إذا كنّا، كعرَب، قد عجزنا عن تحقيق الوحدة الجغرافية، وفشلنا في العمل المشترك، فما المانع من تحقيق الوحدة اللغوية من خلال تأسيس مجمع للغة العربية يضم أهم علماء اللغة من الدول العربية كافة؟... أين تكمن المشكلة إذن؟ في سنّ مبكرة، وقعت في يدي نسخة من «مختار الصِّحاح»، ذلك القاموس العربي المختصر الذي لم أكن أعرف أهميته، ولا كيفية فكّ رموزه في ذلك الوقت، ولكن مع بعض الجهد استطعت أن أتغلغل في صفحاته، ولم أستطع الفكاك منها بعد ذلك، لم يكن مجرد قاموس يوضح معاني الكلمات الغامضة، لكنّه يسرد تاريخ كل كلمة، يوضح ظلالها ويغوص خلف جذورها التي تعود في أغلبها إلى الصحراء، ثم يفرّق بينها وبين الألفاظ الجديدة التي استجدت مع توسُّع الدولة الإسلامية ودخول شعوب من غير العرب في نطاقها.