العدد (769) - اصدار (12-2022)
يعالج كتاب «محاورة التراث والحوار مع الآخر»، للدكتور صالح هويدي، الكثير من قضايا التراث العربي، مُسلطًا الضوء على المسكوت عنه من تلك القضايا الملحة، التي يرى المؤلف أنها تحتاج لإعادة النظر فيها عبر إعادة قراءة التراث بمنطلقات معرفية، والنظر له بوصفـه «وقـائـع الأمـس وأحداثه ومنتجاته التـي أنتجهـا أهلهـا»، وبمعنى آخر، أن نقرأه قراءة موضوعية بمنهـج الـعلـم الـذي لا يجعلنـا مشـاركين فيهـا أو مسـؤولين عنهـا.
في عام 1866 بين مندل كيفية عمل الوراثة وظيفيًا، واستنتج أن هناك عنصرين للوراثة في كل فرد يتلقاهما من والديه. حتى خمسينيات القرن العشرين ظلت ماهية هذين العنصرين أحجية إلى أن تم وصف بنية الحلزون المشهور في الـ DNA فهو يتكون من ضفيرتين تلتفت إحداهما حول الأخرى، ترتبطان معًا ارتباطًا ضعيفًا بدرجات تتكون من الروابط الكيميائية بين أربعة جزيئات تسمى النيوكليوتيدات. يوجد ثلاثة مليارات درجة في الحلزون المزدوج للـ DNA، وهو ما يسمى بالجينوم، الذي ينقسم إلى 23 جزءًا، أو كروموسوما، تتباين من حيث الطول بين 50 مليونًا و250 مليون درجة. في الواقع يمتلك الإنسان ستة مليارات درجة نيوكليوتيدية لأن مخططه الوراثي يتكون من جينومين، أحدهما من الوالد والثاني من الوالدة؛ أي 23 زوجًا من الكروموسومات التي يأتي أحدها من النطفة والثاني من البويضة، وهاتان الخليتان هما الوحيدتان اللتان تحتويان على كروموسوم واحد من كل زوج، وعندما تمتزجان فإنهما يشكلان البويضة الملقحة التي تنقسم إلى خليتين، تنقسم كل واحدة منهما إلى خليتين، وهكذا مرة بعد مرة حتى تنتج في النهاية تريليونات الخلايا التي تحتوي كل منها على تتابع الـDNA نفسه.