العدد (762) - اصدار (5-2022)
الروائي الفلسطينيّ الكبير يحيى يخلف كاتبٌ استثنائيّ، وسارد من طرازٍ رفيع... ارتبطت كتاباتهُ السرديّة بفعلهِ النضاليّ في المقاومة الفلسطينية، بحبرِ روحٍ متفانيةٍ في حُبّ الوطن، كفدائي منغّم الخطواتِ، سلاحهُ الأكثر مضاءً الكلماتُ التي لا تموت، وخرائط غزواتهِ رؤى بجرأة فجر مهيب... وكمثقف - سياسي حارسِ رؤى وتطلعاتِ الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
غزة مدينة الصمود والمقاومة... تاريخها سطره موقعها الجغرافي، واختلفت الآراء حول موقع غزة القديمة، فهناك من قال إنه تل العجول القريب من المدينة الحالية، وهناك من قال إن المدينة الحالية شيدت فوق المدينة القديمة، وفي حقيقة الأمر أن المعطيات تشير إلى أن غزة في عصور ما قبل التاريخ كانت في تل العجول، ثم هجر إلى موقع غزة الحالي، وقد ذكرها المؤرخ اليوناني هيرودوت في تاريخه، موقع غزة هو سر خلودها، فهو أول واحة تقف عندها القبائل العربية لتحط رحالها وتجد الطين والخصب بعد صحراء قاحلة، لتصبح غزة أول مدرسة لتعليم الزراعة والاستقرار لمن تعود على الرعي والترحال، فهي مصب بشري بحكم موقعها الحدّي بين المزروع واللامزروع عبر عصور التاريخ، فهي آخر الصحراء شمالًا وأول البحر المتوسط جنوبًا، فجذبت لها القبائل العربية لهذه الأسباب.
المشهد الأول في فيلم «صالون هدى» لهاني أبو أسعد يتكشف خلال عشر دقائق متواصلة، تظهر فيه مصففة الشعر هدى (منال عوض) ترعى زبونتها الوحيدة، وهي امرأة تدعى ريم (ميسا عبد الهادي). تتحدث النساء عن حياتهن، وعن وسائل التواصل الاجتماعي، وتتحدث ريم عن غيرة زوجها الجديد. قد يكون الصالون واجهة مؤقتة في مدينة بيت لحم المحتلة، تحت ظل الجدار العازل، لكن المحادثة هي الدردشة اليومية المعتادة لصالون تصفيف الشعر. في نهاية الدقائق العشر يحدث شيء ما، شيء يثير كل رعب يتبعه وقت عرض مدته ساعة ونصف الساعة من التتابع المليء بتوتر الأعصاب. بعض المقدمات «تفسد» ما يحدث في هذه اللحظة، لكنك تدخل في منطقة البرد والظلام، وهي تجربة حيوية. هذه اللحظة غير متوقعة، وصادمة للغاية، خاصة بعد الطاقة العرضية للمحادثة السابقة، لا تتمكن من استعادة توازنك. قام أبو أسعد ببناء المشهد الافتتاحي بعناية ليحضر جمهوره حيث يريد أن يكونوا. بمجرد أن يحصل علينا لا يتركنا.