العدد (535) - اصدار (6-2003)
مفهوم الصنعة الشعرية واحد من المفاهيم التي انبنت عليها نظرية الشعر في النقد العربي القديم على امتداد عصوره, كما انبنت عليه النظرية نفسها في تجلياتها الإحيائية التي كانت بعثا للموروث العربي القديم, واستعادة لمفاهيمه الأساسية, ومنها مفهوم الصنعة, وأول ما يترتب على هذا المفهوم - سواء في أصوله القديمة أو تجلياته الإحيائية - هو الثنائية التي قسمت البناء الشعري قسمة حادة إلى شكل ومضمون
لم يكن محمد مهدي الجواهري شاعرا رقيقا ولا متأنقا, ولكن كانت تمور في نفسه عواطف جياشة تجعل قصائده دوما غاضبة, هذا الذي آمن بكل الثورات, وخانته كل الثورات, وبنى من الحلم عالما عريضا وثريا, وكان يستيقظ كل صباح ليرى دعائمه وقد انهارت, كان شاعر التناقضات الكبرى, نصبه البعض أميرا للشعر العربي, ونقده البعض بأن شعره يمتلئ بالعجيج والصخب
الجواهري شاعر التناقضات والمتناقضات, فقد مدح الملك فيصل الأول بالقوة نفسها التي مدح بها عبدالكريم قاسم, وهلل للثورات, ثم هرب من بطشها إذ انقلب عليها حين رآها لا تحقق العدالة والكرامة. وقد خرج من كل ذلك منفياً صفر اليدين حتى صار سؤال الحاكمين والمثقفين على السواء: ماذا يريد الجواهري? والجواب أنه كان يريد أولاً أن يكون شاعراً حرّاً, وثانياً يريد تغيير هذا الواقع العربي المتحجّر المتخلّف بأي ثمن من دم ونار
توقفت (موكامي) أمام الباب ثم أدارت رأسها ببطء وأسى وتوجهت ببصرها صوب دخان الموقد الكثيف وذلك المقعد الصغير بجانب البيت فترددت قليلا لكنها قالت لنفسها: لا, لقد قررت ولابد أن أرحل
هذه القصائد الطويلة الفخمة.. هل كانت مجرد كلمات جوفاء.. غاضبة ومتشنجة وهل كان الجواهري سريع الانفعال عاجزا عن التأمل?! إن هذا المقال يقدم رؤية جديدة ومختلفة لهذا الشاعر الكبير. عندما ظهر الشاعر محمد المهدي الجواهري كان يسيطر على الساحة الشعرية العراقية شاعران, تفاوتت حظوظهما من الشعر تفاوتاً كبيراً.
دع من الأمر ما لا تطيقْ واتخذ من هواك الجديد العتيقْ زادك المبتغى للطريق