العدد (550) - اصدار (9-2004)

عاشق دمشق يتجول في الأندلس سلمى الحفار الكزبري سلمى الحفار الكزبري

تغنى نزار ببيت أسرته في قصائده, وبدمشق التي حملها بين ضلوعه بعدما غاب عنها للعمل في السلك الدبلوماسي, ولما شببت قرأت دواوين شعره وأعجبت بها قبل التعرّف إليه شخصيّا في مدريد عامي 1962و1963 عندما كان زوجي الدكتور نادر الكزبري سفيرًا لسورية في إسبانيا, وأتى إليها نزار للعمل مستشارًا معه في تلك السفارة. كان والد نزار عضوًا في الكتلة الوطنية التي كان والدي لطفي الحفار أحد مؤسسيها ومقاوما للانتداب الفرنسي مثله, فسُجن كلاهما بسبب تلك المقاومة عندما كنا - هو وأنا - طفلين

نزار قباني 1923-1998 عُمْر من الكلمات العِذاب المحرر

وُلد نزار قباني في دمشق عام 1923, ومات في لندن عام 1998. وما بينهما, عاش حياة حافلة تنقل فيها بين أكثر من عاصمة. لم تتحمّله العواصم العربية كثيرًا, أو بالأحرى لم يستطع هو تحمّلها, فتنقل كدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين, ثم ترك العمل الدبلوماسي وتفرّغ للشعر. وعلى مدى عمره المديد أصدر إحدى وأربعين مجموعة شعرية كانت بدايتها (قالت لي السمراء) عام 1944

غَزَل العَطَش والارتواء خريستو نجم خريستو نجم

ما حاجة نزار إلى عدسات المصوّرين? إن لشعره مقدرة سحرية في التقاط خصوصياته وأجوائه الحميمة. فهو كان يدخلنا إلى بيته ومكتبه, ويقودنا حتى إلى غرفة نومه, ويطلعنا على ألوان أوراقه وما علق فيها من خربشات لقصائد لم تكتمل, وهو لم ينس في معرض كلامه شيئا من لوازمه, ابتداء بمعجون أسنانه ورغوة الصابون على وجهه, وانتهاء بأزرار قمصانه ومنفضة رماده. إن أعمال شاعرنا مرتبطة إذن بـ (أناه) الجسمي قبل كل شيء, وغايتها استعراض نزار قباني الفتى الوسيم الذي طمح لتخليد رسمه بين الناس

سمات الوضوح والبيان في لغة نزار قباني الشعريّة ياسين الأيوبي ياسين الأيوبي

أدرك نزار قباني هذه الخاصية, فاتجه منذ بواكير شعره, نحو نسق شعري مكتنز بالوضوح, عامر بالأضواء الكاشفة عمّا حولها وتحتها من أسارير المعنى وتقاسيم الصورة, فأودع قصائده الأولى غلالات شفافة من رقّة اللفظ, ولطف المعنى, يُحدّث بها نفسه, ويسوقها إلى القارئ سطورًا ضوئية لا لَبْس فيها ولا التواء, بل انفتاح على كل الجهات, وأصوات خافتة تهمس في الأسماع همسًا, وتوقع إيقاعًا, مع الإشارة إلى أن بواكير الشعر لدى معظم الشعراء