العدد (755) - اصدار (10-2021)

ذو الرُّمّة «جزى الله البراقعَ من ثياب» عبدالله خلف التيلجي

ذو الرُّمة شاعر أموي، هو غيلان بن عقبة، تردّد على البصرة والكوفة، وأُغرم بحب مَيَّة، فأكثر من ذكرها... له ملاحظة في البراقع لم يسبقه إليها أحد، فيقول، وهو يدعو على البراقع، إنها قد تحجب القِباح، كأن تكون القبيحة ذات عينين جميلتين، فلا نرى وجهها القبيح الدميم في الفم أو الأسنان أو الخدود والرقبة... وعكس ذلك فإن البرقع يخفي الجمال فلا تراه:

شعر المتنبي هو المتنبي الآخَر عمر شبلي

يخطئ مَن يظنُّ أن الانحدارات الحياتية التي مارسها المتنبي في حياته هي شخصيته الحقيقية، لقد مدح وهجا وطمع بجمع المال، وقصد كافور الإخشيدي مادحًا متكسِّبًا، وذهب إلى «النوبنذجان» في بلاد فارس، مادحًا وجالبًا معه مالًا يبدو أنه كان السبب الحقيقي لمقتله، لقد هوى فعله في جغرافية المكاني وإغراءاته المادية، لكنّه كان يحمل في أعماقه دويًّا لا يحدّه مدى، وراح يلاحق هذا الدويَّ، ويبحث في الحياة عمّا لم تردْهُ له الحياة، فخلق كونه الآخر في شعر يخجل الموت أن يدنوَ منه، لقد كان خلّاقًا مبدعاً، ولم يدَعِ الموت يدنو من شعره، وتركَ في الدنيا دويًّا كأنما «تَداوَلَ سمعَ المرء أنمُلُهُ العَشرُ»: ولكنّ قلبًا بين جنبيَّ ما لَهُ مدىً ينتهي بي في مُرادٍ أحدُّهُ يرى جسمه يُكسى شُفوفًا ترُبُّهُ فيختارُ أن يُكسَى دروعًا تقُدُّهُ

جبّور الدويهي روائي الحياة اللبنانية سلمان زين الدين

«روائي الحياة اللبنانية»... هو عنوان المجلّد الرابع عشر الذي أصدرَتْه الجامعة الأنطونية في لبنان، ضمن سلسلة «اسم علم»، تكريمًا للروائي اللبناني جبور الدويهي (1949 - 2021)، فجاء عنوانًا على متن، واسمًا على مسمّى. لذلك، أجِدُني مضطرًّا لاستعارته في الحديث عن الروائي الراحل الذي اتّخذ من الحياة اللبنانية، بماضيها وحاضرها، عالَمًا مرجِعيًّا يمتح منه ويُحيل إليه.

«العين الحمراء» صور من ألبوم الحرب في لبنان د. ميشال جحا

تضم المجموعة القصصية «العين الحمراء» للدكتورة نور سلمان اثنتي عشرة أقصوصة واقعية، أغلبها من وحي الحرب اللبنانية، تظهر شرورها ومآسيها، تعرّيها دون أي خجل، تفوح منها روائحها النتنة. شخصياتها ليست من نسج الخيال؛ فوجيه بك وأم غسان ووليد وأبو بسام (ناطور البناية) وزكريا (ابن الحلاق) وفاطمة (الخادمة) والطبيب (ابن ماسح الأحذية)... كلهم وكثير غيرهم شخصيات من لحم ودم. أراد البعض أن يجد فيما حصل على الساحة اللبنانية بعض الحسنات! ولكن في الحقيقة ليست هناك سوى المساوئ. أما د. نور فهي رافضة للحرب، ولا ترى فيها سوى المساوئ والشرور.

نحو آليّات لقراءة ناجحة في شِعر عفيفي مطر د. محمد محمد عيسى

يَشيعُ عند بعض مَنْ يقرأ شعرَ محمد عفيفي مطر أن فيه كثيرًا من الغموض، ورُبَّما يكون هذا الأمر أكثر شُيوعًا لدى مَنْ يقرأ عفيفي مطر لأَوَّل مرة، ويقلُّ تدريجيًّا عند من اعتاد قراءته، وأجال النظر مرةً بعد أُخرى في قصيدته، ومع ذلك لن يستبعد المتلقي شيئًا مِن التشتُّت، وضياع أطراف القصيدة، أو انفلات نواصيها مِنْ قبضته، غير أن القراءة الدقيقة (الناجحة) لشعر عفيفي مطر سوف تمنح المتلقي مفاتيح للمقاربة الدلاليَّة، وتخفض حدة التشتت، وتعزِّز الاطمئنان إلى وجهات القراءة.

«الآخر العدواني» والرواية العربية «سباعية» إحداثيات زمن العزلة ﻹسماعيل فهد إسماعيل السيد نجم

ربما كان الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل هو مَن رسّخ لفن الرواية في الكويت، ولا غضاضة في أن تكون روايته «إحداثيات زمن العزلة» هي عمود الخيمة، على الرغم من أنها رواية مقاومة لمواجهة العنف، مع تجربة شرسة مع الآخر العدواني العربي، لتؤكد الرواية والروائي أن رواية المقاومة رسّخت لفن السرد الروائي منذ بشائر إنتاج الرواية العربية أواخر القرن الـ 19 وبدايات القرن الـ20.