العدد (554) - اصدار (1-2005)
صحيح أن مواضيع الواسطي مستوحاة من مقامات الحريري, ولكن طريقته في التعبير واستقلالية أسلوبه (نسبة إلى المنمنمات السائدة في عصره), هذا الأسلوب المتميّز بالعفوية والارتجالية المرتكزة على مخزون كثيف من الثقافة جعله ينوّع في توزيع عناصر لوحاته, في تآليف تُظهر مدى الغنى والجرأة في آن معا, وتخطّي المألوف آنذاك, ونحن نعلم ما تتمتع به منمنمة ذلك العصر من طرق تعبير منمقة ومدروسة ومتأنّية
إضافة إلى النواحي الجمالية المتميزة التي تعتبر تحصيل حاصل عند كبار الأساتذة عمومًا, تمتاز الصور الشخصية التي رسمها رامبرانت فان رين (1606-1660م) بإشعاعها العاطفي, والمشاعر النفسية المختلجة في أعماق هذه الشخصيات, وقدرة هذا الفنان على نقلها إلى المشاهد
تقترن تجربة المخرج التونسي الطيب لوحيشي بالمغامرة دائما, فهو لا يطمئن إلى النَفَس السائد, ولا يميل إلى تقليد التجارب المكرورة أو اجترارها لأنها لا تنطوي على شيء جديد, فالكشوفات لا يمكن أن تتجلى في الأشياء المطروقة أو المُنجزة أو التي سبق إنتاجها. والمبدع, في أغلب الأحوال, شخص مجازف لا يجد راحته إلا في ارتياد المناطق الخطرة حيث ينصب فخاخه لكي يصطاد الدهشة. والطيب لوحيشي هو نموذج مجازف راهنَ منذ بدايته الفنية على الخطاب الجمالي البصري الذي يوفّر متعة الصورة