إسرائيل دمرت مرجان خليج العقبة أحمد الشربيني

إسرائيل دمرت مرجان خليج العقبة

ذات يوم كان المرجان على امتداد شواطئ منتجع إيلات على خليج العقبة نقطة اجتذاب للسائحين, خاصة هواة الغطس منهم, الذين كانوا يتوافدون عليها لمشاهدة أحد أجمل الحيود المرجانية في العالم وأكثرها روعة وغنى وتنوعا حيويا.

واليوم, بات مرجان إيلات على شفا الانقراض التام وأخذت الأسماك الملونة شبه الشفافة في الاختفاء بسبب ما يصفه خبراء البيئة بأنه صناعة مزدهرة لاستزراع الأسماك في مياه المنطقة.

ويقول عالم بيئة إسرائيلي ذو سمعة دولية, ومتخصص في شئون الحيود المرجانية, هو البروفيسور يوسي لويا: (إن المنطقة كانت واحدة من أجمل الحيود المرجانية في العالم ويعرف الجميع ذلك. إنها لؤلؤة ومن المؤلم للغاية أن نراها تموت أمامنا).

ويقول خبراء البيئة العالميون إن مرجان إيلات سيختفي تماما من الوجود ما لم تقم الحكومة الإسرائيلية على الفور بإغلاق شركات الأسماك التي تستزرع سنويا خمسة ملايين سمكة في أقفاص وتعمل بلا تصاريح.

ويقول البروفيسور لويا: (إننا في الساعة الحادية عشرة, ولم يبق أمامنا إلا برهة من الزمن لإنقاذ المرجان).

لكن شركات الأسماك تنكر أي علاقة مباشرة لها بدمار المرجان.

والحقيقة أن الحيد المرجاني تعرض لتدمير مستمر منذ سنوات عدة, مع تحول إيلات ومنتجع العقبة الأردني المجاور من مجرد بلدتين صحراويتين منعزلتين إلى مزارين سياحيين مزدهرين.

ويقول الخبراء إن التدمير الواسع بدأ مع العام 1993 بعد أن بدأت شركات استزراع الأسماك في إنتاج أسماكها بكميات كبيرة.

وفي الوقت الذي كان من المفترض فيه أن يتوالد فيه المرجان بعد أن بدأت محطة صرف في معالجة مخلفات إيلات, تسارعت معدلات تدمير المرجان وانخفضت معدلات توالده إلى درجة الصفر تقريبا.

أما ما حدث بين العامين 1993 و2000 فهو زيادة هائلة في عدد أقفاص تربية الأسماك, وزاد إنتاجها من 300 طن إلى ألفي طن سنويا. وهذه الأسماك تفرز النيترات, والنيترات هي العدو الأول للمرجان, حيث تجعل مياه البحر أكثر إظلاما وتمنع بالتالي ضوء الشمس الذي يعد عاملا جوهريا لبقاء المرجان.

والمشكلة أن خليج العقبة يصنف على أنه قليل التغذية oligotrophic (وهو تعبير علمي ينسحب على البحيرات العميقة الصافية ذات الإمدادات التغذوية المنخفضة, مع مستويات عالية من الأكسجين المذاب وشحة في المادة العضوية), حيث لا يوجد فيه نيتروجين على الإطلاق.

ومن المعروف أن المرجان ينمو في البحار الفقيرة في النيتروجين. وعندما يزيد البشر مستوى النيتروجين فإنهم يغيرون البيئة. ومع بيئة شديدة الحساسية والهشاشة مثل البيئة المرجانية, فإن هذا قد يعني تدمير قدرة المرجان على التوالد.

ويقول خبراء إن النيترات التي تفرزها الأسماك المستزرعة تقدر بنحو 250 طنا سنويا. وكان تقرير أعده للحكومة الإسرائيلية فريق من خبراء البيئة الدوليين, قد وجد أن أقفاص الأسماك مسئولة عن نحو 90 في المائة من النيترات التي تدخل البحر حول إيلات.

وقال التقرير: (إذا حسبت كمية النيترات التي تدخل المياه, فإنها تعادل ما تنتجه بلدة يعيش فيها ثلاثون ألف نسمة. وهي قنبلة إيكولوجية موقوتة).

وقد رصد التقرير تدهورا في صفاء وجودة المياه في منطقة الحيد المرجاني في إيلات في السنوات الأخيرة. وهو ما أدى إلى فقدان التنوع الحيوي فيه, وانكماش الغطاء المرجاني, وتراجع معدلات توالده وازدياد حاد في معدلات موته.

وأشار التقرير إلى أنه في العام 1996, كان 70 في المائة من مرجان إيلات على قيد الحياة و30% ميتا, بينما انقلبت الآية الآن فقد مات 70 في المائة من المرجان ولم يبق منه سوى 30 في المائة.

لكن شركات الأسماك وأنصارها يقولون إنه لا ينبغي إغلاق هذه الصناعة المزدهرة المربحة قبل العثور على أدلة قاطعة على أنها هي التي تقتل المرجان.

لذا فإن د. باروخ رينكيفيتش, من (معهد بحوث الحر والمياه العذبة), الذي طورت وحدة الاستزراع البحري فيه أقفاص الاستزراع السمكي وتملك حقوق اختراعها, يقول: (لا يوجد أي بحث يؤكد وجود علاقة مباشرة بين أقفاص الأسماك ودمار مرجان إيلات).

لكن خبراء البيئة يقولون إن الأمر قد يستغرق عدة سنوات لإنهاء الدراسات التي ستثبت بشكل قاطع أن أقفاص الأسماك مسئولة عن تدمير مرجان خليج العقبة. والأسوأ من هذا أنه عندما سيتم الانتهاء منها سيكون مرجان خليج العقبة قد اختفى إلى الأبد. والحقيقة أن فكرة العلاقة بين التركيز العالي للنيترات وتدمير الحيد المرجاني تحظى بقبول واسع بين عماء البحار. وهناك الكثير من المؤشرات والدلائل على صحة هذه العلاقة.

والواقع أن مرجان ساحل خليج العقبة على طول شاطئ شبه جزيرة سيناء في مصر يبدو أحسن حالا بكثير مقارنة بمرجان إيلات رغم ازدهار الأنشطة السياحية فيها كما أن مدينة العقبة الأردنية تصرف مخلفاتها إلى الخليج بعد معالجتها.

وفضلا عن ذلك, شهدت مناطق إيلات التي يمنع الغطس فيها تراجعا حادا في مرجانها, وبالتالي فإن المشكلة ليست السياحة. فميناء إيلات لم يشهد تقريبا أي حوادث تسرب لمركبات الفوسفات, أو النفط الخام أو أي مواد أخرى, كما أن تسربات مياه الصرف الصحي نادرة وقليلة جدا.

ومن هنا فإن العامل الوحيد الذي لا نجده في ساحل سيناء أو ميناء العقبة في الأردن هو صناعة استزراع الأسماك الضخمة المزدهرة في إيلات لدي المحتل. وهي المتهم الوحيد حتى الآن.

أوربا تتشدد مع الكيماويات الضارة

قدمت المفوضية الأوربية مقترحات لتشديد معايير استخدام المواد الكيماوية. وفي حال إقرارها في شكل قانون فإنه سيتم فرض قواعد أكثر صرامة على استخدام المواد الكيماوية التي تدخل في العديد من المنتجات المنزلية.

وبحسب مسودة القانون سيتعين على الشركات أن تعلن عن بيانات أساسية عن المواد الكيماوية التي تقوم بإنتاجها. وسيتم إخضاع حوالي 30 ألف مادة كيماوية للاختبارات لإثبات أمانها في حال إقرار هذه الاقتراحات العام 2005.

واعتبر القانون الجديد والمعروف باسم ريتش (تسجيل وتقييم وإجازة المواد الكيماوية) الأعلى أهمية منذ 20 عاما. وسيعمل القانون الجديد على تغيير ضوابط استخدام الكيماويات بشكل كامل.

وستضطر شركات المواد الكيماوية, للمرة الأولى, إلى إخضاع المواد التي تقوم بإنتاجها للفحص الرسمي قبل الحصول على ترخيص بإنتاجها.

وفي الوقت الحالي يتم إخضاع 10 في المائة فقط من المواد الكيماوية الموجودة بالسوق لمثل هذه الاختبارات الصارمة, وهناك قلق من أن المنتجات المنزلية العادية ربما تحتوي على مواد ضارة.

وقال ديفيد بوي عضو البرلمان الأوربي إن: (المواد المستخدمة يوميا مثل الكمبيوتر والأقمشة والمنظفات وحاويات الطعام ربما تحتوي على أنواع مختلفة من المواد الكيماوية التي لم تعرف تأثيراتها بعد).

وأضاف: (تبدو الاختبارات المعملية المستخدمة على مدى الأعوام الأربعين الماضية غير مجدية إلى حد كبير الآن). وسيحدد القانون الجديد المواد الكيماوية التي لها أضرار محتملة, مثل تلك المواد التي تسبب السرطان أو تدمر الجينات, وسيصنفها على أنها (مواد عالية الخطورة).

ومن أهداف القانون الجديد التأكد من أن مثل هذه الكيماويات تنتهي تدريجيا وتستبدل بها بدائل أكثر أمانا.

لكن بعض أنصار هذا المشروع يقولون إن القواعد الجديدة ليست كافية, وتشعر بعض جماعات الضغط أن القانون الجديد خطوة مهمة لكنها ترى في الوقت ذاته أن الضوابط ليست محكمة بما فيه الكفاية.

ولا ينص القانون الجديد على حظر أي مادة يتم تصنيفها على أنها شديدة الخطورة بشكل آلي.

وبدلا من ذلك سيتعين على الشركة المنتجة لتلك المواد أن تبدي (تقييدا مناسبا) بشأن إنتاجها وتداولها.

وقال أوليفر نوليس من منظمة السلام الأخضر وأحد نشطاء حملة مكافحة المواد السامة: (قلقنا يتمثل في أن الشركات ستستمر في إنتاج مواد كيماوية ضارة). وأضاف: (هذا يرجع إلى أن الاقتراحات لا تحدد ما تعنيه بأساليب تحكم مناسبة).

ويتمثل أحد الإجراءات التي تريد جماعات الضغط رؤيتها على أرض الواقع في (بديل إلزامي) ويعني وجود التزام قانوني على الشركات يقضي بأن تستبدل بالمواد الكيماوية الخطيرة أخرى آمنة.

لكن المنتجين يقولون إن هذه الإجراءات ربما تتسبب في تقليص كبير في الناتج الاقتصادي للدول وتسريح ملايين العاملين نظرا لأن الشركات ستخرج من الاتحاد الأوربي لتستقر في أماكن أخرى ليس بها هذه القيود الصارمة. وتخشى الجمعية الملكية لحماية الحيوان في بريطانيا من أن يتسبب القانون الجديد في ارتفاع عدد الاختبارات التي تجرى على الحيوانات لمعرفة تأثير تلك المواد الكيماوية.

وقال باري فيليبس المسئول البارز بالجمعية: (قلقون من عدم اتخاذ الإجراءات الكافية لتجنب معاناة ملايين الحيوانات. وقد أصبنا بحالة إحباط شديدة بسبب تبني المقترحات لاستمرار استخدام الطرق التقليدية في تقييم معايير السلامة).

 

أحمد الشربيني 




الأسماك ذهبت أيضا





مرجان إيلات لم يبق منه سوى 30%





اختبارات أكثر صرامة على المواد الكيماوية الخطرة