هل نحن بحاجة إلى الدولة العلمانية?

  هل نحن بحاجة إلى الدولة العلمانية?

ترددت كثيرًا في طرح هذه الفكرة, أي الدولة العلمانية العربية, لشعوري المسبق بأنني سأثير حفيظة من يخالفوني الرأي, ومع ذلك قلت في نفسي لابأس من طرح فكرتي, حتى وإن كانت في نظر البعض خروجًا عن الخطوط الحمراء المرسومة لنا نحن معشر العرب, لهذا فضلت أن تكون مجلة (العربي) هي ضالتي المنشودة التي من خلالها أستطيع أن أعبر وبحرية تامة عن فكرتي.

ويمكن القول إن فكرة الدولة العلمانية العربية لم تكن وليدة اليوم, بل سبق أن ناقشها وطرحها العديد من الكتّاب والمفكرين العرب, ولو على استحياء شديد.

لذا أرى أن هذه الفكرة جديرة بالمناقشة والطرح, على أن يكون جو الحوار هادئًا وعقلانيًا.

إن علمانية الدولة - في رأيي - ليست موجهة ضد الدين أو العقائد والشعائر الدينية, ولكنها تحيد رجال الدين من التدخل في شئون الحكم وتسييس الدين, أما فيما يتعلق بممارسة الشعائر, أو العقائد الدينية, فإن الدولة العلمانية هي الضامنة بممارستها بحرية كاملة وفقا للنصوص والتشريعات القانونية والدستورية التي تضمن هذا الحق لكل الطوائف والمذاهب الدينية المختلفة.

إن إقامة الدولة العلمانية في مجتمعاتنا العربية ستنهي لاشك الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية والإثنية, وستجعل الجميع على قدم المساواة أمام القانون والدستور, بل ستغلق الباب على مصراعيه أمام أي نزعة أو سيطرة للاستحواذ على السلطة من قبل مذهب أو طائفة أو جماعة عرقية ويصبح (الدستور) بالتالي هو العقد الاجتماعي الذي سينظم العلاقة بين السلطة والشعب, أي أن يصبح الشعب هو مصدر السلطات, ومن حق الشعب اختيار ممثليه بصورة حرة وديمقراطية, وهذا - برأيي - سيحول دون صعود طاغية أو دكتاتور ما على شاكلة صدام المخلوع إلى هرم السلطة, أو من يفكر باغتصاب السلطة قسرًا, أو جماعة متطرفة تتأبط شرًا لشعب, كما أن الدولة العلمانية هي الضمانة الفعلية لتعزيز حقوق وحرية الفرد والمواطنة المتساوية.

فهل يا ترى حان الوقت كي نطرح هذه الفكرة بشكل قوي, مهما بدت في أعين البعض صعبة ومستحيلة, ورآها آخرون أشبه بالصخرة القاسية التي يصعب حلحلتها أو تكسيرها, وأقول لهؤلاء: لماذا لا نجرب الطرق على هذه الصخرة مرات ومرات?

محمد عبد الرحمن العبادي - اليمن