العدد (567) - اصدار (2-2006)
هو أمير الشعراء, وهي الإمارة التي حملتها القوافي العربية منقادة لشاعر العرب الأشهر في التاريخ المعاصر لتصير عنوانه, وقيمته, وميزته أيضا, بين مجايليه من الشعراء الذين تخلوا, طواعية, عن نرجسية الشعر الموروثة حتما, وإن إلى حين, ليعترفوا به أميرا لهم, في احتفال حقيقي أقيم في قاهرة العشرينيات من أجل الإعلان عن ذلك اللقب الأول والأخير, وكأنهم, يقرون, بأن أحمد شوقي وحده, بما تحقق له وما حققه, من إنجازات شعرية في ديوان العرب
كي أخلَعَ فيها جسديَ العليلْ أرتدي أيَّ الحكاياتِ العتيقاتِ ظلَّ جدَّتي مثلاً, أو رذاذَ النهْرِ الأنيقْ أريدُ نيزكًا تائِهاً عن بيتِه كي أرمِّمَ ذاكرتي بنارِهِ
اعتادت متاحف الفن في كل أنحاء العالم على أن تقوم بترميم لوحات الفنانين التي تصيبها الأضرار بمرور الزمن. والقصيدة تتخيل كيف يعود الفنان العراقي الرائد الراحل فائق حسن ليرمم جداريته المشهورة, التي نفذها قبل أكثر من أربعين عامًا في ساحة الطيران وسط بغداد
الشاعر الفلسطيني محمود درويش واحد من الشعراء القلائل الذين عملوا على تطوير أنفسهم, وتطوير القصيدة العربية,وتنقيتها من شوائب النمطية وفقر الدم واللغو المجاني. لا يعود ذلك - بالطبع - إلى الموهبة وحدها- وهي في حال درويش عالية ومتأججة - بل إلى الإخلاص لقضية الشعر واعتباره عصب الحياة ومدارها ونقطة ارتكازها الأساسية. فبالرغم من أن الشاعر قد حصل خلال حقب مختلفة من حياته على امتيازات اجتماعية ومادية
بلا وعدٍ من العينين أدخل وَهْدةَ الوجدِ على إيقاع نظرتها.. وهمس رفيف سحر الهدبِ إذْ رشقته بالجدّ أغالبُ عُنْفَ أقداري وأُشْعِلُ شَمْعةً للحلمِ وسط الريح والبردِ
أتصور أن علاقة التضاد بين الاثنين لاتخلو من معنى التولد الذي تنطوي به الظاهرة على نقيضها, أو تفضي إليه, أو تستلزم حضوره الذي يواجهها بما يقاومها ويهزمها وينفيه على المستويين: النظري والعملي. ولكل من المفهومين جذور قديمة, متأصلة في تاريخ الإنسانية, قد تتنوع من ثقافة إلى ثقافة, وتتباين من مرحلة زمنية إلى أخرى. لكن يظل جوهر كلا المفهومين موجودًا قائمًا في تقابله, كما لو كان هو الوجه الموازي لثنائية الشر والخير في داخل الإنسان
قبل قرون من امتلاء وسائل الإعلام بأخبار عما يسمى (تأثيرات العولمة), حكى الشيخ (قالندار شاه) القصة التالية في كتابه (أسرار الوحدة). في شرق (أرمينيا) كانت هناك قرية صغيرة تقع بين طريقين متوازيين, تُعرفان بالطريق الجنوبية والطريق الشمالية. وذات يوم وفد إلى القرية مسافر قادم من مكان بعيد, جاء سائراً عبر الطريق الجنوبية, وقرر زيارة الطريق الثانية أيضاً. ولاحظ التجار المحليون امتلاء عينيه بالدموع
في تلك الساعة فقط, أيقنت أنني قصير, مع أنني أعرف ذلك منذ أربعين سنة, لكنني أعاند نفسي وسواي, وأقول بأنني على جانب من الطول ولست قصيرًا كما يظن أقراني. هذه المرة وأنا في حفلة السيد الوزير, تأكد لي أنني قصير بالرغم من الحذاء العالي الذي يخفيه ذيل بنطالي, نظرت إلى ضيوف الوزير بشيء من الريبة, لاسيما هاشم الزعفران المدير العام المشرف على شئون المسرح, وسكرتير الوزير في الوقت نفسه, فهو يتحرك في الصالة كما البهلوان
والتفت سائق الحافلة الصغيرة (الميكرو) ممازحًا الشرطي على الطرف الآخر: تسجيل مخالفة? لا, لن تفعلها يا صديقي!) ابتسامات متبادلة هنا وهناك, بينما يقبع الشاب في عمق الحافلة مجاورًا للنافذة الخلفية: (أتراها تنازع الموت الآن?) كان هذا هو اليوم الأخير من امتحانات الفصل الأول, وهو الشاب مسكون بهواجس مرض خطيبته المفاجئ الذي أقعدها عن التقدم إلى امتحاناتها في الكلية
بلا وعدٍ من العينين أدخل وَهْدةَ الوجدِ على إيقاع نظرتها.. وهمس رفيف سحر الهدبِ إذْ رشقته بالجدّ أغالبُ عُنْفَ أقداري وأُشْعِلُ شَمْعةً للحلمِ وسط الريح والبردِ
أتصور أن علاقة التضاد بين الاثنين لاتخلو من معنى التولد الذي تنطوي به الظاهرة على نقيضها, أو تفضي إليه, أو تستلزم حضوره الذي يواجهها بما يقاومها ويهزمها وينفيه على المستويين: النظري والعملي. ولكل من المفهومين جذور قديمة, متأصلة في تاريخ الإنسانية, قد تتنوع من ثقافة إلى ثقافة, وتتباين من مرحلة زمنية إلى أخرى. لكن يظل جوهر كلا المفهومين موجودًا قائمًا في تقابله, كما لو كان هو الوجه الموازي لثنائية الشر والخير في داخل الإنسان
في تلك الساعة فقط, أيقنت أنني قصير, مع أنني أعرف ذلك منذ أربعين سنة, لكنني أعاند نفسي وسواي, وأقول بأنني على جانب من الطول ولست قصيرًا كما يظن أقراني. هذه المرة وأنا في حفلة السيد الوزير, تأكد لي أنني قصير بالرغم من الحذاء العالي الذي يخفيه ذيل بنطالي, نظرت إلى ضيوف الوزير بشيء من الريبة, لاسيما هاشم الزعفران المدير العام المشرف على شئون المسرح, وسكرتير الوزير في الوقت نفسه, فهو يتحرك في الصالة كما البهلوان
قبل قرون من امتلاء وسائل الإعلام بأخبار عما يسمى (تأثيرات العولمة), حكى الشيخ (قالندار شاه) القصة التالية في كتابه (أسرار الوحدة). في شرق (أرمينيا) كانت هناك قرية صغيرة تقع بين طريقين متوازيين, تُعرفان بالطريق الجنوبية والطريق الشمالية. وذات يوم وفد إلى القرية مسافر قادم من مكان بعيد, جاء سائراً عبر الطريق الجنوبية, وقرر زيارة الطريق الثانية أيضاً. ولاحظ التجار المحليون امتلاء عينيه بالدموع
والتفت سائق الحافلة الصغيرة (الميكرو) ممازحًا الشرطي على الطرف الآخر: تسجيل مخالفة? لا, لن تفعلها يا صديقي!) ابتسامات متبادلة هنا وهناك, بينما يقبع الشاب في عمق الحافلة مجاورًا للنافذة الخلفية: (أتراها تنازع الموت الآن?) كان هذا هو اليوم الأخير من امتحانات الفصل الأول, وهو الشاب مسكون بهواجس مرض خطيبته المفاجئ الذي أقعدها عن التقدم إلى امتحاناتها في الكلية
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. وكان شاعرنا بدرا حقيقيا في سماء الشعر الحقيقي، وفي زمان الشعر الحقيقي أيضا، إنه الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أو أبو فراس الحمداني الشاعر الأمير، والفارس الأسير، المولود في الموصل سنة 320 هـ / 932 م ـ والمتوفى في حمص سنة 357 هـ / 967 م، والذي مارس حياته القصيرة نسبيا شعرا ونثرا في رحاب القصيدة والميدان، فارسا وشاعرا لا يشق له غبار، في المجالين اللذين بهما تكتمل صورة الرجل في ذلك الزمان العربي الغابر
عقب انقضاء ما لا يقل عن ربع شتاء بلاد الشام لم تسقط قطرة مطر، الأمر الذي أعطش الضرع وجفف الزرع، ولهذا توجه الفقراء والمظلومون لخالقهم بصلاة الاستسقاء، فرفع عنا الضر بالماء في صباح 24 / 12 / 2005، علمًا بأنه سبق لموظفي السلطات الدينية أن بحثوا كثيرًا في نشرات الطقس الإقليمية عن وقت يتأكدون فيه من سقوط الأمطار في أعقاب قيادتهم لصلاة استسقاء ما، وذلك إثباتًا لوجود بركاتهم
كانت مكتبة الجامعة أكثر الأماكن التي داومت على زيارتها والعمل فيها طوال الأشهر الاثني عشر التي عملت فيها بجامعة وسكنسن - ماديسون. وكان يُسمح للأساتذة باستعارة ما شاءوا من الكتب، وتخصص الجامعة لمن شاء منهم إحدى الكبائن التي تضم طاولة للكتابة وعددًا من الأرفف التي يضع عليها كل أستاذ الكتب التي يستخدمها، وله الحق في استخدام آلة كاتبة، إذا أراد، ولم يكن الكمبيوتر ومباهج الإنترنت العلمية قد عرفت بعد. وقد حصلت على إحدى هذه الكبائن التي كتبوا اسمي عليها
خرجت أمي من الليوان إلى أرض الدار، ونادتْ دون انتظار ردٍّ من أختي هدلا: صار وقت الإفطارِ يا هدلا. ولم تولِ أمي انتباهاً إلى أن هدلا كانت تنزلُ زاحفة، نحو الخلف على الدرج، وهذه كانت طريقةُ ابنتها في النزول، وفي الصعود من، وإلى عليتها. كانت هدلا تضحك بصوت أبله متهدج، وقد اعتدنا على ضحكاتها، وأكثر من هذا، حين فقدت هدلا الكثيرَ من قوة عضلاتها، وفقدت القدرة على التعبير بنطق سليم ومتوازن، لم يبقَ لها من وسيلة للتعبير عن انفعالاتها سوى الضَّحك
كنت أنتظر رسالة. لم يكتب لي أيّ كان رسالة. لم أكن أملك أي شخص مقرّب، لا هنا، ولا في الوطن، ولا في أي بقعة في العالم. كنت شخصًا مسنًا وحيدًا. وليكن، قلت في نفسي غير مرة، فمن غير الممكن، أن يمتلك الجميع أشخاصًا مقربين، هذا أمر طبيعي، ثم إن الناس الوحيدين ضروريون أيضًا كي يفهم الآخرون كم هي الوحدة أمر مرعب، ويحاولوا حماية أنفسهم منها
بأستذة اعتادها توجه له والده بسؤاله المكرور دون أن يبدي اهتماماً حقيقياً وربما دون أن ينتظر ليسمع الإجابة: وكيف علاماتك؟! أجاب بصوت حاول أن يجعله متزناً قدر الإمكان: تمام ! … تمام الحمد لله ! وصمت بأسى وهو يراقب والده يغادر لشئونه، يشعر بأنه وحيد، صحيح أنه يعيش وسط عائلته، والديه وأخوته، لكنه وحيد إذ ليس ثمة تواصل حقيقي بينه وبينهم غير بضعة حوارات مبتورة مع أخيه الذي يصغره بثلاثة أعوام لكنه لا يفهمه تماما، أما أخواته البنات فهن همّ عليه