الـقــيــم... هـل مـازالـت تـحـافـظ عـلـى مـكـانـتـهــا?

الـقــيــم... هـل مـازالـت تـحـافـظ عـلـى مـكـانـتـهــا?

يتصدّر موضوع القيم مكاناً رفيعاً في حياتنا العامة: في أحاديثنا وفي جوانب سلوكنا اليومي, كما يشغل مساحة كبيرة في الدراسات الاجتماعية والثقافية وخاصة في الدين والفن والعلم والفلسفة وسواها.

تعتبر القيم الإنسانية الشعاع الذي يبدّد غياهب الظلام الفكري الذي يعتور الكائن البشري, كما تؤثر على ما يتخذه من مواقف حيال هذا العالم المضطرب بالأحداث في سائر فاعلياته فكراً وسلوكاً. مع الإشارة إلى أن التحول الاجتماعي المتسارع الذي أدّى ويؤدي إلى الاضطراب والتخبط في تصدّيه للأمور يهدّد هذه القيم بصورة متلاحقة, غير أن الإنسان اليوم يرد كل ما ورثه من ألوان الثقافة للامتحان. إذ كل شيء يعتريه التغير بسرعة مذهلة بحيث لا يسعفه المنطق المعتاد بالتنبؤ لما سيئول إليه أو ملاحقته. ولم تسلم الثقافة المعاصرة بالأمر الواقع بل تجنّدت لوضع نظرة إنسانية حديثة وشاملة تلتئم فيها فاعليات الإنسان وأوجه نشاطه في وحدة مؤتلفة العناصر, ونظرت إلى المستقبل من خلال اعترافها بقدرة الإنسان على تغيير نفسه وواقعه من حوله. وهكذا نجد أن ثقافة العصر اخترقت أسوار المشكلات التقليدية لتحتضن مشكلات الإنسان المعاصر على أساس من منظور إنساني شامل مؤلف من القيم وينطلق مما هو كائن, متجاوزاً إياه, إلى ما ينبغي أن يكون لمستقبل الإنسان.

وللقيم أوجه متنوعة تتعدد بقدر ما تتعدد المجالات التي تنطلق منها, فهي في الدين, في الأخلاق, في الجمال, وفي كل ما يتعلق بأمور الحياة من اجتماعية واقتصادية وسياسية وتربوية وغيرها, ويبدو الإنسان في هذه القيم فردا في أسرة ومواطنا في أمة وعضوا في مجتمع إنساني يرتبط كماله بكمال المجموع الذي ينتمي إليه مع احتفاظه بفرديته واستقلال شخصيته.

قيم دينية

ففي حقل الدين الذي له من العمر ما عاشت الإنسانية نفسها نجد الأفكار والمشاعر والآمال التي تستمر متوهجة في صدر المؤمن لما تحمله من قيم سامية. وتعتمد الأديان جميعها, على موقف معين من القيم ولعلها هي نفسها موقف قيمي صريح, وإذا كان الدين عند (أينشتاين) هو الذي يرسم الغاية, فإن العلم هو الذي يزوّدنا بمعرفة الوسيلة التي تساهم في بلوغ تلك الغاية, وأن الدين هو الذي يعالج تقويم الفكر والفعل الإنساني. والعلم عنده يصبح معقداً بغير دين, ويغدو الدين أعمى دون علم.

ولقد وهب الإسلام الحرية التامة للإنسان في تأمله للموجودات والوصول إلى حقائق القول والحياة عن طريق الفعل والتفكير.

وأن التطور المتنامي المستمر في كل ما يتعلق بحياة الإنسان وقضاياه لا يقف, من وجهة النظر الدينية, في وجه قيم الحداثة والتجديد شرط الالتزام باحترام مقدساته. والرهان معقود على الإنسان نفسه بإرادته وفكره. وأن هذا التطور في تصدّيه لتغيير أشكال الحياة, مع تصاعد إنجازات العقل, واهتزازات القيم, وتجلي حقائق جديدة لا ينال ذلك من جذرية الأصول الراسخة للمعرفة الدينية.

وتجدر الإشارة إلى أن المفكرين من رجال الدين والعلم والحضارة يتوافقون جميعهم على قيم ثابتة وحقائق لا تتغير, فالعدل يبقى حسناً والظلم قبيحاً وكذلك الصدق والكذب وغير ذلك من القيم, مهما تغير الزمن وانقلبت الظروف.

إن التغيرات المادية المتلاحقة والتطور الكبير المتسارع في الوسائل من أجهزة ومعدات واكتشافات وسواها مما أوجدته التكنولوجيا المعاصرة لا يمكن أن تجعل الحق باطلاً ولا الصدق كذباً. ويبقى الإنسان في خضم هذا العالم المتلاطم المتطور هو الإنسان. وإذا حصل أن تغيرت مفاهيمه فهذا يعني تطبّعه مع البيئة التي يعيش فيها ولا يعني مطلقاً تغيره جوهرياً في كيانه.

إن حرية الفكر والرأي حق أساسي, بها يشعر الإنسان بإنسانيته ويستثمر أجلّ نعمة وهبها الباري له وهي نعمة العقل, ومن خلالها يتمكن من تسخير الطبيعة والموجودات وإعمار الحياة شرط أن تترافق الحرية والمسئولية. فلا حرية دون مسئولية, كما أنه لا مسئولية دون حرية, فهما قيمتان متكاملتان.

أما المثل العليا التي تدفعنا إلى أعلى كما تدفعنا إلى الأمام فهي التي تهبنا القدرة على أن نعلو فوق مستوى أنفسنا, الأمر الذي ما كان لنا أن نبلغه دونها. وهذه القيم ليست من صنع الإنسان ولا من نتاج العقل, فهي في الواقع غير المادي الذي يوجد في كياننا الروحي. إنها كما يقول (جود) Joad هي عناصر الحياة الفعلية المستقاة من وجودنا وهي الغايات التي هي خير في ذاتها, وتتمثل في أصول أربعة: السعادة والخير والحق والجمال. والقيم الكلية عند (جود) هــي الوســـيط الذي يتـــجلى به الله وبذلك يكون العـــالم الحقـــيقي مجــــموع القـــيم التي هي بمنزلة الوحدة التي تعتــــبر أســـاس الكون بأسره.

ولكل من الباحثين نظرته الخاصة في تصوّره للقيم. فمنهم من جعلها امتداداً لموقفه من الوجود والمعرفة, وهذا هو الاتجاه الغالب لمعظم مَن تعرض للقيم. ومنهم من جـــعلها بداية لفلسفته ومفتاحاً لفهمها مثل (نيتـــشه). ولـــعل هذا من أسباب اختلاف اتجاهات القيم. ويعتبر (كانط) الفيلسوف الذي أثار مسائل جديدة تدور حول الــــقيمة والوجود.

أما الفن فهو ينقل ما هو كائن إلى مستوى ما ينبغي أن يكون. والفنان لا يضع آثاره بمعزل عن غيره من عصره بل يتصل بهما. والفن من حيث هو تذوّق هو المتعة والإثارة التي تعتور الإنسان في تأمله للوحة أو لتمثال ومشاهدته لمسرحية أو لقصة سينمائية ومطالعته للشعر أو للنثر وإنصاته للموسيقى إنما يشارك المتذوق الفنان المبدع فيما يحسّه من رضا في قهره للطبيعة الصامتة واستنطاقها ومساهمته المباشرة في خلق عالم إنساني يعلو عالم المادة الثقيل, فهو يبحث عن الاكتمال ويتمرّد على كل ما يختزله فرداً منغلقاً على نفسه ويرفض كل ما من شأنه أن يحد من شخصيته.

والقيم عند الفنان هي الصورة التي تأتلف مع هيولاه إن استعرنا اصطلاح أرسطو. فالموسيقى إذا ما فقدت قيمتها الفنية فهي محض جلبة وضوضاء, ولوحة المصور دونها مجرد ضربات فرشاة, والشعر إذا خلا منها فهو ألفاظ منظومة, وهكذا سائر الفنون.

والعلم في الأساس هو اكتشاف القوانين الطبيعية وصوغها. وعملية الاكتشاف والصياغة عملية مشروطة بما يشرط كل فعل إنساني آخر. وبذلك لا يقع العلم بعيدا عن القيم. والقول بإنكار تعلق العلم بالقيم إنما هو تعبير عن اغتراب العلم عن الإنسان مصدر إنشائه. علما بأن العلم هو نشدان الحق وتجليته والتطابق معه, ومادام العلم يبحث في الكون فهو يبحث إذن في قيم وغايات كونية Cosmic وذلك بمعنى أن الكون بأسره تحدده قيم وتدفعه غايات, وعلى العلم أن يدرس هذه القيم وتلك الغايات على أنها حوادث ووقائع موضوعية.

وفي إطار منظومة القـــيم هناك الـــقيم الفكرية التي تركــز على رفض الأمــــية وتكريـــــم العلم ونشره, والدعوة إلى الإبــــداع والتفكير في الطبيعة وأسرارها وفي الذات الإنسانــية خلقا وسلـــوكا, والبحث عن المعرفة والحكمة من أي وعـــاء خرجـــت. وقــــد برهن المجتـــمع العربي الإسلامي عـــن انفـــتاحه عــلى مختلف الثقافات, فـــقد ســـبق أن اقتبس من الثقافات اليونانية والفارسية والهندية وغيرها.

الحب والكره

وأما القيم الاجتماعية فتتجلى في محبة الناس والتعاطف معهم. والإنسان الاجتماعي يرى في الحب الوسيلة الوحيدة الملائمة للروابط المتعددة بين الناس, كما أن الحب والكره هما محرّكا الحياة الإنسانية وبين قطبيهما تتأرجح الحياة إيجاباً وسلباً. فإذا تغلّب الحب على الكره استمرت الحياة في تألقها وعطائها. وإذا تغلّب الكره كان تعسّرها وركودها, وهذا وذاك لهما علاقة بالقيم السلبية والإيجابية. ففي الحالة التي يتغلب الحب فيها تكون الأعمال البنّاءة في الحياة وحيث يتغلب الكره يكون الزهد في العمل. وإذا حصل العمل كان تهديمياً.

بيد أن الحب ليس قيمة كما يرى بعضهم, وإنما جعلها تتجاوز القيمة. فهي العاطفة التي تسيّر القيم تحت لوائها.

وإذا لم يكن الحب قيمة, وكان العاطفة المولدة للقيم, كان كل ما يمسّه يتمتع بقيمة من القيم سواء كانت الحقيقة أو الخير أو الجمال, ولذا يعتبر الحب واهب القيم الدائم.

وتتصل هذه القيم بأفعالنا اليومية من جهة طابعها الذي يجعل منها عادلة أو جائرة, صائبة أو مخطئة, وهذه الأحكام التي تصدرها لها تأثيرها الحاسم. ويختلف الأفراد فيما بينهم في هذه الأحكام. وتؤكد القيم الاجتماعية على احترام الأسرة واعتبارها نواة البناء الاجتماعي, ويتجلى ذلك في إطار المبادئ الإسلامية خاصة تلك المتعلقة برعاية الوالدين, والتراحم بين ذوي القربى, وصون حقوق المرأة.

كما تؤكد على التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية ونبذ الأنانية الفردية, وإيثار المروءة والعفو عند المقدرة, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكذلك على العدل الاجتماعي بعدم استغلال الإنسان ومنع الاحتكار, وتقديس العمل والإنتاج, فهما قيمتان أساسيتان في الإسلام مبدأ وتطبيقاً, ومجانية التعليم وجعله مفتوحا أمام الجميع.

وفي طليعة القيم الاجتماعية تأتي القيم الوطنية التي علينا أن نركز عليها, وخاصة في المرحلة الراهنة, فهي التي تمثل الجانب المهم من ذاتيتنا ومن تفكيرنا ومن تطلعاتنا. وحين يعي الإنسان قيم مجتمعه ينشط للحياة ويحسن منه السلوك ويتقن العمل لا مجرد وسيلة للارتزاق بل خدمة اجتماعية يجب أداؤها بأمانة ليزدهر المجتمع الذي هو منه. وإن في وعيه لحقيقة مجتمعه وعيا لوحدة الاشتراك في الحياة ضمن الوطن, أي ضمن المتحد الاجتماعي الذي اكتسب شخصيته عبر الأجيال. هو وعي لمطالب هذا الوطن ومعالجته وهو الابتعاد عن كل ما يؤذي وحدته وإذ يضع المواطن مصلحة وطنه فوق كل مصلحة, فإنه ينزله في نفسه منزلة القدسية. فكل اعتداء عليه اعتداء على أبناء الوطن جميعهم دون استثناء, وكل اقتطاع لجزء من أجزائه, مهما كان صغيراً, يعني تحطيم المتحد في أهم ركائزه يعني بالضرورة تحطيم الإنسان.

القيم والغزو الثقافي

وتجدر الإشارة إلى (الغزو الثقافي) الذي قد يستفحل بحيث يؤثر سلبياً في الثقافة العربية وفي الشخصية العربية ذاتها عن طريق المتغيرات التي تتسلل إلى القيم الثقافية والأخلاقية والاجتماعية الأصيلة. ولقد كثر الكلام عن مدى تأثر المشاهد العربي بمظاهر الحياة التي تعكسها البرامج المتلفزة وشدة إعجابه بها, وتقليد الشباب بالذات أنواع السلوك التي يشاهدها بأسلوب شائق مما يؤدي إلى سلب الشخصية العربية ذاتيتها وأصالتها ومقوماتها وبالتالي قيمها, وهذا وضع خطير يحتاج إلى مواجهة فعّالة وإلى الوقوف في وجه ذلك التحدي.

لقد دخلت البشرية اليوم عصر المجال السمعي - البصري والتواصل الفوري. أي أن النمط التكنولوجي هو المهيمن, كما لو أننا حيال عالم أثيري يتكون من الصور والإشارات والنصوص المرئية والمقروءة على الشاشات الإلكترونية دائمة البث مما يهدد منظومات القيم وطرق الحياة, حيث نجد الثقافات الخاصة بالشعوب على اختلافها وتنوّعها غير محصّنة أمام سيل الرسائل والإشارات التي تجوب ارجاء الأرض طوال الوقت حاملة معها أفكاراً إنمائية جديدة من المشاهد التي أخذت تملأ مخيلة الناظرين إليها. أما أهدافها الاستراتيجية فتعلنها العولمة بوضوح وهي تتمثل في قيادة السوق السلعية العالمية بعد أن تكون قد فككت كل الهويات القومية والتاريخية وألغت كل الحدود الدولية متوخية ابتلاع الطبيعة والبشر في آن.

هذا وإن تحليلاً دقيقاً للعولمة وللصهيونية يبين أنهما تمثلان أخطر ظاهرتين في التاريخ على مصير الوطن العربي بوجه أخص, وبالتحديد فيما يتعلق بلغته وثقافته ورسالته الإنسانية وبقيمه الأصيلة التي كانت ولاتزال هداية للبشرية منذ فجر التاريخ.

ومما يجدر ذكره هنا أن الدول المتقدمة قد أدركت خطورة الاستفراد والهيمنة على مقدرات العالم وثقافاته وقيمه. ففي فرنسا مثلاً هناك إجماع على اتخاذ جميع الوسائل الكفيلة بحماية اللغة والثقافة الفرنسيتين من التأثير الأحادي. كما أشارت دول عدم الانحياز إلى خطورة مفاعيل العولمة وآثارها. فقد ورد في البيان الختامي لمنظمة دول عدم الانحياز (إن العولمة تشكل تهديداً خطيراً للحريات, ويجب ألا يجتاح الجميع أمامها...).

وبسبب خطورة اجتياح الغزو الثقافي وخاصة ثقافة الصورة والبث المتلفز, الذي أضعف العمل بنظام التخاطب التقليدي الثقافي عبر الكتب والصحف والمجلات وصولاً إلى المدارس والجامعات والذي يتعرض للقيم الأصيلة في المجتمع العربي ويمس الأمن الثقافي ومكونات الهوية والأخلاقيات, يتوجب على المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية مواجهته والعمل الجاد على منافسته في هذا العالم الجديد (المشرع الأبواب) على خيارات لا تنتهي.

العولمة والقيم الإنسانية

ومع نمو العولمة يزداد تركز الثروة ويتسع التباين الكبير بين الناس, وتستفحل القيم المادية الجديدة التي أفرزتها العولمة بصورة لا مثيل لها. وهنا يجدر التوضيح بأن 358 مليارديراً في العالم يمتلكون ثروة تناهز ما يملكه 2.5 مليار من سكان كوكبنا. وأن هناك 20% من دول العالم تمتلك 85% من مجموع المدخرات العالمية, وهذا التباين القائم بين الدول يوازيه تباين آخر داخل كل دولة حيث تستأثر مجموعة قليلة بمعظم الدخل الوطني. وتمارس الديمقراطية فقط حينما يكون الناس في مأمن من الفقر والمرض والبطالة وإذا لم يتحقق ذلك فيبقى هؤلاء مهددين بنظم تسلطية. وباختصار فإن جميع مشاكل العولمة تؤدي إلى الفقر والاستغلال وانعدام الأمن والبطالة وبالتالي القضاء على القيم الإنسانية التي شكلت مناخاً سليماً وصحياً للبشرية طيلة عهود. وإن أخطر نتائج العولمة هي تلك المتصلة بمخاطر الاقتلاع الثقافي وضياع الهوية الذاتية القومية لدى أكثر سكان الأرض الذين يزداد ضياعهم ويخضعون لمخاطر الحروب الأهلية الكامنة والمتفجرة في أي مكان.

وإذا كانت أهداف العولمة في الأساس تعني أن يكون العالم مشرع الأبواب كمجال حيوي اقتصادي وأمني وثقافي يهيمن عليه ويتقاسمه الأغنياء والمسيطرون القادرون دولاً وأفراداً وفق معايير السوق. فمن الطبيعي أن تنتج عن ذلك تبعات ومخاطر تتعدى المجال الاقتصادي إلى المجالات السياسية والثقافية الموصلة بالمجال السياسي والهوية وأنماط العيش والقيم.

والواقع أن شرعية وقانونية القرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن قد بدأت تهتز وتفقد مصداقيتها نتيجة تسخيرها لمصلحة الأقوى وتطبيقها على طرف دون آخر وهو ما لمسناه في تصدّيها لمشكلات عالمية وإقليمية مختلفة وخاصة فيما يتعلق منها بالمنطقة العربية وبالنزاع العربي - الإسرائيلي, وإذا أضفنا إلى ذلك تزايد نشاط المافيات والاتجار بجميع أنواع الأسلحة والمخدرات, إلخ... أدركنا مدى الحاجة إلى إعادة النظر بما يجري على الساحة الدولية وإلى تطوير قانون المؤسسات الدولية بما يستجيب لمعالجة هذه المشكلات الخطيرة في زمن العولمة, خاصة أننا نشهد اليوم تحولاً جذرياً في أدوات وتقنيات إدارة الصراع التي يتقنها ويقودها رأس المال بوصفه فعلاً كفاحياً خطيراً.

إن مجابهة العولمة وتحدي التحوّلات الكبرى والتغيرات الحاسمة التي يشهدها العالم على أكثر من صعيد تستوجب صياغة رؤية استراتيجية تمكن المتضررين من العولمة من تخفيف آثارها السلبية وإتاحة الفرصة لتحدي السلبية بالعمل على إيجاد عولمة بديلة منصفة تمكّن جميع الأمم والشعوب من صياغة المستقبل الذي تتوق إليه والمحافظة على قيمها الأصيلة والمشاركة في صنع مصير العالم. ولا أعتقد أن هذا مستحيل إذ أثبتت الأحداث أن مؤشرات الرفض بدأت تنطلق من مختلف مناطق العالم وعلى أكثر من مستوى, كما أن هناك حركة نضالية وأنشطة مستمرة تجري في أكثر من منطقة من العالم لتحقيق الديمقراطية المناهضة لديكتاتورية الأسواق المعولمة وأصوات من هنا وهناك تدعو لاحترام إنسانية الإنسان وحماية البيئة والعدالة الاجتماعية

 

عبدالرءوف فضل الله