العدد (493) - اصدار (12-1999)
قبل زمن أطلق "داروين" "نظرية النشوء" ثم فجَّر بعدها "أوبنهايمر" "نظرية الفناء". وخلالها قفز العالم الأول من "زراعة الأرض" إلى "زراعة الفضاء" بأقمار البحث العلمي والعسكري. مختزلاً الثورات الاجتماعية والفلسفية والثورة الصناعية والتقنية إلى "ثورة المعلومات" تاركاً للعالم الثالث وحكوماته أن تقصَّ على شعوبها "حكايا القهر والمؤامرة". وبعد الحرب الباردة يدخل الشرق الأدنى والغرب الأقصى في حوار "السلام الساخن" لتطلب بعده "البروليتاريا" "اللجوء الرأسمالي" ويقدم ستالين اوراق اعتماده في "عواصم الضباب"
القرن العشرون الذي نودعه الآن، هو قرن استثنائي من عمر البشرية، اتسم بالذكاء البشري الحاد الذي تجلى في كم وكيف هائلين من إنجازات العلم والتقنية، وتحققت معه اقتحامات فذة لعوالم كانت ضرباً من الغيب قبيل هذا القرن، هذه الاقتحامات راكمت ابتكارات لسيل من التقنيات الجديدة التي صنعت ثورة حقيقية في نمط حياة الإنسان على الأرض مما يكشف بجلاء عن حدة ذكاء العقل البشري في هذا القرن، لكن ذلك الذكاء المعرفي والتقني لم يستطع إنقاذ البشرية من آلامها المزمنة، بل لعله ساعد على تفاقمها. فالأسلحة باتت أكثر فتكاً وأكثر قدرة على التدمير الشامل
شيئا فشيئا، يصبح عالمنا هو عالم النخبة. لا مكان فيه للفقراء والضعفاء وقليلي المعرفة. بدأت الظاهرة ـ وفق ما هو متاح من أرقام ـ في القرن الماضي، فاتسعت ثغرة الدخل بين الشريحة الأغنى في العالم، والشريحة الأدنى دخلاً.. وبعد أن كانت نسبة ما تحوزه الشريحة الأولى للثانية "7: 1" عام "1820"، باتت النسبة "بعد خمسين عاما" "1:11"
علينا أن نقنع الدول الكبرى بالتفكير في مصلحة العالم بأسره وأن نتحاور لخدمة الإنسانية ورخائها
ألقى الراهب "سافونارولا" بالهدية في وجه رجال الحاكم "بيرو دي مديتشي" الذين أرسلهم لاسترضائه، وحملهم رسالة تنطوي على الترغيب والترهيب، طالبا منه أن يكف عن سخريته به، وأن يوقف نقده للفساد الشائع بين رجال الدنيا والدين على السواء..! الصراع بين آل مديتشي والراهب سافونارولا يروي أحداثه التاريخ.فقد خلف بيرو أباه لورنزو في سلطانه على فلورنسا الإيطالية. ولكن سوء خلقه وفساد أحكامه أفقداه حب الشعب، ذلك الحب الذي كان يقوم عليه حكم آل مديتشي
أحسست بالوجل حينما اخترقت عالم الأعمدة الواقفة- متناثرة- أو مصفوفة بين الهياكل والمعابد والقصائد والرتب والنياشين والوظائف والصحف والطقوس والمناصب. ولعلّ انتظام أعمدة الأكروبول الإغريقي يفتح البصيرة نحو آفاق التعبير الديني أو المسرحي من زمن بعيد، لا يتجاوزه تأثيراً سوى كثافة الأعمدة الضخمة للهيكلين العظيمين المصريين: الأقصر والكرنك، "لابد من الإشارة إلى أن كليهما مستقل عن الآخر"، بعد ذلك تتداعى أعمدة تحمل السقوف ذات الاتزان- في سوهاج ودندرة وفيلة
منذ نصف قرن، كتبت الشاعرة العراقية نازك الملائكة تقول: الذي أعتقده أن الشعر العربي، يقف اليوم على حافة تطور جارف عاصف، لن يُبقي من الأساليب القديمة شيئاً، فالأوزان والقوافي والأساليب والمذاهب ستتزعزع قواعدها جميعاً، والألفاظ ستتسع حتى تشمل آفاقاً جديدة واسعة من قوة التعبير، والتجارب الشعرية- الموضوعات- ستتجه اتجاهاً سريعاً إلى داخل النفس، بعد أن بقيت تحوم حولها من بعيد. أقول هذا اعتماداً على دراسة بطيئة لشعرنا المعاصر واتجاهاته، وأقوله لأنه النتيجة المنطقية لإقبالنا على قراءة الآداب الأوربية ودراسة أحدث النظريات في الفلسفة والفن وعلم النفس
خبران: الأول طيب، والثاني منذر، أما الأول، فيأتينا من ألمانيا، ومن جامعة جوستوس ليبيج، حيث اكتشف أحد علمائها، الدكتور "حسن جمعة" عقاراً جديداً، أعطاه اسم "فوسميدو مايسين"، شديد الفعالية ضد طفيل الملاريا المرعب "بلازموديوم فالسيبارام"، ويعتمد على تعطيل إنزيم حيوي في الطفيل، وقد قام الدكتور جمعة بتجريب العقار على حيوانات المختبر، فشفيت من البلازموديوم خلال ثمانية أيام، ويزيد من أسهم نجاح العقار الجديد أن الجسم البشري لا يفرز الإنزيم الذي يهاجمه
ثماني سنوات طوال مسفوحة بالدم والعرق والجهاد، وعبدالله بن الزبير على إمرة المسلمين، ثم أخذ ينهزم أمام جحافل عبدالمللك ابن مروان، ولم يعد معه إلا مكة التي يحاصرها الحجاج، وحين طلب منه الحجاج أن يغمد سيفه ويبسط البيعة للأمويين، دخل عبدالله على أمه أسماء بنت أبي بكر وقال
عندما ضربت فيضانات الامطار الكويت في العام 1997 كان الحدث نادراً، ولعل هذا ما دفع شركة تلفزيون أجنبية إلى إرسال فريق تصوير كامل ليرصد ظاهرة "الفيضان في الصحراء"، التقيت أعضاء ذلك الفريق وكان الواقف خلف الكاميرا، يصوّر وبمتعة شديدة، سيارة دخلت المياه وعجز سائقها عن إخراجها، وقد سارع رجال الدفاع المدني وقتئذ إلى إخراج السائق بأمان، ونظرات خيبة الأمل تبدو واضحة في عيني رجل الكاميرا، فقد كان يتوقع كارثة، أو لعله يريدها، وعندما كنت أروي الحادثة لصديق، قال بخبث: إذا كان فريق التصوير دولياً