العدد (762) - اصدار (5-2022)

البوصلة الثقافية العربية: ضياع في الوجهة أم فقدان لها؟ فردريك معتوق

الثقافة شأن ثقافي لا محالة، بيد أنَّها وبالتزامن أيضًا شأن اجتماعي، ففي شكلها البسيط تتماهى - كما يُشير إليه الأنثروبولوجيّون - مع كل ما يُضيفه الإنسان على الطبيعة، مهما صَغُر ومهما كان بديهيًا، لكن في شكلها الأكثر تركيبًا ورمزية تغدو فكرًا أو منظومة فكرية. وفي جميع الحالات هي تنبثق من حاجة جماعة بشرية ما إليها لانتظام حياتها اليومية والعملية.

بؤس العالم أو تغريبة «التيه الوجودي» صالح لبريني

يُوجد العالَمُ في وضع مقلوب، يمشي على رأسه ضاربًا عرض الحائط بالوضع الطبيعي، متسلّحًا بأيديولوجية السّيْر عكس التّيار، المُنتصرَة لعشوائية الظاهر وطمْس معالِم الباطن، ولعلّ هذا ما حملته العولمة ومخطّطاتها، ذلك أنّها سعتْ إلى تكريس الحياة في بعدها المادي/ الربحيّ وتغييب الجوهر المعنوي/ الروحي الذي يشكّل عصَب وجود الإنسان على هذه الأرض، فكانت الأفكار والثقافة المؤسِّسة لها تجنح إلى الاتجاه المناقض، بإشاعة كل ما هو سطحي وغير مجدٍ للإنسان ككائن يبحث عمّا يحافظ على وجوده، والدّفع به إلى عالَم تُهيمن فيه اللّاقيم واللّاجدوى،