سينما رومانيا.. موجة شرقية عاتية تهدد عروش الأفلام

بعيدا عن استحواذ الولايات المتحدة الأمريكية على الاهتمام الأكبر والإمكانات الأعلى والجاذبية الأشد في مجال السينما، وبعيدا أيضا عما يتبعها من دول أوربا الغربية في هذا المجال، خاصة في ما تنتجه من أفلام على النمط نفسه، شبيهة بما يطرحه التيار الهوليوودي السائد، فإن الكثير من بلاد ومناطق العالم تلعب دورها المهم والمؤثر وتساهم بإبداعها المتميز والمختلف في هذا المجال.

 

لا شك في أن دول أوربا الشرقية لعبت دورا كبيرا في حركة السينما العالمية، سواء في تطوير أساليب الفن السابع أو تأسيس وتعميق مدارسه. وتأتي التجربة الروسية من أكثر التجارب أثرا وتأثيرا، بداية من إبداعات بودفكين في المونتاج والتي خلدها في رائعته «المدرعة بوتمكين» والتي تعد كشفا في مجال إبداع الفيلم وإضافة أساسية في مجال قدرته على التعبير والتأثير وتوظيفا بارعا ومضيئا لإمكانات توليف الفيلم، هذا فضلا عن روائع وإنجازات وتجارب عديدة عميقة الأثر عبر أجيال فنية روسية ونماذج يصعب حصرها، ويكفينا أن نذكر منها أسماء مبدعين بحجم تاركوفسكي وبوندارتشوك ومونشوف.

في باقي أوربا الشرقية تميزت أيضا تجارب عديدة أخرى في بولندا مثلا بأفلامها الطليعية في الثلاثينيات وما أعقبها من موجات وصلت إلى نقطة تحولها الكبرى مع أعمال المبدع الكبير أندريه فايدا، الذي وضع بولندا على خريطة السينما العالمية مع كافاليروفيتشيم وبولانسكي وزانوسي في الستينيات وغيرهم. كما شهدت السينما المجرية موجات من التجديد وصلت إلى ذروتها في السبعينيات مع أفلام يانتشو وماك وجابور التي حصدت كبرى الجوائز في المهرجانات الدولية الأهم.

 

تراجيديا رومانيا

من بين تجارب سينمائية شرقية عديدة تمتلك التجربة الرومانية تميزها وتفردها عبر تاريخ طويل من الإبداع. وهي تعيش الآن ومنذ ما يقرب من عقد كامل حالة من التجدد والانتعاش والتوهج تفرض علينا التوقف والتأمل. وإذا عدنا بالذاكرة إلى منتصف القرن الماضي فسنجد أن السينما الرومانية عاشت انتعاشة كبيرة بعد توقيع مرسوم عام بتأميم صناعة السينما وتنظيم التجارة في المنتجات السينمائية عام 1948.

وفي ظل تشجيع الدولة توالت الروائع والتجارب المتميزة رغم صعوبات الرقابة في ظل النظام الشيوعي. ولكن السينما الرومانية عانت بعد ذلك حالة من التراجع والهبوط مع الديكتاتورية الغاشمة في عهد تشاوشيسكو والتي ألقت بظلها على الحالة الفنية والثقافية بوجه عام والسينمائية على الأخص.

ولكن من المؤكد أن واقعا جديدا ملهما شهده الشعب الروماني بعد ما عاشته بلادهم من تحولات جذرية تراجيدية، من ثورة استطاعت أن تنفض عن شعبها غبار الديكتاتورية وطغيان شاوشيسكو في 1989، لتعود بعد ذلك مرة أخرى إلى الخضوع لموجة رجعية كاذبة ركبت قطار الثورة وتمكنت من وأدها لسنوات طوال، ولكنها لم تتمكن من قتل الروح المبدعة الملهمة والنفس التواقة للحرية رغم الظرف الاقتصادي الصعب.

 

تيار جديد

أدت هذه الحالة من التناقض والتأرجح والتمزق الوطني والذاتي إلى صنع تيار جديد من الفنانين اختلفوا في الأفكار والرؤى والموضوعات، ولكن جمعتهم خصائص واقعية جديدة نتجت عن تجربة شديدة الخصوصية، يؤرخ عادة لأول تعبير عنها بفيلم «وفاة السيد لازاريسكو» في عام 2005 وهو الفيلم الروائي الثاني لمخرجه كريستي بويو.

ويعبر هذا الفيلم بواقعية شديدة وبأسلوب السخرية أو الكوميديا السوداء عن قصة معاناة رجل عجوز مريض يصاب بأزمة قلبية فيتنقل على إثرها في سيارات الإسعاف وبين المستشفيات التي تلفظه واحد الآخر، حيث الروتين والإهمال وبرودة المشاعر وقسوة القلوب التي تنتهي بوفاة الرجل قبل وصول شقيقته التي أعياها البحث عنه.

عبر أحداث هذا الفيلم تتبدى الكثير من الحقائق من خلال تركيزه على شخصية العجوز المريض وعلاقة من نوع خاص جدا تربطها طوال أحداث اليوم الواحد بممرضة الإسعاف، وهي امرأة في منتصف العمر تمثل جيلا مختلفا وانعكاسا للحالة. ويعتمد الفيلم على أسلوبية المخرج البسيطة المتمكنة من التعبير عن السخرية من واقع مؤلم عن حالة نموذجية لمواطن يفقد حياته بلا أي ثمن.

فتعبر الصورة بما تلتقطه من أفعال وردود أفعال وخلفيات بطول المدينة عما هو أشمل، عن حال وطن فقد القدرة على احتضان أبنائه. وسوف يتجسد هذا المعنى حين نعرف من الحوار أثناء الأحداث وبشكل عارض أن العجوز الذي عشنا رحلة معاناته هاجرت ابنته الوحيدة لكندا مع زوجها بعد وفاة أمها. ولكن هذه الحالة الإنسانية الخاصة تبدو كتعبير مكثف عن هروب جيل من واقع صعب ووحدة جيل مع واقع لا سبيل للفكاك منه.

ولا شك في أن هذا الفيلم يعد رائدا في مجال الواقعية الرومانية الجديدة لكل ما حمله من صفات أصبحت شائعة ومسيطرة على هذا النوع. ومنها الحرص على وحدة الزمن والموضوع وبساطة الأسلوب ومحدودية أماكن التصوير التي لا تخرج عن عربة الإسعاف وحجرات المستشفيات، بينما تلوح في العمق مناظر للمدينة سواء كمناظر متحركة من خلال السيارة أو ثابتة من شرفات ونوافذ الغرف. كذلك تلوح مسألة الاهتمام بالموضوع بالدرجة الأولى والتركيز على الفكرة والحالة التي لا تغيب عن جملة أو لقطة واحدة من الأحداث. ويأتي على جانب آخر هذا الإغفال المتعمد لكل عناصر الإبهار بل وتجنب الزخارف البصرية أو الاهتمام بجماليات الصورة وتنويعها بلا مناسبة أو خدمة للمضمون الدرامي.

بل ويصل الأمر إلى حد ثبات الكاميرا في معظم الأحوال بينما الشخصيات بتعبيراتها والتفاصيل بدلالاتها هي التي تبرز وتتحرك أمام هذه الكاميرا بأسلوب مدروس.. وحيث يعتمد البناء أساسا على دراما محكمة بما تعكسه من اهتمام شديد بالشخصية بكل ملامحها الخاصة، التي

لا تضعف خصوصيتها أبدا من تمثيلها لقطاعات عريضة من المواطنين تعكس أزماتهم وتعرض من خلالهم صورة معبرة وبالغة الدلالة عن حالة وطن بأكمله. إنها سينما التفاصيل البسيطة التي تتلاقى مع بعضها لتشكل معاني كبيرة.

 

تأصيل التجربة

يعود بويو ليؤصل تجربته ويعمقها في أعمال لاحقة بالغوص في التفاصيل الحياتية لنماذج مختلفة من أفراد مجتمعه تصب جميعها في تيار التأكيد على محنة الوطن والموطن عبر نفس الأسلوبية الجديدة المميزة وباستخدام نفس الأساليب الدرامية والسينمائية. وهو يتخذ من وفاة السيد لازاريسكو حلقة أولى من سلسلة أفلام تحت عنوان ست قصص من ضواحي بوخارست. ويعد فيلمه «أورورا» من أنضج وأقوى هذه التجارب. والفيلم يطرح من خلال موضوعه ومضمونه وعنوانه فكرة حزينة عن صعوبة التواصل التي هي طبقًا لرؤيته سبب رئيسي في الشرور والصراعات التي تجتاح العالم.

وهو يطرح فكرته من خلال رجل في بداية الأربعينيات يعاني الفراغ والوحدة وصعوبة الظرف الاقتصادي رغم تميزه مهنيا كمهندس معادن، حيث نتابع تفاصيل حياته اليومية ومشكلاته التقليدية مع الجيران وفي حقل العمل، ووسط هذه التفاصيل الصغيرة التي يبدو أنها لا تفضي إلى شيء نكتشف أنه في طريقه لارتكاب جريمة قتل لرجل وامرأة ببندقية صيد.

وبعد أن يعود لممارسة حياته العادية بشكل روتيني وتقليدي نراه يعود ليرتكب جريمة قتل ثانية، وتتوالى الأحداث لتنتهي بذهابه طوعًا إلى قسم الشرطة والاعتراف بجرائمه التي نعرف أنه ارتكبها ضد حماه وحماته وأمه. وهو لا يقدم أي مبرر لارتكابه هذه الجرائم إلا بالإشارة إلى هجران زوجته له.

بالتأكيد لا يمكن أن يعبر هذا التلخيص المخل عن فيلم يطرح حالة إنسانية بتفاصيلها الصغيرة وحواراتها الطويلة وأزماتها التافهة.. وهو في مقابل هذا التكثيف والحرص على ملاحقة الشخصية في حياتها المعتادة يعود ليجرد كل ما يتعلق بلحظات الجريمة والعنف.

في «أورورا» أنت لست بصدد فيلم تشويقي أو قصة جريمة تتابع تفاصيلها بعين مركزة بمنتهى القوة لتبحث عن القاتل أو السبب. ولكن الجريمة تختزل في صوت طلقة ومنظر للدماء بينما تنشغل الكاميرا بالحركة في مكان آخر. فإثارة التأمل في الواقع والشخصية هي السبيل للوصول إلى جوهر العمل وقيمته. إن «أورورا» يبدو كتصوير لعالم محبط وقاتل ودافع للجريمة التي يرتكبها أناس بسطاء وعاديون. لم تعد الجريمة تعبيرا عن أزمات اقتصادية أو نفسية خانقة. ولكنها تعبير عن حالة عجز عن فهم الواقع أو التكيف معه. وهي في الوقت ذاته تأكيد على هامشية الفرد وشعوره بالضآلة حيال مجتمع لا يتمكن من الاندماج فيه أو التواصل معه مهما كان حجم اتصاله بالآخرين وحواره وتعامله معهم.

تطغى على الفيلم أسلوبية التجريد في رسم الشخصية والحدث والموقف. ولكنه ليس تجريدا مخلا وإنما هدفه التركيز على جوهر الحدث والشخصية والصورة وتجنب كل ما يمكنه أن يشغل المشاهد عن جوهر الموضوع ومضمونه وحالته المحددة المعبرة.

 

على الدرب نفسه

على درب بويو نفسه سار عدد من المخرجين الرومانيين نحو رسم علامات وملامح، خاصة للواقعية السينمائية الجديدة في رومانيا. اتفقوا جميعا على أهداف واحدة وفهم متشابه لطبيعة الفيلم ولغته وقيمة أفكاره وأسلوبيته الخاصة. فتوالت الأفلام التي عبرت عن التحولات الفنية العميقة التي تعكس الواقع الاجتماعي بما ألم به من انتصارات وانتكاسات مرت بها البلاد، بعيدا عن أي أساليب مباشرة أو إشارات فجة.

من بين هذه الأعمال يأتي «أسعد فتاة في العالم» لرادو جود، الذي عرض في إطار المسابقة الرسمية للدورة الرابعة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا. وهو يروي قصة فتاة صغيرة يسعدها الحظ بالفوز بسيارة غالية ضمن حملة دعاية لإحدى شركات العصائر، وحيث نعيش مع الفتاة وأسرتها رحلتهم من أجل الحصول على الجائزة وخلافهم حول كيفية التصرف فيها، فبينما تحلم الفتاة باقتناء السيارة يسعى الأبوان لإقناعها ببيعها والحصول على ثمنها.

وعبر هذه المناقشات بين جيلين وما تعكسه الرحلة من أحداث ومواقف وصور، نتعرف على واقع الحياة في رومانيا وعلى الكثير من الأوضاع والمشكلات والصراعات داخل البلاد، ويتمكن المخرج بإمكانات بسيطة وبالاعتماد على أداء الممثلين وبلاغة الصورة وتنوعها من تحقيق رؤيته وتقديم فيلم مفعم بالمشاعر والأحاسيس والأفكار على الرغم من بساطة الفكرة، فالصورة تنقلنا إلى واقع رومانيا وتفتح مساحات للتأمل كما تعكس وجوه الممثلين تعبيرات في غاية الصدق والعمق، على الرغم من أن معظمهم من الجدد وغير المحترفين.

ويعد فيلم «الثلاثاء بعد عيد نهاية العام» للمخرج رانو مونتاندو من أبرز الأفلام المعبرة عن هذه الموجة الواقعية الرومانية الجديدة التي اتخذت من حياة الإنسان العادية وسيلة لنقد الواقع والمجتمع الذي نراه من خلال قصة خيانة زوجية تنتهي بانهيار عائلة. تدور الأحداث حول رجل ممزق بين زوجته أم ابنته والعشيقة رالوكه التي غيرت مجرى حياته.. والقرار المصيري الذي يجب أن يتخذه الرجل في توقيت حرج محدد، فيجب عليه أن يتخلى عن إحداهما قبل أعياد رأس السنة. أهم ما ميز هذا الفيلم هو المعالجة التي ركزت بدقة على مشاعر الشخصيات وكيف رصدتها الكاميرا لتنقل إلينا حالة الانشطار الداخلي في الشخصية كتعبير عن مجتمع يتمزق في مفترق طرق بين عدة اختيارات. حظي الفيلم بتقدير كبير عند عرضه في مهرجان كان وكذلك في ترانسلفانيا برومانيا.

بعيدا عن الشخصيات المهمشة والأزمات البسيطة يأتي فيلم «الشرطة: صفة» Police: Adjective من إنتاج عام 2009، للمخرج كورنيلو برومبو، كأحد الأعمال التي تنتهج إطارا بوليسيا ولكن بأسلوبية غير تقليدية. فالأحداث تدور حول شخصية ضابط شرطة شاب يشعر بانفصال تام عن طبيعة عمله وما يضطره إلى ارتكاب ممارسات تتناقض مع طبيعته فيفقد قناعته بعمله في الجهاز ويبدأ في اختراق النظام على طريقته الخاصة، ويطرح تشككه فيه عمليا عبر عدد من العمليات المثيرة والتي يرى أنه من خلالها يحقق القانون الذي تعيقه طبيعة عمله عن القيام به وهو على العكس من المفترض تماما أن يكون.

 

وحدة الزمن

هنالك أيضا فيلم «بيريفريك» الذي تدور أحداثه في إطار وحدة الأربع وعشرين ساعة كأعمال رومانية حديثة كثيرة تنتهج إحدى قواعد الدراما الأرسطية في الالتزام بوحدة الزمان. ويأتي اختيار الوقت ليبدو بالغ الدلالة والتأثير. فنحن نقضي يومًا كاملاً مع سجينة شابة تخرج استثنائيا لحضور دفن والدتها. وحيث نعايشها في هذا اليوم الاستثنائي من حياتها بكل ما يكتنفه من أحداث وذكريات مؤثرة وخصوصية حالة بين قوسين لفتاة تعيش ساعات من الحرية سوف تعود بعدها من جديد لمواصلة سجنها. وقد فاز الفيلم بجائزة الإسكندر الذهبية. وحازت آنا أولارو بطلة الفيلم جائزة أفضل ممثلة. أما فيلم «مورجن» الذي يتناول الصداقة بين روماني ومهاجر تركي فقد حصل من نفس المهرجان على جائزة أفضل مخرج، فيما حاز الممثلان أندراس حاتازي ويلماظ يلتشين جائزة أفضل ممثل مناصفة. وكوفئت السينما اليونانية الجديدة أيضا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة من المهرجان نفسه (جائزة الإسكندر الفضي) لفيلم «اتينبرج» للمخرجة أثينا راشيل تسانجاري.

بعيدا عن الأفلام المحلية المحدودة إنتاجيا أمكن للمخرج الروماني كريستيان مونجو أن يحصل على سعفة كان الذهبية لعام 2007 عبر فيلمه «خلف التلال» وهو فيلم من إنتاج رومانيا وفرنسا وبلجيكا. في خلف التلال يتمكن المخرج البارع من أن يسرد أحداثه بلغة عاطفية شديدة التأثير. إنها حكاية في غاية البساطة والرقة تدور معظمها في دير بسيط للراهبات. فزيارة صديقة الطفولة لصاحبتها التي أصبحت راهبة تحرك الكثير من المشاعر الدفينة والأحلام المحبطة والذكريات المشتركة القديمة في دار الأيتام نفسها، التي تربت فيها كل منهما.

فرقت اختيارات أساليب الحياة بين الصديقتين وأبعدت المسافات بينهما، ولكن مازالت هناك أشياء مشتركة كثيرة. ولكن الصديقة تصاب بمرض مفاجئ وتعجز كل السبل عن علاجها. ويأمر كاهن الدير برحيلها، ولكن تفشل كل محاولات إخراجها من الدير. وتتطور الأحداث مع تدهور حالتها الصحية والنفسية، مما يصل بها إلى محاولات للانتحار فتضطر الراهبات لتقييدها بالسلاسل الحديدية حماية لها من نفسها. والفيلم يطرح أسئلة مؤلمة عن الصداقة والحب والقرابة والفقر واليتم، دون أن يشير إليهما بكلمة واحدة أو بشكل مباشر. لذلك فهو يتغلغل إلى الوجدان كفعل سحري رائع وبديع.

إن أسلوبية هذا الفيلم في توليف المشاعر وتصعيد الشعور بالألم وصنع حالة عامة داخل المكان عبر لقطات قصيرة منفصلة أو مشاهد طويلة معبرة ومفعمة بالمشاعر هي التي تحدث هذا التأثير القوي لدى المشاهد بالاعتماد على لغة الفيلم وحدها وبتوظيف محدود للحوار، وحيث تعمل الكاميرا في خدمة الموضوع وتدرك بمهارة متى تتحرك ومتى تتوقف وماذا تلتقط.. وحيث لا مجال للخروج عن الموضوع قيد أنملة.. إنها سينما خالصة ومخلصة لموضوعها إلى أقصى الحدود.

 

رحلة قصيرة

وفي مجال الفيلم القصير أيضا خطت السينما الرومانية خطوات كثيرة توجتها بسعفة كان 2008 بفيلمها الرائع «ميجاترون»، وهو الفيلم القصير الخامس لمخرجه ماريان كريشان. وتدور أحداث العمل النموذجي بمقاييس الفيلم القصير في فترة لا تتجاوز الست ساعات نتابع خلالها رحلة طفل في الثامنة من عمره مع أمه ينتقلان خلالها من قريتهما الصغيرة إلى بوخارست للاحتفال بعيد ميلاد الطفل.

وعبر تفاصيل الرحلة والحوار الذكي والمعبر بين الطفل والأم نتعرف على خلفية العلاقة الأسرية الممزقة، وهذا في الوقت نفسه الذي نتابع فيه الصورة العامة للحياة في رومانيا من الريف إلى المدينة عبر الخلفية البصرية وتفاصيل الرحلة. وحيث يظل التمزق الأسري معادلا موضوعيا واضحا للتمزق الوطني وللخلافات المستعرة بين المواطنين لأسباب تتعلق بمشكلات اجتملاعية وسياسية وإدارية، مما يؤدى إلى حالة من الشتات.

في الدورة السابقة لهذا الإنجاز الكبير لهذا الفيلم الروماني القصير كانت السينما الرومانية قد حازت إنجازاً أكبر بحصولها على سعفة كان الذهبية لعام 2006 عن الفيلم الطويل «أربعة شهور وثلاثة أسابيع ويومان». وهو فيلم يستحق التوقف أمامه طويلا.

 

الجائزة الكبرى

يعد هذا الفيلم خطوة متقدمة أيضا في مجال الواقعية الرومانية الجديدة بما يتضمنه من أسلوبية ذاتية وتوغل داخل شخصياته.. حيث تتضاءل مساحة الحدث إلى أقصى الحدود لتفسح المجال للتعبير عن الشخصية. والحقيقة أن الفيلم لا يكتفي بعرض شخصية واحدة وإنما يعرض شخصيتين نسائيتين تنعكس من خلالهما الكثير من الأبعاد الإنسانية والنفسية والاجتماعية.

والسيناريو يحرص في بنائه على التأكيد على فكرة ازدواجية البطولة أو تكامل العالمين، حيث

لا تطغى إحدى البطلتين على الأخرى. فمن البداية نعيش في غرفة بسكن طلابي تسكنها البطلتان، وبينما تنهمك الكاميرا في متابعة الأولى لبعض الوقت تعود لتتابع الأخرى بعد عودة الأولى للحجرة، لنعود من جديد في لعبة تبادل المتابعة عبر الأحداث مع لعبة التسليم والتسلم.

الفيلم باختصار يروي أحداث يوم من حياة البنتين تجري إحداهما جابيتا (لورا فاسيليو) خلاله عملية إجهاض لجنين من شاب أحبها وتخلى عنها، بينما تقوم الأخرى أوتيليا (أناماريا مارينكا) بمساعدتها لإنجاز هذا الأمر. وهي

لا تنشغل عن صاحبتها إلا لبعض الوقت لمقابلة صديقها للاقتراض منه تارة ولزيارة عائلته أخرى لنعرف صعوبة استمرار العلاقة بينهما. لا يتبقى من الشخصيات الأساسية في هذا السرد سوى طرف ثالث شديد الأهمية، وهو الطبيب الذي يقوم بعملية الإجهاض، حيث تتمثل من خلاله جميع صور الاستغلال وانتهاز الفرص في مجتمع يتستر على جرائمه ولا يخجل من أن يستغلها أسوأ استغلال.

يلزم أن نذكر أن الأحداث تدور في عام 1987 أي في عهد تشاوشيسكو فيما قبل الثورة الرومانية بعامين، حيث كانت عمليات الإجهاض محظورة. ولكن هل تغير الواقع كثيرا بعد تغيير القوانين؟ وعلى الرغم من الاقتصاد الشديد في الحوار إلا أنه كفيل بأسلوب درامي أن يطلعك على كل المعلومات والخلفيات المطلوبة وأن يرسم لك بدقة ملامح الشخصيات ومدى تميزها عن بعضها.

مساحات الصمت في الفيلم تترك لك الفراغ للتأمل في هذه الفتاة الساذجة التي لا تستطيع أن تدبر أمورها إلا بمساعدة صديقتها، بل إنها لا تتذكر على وجه التحديد تاريخ وقوع الحمل لا باليوم ولا بالأسبوع ولا الشهر إلا بعد حوار مكثف مع الطبيب الذي يطلعها على فروق التوقيت التي تحيل عملية الإجهاض من جنحة إلى جناية، فبدلا من أن تُحاكم بتهمة الإجهاض - المجرَّم قانونا - إذا كانت في شهرها الثالث.. ستُحاكم بتهمة القتل مادامت في شهرها الرابع، لتتضحَ خطورةُ المسألة التي مر على بدايتها أربعةُ أشهرٍ وثلاثة أسابيع ويومان.. كما يبدو من عنوان الفيلم. ويدفع هذا الاكتشاف الطبيب بلا رحمة لزيادة الأجرة لتتحمل الصديقة الفرق بممارسة الجنس معه للسداد مقدما وفوريا.

لا توجد جملة حوار مباشرة واحدة ولا تعليق على كل ما يمور الفيلم به من صور لليأس وفساد النفوس، ولكن التفاصيل الدقيقة والبناء الدرامي وتوظيف الصورة تضعك في الحالة وتفرض عليك مشاركة الشخصيات واقعها الأليم الذي يفرض وجوده دون ميلودراما أو مبالغة أو تشنج أو صخب.

 

لغة الهمس

ومن أهم معالم اللغة الهادئة والواقعية المطلقة في الفيلم البعد تماما عن استخدام الموسيقى التصويرية طوال الأحداث. فلا يوجد شيء أمامك ولا تلتقط أذنك سوى أصوات الواقع الحقيقي دون التدخل بأي مؤثرات سمعية أو بصرية. وهو ما يضفي مزيدًا من الصدق على الفيلم ويمنحه أسلوبيته الهادئة الرصينة بل إن الفيلم ينتهج لغة الهمس وهو ما ينعكس على كل مفردات اللغة السينمائية صوتا وصورة.

فالمشاهد طويلة والتقطيع قليل جدا داخلها، وحركة الكاميرا محدودة جدا، بل إنك تستطيع أن تتلمس مدى تقيدها بحدود المكان سواء في غرفة الطالبات أو الفندق الذي تجرى فيه العملية أو بيت أسرة صديق الفتاة.. وهذه هي المواقع الأساسية التي تدور بها غالبية الأحداث. تتوقف الكاميرا أمام الوجوه وتتأملها وقد تنقل مشاعر القلق أو الألم، ولكنها لا تنتظر أبدا دمعة أو صرخة لا تتحقق على الإطلاق طوال الأحداث. ومن بداية الفيلم إلى نهايته لن يعتمد المخرج على نقلات حادة أو حركة كاميرا محمومة أو انتقال فجائي من الضوء إلى الظلمة.

بل إن نسبة الضوء تظل تتحرك داخل معدلات محدودة سواء في التصوير الخارجي أو الداخلي. ولكن الظلال تتكاثف وتتزايد جرعات السواد في مشاهد النهاية ليس فقط لأننا نتابع تقريبا أحداث يوم من بدايته إلى نهايته أو من نهاره إلى ليله، ولكن أيضا لأن الأحداث تنتقل إلى المنطقة الأكثر إظلاما بعد نجاح عملية الإجهاض ومع رحلة القلق والألم والخطر في الخلاص من الجنين عبر شوارع ومبان مظلمة.

إن هذا الجنين الذي يجري إلقاؤه عبر ماسورة القمامة من عمارة مهجورة هو تعبير جلي عن مستقبل مظلم وعن نتاج لواقع يفرض الخوف والكذب والرشوة والاستغلال. ويحيل المواطن العادي البسيط إلى كائن في غاية الضعف والهشاشة في مواجهة منظومة فساد تدفع الشعوب إلى طريق مظلم. وماذا يتبقى بعد ذلك سوى تواصل القلق والألم والخوف من المستقبل الذي لا تملك حياله الشخصيات البسيطة المقهورة سوى الاستسلام والانصياع لشروط هذا الواقع الكئيب ومحاولة نسيان الأمر برمته؟

ولكن إلى متى يطول الصمت.. فحتما سوف تأتي أيام الصراخ والعنف من أجل انتزاع الحقوق وتعديل القوانين والدساتير لتصبح في خدمة هؤلاء الذين يمثلون ملح الأرض؟ فهل تكون عملية الإجهاض هي بداية لميلاد جديد لمجتمع مازال يعيش أفراده بين أغلال القهر والاستبداد، الذي يخرج أسوأ ما في النفوس ويحيل البشر إلى قطعان تبحث عن الفتات أو تلتهم بعضها البعض؟

 

جوائز متلاحقة

مازالت رومانيا تواصل اقتناصها للجوائز وهي تستمر مع مطلع هذا العام 2013 في حصاد ثمار جهادها وإبداعها السينمائي المتميز بالحصول على الجائزة الكبرى أو الدب الذهبي من مهرجان برلين الشهير أحد أهم وأكبر ثلاثة مهرجانات دولية في العالم، وذلك عن فيلم حالة طفل Child,s Pose من تأليف وإخراج كالين بيتر نترز. فعبر نفس الأسلوبية الواقعية الجديدة ومن خلال حادث بسيط يتمكن السيناريو من طرح رؤية نقدية شديدة القوة تجاه المجتمع.

فحالة الابن تتلخص في هذا الحادث العارض الذي يرتكبه الابن الشاب بسيارته ويسفر عن مقتل شاب صغير آخر. ولكن الشاب القاتل له أم قوية ولديها اتصالاتها الواسعة وإمكاناتها المالية والسلطوية التي تسعى لاستغلالها بأقصى ما يكون حتى تتمكن من إنقاذ ابنها وحمايته من تلقي العقاب الذي يستحقه. ولكن كل هذه الجهود لا تكفي فالسبيل الوحيد الذي لا غنى عنه هو إقناع أم الشاب القتيل بالتنازل عن حقها. فهل يمكن لأم أن تتخلى عن حق ابنها القتيل مهما كانت التهديدات أو المغريات؟

هذا هو الموقف الدرامي الأقوى والذي تتجلى فيه كل مظاهر الفساد وقدراته عبر هذه المواجهة الحتمية بين أم القاتل وأم القتيل. وكأن كلا منهما لا تعبر عن نفسها بقدر ما تعبر عن جانب من المواطنين.. بين الأقوياء والضعفاء.. بين القتلى والضحايا.. بين من يملكون كل شيء ومن

لا يملكون أي شيء. وفي حوار أقرب للمبارزة تحمل الجمل معانيها العميقة ودلالاتها الموحية رغم ارتباطها الشديد بطبيعة الموقف وخصوصية وضع الشخصيتين بكل ما تحمله كل منهما من هموم ذاتية وأبعاد شخصية.

ولكن على الرغم من هذه المواجهات الحادة والمواقف المتعارضة بين الامرأتين فإنهما في النهاية تعانيان أزمة واحدة ويجمعهما هم واحد مهما تباعدت المسافات بينهما. إنه المعنى الحقيقي للوطن الذي يحتوي أبناءه الأصدقاء والغرماء والذي لابد أن تصل الصراعات بين أبنائه إلى منتهى، بشرط أن يحصل كل على حقه وأن تتحقق العدالة والأمن لكل الأفراد مهما تباعدت المستويات الاجتماعية والاقتصادية. والفساد العائلي الذي يعبر عنه الفيلم هو معادل موضوعي درامي للفساد المجتمعى الذي يتبدى عبر نسيج درامي شديد الحساسية والرقي.

فالسيناريو مبني على الطريقة الكلاسيكية ويعتمد على التأسيس والتمهيد في إيجاز قبل الدخول لكل حدث أو موقف. في المشهد الافتتاحي المخادع نتعرف على الأسرة الثرية من خلال حفل عيد ميلاد، حيث تتكشف لنا جوانب محددة من شخصية الأم العجوز الستينية الجميلة في قدرتها على جذب الانتباه وتحقيق أهدافها والسيطرة على الآخرين وتسخيرهم لخدمتها.

 

الأم هي المحور

إن الأم كورنيلا هي محور التركيز للصورة وللحضور وهي المسيطرة على حركة الحفل بل وأسلوب الحوار وتوجهاته بين الحضور. وهي في عنفوان قوتها وسيطرتها وغطرستها لا تبدو ضعيفة إلا حيال وحيدها باربو. هنالك فقط تفقد روح السيطرة والتحكم في الأشياء، فرغبات الابن ليست قابلة للجدل أو البحث وإنما عليها أن تنفذ فقط. وهكذا يضعك التأسيس الدرامي في وضع الاستعداد لما يمكن أن تفعله هذه الأم حيال أي خطر يهدد ابنها بصرف النظر عن أي قوانين أو أعراف.

عبر مساعي الأم لإنقاذ ابنها تتضح مختلف صور الفساد والانحراف المجتمعي متجسدة في شخصيات تمثل النظام والقانون، ولكنها تتهاوى بمنتهى السهولة والبساطة أمام الأم القادرة المسيطرة التي تدرك تماما أن لكل مسئول ثمنه.. وهي تستطيع أن تقيم بمنتهى الدقة هذا الثمن وكيفية سداده.

وعلى صعيد آخر تركز القصة أيضا في جانب منها على العلاقة المعقدة بين الأم والابن.. والتي تلوح منها بعض ملامح عقدة أوديب، حيث يبدو اهتمام الأم الزائد بابنها الذي أصبح في سن الكهولة، بعد أن تجاوز الثلاثين من العمر، حيث يتبدى حرصها الزائد على معرفة كل ما يتعلق بأدق خصوصياته والتدخل في صميم شئونه الخاصة.

فكورنيلا امرأة متزوجة وفي الستينيات من عمرها، ولكنها تشعر بغيرة مرضية من صديقة ابنها وتعاملها بمنتهى الجفاء، بل إنها تلقي بها في الشارع وتصمم على إغلاق شقة الابن دونها. وهي تتعامل مع الابن باعتباره طفلا بل تصف نفسها عند وصولها لقسم الشرطة بأنها أم الطفل.. وهي تتناسى أن وليدها تجاوز الثلاثين من العمر، فحبها له ومشاعرها نحوه تضع سنوات العمر في حالة تجمد وتعمي الأم عن حقيقة أن ابنها صار رجلا مكتمل الرجولة.

يعد هذا الفيلم من بواكير حصاد تراكم المنتج السينمائي الروماني عبر سنوات نهضتها الجديدة، حيث تلوح في العمل القدرات المتمكنة والخبرات المتصلة لجيل من الفنانين يصلون إلى حالة من التمكن في التعبير أمام الكاميرا وخلفها.. على الشاشة يعتمد المخرج في الحقيقة على فريق تمثيل مخضرم وعالي المستوى. فالأم كورنيلا هي ممثلة مخضرمة ومن طراز فريد ولعب بودجان دوميتراتشى دور باربو.

وأبدعت لومينيتا جيورجيو في دور كورنيلا الأم المتغطرسة لدرجة أذهلت وأبهرت كل من شاهد الفيلم أو كتب عنه. بينما شاركت المخضرمة رازفان رادوليسكو في كتابة السيناريو مع المخرج. ويمكن أن نكتشف بسهولة الجهد المبذول في كتابة سيناريو وحوار الفيلم ليعبر ببلاغة من خلال حكاياته ومواقفه وحواراته عن حالات إنسانية تبدو لنا شديدة الصدق رغم اختلاف المجتمعات والثقافات وبعد المسافات التي تفصل بيننا وبين شخصيات الفيلم.

 

خطوط مشتركة

وهكذا فعبر العديد من النماذج المتميزة من الأفلام الرومانية العابرة للحدود والحاصدة للجوائز، نلاحظ أنه ورغم الاختلاف في الموضوعات والقصص وأساليب المعالجات ومدى الالتزام بالأساليب الكلاسيكية في السيناريو أو الإخراج وفي الخروج عنها، فإن هناك العديد من الملامح والخطوط المشتركة لسينما شاء صناعها أن يشتركوا جميعا في صياغة ملامحها الجديدة والتأكيد عليها. فالأسلوب الهادئ والرصين في السرد والتركيز على عدد محدود من الشخصيات يغلف كل الأعمال تقريبا. ويحرص فنانو السينما الرومانية أيضا على ربط الخاص بالعام والعرض الإنساني للشخصيات في عزلتها عن المجتمع الذي

لا تعبر قسوته العامة عن حساسية أشخاصه ولا عواطفهم الجياشة.. يشتركون جميعا أيضا في القدرة على تحقيق المصداقية للشخصيات لدى المتلقي بتفاصيل دقيقة وسريعة ومكثفة وبعيدا عن الأساليب المباشرة. وهم ينجحون في التعبير عن أهدافهم الدرامية بأساليب سينمائية بسيطة. ويمتلكون القدرة على ملء فراغ الكادر الضيق بإكسسوارات أو لوحات أو ملصقات تحمل الكثير من المعاني والدلالات وتصنع للصورة حالة من الزخم والقدرة على التعبير.

وبعيدًا عن الأفلام المحلية محدودة التكاليف ومتواضعة الإنتاج والذي يمكنها أن تعوضه بالإبداع والتجويد في السيناريو والصورة، فإن أفلام الإنتاج المشترك تتوافر لها ظروف وإمكانات أفضل. وتتاح الفرصة من خلالها لمواهب حقيقية لا تستطيع أن تحقق معادلاتها الفنية بأساليب السينما منخفضة التكاليف. وإذا كان هذا التيار يختلف نوعا عن التيار التقليدي لسينما الواقعية الجديدة، إلا أنه يساهم ويدعم تقدم فن الفيلم وإنجازاته في رومانيا. ويظل أهم ما تحققه السينما الرومانية الجديدة بمختلف أنواعها يتمثل في كسرها لنظام النجوم وحرصها على تقديم عناصر جديدة موهوبة في مختلف عناصر الفيلم تتيح لها ظروف الإنتاج محدود التكاليف الفرصة والمجال لتجريب أدواتها واكتساب المهارات والتعلم والمغامرة بقدر كبير من الحرية والتحرر.

الأغرب من كل هذا أن هذه السينما التي تحقق مجدا فريدا ومتصلا تتحقق من دون أي دعم من الدولة وتعاني تقلص دور وشاشات العرض في البلاد. ولكنها استطاعت أن تفتح لنفسها قاعات وشاشات عرض في مختلف أنحاء العالم لجماهير تسعد بعروضها وتحرص على مشاهدتها وترى فيها لونا سينمائيا جديدا وجادا ومتميزا.
---------------------------------------
* ناقد سينمائي من مصر.

 

 


لقطة من فيلم «شهور»


حوار جانبي في فيلم «الشرطة: صفة»


أسد برلين في حوزة الروماني كالين بيتر


مشهد من فيلم «حالة طفل»


فيلم «خلف التلال»


فيلم «وفاة السيد لازاريسكو»


مشهد من فيلم «أورورا»