العدد (763) - اصدار (6-2022)

من «الشيّاح» إلى «سماء نائية» إسماعيل فهد إسماعيل الرواية توثيقًا للتاريخ قاسم حسين

هل كان الروائي الكويتي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل حين كتب رواية «الشيّاح» عن بدايات الحرب الأهلية في لبنان، يتخيّل أنه سيكتب يومًا عن حرب أخرى ستدور رحاها على أرض بلده الكويت، بعد أقل من عقد ونصف العقد؟ في مثل هذا الأدب الروائي هناك توثيقٌ للحدث، وتسجيلٌ للتفاصيل، وإدانةٌ للجرائم ضد الإنسانية، والأهم حفظٌ للتأريخ. يستهل إسماعيل رواية «الشيّاح» بعبارةٍ يقتبسها من بريخت: «على الحائط كتابة بالطباشير: (هم يريدون الحرب)، والذي كتبها سقط صريعًا»، راصدًا عذابات الإنسان البسيط، الذي يكون وقود الحرب وضحيتها الكبرى، نقصًا في الغذاء والدواء، وشحًا في الماء، إلى درجة أن تغامر بدفع روحك ثمنًا لتأمين قنينة ماء لطفل رضيع.

ملامح من روايات طه حسين واستكشافاته المبكرة حسين حمودة

لم يكن طه حسين بعيدًا عن روح الإبداع المتجددة والمجدّدة، سواء في كتاباته النقدية والثقافية والتاريخية، المتعددة والكثيرة، أو في أعماله التي تندرج في أنواع الأدب المستقرة المعروفة، الروائية بوجه خاص، مثل (شجرة البؤس) و(أديب) و(دعاء الكروان) و(الحب الضائع)، أو في أعماله التي ابتعثت أنواعًا أدبية قديمة مهجورة، وأضفت عليها وأضافت إليها أبعادًا جديدة، مثل (جنة الشوك)، أو في أعماله التي خاضت مغامرات خاصة على سبيل اختبار حدود النوع الأدبي واجتراح قواعده الشائعة، فصاغت أشكالًا استنّت لنفسها سننًا خاصة بها، مثل (الأيام) و(المعذبون في الأرض) و(جنة الحيوان).

لا توق إلاي د. طلال الجنيبي

بعضي‭ ‬يدور‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المداراتِ ولا‭ ‬يتوق‭ ‬إلى‭ ‬حرث‭ ‬البداياتِ‭ ‬

«كلوستروفوبيا» د. مشاعل الهاجري

خلال‭ ‬وصلتها‭ ‬الطَرَبيّة‭ ‬تلك‭ ‬كان‭ ‬طفلها‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الانضباط،‭ ‬ظلّ‭ ‬جالسًا‭ ‬لم‭ ‬يتحرّك‭. ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬تململ‭ ‬الصغير‭ ‬فصار‭ ‬يعبث‭ ‬بالأشياء‭ ‬القريبة‭ ‬منه‭... ‬بضعة‭ ‬أقلامٍ‭ ‬ومنفضة‭ ‬سجائر‭. ‬‮«‬بس‭ ‬حبيبي،‭ ‬بس‭ ‬ماما‮»‬،‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬بلطف،‭ ‬ثم‭ ‬واصلت‭ ‬حديثها‭ ‬لمدة‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬أخرى‭. ‬عندما‭ ‬عاود‭ ‬الطفل‭ ‬عبثه‭ ‬البريء‭ ‬رفعت‭ ‬يدها‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬ارتفاع‭ ‬ممكن‭ ‬ثم‭ ‬هَوَت‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬الجميل‭ ‬بمتواليةٍ‭ ‬سريعةٍ‭ ‬من‭ ‬الصّفعات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬واحدةٍ‭ ‬منها‭ ‬تدير‭ ‬كامل‭ ‬جسده‭ ‬الصغير‭ ‬بزاوية‭ ‬90‭ ‬درجة،‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭ ‬وإلى‭ ‬اليسار،‭ ‬وبالعكس،‭ ‬ليستمرّ‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بدا‭ ‬لي‭ ‬رغم‭ ‬سرعته‭ ‬كأنه‭ ‬كان‭ ‬أبديةً‭ ‬كاملة‭. ‬لم‭ ‬يبكِ‭ ‬المسكين،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬معتادًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬فقد‭ ‬تسمّرت‭ ‬رعبًا‭ ‬في‭ ‬مكاني‭. ‬كانت‭ ‬دهشتي‭ ‬كبيرة،‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬هنالك‭ ‬أية‭ ‬آليةٍ‭ ‬ممهدة‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬‮«‬بس‭ ‬حبيبي،‭ ‬بس‭ ‬ماما‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬المريضة‭ ‬المقلقة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬إلا‭ ‬بضباط‭ ‬مخابرات‭ ‬الجيش‭ ‬النازي‭ ‬في‭ ‬تعاملهم‭ ‬السّادي‭ ‬مع‭ ‬عناصر‭ ‬المقاومة‭.‬