العدد (544) - اصدار (3-2004)
المعروف أن سلوك الإنسان يكون مدفوعا بحاجاته الأساسية: بيولوجياً مثل الطعام والشراب وتجنب الأذى والحاجة إلى التناسل, ونفسيا مثل حاجته إلى التقدير والقبول الاجتماعي بل والتفوق, وبذل المحبة وتلقّي المحبة مما يلبّي الحاجة إلى تحقيق الذات. وهو في سبيل ذلك يتفاعل مع جميع المعطيات الموجودة في بيئته سلباً أو إيجاباً
في 21 مايو 1998, نشر عالم الاجتماع البريطاني, والمنظر الفكري لحزب العمال الجديد, أنتوني جيدينز, مقالا في مجلة نيو ستيتمان بعنوان: (شلل اليسار), مؤكدا سقوط الاشتراكية بكل ألوان الطيف. وفي سبتمبر من العام نفسه, انعقد مؤتمر قمة ضم بين أعضائه بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة آنذاك, وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا وزعيم حزب العمال (الجديد). وأعلن كلينتون عقب المؤتمر: (الزملاء الأمريكيون, لقد اهتدينا إلى طريق ثالث)
لقد رأينا الغرب كثيرًا دون أن نبصر به. تصارعنا معه طويلا وخضنا ضده عشرات المعارك ولم نحتك به حقيقة. اجتزنا البحر الجغرافي الذي يفصلنا عنه, ولم نجتز السهوب الموحشة التي تبعدنا عنه فكريا, باختصار لم نستطع أن نتعامل مع هذا الغرب القريب منا جغرافيا المناوئ لنا تاريخيا, ولم نتوصل إلى لغة التحاور الصحيحة معه. ربما كان علينا أولا أن نمتلك ذلك العقل البارد والمحايد, بحيث نضع هذه العلاقة على منضدة التشريح ونحللها إلى عناصرها الأولية بحيث ندرك السبب الذي جعلنا نتخلف بينما يواصل هو التقدم, وجعل الهزائم من نصيبنا بينما الانتصارات من نصيبه?