العدد (459) - اصدار (2-1997)
برغم كل ما تعانيه الحالة العربية من أزمات سياسية واقتصادية فإن الفكر العربي يعيش إحدى مراحل ازدهاره النادرة.. وهناك بعض الشواهد والاجتهادات الفكرية التي تؤكد ذلك.كثير من الأسئلة ظلت تؤرق الفكر العربي دون أن يعثر على إجابات شافية لها.. ترى في أي العصور وتحت أي ظروف ينتعش الفكر العربي ويتحرر حتى يتمكن من تقديم أفضل مايستطيع من تحليلات لعصره؟ أفي أزمان الغلبة والانتصار والصعود أم في أزمان الهزيمة والتشرذم والتراجع
أذكر لقاء لي مع بائع مرطبات يقف بجوار عربته في شارع بين ميدان بيكاديللي وميدان الطرف الأغر في لندن. وقفت واشتريت منه زجاجة "كولا" كان ثمنها في ذلك الوقت- منتصف السبعينيات- خمسة وعشرين بنسا، وثمنها اليوم قد يزيد على جنيهين إسترلينيين. وكان البائع يشكو لي من ارتفاع الأسعار. ويرفض في انفعال واضح السوق الأوربية المشتركة وكانت المملكة المتحدة مازالت مترددة في قبول الانضمام إليها. وكان يقول لي- وقد دونت كلماته في مذكراتي عن تلك الرحلة
يشهد المثقفون على ذلك بأنفسهم! إذ إن خطاباتهم في قراءة واقعهم وتقييم أدوارهم تحفل بمفردات الفشل والإحباط والاستلاب! فضلا عن الصدمة والفجيعة والكارثة.هذا الواقع الذي أصفه بالهزال المعرفي والوجودي! لا يُسأل عنه الآخرون وحدهم! من سلطات سياسية أو دينية! بل يُسأل عنه المثقفون بالدرجة الأولى بقدر ما هو محصلة أوهامهم عن الذات والمجتمع أو نتيجة مشاريعهم الخرافية في التعاطي مع الواقع ومحاولات تغييره
كانت ثورة 1919 في الثامنة من عمرها! حين ولد "أحمد بهاء الدين" في 10 فبراير 1927! وكانت قد جرت في النهر ـ خلال تلك السنوات ـ مياه! ودماء! غزيرة وغرقت فيه! على الرغم من ذلك! أحلام كبيرة! خمدت جذوة الثورة المشتعلة! وانتهى حماسها الفوار "الاستقلال التام أو الموت الزؤام"! وأسفرت ـ فقط ـ عن نصف استقلال! ونصف ديمقراطية: نصف استقلال أنهى الحماية البريطانية! لتظل مصر خاضعة لتوجيه سياسي! يمارسه لورد استعماري قارح! يحمل لقب المندوب السامي! هو "اللورد لويد"!
كان ذلك منذ وقت غير قصير ولكنه أيضا ليس ببعيد.. كان عيدا من الأعياد! لست أذكر الآن أكان عيد الفطر أم عيد الأضحى! ولكن للأعياد على أي حال أفضالا كثيرة ولعل من أهم أفضالها على عباد الله المشغولين المكدودين أنها تتيح لهم بعض الوقت لكي يروا بعض الأحبة ممن قد يمر العام أو الأعوام دون أن تتاح لهم رؤيتهم. وفي ذلك اليوم من ذلك العيد كان عندي تصميم أن أرى ـ أو أحاول أن أرى ـ أستاذين جليلين من أساتذة جيلنا! جيلنا الذي بلغ أغلبه سن الستين وجاوزها بعضهم بعدد من السنين
هل كلما ازداد المسلم فظاظة وكراهية لمخالفيه في الرأي كان أقرب إلى الله تعالى وإلى الإيمان بالحق.. أم ماذا?هل حدث أن تأمل مسلم في حكمة اختتام الصلاة بالالتفات إلى الجالسين إلى يمينه قائلاً: (السلام عليكم ورحمة الله)! ثم الالتفات إلى الجالسين إلى يساره قائلاً: (السلام عليكم ورحمة الله)! ثم مصافحة جاريه إلى اليمين وإلى اليسار مع الدعاء للجميع بالاجتماع في الحرم?
إنه مؤرخ علمي من طراز خاص. فهو يستخدم مكتشفات البحث التاريخي كقاعدة لدراسة طبيعة المعرفة العلمية مما يضفي عليها صبغة فلسفية.في سلسلة المحاضرات الثقافية لعام 1984 التي تنظمها كل عام الإذاعة البريطانية إحياءً لذكرى أحد مؤسسيها ومديريها الأوائل وهو اللورد "ريث"! ألقى الدكتور باري بارنز الأستاذ بقسم الاجتماع بجامعة أدنبره محاضرة طريفة بعنوان "تحدي أسطورة العقلانية" عرض فيها لآراء أحد مؤرخي العلم المعاصرين الذين أفلحوا في تحقيق شهرة واسعة امتدت إلى خارج مجال تخصصهم في تاريخ العلم