: (فلسفتي كانت وسوف تبقى دائما كيف أبني ما انهدم, فلا شيء يغريني بالبناء.. إلا رؤية مثل هذه الخرائب). وبعد صراع مرير مع الأهل حول مستقبلي, قررت أن أدرس في معهد الفنون الجميلة قسم الديكور.

          تقول أمي بلهجتها الشامية: (الفن ما بيأكل خبز).

          لكن الرغبة بداخلي جامحة.. بفئوس إرادتي سأحطّم أسوار اليأس أمامي, وأحول كل شوكة بطريقي إلى ياسمينة.

          سعيد أنا بتفوقي في الدراسة, كيف لا وأنا من الأوائل, ورغم رأي أهلي بدراستي إلا أن دموع أمي ساعة نجاحي أثارت جدلاً بداخلي..!

          ما أروع الأمهات!

          أعترف بمرارة الانتظار بعد التخرج..

          كيف.. متى.. أين أجد عملا??

          لا أحتمل نظرات السخرية.. يوم.. أسبوع.. شهر.. سنة مرّت بحلوها.. ومرها حتى جاءني صديق عزيز وبين يديه بطاقة دعوة.. صاحبها شخصية مرموقة ومن لا يعرف (علي الثري) إنسان لديه ثروة من المال ليست بالقليلة, اتفقت مع سكرتيره على ابتداء العمل بناء على علمي.. وعملي بعالم الديكور إنها فرصتي الذهبية.. سأعالج والدتي سأكسر مرايا الحزن المتعجرفة.. وأبخّر الصقيع.. مذوباً حقد الثلوج المترامية على أطراف بساتيني الصغيرة.

          الكل سعيد في البيت.. سيتحسن حالنا.. سنسحق غلال الفقر ونمسح التعاسة.. ونصهر كل صخور اليأس.

          أقلب جريدتي المفضلة ككل صباح.

          عنوان بالخط العريض.

          (ببالغ الحزن والأسى انتقل إلى رحمة الله) (الثري علي).

          تنهدت طويلا.. (وحطيتْ إيدي على خديْ.. وعدّيتْ بالثانية).

          خروج أمي من الحمام لكي أسألها.

          (هل الفن الذي لا يأكل خبزا... أم الحظ)? 

خالد بوكراع
سوري مقيم في الجزائر

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات