العدد (551) - اصدار (10-2004)
منذ أن سقط التمثال بدأ الحديث عن إعمار العراق, إلا أن أحدًا لم يتطرق إلى موضوعة أساسية تستند إليها كل الأبنية الاقتصادية, وهي إعمار الثقافة, ذلك أن النجاح الاقتصادي لأي مجتمع يرتهن بنجاح الثقافة, حتى ذهبت فلسفة الارتقاء الحاضرة إلى التأكيد على الدور الأساسي للثقافة في تقدم المجتمعات, واشتقت العلوم الإنسانية نظريات ذهبت إلى القول: (إن العامل الثقافي يتصدر العوامل كلها من حيث تأثيره في حياة المجتمع الحاضرة والمقبلة)
يمر عالمنا بحقبة تاريخية تموج بزخم من متغيرات الثورة المعرفية بتياراتها العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية والاتصالية, وهي فترة تقتضي منا التفكير المحيط والعميق بما تستدعيه من مطالب لأداء رسالة الجامعة, تعليمًا وتعلّمًا لإعداد الثروة البشرية المقتدرة على التعامل مع معطيات هذا السياق واحتمالاته ومفاجآته. هذا فضلاً عن دورها في البحث العلمي وإنتاج المعرفة
لعل الأصالة والهوية تواجهان تحديًا بصعود مذاهب إنسانية يندرج فيها قَدْر من (العولمة) بمعنى التنميط, والتسطيح أي القضاء على الخصائص المميَّزة. أزعم أن الثقافة يحكمها منظور تاريخيّ, أي زمنيّ, كما يحكمها في الوقت نفسه سلّمٌ من القيم اللازمنية اللاتاريخية. في سياق ثقافتي الخاصة, أي الثقافة أو (الثقافات), المصرية العربية الإسلامية, أود أن أنفي عنها وهْمَ وحدة صلبة جامدة يفترض أنها تحشد كلّ مقومات وروافد هذه الأمة العربية