العدد (645) - اصدار (8-2012)

الحوار المعاصر مع الغرب والمقتضى بركات محمد مراد

لقد أشاع مؤرخو الثقافة الغربية أن هذه الثقافة تخلصت نهائيا من عاهات الاستعلاء العنصري العرقي، والتمييز الطائفي والديني والطبيعي، بفضل مساهمات مفكري وفلاسفة عصر العقل والتنوير في القرن الثامن عشر، وأن هذه الثقافة عندما صاغت مبدأ التسامح Tolerance فقد أزاحت بواسطته جميع أنواع التمييز بين البشر, خاصة أن مواثيق ودساتير المجتمعات - والدول - الغربية جسدت مبادئ ثورات الغرب - السياسية والاجتماعية الكبرى - وأكدت اعتناقها لهذا المبدأ في صياغات لغوية، كان أشهرها، شعار الثورة الفرنسية في ختام القرن نفسه: الحرية والإخاء والمساواة.

مناهج الفكر في الحضارة العربية المعاصرة.. المنهجان الخَطَّي والشبكي وجيه فانوس

أصبحت صفة التغيّر، في الزمن الراهن، أقوى من كل مظهر للثبات، حتى لكأن العالم المعاصر ما عاد يعرف حقيقة وجهه، أو لعلّه أيقن ألا حقيقة ثابتة لما كان يعتبره وجهًا له ومقياسًا لوجوده. ولابد للجميع، والحال كذلك، من الوقوف أمام تحدي هذا الواقع والنظر فيه والسعي إلى مناهج للتعامل معه، إما لمصلحة لهم في استمراره وانتعاش آفاقه، وإما رغبة منهم في القضاء عليه وتبديد قواه. لكن، ما من عمل إلا ويتطلب تحديد منهج له، والمنهج، في هذا المفهوم، يتحمّل قسطًا كبيرًا من نجاح العمل أو فشله أو حتى تعثّره. لذلك، فالأهميّة الكبرى التي يواجهها العرب في هذه المرحلة ليست فقط في تحديد موقف لهم من قضايا العصر وتحدياته، بل تحديد المنهج الصالح الذي يكفل نجاح ما يريدون عمله وتحقيقه.