العدد (758) - اصدار (1-2022)
تحتفي البلدة الإسبانية «سان بارتولومي دي بيناريس» ليلة كلّ سابع عشر من يناير بطقسها السنوي الذي يدعى اللومينارياس، أي عيد الأنوار... وهو طقس غرائبي متوهج، ترقص فيه البلدة على إيقاع الطبول ونغمات الناي الريفي، وتأجج النيران التي تقارعها الخيول الإسبانية القشتالية كي تطرد عنها شرّ الأرواح، يمتطي جموحها فرسان أشدّاء يرسمون بانطلاقهم لوحات سوريالية، ويبقرون رفقة خيولهم بطون اللهيب المستعر.
لا يبدو وصف «فنان الشعب» اليوم مألوفًا لنا في لغتنا اليومية، على الرغم من ازدياد الشعبوية في أرجاء العالم، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، بل ربما بدت العلاقة بين الأمرين عكسية؛ فكلما زدنا في الشعبوية ندر العثور على فنان تتحقق فيه الشروط العامة التي تصنع منه فنانًا للشعب. وتزداد هذه الندرة يومًا بعد يوم، إلى الدرجة التي يتبدى فيها كأننا وصلنا حد القحط.
مرَّت منذ مدَّة قصيرة الذّكرى السابعة لوفاة الشاعر والناقد والصحفي أنسي الحاج (72 / 7 / 7391) - (81/2/4102). وقد يكون من المهم التحدُّث عن رؤى هذا الشاعر «المتمرِّد» إلى الشعر، في هذه الآونة التي نقرأ فيها كتاباتٍ جديدة متحرّرة من كلّ قيد، ما يذكِّر بتجارب أنسي ورفاقه، التي كان يواكبها التنظير ويليها النقد، في حين تفتقر هذه الكتابات إلى هذين الصَّنيعين. نشأ أنسي في فضاء ثقافي يتيح له فرص القراءة والكتابة والنشر، فوالده، لويس الحاج، صحفي ومترجم، وعمل رئيسًا لتحرير جريدة «النهار» اللبنانية.