العدد (646) - اصدار (9-2012)

ملف المخزنجي: قصة البحث عن محمد المخزنجي: إبراهيم فرغلي إبراهيم فرغلي

مازلت أذكر اللحظة التي كنت أقرأ فيها كتابا، أوراقه مصفرة قليلا، مأخوذا ومبهورا بحساسية كاتب الكتاب ونصوصه المعنونة بـ«الموت يضحك»، وعندما انتهيت من قصة بعنوان «البلاد البعيدة»، منتشيا بتفاصيل علاقة بطل القصة؛ الرواي الصغير والفتاة نوارة في رحلتهما التي تتنقل بين الواقع والأحلام وتنتهي بكابوس، وهتفت لنفسي «هذا الكاتب يكتب روحي».

محمد المخزنجي.. خمسة وجوه للقمر: د. داليا سعودي داليا سعودي

عند نقطة البداية، إذ شرعتُ في مقاربة أدب الدكتور محمد المخزنجي، توقفتُ حائرةً. كحيرته هو يومَ وقف مأخوذًا ما بين بوابة الهند وتاج محل، لفرط ما رآه من عجائب تهز الروح وتُربك القلم إذا ما أراد أن يكتب كل شيء فإذا به مهدد بألا يخطَّ أي ًّ شيء. أظنها الحيرة ذاتها التي تنتاب كلَّ من أراد الكتابة عن منجزه.. أو جزء منه.. أو حتى جزء من الجزء. فمشكلة الكتابة عن هذا الأدب السخي إنما تكمن في استحالة الإحاطة بكامل أسراره، لغناه الباذخ بكل المدهشات الإبداعية المركبة. فهنا مزيج باهر من العلم والفن والحكمة، يصوغه حكيم عارف بدفائن النفس البشرية، ومسافر مستديم في بلاد الله الواسعة، ومفكر متأمل في المخلوقات وسائر المدركات، بروح فنان نقي حريص على الرفعة وعلى العمق في آن، يظل محتفظًا بمزاج أمير صغير ثائر، لا ييأس، ولا يتخاذل، ولا يفقد لحظةً عذوبة الشجن.

ملف المخزنجي: الرَّحالة محمد المخزنجي.. جنوباً وشرقاً أشرف أبواليزيد

في الرحلة يعيد الرَّحالة اكتشاف ذاته، تكشف له الجغرافيا عن عشق دفين فيه، ويضيء له التاريخ مساحاتٍ معتمة فاتت عليه، ويقدم له الإنسان - الآخر مرآة حضارية لمستقبله حينا، وأحيانا لماضيه. هكذا هي رحلات الأديب محمد المخزنجي التي ضمها كتابه «جنوبًا وشرقًا»، بعنوانه الفرعي «رحلات ورؤى»، والذي أعاد فيه رحالتنا العربي المعاصر اكتشافه لجغرافيا قد تبدو أحيانًا مجهولة لكنها دومًا مأهولة، يستشف منها نظراتٍ وعبراتٍ تلهمنا أثناء القراءة والحياة

ملف المخزنجي: القنَّاص والطريدة: بحثًا عن واقعية جديدة في نصوص محمد المخزنجي محمد الشحات

للوهلة الأولى، تبدو نصوص محمد المخزنجي (1949-) نصوصا جمالية يستعين فيها الكاتب باستراتيجيات وحيل بلاغية ومراوغات فنية عدّة، تشبه مطاردة شائقة بين قناّص بدائي وطريدة مغوية، في مغامرة عجيبة لا يملك القنّاص فيها سوى شرَكٍ وحيد يتمثل في أحبولة الكلمات وألاعيب المخيّلة، وذلك عبر محاولات درامية لخلق نص سردي تتشابك خيوطه في نسيج كلّي تضفره أصابع فنان مرهف. وأقول (نصوص)؛ لأن كتابات المخزنجي تتراوح ما بين «القصص القصيرة»، و«أدب الرحلة»، و«سرد اليوميات»، و«النص المفتوح»، وغير ذلك من مقالات ونصوص. للمخزنجي عدد من الكتب التي يقع أغلبها تحت عنوان القصة القصيرة أولا (مثل: «الآتي» - 1983، «رشق السكين» -1984، «الموت يضحك» -1986، «سفر» - 1989، «البستان» -1992، «أوتار الماء» - 2002)، والنص القصصي المفتوح الذي يطلق عليه المؤلف اسم كتاب قصصي ثانيا (مثل: «لحظات غرق جزيرة الحوت» -1996، «حيوانات أيامنا» -2007)، ونصوص الثقافة العلمية والرحلات ثالثا (مثل: «حكايات بيئتنا الأرض»، «الطب البديل»، «جنوبا وشرقا»).

ملف المخزنجي: ضد الغربة.. ثلاث ساعات سنويًا حسام فخر

للكاتب الأمريكي بول أوستر عبارة موحية يقول فيها: «إن القصص لا تحدث إلا لمن يعرف كيف يحكيها». أعتقد أن قصتي مع محمد المخزنجي الكاتب والإنسان في أحد جوانبها على الأقل قد حدثت وتطورت لكي تختبر قدرتي على الحكي. فهي بكل المقاييس قصة تستحق أن تُروى، ولها سنوات وهي تطالبني ملحةً أن أحكيها.